شكك قيادي إسلامي جزائري في شرعية وجدوى المراجعات التي أقدمت عليها "الجماعة المقاتلة" في ليبيا، وأعاد ذلك إلى كونها جرت تحت إكراهات السجن. وأكد أن هدفها الجوهري ضرب أي معارضة جادة في ليبيا خاصة وفي العالم العربي بشكل عاموترسيخ الاستبداد والطغيان.وأعرب الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ الشيخ علي بن الحاج عن أسفه للجوء الأنظمة الحاكمة إلى إكراه المعتقلين على القيام بمراجعات فكرية وفقهية كشرط لإطلاق سراحهم، وأشار إلى أن أي مراجعة تجري في السجن هي إكراه مشكوك في شرعيته، وقال: "أنا أميز دائما بين المراجعات والتراجعات، فهؤلاء الذين قاموا بعملية المراجعة داخل السجون لا نعرف الظروف التي يعيشونها، وهم يعيشون عادة تحت عدة ضغوط نفسية وأمنية وأسرية، وبما أني دخلت السجون وقضيت فيها 18 عاما فأنا أعرف طبيعة هذه الضغوط، والسجين قد يلجأ غلى هذه الأساليب التي يبدو فيها كما لو أنه مخطئا من أجل الخروج من السجن، ولذلك فأنا أعتقد أن المراجعات من وراء القضبان مشكوك فيها لأنها تتم تحت ضغوط نفسية وأسرية وأمنية". وأضاف: "الأمر الثاني أنه من غير المعروف أمر هذه المراجعات هل هي صادرة من عناصر المقالتة أنفسهم أم أنها املاءات من جهات أمنية. ولذلك فأنا أتساءل: لماذا لا يتم إطلاق سراح هؤلاء أولا ثم بعد ذلك نفسح لهم المجال الإعلامي والدعوي لإجراء مراجعات تحت ضوء النهار لا في ظلا م السجون؟". ودعا بن الحاج إلى ضرورة أن تترافق مراجعات الجماعات الإسلامية في السجون العربية إلى مراجعات لدى النظام العربي الرسمي في الموقف من الحريات الإعلامية والسياسية، وقال "من الغريب لدى النظام العربي الرسمي الذي يروج لهذه المراحعات التي تقوم بها الجماعات الإسلامية في السجون، أنه قادر على مراجعة نفسه في المصطلحات التي يصف بها هؤلاء، فهم قبل المراجعات إرهابيون ومتطرفون وكلاب ضالة، وبعد المراجعات نشطاء إسلاميون وعلماء دين، وهذا أمر عجيب في الحقيقة يكشف طبيعة أهداف النظام العربي الرسمي من هذه المراجعات، وهي شن حرب نفسية لضرب الجماعات المسلحة فهي لضرب المعارضة السياسية الجادة أيضا. ولذلك فإن المطلوب أن تراجع هذه الأنظمة نفسها في مجال الحريات العامة وسياساتها الأمنية أولا، أما الاستمرار في فرض مراجعات إكراه من هذا النوع فهو ليس إلا وسيلة أمنية وسياسية لترسيخ الاستبداد والطغيان". وأكد بن الحاج أن البديل عن هذه المراجعات "الإكراه" هو إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين وترك المجال أمامهم ليراجعوا أنفسهم، وقال: "من دون الحرية فإن أي مراجعات فقهية تتم لا شرعية ولا جدوى من ورائها، ونحن نعرف أن الفقهاء يعتبرون السجن نوعا من أنواع الإكراه، وهذا يشكك في شرعية هذه المراجعات أولا، لأن الفكر يحتاج إلى الحرية والنور ولا يحتاج إلى السجن والظلام. ولذلك فالنظام الليبي مثله مثل سائر الأنظمة العربية في مصر والجزائر، حيث أن أغلب الذين يقومون بمراجعات هم من خريجي السجون، وهذه قضية إعلامية في سياق الحرب النفسية ضد المعارضين لأنظمة هذه الدول من المسلحين والغير المسلحين، وإذا أراد هؤلاء حقيقة أن يقضوا على المعارضة المسلحة وغير المسلحة، فإن سبيلهم الوحيد إلى ذلك هو الحرية وترك المجال لشعوبهم كي يختاروا البدائل المعروضة عليهم، هذا هو الحل الحقيقي ، وما دون ذلك سيظل دورانا في حلقة مفرغة"، على حد تعبيره.