تواصلت أمس الأول، على مدى 12 ساعة ما يعرف بقضية مجموعة سليمان الارهابية، قبل ان يقرّر رئيس الدائرة الجنائية 27 بمحكمة الاستئناف بتونس في حدود الساعة التاسعة ليلا تأخير النظر في القضيّة الى جلسة يوم الثلاثاء 19 فيفري الجاري. وقد انطلقت جلسة أمس الأول في حدود الساعة التاسعة صباحا ولم ترفع إلا بعد 12 ساعة بعد ان طلب محام من هيئة الدفاع من المحكمة التأخير لتخصيص جلسة للترافع، وهو ما استجاب له القاضي رئيس الدائرة 27 بمحكمة الاستئناف بتونس، الذي أجمع كل اطراف القضية على قدرته على إدارة الجلسة وتوفير كل الضمانات الممكنة للمحاكمة. جلسة أمس الأول، كانت جلسة لاستكمال استنطاق 15 متهما ولمداخلات القائمين بالحق الشخصي ولممثل الادعاء العام. * إنكار التهم قد تراوحت تصريحات المتهمين بين الانكار التام لأي صلة لبعضهم بما يعرف بأحداث سليمان والاعتراف الجزئي ببعض الوقائع والتفاصيل، إلا ان جل التصريحات كانت في اتجاه فرار المتهمين من التتبعات الأمنية بسبب انتماءاتهم السلفية والأصولية فوجدوا أنفسهم مختفين في جبل «طبرن» قرب مدينة قرمبالية بالوطن القبلي، مع مجموعة أخرى من الشبان، وفيما نفى بعض المتهمين مشاركته في المواجهات المسلحة مع أعوان الأمن فإن البعض الآخر قال انه رأى بعض الأسلحة وخاصة الرشاشات وان قائد المجموعة، هدّدهم بالقتل إذا أرادوا الفرار من المعسكر الجبلي او الانسحاب. في حدود الساعة السابعة مساء، بعد ان عادت المحكمة إثر استراحة طلب احد محامي هيئة الدفاع من المحكمة عدم قبول نيابات المحامين القائمين بالحق الشخصي، لأنهم لم يطعنوا في الحكم الابتدائي، هذا فضلا عن أنهم طلبوا ابتدائيا الإدانة للمتهمين مع حفظ حقهم المدني في التعويض، ورأى استنادا الى ذلك عدم أحقيّة وجود المحامين الممثلين عن القائمين بالحق الشخصي، في الطور الاستئنافي للقضية. القاضي ردّ على ذلك بأن بعض المحامين الطاعنين في الحكم الابتدائي اوردوا الحق العام والقائمين بالحق الشخصي على أنهم الضد، وبالتالي هناك استحقاقات ضد الطرفين. * شهيدان حياتهما لا تعوّض أحال رئيس الدائرة الكلمة للمحامين القائمين بالحق الشخصي، أي النائبين عن عائلات الضحايا والمصابين من قوّات الأمن اذ أجمعوا في كل مداخلاتهم على حفظ الحق المدني، واعتبار ان حياة أبناء منوّبيهم لا تقدّر بمال واعتبار القتيلين شهيدين وطلبوا تأييد الحكم الابتدائي من جهة مبدأ الإدانة، وقد أثارت مرافعة أحد المحامين القائمين بالحق الشخصي بعض المحامين والمتهمين فحاول احد المتهمين الاحتجاح ممّا أجبر المحكمة على اتخاذ قرار باخراجه من قاعة الجلسة، عندها قدّم المحامي اعتذاره من هيئة المحكمة وأنهى مرافعته. * مداخلة الادعاء العام بعد ان أنهى القاضي استنطاق المتهمين والاستماع الى مرافعات القائمين بالحق الشخصي أعطى الكلمة لممثل الادعاء العام، الذي وقف وبدأ مرافعته. واعتبر ممثل الادعاء العام باعتباره ممثلا للهيئة الاجتماعية، ان المتهمين كوّنوا تنظيما محكما وتوزّعوا على خلايا في كافة انحاء البلاد بقصد الاعتداء على المكاسب والممتلكات، وكشف عن ان المتهمين ومن معهم كانوا يخططون للاعتداء على هيئات سياسية وديبلوماسية قبل ان تحبط قوّات الامن مخططاتهم. وذكر ممثل النيابة العمومية في مرافعته التي دامت اكثر من ربع الساعة قرابة العشرين اسما من المتهمين الثلاثين واعتبر انهم تآمروا على أمن البلاد بغاية تبديل هيئة الدولة، وانتقد ممثل النيابة العمومية الحكم الابتدائي وقال انه لم يكن في طريقه إلا بخصوص الحكم ضد متهمين في اشارة الى المحكوم عليهما ابتدائيا بالإعدام واعتبر ان هذه المجموعة تمثل خطرا على البلاد والمجتمع، وطلب تطبيق فصول الاحالة ولائحة الاتهام. طلب العقاب الأقصى بالنسبة الى المتهمين العشرين الذين ذكر اسماءهم واعتبرهم تآمروا على أمن البلاد، وبالتالي يكون قد طلب في حقهم الحكم بالإعدام واصفا إياهم بالفئة الضالة. وقال عن المتهمين لقد قتلوا وجرحوا وتسببوا في عجز متواصل لأعوان أمن أثناء أدائهم لواجب الدفاع عن الوطن، وأضاف بأن الوقائع الصادرة عنهم بمواجهتهم للقوات المسلحة الوطنية تمثل أركان جرائم فصول الإحالة القانونية، وأضاف بأن إدانتهم ثابتة بموجب اعترافاتهم بحثا وتحقيقا المدعّم بالتقارير الطبية وبملفات القضية وقال ايضا بأن النية الاجرامية كانت واضحة وأنهم أسسوا تنظيما إرهابيا أطلقوا عليه اسم «جند أسد بن الفرات» وموّلوا أعمالهم بالتبرّعات ونهب مال الناس عبر فتوى «الاحتطاب». * «تهم ثابتة» وختم مرافعته بالقول إن التهم ثابتة واقعا وقانونا، في حق المتهمين الذين أرادوا النيل من مؤسسات الدولة ومازالوا يصرّون على مواقفهم الى حدّ الآن وبالتالي فإن حكم البداية لم يكن في طريقه عندما أقرّ بمبدإ التوارد، فالتهم بالنسبة الى النيابة العمومية غير قابلة للتجزئة، وطلب تأييد الحكم المطعون فيه من جهة مبدإ الإدانة وإقراره في خصوص المتهمين المحكوم عليهما بالإعدام وتسليط اقصى عقاب ضد باقي المتهمين والتمسّك بلائحة الاتهام وفصولها القانونية. وقد طلب أحد المحامين التابعين لهيئة الدفاع من المحكمة تأخير القضية الى جلسة لاحقة لأن المحامين شعروا بالتعب بعد 12 ساعة من متابعة وقائع الجلسة، فاستجابت المحكمة لطلبه وقرّرت تأخير القضيّة لجلسة الثلاثاء المقبل 19 فيفري 2008، لتخصص لمرافعات الدفاع. وقد شهدت الشوارع والطرق المؤدية لمحكمة الاستئناف بتونس اجراءات أمنية مشدّدة جدّا. يذكر ان مواجهات مسلّحة دارت بين مجموعة ارهابية تطلق على نفسها، حسب الابحاث اسم «جند أسد بن الفرات» وقوّات الأمن نهاية سنة 2006 وبداية سنة 2007، خلفت 14 قتيلا 12 منهم من عناصر المجموعة ومن 2 من القوّات المسلحة، وقد تم إلقاء القبض على ثلاثين منهم أحيلوا من أجل ارتكاب جرائم متعلقة بمحاولة القتل والارهاب والتآمر على أمن الدولة وتحريض السكان على قتل بعضهم بعضا والانتماء الى تنظيم إرهابي.. وقضي بشأنهم ابتدائيا بتاريخ 29 ديسمبر 2007 بالإدا نة وحكم بإعدام اثنين وتراوحت بقية الأحكام بين السجن لمدة خمسة أعوام والسجن المؤبد. * منجي الخضراوي