مقترح قانون لتنقيح قانون الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلّغين    وزير السياحة يؤدي زيارة إلى ولاية جندوبة    بطولة برلين للتنس: انس جابر تودع مسابقة الفردي بعد الهزيمة في ربع النهائي امام التشيكية ماركيتا فوندروسوفا 2-صفر    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    خبير يوضح: الأمطار تفرح الزياتين وتقلق الحصاد... هذا ما ينتظرنا في قادم الأيام    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    بداية من 172 ألف دينار : Cupra Terramar أخيرا في تونس ....كل ما تريد معرفته    عاجل: القلق الإسرائيلي يتصاعد بسبب تأجيل القرار الأميركي بشأن الحرب على إيران    عاجل: اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة في القطاعين العام والوظيفة العمومية    البريمرليغ: "محمد صلاح" ضمن قائمة المرشحين لجائزة أفضل لاعب    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    مواعيد كأس العالم للأندية اليوم بتوقيت تونس: مواجهات نارية وأمل كبير للترجي    وزير الإقتصاد في المنتدى الإقتصادى الدولي بسان بيترسبورغ.    الحماية المدنية: 552 تدخلا منها 98 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    عودة التقلّبات الجوّية في تونس في ''عزّ الصيف'': الأسباب    ''مرة الصباح مرة ظهر''.. كيف يتغيّر توقيت اعلان نتيجة الباكالوريا عبر السنوات وما المنتظر في 2025؟    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    من مكة إلى المدينة... لماذا يحتفل التونسيون برأس السنة الهجرية؟    بلومبيرغ: إيران تخترق كاميرات المراقبة المنزلية للتجسّس داخل إسرائيل    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    روسيا تحذّر أمريكا: "لا تعبثوا بالنار النووية"    عامان سجناً لمعتمد سابق و15 سنة سجناً لنائب سابق بالبرلمان المنحل    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    صاروخ إيراني يضرب بئر السبع وفشل تام للقبة الحديدية...''شنو صار''؟    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق والحرارة في ارتفاع طفيف    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي يواجه الليلة لوس أنجلوس الأمريكي    ميسي يقود إنتر ميامي لفوز مثير على بورتو في كأس العالم للأندية    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    ما تستهينش ''بالذبانة''... أنواع تلدغ وتنقل جراثيم خطيرة    100 يوم توريد... احتياطي تونس من العملة الصعبة ( 19 جوان)    عاجل/ سعيّد يكشف: مسؤولون يعطلون تنفيذ عدد من المشاريع لتأجيج الأوضاع    خامنئي: "العدو الصهيوني يتلقى عقابه الآن"    استقبال شعبي كبير في شارع بورقيبة لقافلة الصمود    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    إيران تطلق موجتين صاروخيتين جديدتين وارتفاع عدد المصابين بإسرائيل    كأس العالم للأندية: أتليتيكو مدريد يلتحق بكوكبة الصدارة..ترتيب المجموعة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    شارع القناص ...فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي .. الثقافة وهواة اللقمة الباردة : دعم ومدعوم وما بينهما معدوم.. وأهل الجود والكرم غارقون في «سابع نوم»!    موسم الحبوب: تجميع4.572 مليون قنطار إلى غاية 18 جوان 2025    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    وفاة أول مذيعة طقس في العالم عن عمر يناهز 76 عاما    الاستثمارات الاجنبية المباشرة تزيد ب21 بالمائة في 2024 في تونس (تقرير أممي)    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    إسناد المتحف العسكري الوطني بمنوبة علامة الجودة "مرحبا " لأول مرة في مجال المتاحف وقطاع الثقافة والتراث    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    الخطوط التونسية: تطور مؤشرات النشاط التجاري خلال أفريل وماي 2025    لجنة الصحة تعقد جلسة استماع حول موضوع تسويق المنتجات الصحية عبر الانترنت    عاجل: أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    قافلة الصمود تُشعل الجدل: لماذا طُلب ترحيل هند صبري من مصر؟    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"حركة طالبان من النشوء إلى السقوط"
نشر في الفجر نيوز يوم 03 - 10 - 2009

تسلمت حركة طالبان السلطة في أفغانستان عام 1994، وعلى وقع أحداث سبتمبر 2001 أسقطت الحركة، ومن البداية المفاجئة على يد مجموعة من طلبة المدارس الدينية إلى السقوط الدراماتيكي بفعل تحالف قادتة قوات الاحتلال الأمريكية، هناك أسرار كثيرة ولعبة كبرى مارستها أجهزة استخبارات وتقاطعت فيها مصالح دول كبرى، والنتيجة كانت تشويه صورة الإسلام السياسي عبر طرح "طالبان" كممثل لهذا الإسلام.
لكن كيف حدث ذلك؟ هذا هو اللغز الذي يسعى د. "محمد سرافراز" إلى فك شفرته في كتابه "حركة طالبان من النشوء إلى السقوط"، ويطرح الباحث عددا من التساؤلات من قبيل: هل الطالبان جماعة أفغانية تبلورت فكرتها داخل البلاد، واستلهمت ركائزها الاجتماعية في الداخل؟ وهل كانت الطالبان جماعة هشة افتقدت الخبرات في إدارة دفة الحكم، ومهدت بذلك الطريق للتدخل الأجنبي في الشئون الأفغانية؟
صدر الكتاب باللغة العربية في بيروت عام 2008 عن دار الميزان وقدم له د.أحمد موصللي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في بيروت؛ حيث يقول في تقديمه: إن أهمية الكتاب ليس في أنه يظهر بداية وتطوروسقوط طالبان فقط، ولكن في دراسة ظاهرة العولمة وتأثيرها على صورة الإسلام ودوره ومستقبله. وقد لاحظت أن الكتاب، على غير العادة، لا يحوى أية معلومات عن هوية المؤلف وجنسيته وانتماءه السياسي والمذهبي وتاريخه العلمي، وربما هذا يفسر بعض التحيزات التي أوردها في دراسته ضد السعودية وباكستان، وفي المقابل يتعاطف بشكل كبير مع الدور الإيراني في أفغانستان.
من الروس إلى المجاهدين
يعود بنا "سرفراز" في بداية كتابة إلى أجواء الحرب الباردة حينما قام الاتحاد السوفيتي بغزو أفغانستان عام 1979، وهو الأمر الذي أثار حفيظة البلدان المجاورة والولايات المتحدة الأمريكية ودفعها إلى دعم الفصائل الجهادية التي كانت تحارب الروس، وأدى هذا إلى هزيمة الروس وانسحابهم من أفغانستان.
تحولت أفغانستان بعد ذلك إلى مسرح للمنافسات العقائدية والسياسية بين إيران من جهة والمملكة العربية السعودية وباكستان من جهة أخرى، ويفسر الكاتب ذلك بقوله: "بعد نجاح الثورة الإيرانية رأى شيعة أفغانستان وبعض الفصائل الجهادية السنية في الحكم الإيراني نموذجا يمكن أن يحتذى به في أفغانستان، في المقابل كانت السعودية تتطلع إلى إقامة حكومة إسلامية هناك".
ويضيف: "قامت السعودية بالتعاون مع باكستان -التي كانت بحاجة إلى حفظ هويتها الإسلامية لمواجهة الهند- بتربية طلبة المدارس الدينية الأفغان لإطلاق شعارات إسلامية أكثر تشددا من حكومة المجاهدين. ونال هذا التوجه دعم أمريكا وبريطانيا اللتين كانتا تتطلعان إلى الوقوف ضد اتساع النفوذ الإيراني والروسي في أفغانستان من خلال بلورة نظام للشعب الأفغاني يكون على نقيض النموذج الإيراني من جهة وقابلا للشطب مستقبلا من جهة أخرى".
إفشال المجاهدين
بعد انتصار المجاهدين الأفغان على الجيش الروسي أخفقوا في إقامة حكومة ناجحة؛ وذلك لأساب كثيرة كما يقول الباحث منها "الصراع على السلطة بين أحمد شاه مسعود وحكمتيار؛ حيث كانت قوات أحمد شاه مسعود وحكومة برهان الدين رباني في طرف، وقوات قلب الدين حكمتيار الذي انتخب رئيسا للوزراء بموجب اتفاق بيشاور في الطرف الآخر".
من يقف وراء طالبان؟
وكذلك "التدخل العسكري الباكستاني في أفغانستان، إلى حد تحولت العاصمة كابول إلى ساحة حرب بين الفصائل الجهادية ذاتها، وعليه لم يفلح المجاهدون في إقامة نموذج لحكومة إسلامية؛ بسبب عدم التوزيع العادل للمناصب بين القوميات والمذاهب المختلفة، والفشل في توفير الأمن والاستقرار للمواطنين، الأمر الذي حول حلاوة النصر إلى مرارة عانى منها الشعب الأفغاني".
تزيد معرفة التركيبة السكانية في أفغانستان من الفهم لما يجري هناك، ويقول الباحث إن أفغانستان تتكون من عدة قوميات كالتالي: البشتون ويمثلون أكثر من 40% من السكان، ويتكونون من عدة قبائل وأكثرهم من السنة، والطاجيك ويشكلون 30% ويتحدثون اللغة الفارسية وأغلبهم من السنة الأحناف وعدد قليل منهم شيعة، أما الأزبك فهم 10% ويتبعون المذهب السني ويتحدثون لغة تركية، وهناك الهزارة وأغلبهم من الشيعة ويمثلون 8% من السكان، يليهم الإيماق والتركمان والبلوش والنورستان.
وبما أنه لم يكن للبشتون تمثيل في حكومة رباني، وبينما كان حكمتيار البشتوني يحارب حكومة رباني التي كان أعضاؤها من القومية الطاجيكية، (مسعود ورباني كانا من الطاجيك الذين يتكلمون اللغة الفارسية) رأت وزارة الداخلية الباكستانية وجهاز الاستخبارات العسكرية الباكستانية الفرصة مواتية لدفع "جماعة طالبان" إلى الساحة الأفغانية كممثلة لقومية البشتونية لتطالب بإقامة الإمارة الإسلامية في جميع أنحاء أفغانستان كما يقول الكاتب.
ويشير إلى أنه من ناحية أخرى لم تكن الولايات المتحدة راغبة في نجاح المجاهدين، لذلك أقدمت على بث الفرقة وتوسيع الهوة بين الفصائل الجهادية بواسطة جهاز الاستخبارات العسكرية الباكستانية؛ وهذا ما أدى إلى فسح المجال أما ظهور الطالبان التي تمكنت بسهولة من الاستيلاء على المناطق البشتونية وغيرها من المناطق.
صناعة الطالبان
الخطوة الأولى التي خطتها طالبان -كما يوضح سرافراز- تمثلت في نزع سلاح قادة الفصائل الجهادية في جنوب البلاد، وأدى ذلك إلى إحلال هدوء نسبي، ويدعي الكاتب أن هؤلاء القادة وضعوا السلاح مقابل مبالغ مالية؛ مما أدى إلى توسيع نفوذ طالبان، ولم تكن طالبان بمفردها كما يقول، ولكنها تشكلت بمساعدات مالية من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وبمساعدات عسكرية باكستانية وبدعم سياسي من الولايات المتحدة وبريطانيا.
يرى الكاتب أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تدعم الطالبان من وراء الكواليس، ويدلل على ذلك بعدد من اللقاءات بين الأمريكان والطالبان؛ ويفسر ذلك بأن "أمريكا كانت تأمل أمريكا من خلال هذا الدعم أن تلحق الهزيمة بحكومة المجاهدين، وتسيطر على جميع الأراضي الأفغانية، وبالتالي تشوه الوجه الحقيقي للإسلام بواسطة هذه الجماعة بشعاراتها الإسلامية المتطرفة والمنحرفة، وإلحاق الهزيمة بالفصائل التي ترتبط بعلاقة مع إيران، ومن ثم تقليص النفوذ الإيراني في أفغانستان".
وهذا التحامل ضد الطالبان والتعاطف مع إيران يضع علامات استفهام عديدة على موضوعية الباحث وتحليلله للأحدث التاريخية وييشكك من ناحية أخرى في مصداقيته العلمية في هذه الدراسة، حيث لم يتحدث الكاتب مثلا عن حقيقة الدور الإيراني في أفغانساتان والتجاوزات التي ارتكبتها المخابرات الإيرانية في حق هذا البلد.
أما سياسة المملكة العربية السعودية فحسبما يقول الباحث فإنها كانت تنطوي على مصالح أيديولوجية وسياسية، كانت حكومة السعودية تعتبر بلادها أم القرى للعالم الإسلامي، وتعتبر أفغانستان قاعدة تنطلق منها للترويج للمذهب الوهابي ونشره في دول آسيا الوسطي، ولهذا الغرض أقدمت على تأسيس المدارس الدينية في باكستان ودعمها ماليا، ومن خلال هذه المدارس عززت السعودية من نفوذها باكستان. وكانت عناصر طالبان تدرس فيها تحدت إشراف أحزاب "جمعية العلماء" والجماعة الإسلامية، والعلماء الذين تربوا في تلك المدارس كانوا يعتبرون المملكة العربية السعودية مركزا للإسلام والحامية الحقيقية للمسلمين، وكان أفراد العائلة السعودية المالكة يتمتعون باحترام كبير من لدن طالبان.
ما يقوله الكاتب في دراسته عن الدور السعودي والباكستاني عن نشأة حركة طالبان ربما يحمل قدرا من المبالغة لأن الملا عمر زعيم ومؤسس الحركة في أحاديث كثيرة له يقول إنه هو صاحب الفكرة الرئيسية في إنشاء الحركة وكان يهدف من وراء ذلك إلى تحقيق الأمن والاستقرار للشعب الأفغاني الذي لم تحققه حكومة المجاهدين هذا إضافة إلى مشروعه لإنشاء الإمارة الإسلامية.
حكومة الطالبان
كانت هناك انتقادات كثيرة لتصرفات طالبان تجاه المرأة
ومن خلال دراسته لحكومة الطالبان يشير سرافراز إلى أن "الطالبان أنشأت نوعا جديدا للحكومة الإسلامية في إطار الإمارة الإسلامية حظيت بدعم كبير في البداية من قبل الأفغان؛ لأنها استطاعت توفير الأمن والاستقرار، لكن تصرفات الطالبان غير العقلانية مع النساء والرجال ووسائل الإعلام، ووضعهم قوانين مشددة وتعجيزية أدى إلى إثارة غضب الشعب".
كما أن الحكومة لم تحظ بتأييد ودعم جميع القبائل والأحزاب البشتونية، فقد رفضها حكمتيار، أحد زعماء البشتون من البداية وحتى سقوطها، كما أنها واجهت المعارضة من قبل الطاجيك والأوزبك والهزارة.
أما أفكار طالبان كما يقول الكاتب فإنها "تشكل خليطا من التعاليم الوهابية، والمعتقدات القومية التي ترتكز على مبدأ "البشتون والي" الذي يؤمن به البشتون على جانبي خط ديوراند الحدودي في باكستان وأفغانستان، لكن هذا المبدأ يتناقض في بعض الحالات مع قيم الإسلام. ولذلك فإن التعصب الديني القومي أصبح ركيزة تشكلت الطالبان على أساسها، غير أن ذلك جعل المجتمع الأفغاني عرضة لضغوط اجتماعية وثقافية هائلة، خصوصا فيما يتعلق بدور المرأة؛ مما أدى إلى إغلاق مدراس البنات وحرمانهن من مشاهدة البرامج التليفزيونية".
وقد أطلقت طالبان اسم الجهاد على حربها ضد الفصائل الجهادية وحكومة رباني، بيد أن هذه التسمية لم تكن ذات جذور دينية؛ ذلك لأن الجهاد يعني الحرب ضد الكفار، وليس الحرب بين المسلم وأخيه، ولأجل تبرير الموقف كانت طالبان تتهم حكومة رباني بأنها منحرفة عن الإسلام.

الملا عمر.. قائد الطالبان
اقترن اسم الملا عمر بحركة طالبان، وفي رؤيته لهذه الشخصية يقول الكاتب إن الملا عمر يعتبر نفسه الرجل الذي يملك الحقيقة، والشاهد والحجة على الناس، لذلك نصب نفسه قيما على الشعب الأفغاني، فأصبح الرجل الأول والأخير في حكومة طالبان، وهو الآمر الناهي، وتعاليمه تصبح قوانين وفتاواه ملزمة ومن يحيد عنها يعاقب عليها أشد العقاب، فقرارات الإمارة التي دونتها طالبان هي عبارة عن أوامر وفتاوى أمير المؤمنين، منها قراره المثير بتحطيم التماثيل باعتبارها أصناما تعبد من دون الله.
ويرى الكاتب أنه بسبب التكوين الفكري والعقائدي لقيادات طالبان وعلى رأسهم الملا عمر فإن معايير المواطنة ومفهوم الشعب والأمة لها عندهم دلالات خاصة تلغي وتقصي كل من لا يوافقهم أفكارهم وعقائدهم.. وهذا التكوين برأيه يفسر المجازر التي اقترفتها طالبان بحق الشيعة الهزارة أو بحق الأزبك في باميان والمحافظات الشمالية؛ لأنهم يرون أن الشيعة كفار وخونة غير مرغوب فيهم في أفغانستان. وهذا الأحكام من قبل الكاتب تحتاج إلى مزيد من التوضيح لأن النفوذ الإيراني في أفغانسان كان له العديد من السلبيات كما أن هناك عمليات قتل دبرت ضد الطالبان بمساعدة ودعم إيراني.
أحداث سبتمبر تقلب المعادلات
كانت أحداث 11 سبتمبر 2001 سببا في تغيير الموازين في أفغانستان، أسقطت الولايات المتحدة طالبان وسعت إلى القضاء على تنظيم القاعدة وإلقاء القبض على أسامة بن لادن، في البداية وحسب دراسة الباحث سرافراز رفضت طالبان تسليم بن لادن، ولكنها قررت فيما بعد التفاوض بهذا الخصوص، لكن ذلك جاء بعد فوات الأوان؛ لأن أمريكا كانت قد أتمت استعدادها لشن الحرب على أفغانستان، وامتثالا للسياسة الأمريكية تراجعت السعودية وباكستان أيضا عن سياستهما وموقفهما تجاه طالبان، وظل الطالبان وتنظيم القاعدة وحيدين في مواجهة أمريكا وقوات التحالف، بينما واصلت إيران وروسيا اتصالاتهما مع الحكومة الأفغانية في المنفى برئاسة رباني.
لم تتمكن حكومة الطالبان من الصمود أمام الضربات الجوية الأمريكية، فاضطر زعماؤها وزعماء القاعدة إلى الهرب من قندهار، إلى منطقة باجور المتاخمة للأراضي الباكستانية، وكانوا يحلمون بالعودة إلى السلطة ثانية، فجماعة طالبان تؤمن كما يؤكد الكاتب أن الأمريكيين سيفشلون في أفغانستان كما فشل الروس، ومن هذا المنطلق يخوض أنصار الملا عمر المواجهة مع حكومة كرزاي والقوات الأجنبية، يدعمهم في ذلك بالطبع تيار من المسئولين في جهاز الأمن الباكستاني، إضافة إلى الأحزاب الدينية السنية في باكستان.
وقد استندت إستراتيجية الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر من الناحية الإعلامية على ركيزتين:
الأولى: الحرب على الإرهاب. والثانية: الحرب الوقائية. وتطمح الولايات المتحدة من خلال وجودها العسكري في أفغانستان إلى تحقيق عدة أهداف مهمة، يذكر الكاتب منها: الاقتراب من الحدود الروسية من خلال إنشاء قواعد عسكرية في أفغانستان، ومحاصرة إيران والحد من نفوذها في أفغانستان.
مستقبل طالبان

هل يتمكن الملا عمر من طرد المحتل؟
وفي إطار رؤيته للمستقبل يرى الباحث أنه عندما احتلت الإمبراطورية البريطانية أفغانستان ومن بعدها الاتحاد السوفيتي ثار الشعب الأفغاني بمختلف أعراقه ومذاهبه ضد الغزاة، ولكن يبدو في ظل نموذج الاحتلال الثالث "الأمريكي" أن الأجواء تختلف عن ما مضى، فأغلب الشعب الأفغاني قد عبر عن ارتياحه لسقوط الطالبان بيد الأمريكان، وهذه الغالبية تشعر بأنها منخرطة في الحكومة الجديدة، حتى إن إعلان الطالبان الجهاد ضد المحتلين لم تتجاوب معه سوى قلة من قبائل البشتون.
وعليه كما يقول الكاتب يجب أن ننتظر لنرى هل ستنضم قبائل أخرى من البشتون إلى صف الملا عمر المعارض للاحتلال أم لا؟. والواضح أن المحتل لن يترك أفغانستان إلا إذا كانت هناك معارضة قوية تكبده خسائر يومية وتلحق الأذى به، بحيث تجعل ثمن بقائه في هذا البلد باهظا جدا.
لكن لو نظرنا إلى الواقع فإن أكثر من ثمان سنوات من الحرب الطاحنة من قبل الولايات المتحدة وقوات التحالف لم تقض على الطالبان بل إن هناك مساع للحوار معها، فالطالبان لا تزال قوية وتواجه الاحتلال الأمريكي عبر حرب عصابات منظمة تكبدت خلالها قوات الاحتلال الأمريكي خسائر فادحة، وهذا برأيي لم يكن ليتحقق لولا أن هناك رجال قبائل وشرائح من الشعب الأفغاني تؤيد الطالبان وتسهل لها عملها وإلا كانت انتهت بسرعة. وأخيرا فإن ما وصلت إلى هذه الدراسة من نتائج ورغم أهميتها تظل مطروحة للنقاش وإبداء الرأي وليست حقائق علينا التسليم بها.
صحفي بموقع الإسلاميون.نت
03-10-2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.