الرباط:بعد ثلاثة أيام من تعليق صدور صحيفة "المشعل" المغربية، قضت محكمة مغربية الإثنين 16-11-2009 بالسجن والغرامة على صحفيين مغربيين بتهمة "نشر خبر زائف". فقد أصدرت المحكمة الابتدائية بمدينة الدارالبيضاء حكما بالسجن النافذ لمدة ثلاثة أشهر وغرامة مالية قدرها 5 آلاف دولار في حق مدير يومية "المساء" رشيد نيني، كما شمل الحكم سعيد العجل -وهو صحفي بالجريدة نفسها- حيث حكم عليه بشهرين حبسا نافذا، وغرامة قدرها 3 آلاف دولار. وأدين نيني مدير الجريدة الأكثر مبيعا في المغرب بتهمة "نشر خبر زائف"، بينما أدين العجل بتهمة المشاركة في نشر ذلك الخبر. وجاء الحكم على خلفية نشر صحيفة "المساء" خبرا يتحدث عن تورط مسئول بوزارة العدل فيما بات يعرف بملف شبكة تاجر المخدرات الملقب ب"اطريحة"، الذي ألقي القبض عليه قبل نحو أربعة أشهر، وتم استجواب عدد من المسئولين البارزين في الأمن والقضاء تدور شكوك وشبهات حول وجود علاقة بينهم وبين عناصر الشبكة. وأصاب الحكم الصادر في حق نيني ذي الشعبية الواسعة في المغرب، المواطنين والإعلاميين بدهشة كبيرة، مشيرين إلى أن الخبر لم يتضمن اتهاما مباشرا لشخص بعينه، وكان يتحدث فقط عن مسئولين بارزين تم الاستماع إليهم على ذمة ملف "اطريحة". وقف "المشعل" ويأتي ذلك الحكم بعد ثلاثة أيام من تعليق السلطات المغربية الجمعة 13-11-2009 صدور صحيفة "المشعل" في انتظار تعيين مدير جديد لها بدلا من إدريس شحتان، الذي تم تأكيد الحكم عليه بالسجن لمدة عام إثر نشره مقالات عن صحة العاهل المغربي الملك محمد السادس، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية. وقال رئيس تحرير الصحيفة إدريس ولد القابلة إن أجهزة الأمن الوطني في الدارالبيضاء استدعته الجمعة الماضي لإبلاغه "قرار مدعي المملكة وقف نشر صحيفة المشعل، وضرورة إبلاغ هيئة التحرير بذلك". وكان القضاء المغربي قد أصدر يوم 15-10-2009 حكما على شحتان بالسجن لمدة عام بعد نشره مقالات مثيرة للجدل حول صحة العاهل المغربي، كما قضت عليه المحكمة بغرامة قيمتها 10 آلاف درهم (نحو 885 يورو) وأمرت بحبسه على الفور، وتم تأكيد الحكم في مرحلة الاستئناف. كما أصدرت المحكمة أحكاما بالسجن ثلاثة أشهر بحق رشيد محاميد ومصطفى حيران الصحفيين في الصحيفة ذاتها، وحكمت عليهما بغرامة قيمتها 440 يورو وتحمل مصاريف التقاضي. وحكم أيضا بسبب الملف نفسه على كل من مدير يومية "الجريدة الأولى" علي أنوزلا وصحفية بالصحيفة نفسها بالسجن مع وقف التنفيذ لسنة كاملة مع غرامة قدرها 1000 دولار، وكذلك الصحفية بشرى الضو. وقائع "كاذبة" وفي سبتمبر الماضي أعلن النائب العام أنه أمر الشرطة بفتح تحقيق "دقيق" بشأن صحيفة "المشعل" وأسبوعية "الأيام" المستقلة لنشر "وقائع كاذبة وأخبار زائفة". وفي يوم 26-8-2009، أعلن القصر الملكي أن العاهل المغربي يقضي فترة نقاهة من خمسة أيام بسبب توعك لا يشكل "أي قلق على صحته"، وفي نهاية أغسطس نشرت "المشعل" مقالا بعنوان "المشعل تكشف خلفيات بلاغ القصر حول مرض الملك الذي هز الرأي العام الوطني والعالمي". وكانت محكمة مغربية قد أصدرت في يناير 2007 حكما بالسجن 3 سنوات ضد صحفيين اثنين نشرا مجموعة من النكات عن الإسلام والجنس والسياسة، ومنعت المجلة التي يعملان بها من الصدور لمدة شهرين. كما سحبت الداخلية المغربية في يوليو 2009 عددا من مجلة "نيشان" يتضمن ملفا عن المؤسسة الملكية فيه استطلاع للرأي حول رأي مغاربة في أداء الملك خلال عشر سنوات من حكمه (1999–2009). وبعد الحكم على "المساء" ب610 آلاف دولار على ذمة قضية محلية قبل نحو سنتين، صدر قبل شهرين حكم قضائي لصالح العقيد الليبي معمر القذافي ضد ثلاث صحف مستقلة هي "المساء" و"الأحداث المغربية" و"الجريدة الأولى" ب100 ألف دولار على خلفية نشر مقالات تنتقد مواقف الزعيم الليبي. النقابة تحتج من جهتها، طالبت نقابة الصحفيين المغاربة بوضع حد لما وصفته ب"مظاهر التشنج التي لن تخدم المصالح العامة في البلاد"، وطالبت بإطلاق سراح "شحتان" ووقف جميع المتابعات القضائية التي يتعرض لها الصحفيون، بحسب عبد الله البقالي نائب رئيس النقابة. وقد وصف بعض الصحفيين سنة 2009 بأنها "سنة سوداء على الصحافة"؛ بسبب كثرة الأحكام القضائية بالسجن النافذ وموقوف التنفيذ والغرامات المالية الفادحة التي نالت الصحف. وأثار إغلاق الصحف والأحكام الصادرة في حق صحفي المغرب، قلق الكثيرين داخل الأوساط الإعلامية والحقوقية في المغرب؛ حيث اعتبروا أن السلطة توظف القضاء من خلال المحاكمات والغرامات المالية الضخمة لإسكات الصحافة، خاصة المستقلة منها، ومنعها من الخوض في ملفات الفساد والنفوذ وبعض الملفات الحساسة التي لها علاقة بالملك والأسرة الملكية. أسعد إحسان الإثنين 28 ذي القعدة 1430ه - 16/11/2009م