تونس : يمثل الصحافي التونسي المعارض توفيق بن بريك، المعروف بكتاباته شديدة الانتقاد للرئيس التونسي زين العابدين بن علي في الصحافة الفرنسية، اليوم الخميس أمام محكمة تونس الابتدائية في قضية سببت توترا دبلوماسيا وصفه مراقبون بأنه 'غير مسبوق' بين تونس وباريس.وصدر في 29 تشرين الأول(أكتوبر) الماضي أمر باعتقال بن بريك (49 عاما) وتحدد يوم 19 تشرين الثاني(نوفمبر) تاريخا لبدء محاكمته بعد دعوى أقامتها ضده سيدة تونسية تدعى ريم النصراوي (28 عاما) اتهمته فيها ب'الاعتداء عليها بالعنف' والتهجم عليها بعبارات فيها مساس بالأخلاق الحميدة' و'إضراره بسيارتها'.وقالت السلطات التونسية إن بن بريك 'اعترف في التحقيقات باعتدائه على المتضررة وسبها'. وذكر أحمد نجيب الشابي وهو أحد محامي بن بريك في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن بن بريك يشتبه في أن تكون الشرطة التونسية جندت النصراوي للإيقاع به في قضية وإدخاله السجن لمعاقبته على كتاباته شديدة الانتقاد للسلطات التونسية.وقال أن السيدة هي التي أخذت تصيح في وجه بن بريك واتهمته بتعمد الاصطدام بسيارتها ثم مزقت ثيابه حتى تدفعه إلى تعنيفها. ومن جانبها رفضت ريم النصراوي هذه التهم وقالت ل(د.ب.أ): 'ليست لي علاقة بالسياسية لا من قريب ولا من بعيد والاتهامات بأن الشرطة جندتني للإيقاع ببن بريك لا أساس لها من الصحة وهي محاولة من بن بريك للإفلات من مسؤوليته الجنائية'. وأطلقت منظمة 'مراسلون بلا حدود' (فرنسية غير حكومية) وحزب الخضر الفرنسي سلسلة من التنديدات الفرنسية باعتقال بن بريك. وقالت المنظمة في بيان نشرته على موقعها بشبكة الانترنت إن 'كل العناصر تدل على أن القضية ملفقة لإلقاء القبض على الصحافي المعروف بمقالاته الانتقادية للرئيس التونسي' فيما دعا حزب الخضر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووزير خارجيته برنار كوشنير إلى 'إدانة' اعتقال بن بريك ومطالبة السلطات التونسية بإطلاق سراحه 'فورا'. وقد دخلت وزارة الخارجية الفرنسية على الخط عندما صرح المتحدث باسمها برنار فاليرو في 30 تشرين الأول(أكتوبر) بأن العواصم الأوروبية بدأت 'مشاورات' حول قضية اعتقال بن بريك كما دعا الحزب الاشتراكي الفرنسي بالافراج عن بن بريك وكل سجناء الرأي في تونس وردّ عليه حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم في تونس ببيان شديد اللهجة وعبر عن رفضه الشديد لما اسماه 'النزعة الاستعمارية الجديدة' واعتبر مراقبون أن فرنسا التي تلازم عادة الحذر الشديد في تعليقاتها السياسية حول تونس ، حليفها الاقتصادي الأول في جنوب المتوسط وشمال إفريقيا، خرجت عن تحفظها المعهود بعد أن صدر منها هذا الموقف. وبينما صرح المتحدث باسم الخارجية الفرنسية أن برنار كوشنير بعث برسالة إلى نظيره التونسي عبد الوهاب عبد الله طالب فيها ب'الإفراج الفوري عن بن بريك ليتمكن من دخول المستشفى' لتلقي العلاج من مرض مزمن يعاني منه ، نفت الخارجية التونسية تلقي أي رسالة تضمنت دعوة للإفراج عن بن بريك. من جانبها أكدت وزارة العدل وحقوق الإنسان التونسية التي تشرف على سجون البلاد أن الوضع الصحي لتوفيق بن بريك لا يستدعي إدخاله إلى المستشفى ونفت أن تكون صحته في خطر مثلما أوردت وسائل إعلام فرنسية. وخرج الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 12 من الشهر الجاري عن صمته وأعلن أن بلاده راجعت الاتحاد الإفريقي واتحاد المغرب العربي الذين تنتمي إليهما احتجاجا على تدخل فرنسا في 'الشؤون الداخلية' التونسية. وقال مراقبون إن هذه أول مرة تشتكي فيها تونسفرنسا منذ أن استقلت عنها سنة 1956. في سياق متصل من المقرر ان يمثل بن بريك امام محكمة في باريس في كانون الثاني(يناير) المقبل بتهمة ممارسة 'العنف' على امرأة، حسب ما قال وكيله الذي ندد مع ذلك بما وصفه انه 'شرك' قضائي. وتعود الوقائع الى اذار(مارس) 2004 خلال رحلة قام بها الصحافي الى باريس مع المشتكية كوثر كوكي وهي من التابعية التونسية ايضا وكانا قد سافرا معا من تونس. ورفعت كوثر كوكي شكوى وقالت انها تعرضت 'للاعتداء من قبل بن بريك'، حسب قال وكيلها لمجد بوغانارا. واوضح لوكالة فرانس برس انها 'زارت طبيبا واثار الاعتداء ظاهرة عليها. وقد وضع الطبيب تقريرا ومنعها من العمل لمدة ستة اسابيع'. اما الوكيل الفرنسي للصحافي بن بريك المحامي وليام بودون فاعتبر من ناحيته ان الامر يتعلق ب'قصة غريبة' وقال انه 'متأكد' ان موكله سيحصل على 'براءة' في هذه القضية التي قال انها تشبه 'شركا'. واوضح ان الطرفين اختلفا في فندق بباريس وان المرأة رفعت شكوى وضعت بعد ذلك في الحفظ بتهمة 'الاغتصاب'. اما محاموه ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان فيعتبرون ان اعتقاله مرتبط مباشرة بالمقالات التي يكتبها في الصحافة الفرنسية ضد نظام الرئيس زين العابدين بن علي والتي نشرت قبل الانتخابات الرئاسية الاخيرة.