لندن :عاد موضوع السجون السرية التي استخدمتها وكالة الاستخبارات الامريكية 'سي اي ايه' للضوء مرة اخرى مع عودة الحديث عن قيام السلطات البرلمانية في دولة ليتوانيا بالتحقيق باستخدام اراضي هذه الدولة من مجموعة دول البلطيق كمكان لتعذيب المعتقلين الذين نقلوا من افغانستان اثناء عمليات سي اي ايه السرية. وكان البرلمان الليتواني قد فتح من قبل تحقيقين في هذه النشاطات ولم يتم العثور فيهما على اية ادلة عن نشاطات غير شرعية للوكالة الامريكية على اراضي بلادهم. ويبدو ان التحقيق الحالي يطمح للبحث في ادلة اكثر عمقا من ناحية البحث وتحليل تقارير جديدة عن رحلات جوية لطائرات 'سي اي ايه' من افغانستان الى ليتوانيا، اضافة للتحقيق بقيام متعهدين يعملون مع الوكالة الاستخبارية الامريكية ببناء مجمع لاستقبال معتقلي القاعدة على اطراف غابة قرب مدينة فيلينوس وهو ما يثير شكوك البرلمانيين. وتشير تقارير صحافية الى ان الكثير من المسؤولين الليتوانيين ما زالوا مترددين بتصديق فكرة قيام اجهزة بلادهم الامنية بالسماح للاستخبارات الامريكية باعتقال سجناء من القاعدة داخل الاراضي الليتوانية. وحمل الكثير من المسؤولين دولا لها مصلحة في التأثير على مصالح بلادهم خاصة روسيا واتهموها باختلاق قصص يقولون ان لا اساس لها لتشويه سمعة بلادهم. وبعد سنوات من الانكار ومحاولة خداع النفس يبدو ان المسؤولين في الدولة باتوا امام خيار البحث والتحقق من الاخبار التي لا يستبعد انها تشير الى قيام الاستخبارات الامريكية باعتقال مطلوبين دوليين داخل سجون سرية. وتبدو حكومة هذه الدولة التي لا يزيد عدد سكانها عن ثلاثة ملايين ونصف النسمة تحضر نفسها لمواجهة تداعيات الامر. وكانت الرئيسة الليتوانية، التي انتخبت حديثا داليا غريبوسكيت قد قالت ان لديها شكوكا غير مباشرة من ان التقارير التي تتحدث عن نشاطات الاستخبارات الامريكية قد تكون صحيحة، ودعت البرلمان والحالة هذه للتحقيق فيها. وكان اول حديث عن وجود سجون سرية امريكية في الخارج قد كشف عنه عام 2005، حيث اشارت صحيفة 'واشنطن بوست' الامريكية الى وجود عدد من السجون التي عرفت باسم 'الثقوب السوداء' في عدد من دول مجموعة الاتحاد السوفييتي السابق. وبررت الصحيفة عدم ذكر هذه الدول في حينه ان الكونغرس اعتقد ان الكشف عن اسمائها سيعرضها لهجمات انتقامية من تنظيم القاعدة. ويعتقد ان السجن السري عمل في الفترة ما بين 2004 الى 2005، اي في فترة حكم فالداس ادمكوس حيث اعلن اكثر من مرة ان لا معرفة شخصية له بنشاطات 'سي اي ايه'، ولكن في حينه اشار الى امكانية تعرض مسؤولي الاجهزة الامنية للمساءلة القانونية حالة ثبوت التقارير التي تحدثت عن نشاطات للاستخبارات الامريكية. وقال انه في حالة وقوع هذه النشاطات ودعمت بالادلة فعلينا الاعتذار للمجتمع الدولي لان امرا مثل هذا حدث في ليتوانيا. وقال ان من قاموا بهذه الاعمال هم 'في نظري مجرمون'. وكانت السلطات البولندية قد فتحت تحقيقات في نشاطات مماثلة للاستخبارات الامريكية وتقارير عن سجون سرية ولم يتم بعد توجيه اتهامات. واشار مستشار لوزارة الدفاع الليتوانية نقلت عنه 'واشنطن بوست' قوله ان وجود سجون سرية يؤثر على قوانين حقوق الانسان ومواثيقها الدولية التي وقعتها ليتوانيا. وفي حالة وجود ادلة حقيقية عن هذه الممارسات فستكون الحكومة امام واجب فتح تحقيق قضائي قد يطال مسؤولين امريكيين وليتوانيين على حد سواء. فمن الناحية القانونية سيبدو ان كلا من ليتوانيا وامريكا انتهكتا حقوق الانسان. ويستبعد الكثير من المحللين امكانية توجيه اتهامات في ضوء الطبيعة السرية للعمليات التي تقوم بها الاستخبارات الامريكية في الخارج. ولكن هناك رأيا يقول ان هناك امكانية مستندا على القرار الذي اصدره قاض ايطالي بداية الشهر الحالي وادان فيه 22 من عملاء 'سي اي ايه' لضلوعهم باختطاف الناشط الاسلامي ابو عمر المصري من شوارع مدينة ميلانو وسلم الى السلطات الامنية المصرية. وفي الحالة الليتوانية يبدو ان امكانيات ادانة شخصيات امنية علاوة على شخصيات امريكية تبدو بعيدة لان اللجنة البرلمانية التي تقود التحقيق تفتقد الى السلطة التنفيذية. وفي اتجاه اخر ذكر تقرير بصحيفة 'ديلي تلغراف' البريطانية ان الاستخبارات الامريكية استخدمت ناديا لتعليم ركوب الخيل كمكان لاعتقال والتحقيق مع ناشطي القاعدة. ونقلت عن مسؤول امني سابق تحدث لشبكة انباء 'اي بي سي' الامريكية ان السجن تم اعداده عام 2004. ويقول مواطنون محليون ان المكان الذي يستخدم الان كمركز لتدريب القوات الامنية كان في الاصل بدون نوافذ. ويعتقد ان الفضيحة اثرت على علاقات ليتوانيا مع واشنطن فهي لن تقبل اي سجين من معتقل غوانتانامو حتى يتم التخلص من الملف وتوضيح ما حدث فعلا. واتهمت رومانيا اضافة الى كل من بولندا وليتوانيا باستقبال سجناء الاستخبارات الامريكية من القاعدة. - 'القدس العربي'