رجة أرضية في الجزائر    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    طقس الخميس: سحب عابرة والحرارة تتراوح بين 18 و26 درجة    بعد أزمة الكلاسيكو.. هل سيتم جلب "عين الصقر" إلى الدوري الاسباني؟    آخر ملوك مصر يعود لقصره في الإسكندرية!    قرار جديد من القضاء بشأن بيكيه حول صفقة سعودية لاستضافة السوبر الإسباني    قيس سعيد يستقبل رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    ل 4 أشهر إضافية:تمديد الإيقاف التحفظي في حقّ وديع الجريء    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي متفائل و10 لاعبين يتهدّدهم الابعاد    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    ماذا في لقاء رئيس الجمهورية بوزيرة الاقتصاد والتخطيط؟    القبض على شخص يعمد الى نزع أدباشه والتجاهر بالفحش أمام أحد المبيتات الجامعية..    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    تعزيز الشراكة مع النرويج    بداية من الغد: الخطوط التونسية تغير برنامج 16 رحلة من وإلى فرنسا    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    منوبة: الاحتفاظ بأحد الأطراف الرئيسية الضالعة في أحداث الشغب بالمنيهلة والتضامن    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    هذه كلفة إنجاز الربط الكهربائي مع إيطاليا    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    اكتشاف آثار لأنفلونزا الطيور في حليب كامل الدسم بأمريكا    هذه الولاية الأمريكيّة تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة!    تسليم عقود تمويل المشاريع لفائدة 17 من الباعثين الشبان بالقيروان والمهدية    رئيس الحكومة يدعو الى متابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع لسنة 2024    تراوحت بين 31 و26 ميلمتر : كميات هامة من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    مركز النهوض بالصادرات ينظم بعثة أعمال إلى روسيا يومي 13 و14 جوان 2024    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    الاغتصاب وتحويل وجهة فتاة من بين القضايا.. إيقاف شخص صادرة ضده أحكام بالسجن تفوق 21 سنة    فيديو صعود مواطنين للمترو عبر بلّور الباب المكسور: شركة نقل تونس توضّح    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    سيدي حسين: الاطاحة بمنحرف افتك دراجة نارية تحت التهديد    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين في البحر الأحمر..    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    فاطمة المسدي: 'إزالة مخيّمات المهاجرين الأفارقة ليست حلًّا للمشكل الحقيقي'    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكهرمان صمغ متحجر مستخرج من أشجار الصنوبر عمره بين 55 إلى 65 مليون سنة
نشر في الفجر نيوز يوم 07 - 12 - 2009

من ألوان الشمس اكتسب دفئه وتوهجه، ومن عمق التاريخ حمل أسراره وخباياه، فهو «دموع الصنوبر» التي تحجرت لتخبئ داخلها عبيرا لم تمحوه ملايين السنين، حِيكت حوله الأساطير، واقتناه الملوك والعظماء، ونُسجت حوله الكثير من المعتقدات، لكنه لا يبوح بأسراره إلا لعشاقه.. فهم فقط من يتقنون لغته. لكن أكبر تلك الأساطير وأكثرها إثارة للدهشة كانت هي
حقيقته ذاتها. فمن ملايين السنين، كانت هناك حشرة صغيرة تعبت من كثرة الطيران، وعندما أرادت أن تستريح لبعض الوقت، حطت على شجرة صنوبر في الغابة الواسعة الممتدة التي لم يعكر صفو سمائها إنسان، ولم تعرف حرارتها بسببه «احتباسا»، لكن حظها العاثر أوقفها على نقطة صمغ أفرزتها شجرة «صنوبر» لتدافع به عن نفسها ضد المتطفلين والأعداء، فالتصقت بها المسكينة وفشلت كل محاولاتها في الفرار، وسرعان ما تكاثرت قطرات الصمغ لتغطيها، وعندما ثقل وزنها سقطت ودُفنت في باطن الأرض، ومرت السنين والعصور الجيولوجية التي تحولت خلاها الغابة إلى قاع بحر سحيق، وصار باطن الأرض قمة لأعلى الجبال، وخلال كل تلك السنون تحجرت هذه الكتلة الصمغية وصارت من النفائس التي عرفها الإنسان واستغلها فيما بعد وأصبحت «كهرمان» (amber).
ورغم أنه زمن لم يعش فيه جنسنا البشري ولم ير مخلوقاته، لكنك سيدي عاشق الكهرمان ربما أسعدك الحظ لترى بل وتمتلك أثراً من ذلك العالم البعيد، ربما تكون تلك الحشرة ذاتها موجودة في مسبحتك بكامل هيئتها دون تلف، وكأن الزمن عاد ملايين السنين عند اللحظة التي وقفت فيها على تلك الشجرة؛ فلم يطرأ عليها أي تغيير، ولم ينكسر لها جناح، وهي أضعف المخلوقات، سبحان الله الخالق القادر العظيم، وإن لم تكن هي فغيرها الكثير من المخلوقات الصغيرة ووريقات الشجر ولحائه، بل وقطرات ماء من تلك الأزمان السحيقة قد تكون بين يديك، أو حتى قطع الكهرمان الصافي مهما كان نوعه أو شكله.
الشيء الوحيد الذي عليك إدراكه جيدا - وأجزم أنك قد فعلت - أنك تحمل بين أصابعك كنز طبيعي لا يقدر بثمن، لا أقصد بسبب سعره فهناك ما هو أغلى ثمنا، وإنما لتلك الخصوصية التي يحملها، والروح التي جذبت ملايين العشاق.
«العرب» قررت أن تخوض غمار هذا العالم العجيب الذي يستقطب آلاف الهواة هنا في قطر والتي يمتلك أهلها أهم وأنفس مقتنياته، فأصبحت من المراكز الهامة لتداوله، وتحتل مكانة لا تُضاهي حسب تأكيد الخبراء وكبار الهواة ممن التقيناهم.
عطر الزمان
الخبير في مجال الكهرمان (نادر غاوي) يشرح لنا عن ذلك الحجر المدهش من حيث بداياته والصورة التي يوجد عليها هنا في قطر: "الكهرمان هو حجر شبه كريم عبارة عن صمغ متحجر مستخرج من أشجار الصنوبر عمره بين 55 إلى 65 مليون سنة، يتواجد في منطقة بحر البلطيق في ألمانيا، وبولندا، ولتوانيا، وأوكرانيا ولاتفيا، بالإضافة إلى أنواع منه موجودة في جمهورية الدومينكان ولبنان. وخلال استخدامه يطلق رائحة عطرية جميلة، وتكون الأنواع الصفراء وسلالتها ذات رائحة قوية، وكلما اُستخدم الأصفر كلما زادت الرائحة العطرية التي تخرج منه، أما الأنواع الأخرى كالشفاف والتركيبات فرائحتها تكون أخف من الصفراء". ويتابع: "الكهرمان موجود في قطر على شكل مسابيح غالبا، نقوم بشرائها وبيعها بالجرام، وتختلف الأسعار من نوع لآخر فهناك المقصوص جديدا وتتراوح أسعاره بين 20 إلى 40 ريالا، أما الأنواع المستعملة فأسعارها تتراوح من 70 إلى 80 ريالا، وهناك الأنواع القديمة وتتراوح أسعارها من 80 إلى 500 ريالا للجرام الواحد، (وكلها أسعار تقريبية تختلف صعودا وهبوطا حسب أسعار السوق)، أما الشكل الثاني فهو الإكسسوارات الرجالية مثل الأقلام، علاقة المفاتيح، الخواتم، الأزرار، أو في تطعيم العصي بها، إلى جانب جميع الإكسسوارات النسائية".
أما أفضل أنواعه فهي الكهرمان الألماني والعراقي والهندي؛ لأنها قديمة "فكلما اُستخدم الكهرمان أو خُزن يتغير لونه من الأصفر العادي إلى الأصفر المائل إلى البرتقالي ثم البرتقالي ثم البني الغامق، وهي مراحل جميعها تأخذ حوالي 70 إلى 90 سنة، ويزيد سعره عاما بعد آخر، وهناك أنواع كثيرة من الكهرمان المميز بالنسبة لنا، منها الأنواع النادرة كالتي توجد بداخلها حشرات تكونت طبيعيا، حيث التصقت حشرة بالشجرة وتجمع الصمغ حولها وتحجر على هيئة صخر".
ويبين الخبير أن كل ما نراه من حشرات في الكهرمان ليس موجودا بشكل طبيعي: "فهناك ثلاثة أنواع من الحشرات في الكهرمان، الأول هو الحشرات الموجودة فيه طبيعيا، ويمكننا كخبراء الكشف عن ذلك بطرق عدة من أهمها عملية النظر لموقع الحشرة داخل القطعة هل داخلية أم خارجية؟ هل متشابهة أم لا؟ كما يمكن الكشف عنه في بعض الدول الشقيقة من خلال بعض الأجهزة لمعرفة عمر الحشرة الموجودة (40 أو 50 أو 60 مليون سنة). وهناك نوع آخر وهو الذي يتم فيه تركيب الحشرات داخل الحجر سواء بالقص واللصق، أو باستخدام الليزر، فالكهرمان يكون طبيعيا لكن الحشرة هي ما تم إدخالها.
أما النوع الثالث وهو المغشوش تماما، ويتم فيه إدخال الحشرة داخل قطعة بلاستيك شبيهة بالكهرمان، وهذا النوع يخدع الكثيرين فيتعرض للغش باستخدامه، معتقدين أنه كهرمان حقيقي، لكن يمكنهم اكتشافه بسهولة من خلال عملية الحرق بطريقة معينة، وهي تكشف لهم عن حقيقة الكهرمان نفسه وهل هو أصلي أم لا، لكن لا يمكنهم الكشف عن الحشرات هل أُدخلت أم طبيعية، فهذه تحتاج إلى أشخاص مختصين".
حشرات لا تقدر بثمن
وتعد الحشرات أو الكائنات وكل ما هو موجود بشكل طبيعي داخل قطع الكهرمان من عجائب قدرة الله؛ حيث تحتفظ بكامل خصائصها الطبيعية وكأن الزمن قد توقف عندها، فهي تخبرنا عن كائنات كانت موجودة منذ ملايين السنين، منها ما لا يزال بيننا ومنها ما انقرض. ولكن ألا تعد هذه الحشرات قيمة علمية لا تقدر بثمن، فهل توجد قوانين تحظر بيعها أو ما شابه؟ ويجيب نادر غاوي بأن "كثيرا من هذه القطع مقتنيات لأشخاص، أما ما يتم بيعه وتداوله فيكون غالبا من الحشرات العادية، ولا نحصل على أية قطعة مميزة من الحشرات النادرة، فإذا كانت هناك مثلا قطع فيها عنكبوت كبير أو سحلية أو برص أو أم أربعة وأربعين نادرة، فكل القطع التي تحمل هذه الأنواع تذهب مباشرة إلى المتاحف والمعارض الكبيرة، ولا يتم تداولها بين الأشخاص في المتاجر".
وتتوافر المسابح التي تحتوى جميع حباتها على الحشرات ولكن ليس بشكل واسع، وهي تباع أيضا بالجرام، ويتراوح سعر المسبحة ما بين 1500 إلى 10 آلاف ريال حسب الوزن وسعر الجرام "والذي يعتمد على أنواع الحشرات الموجودة داخل القطعة، فهناك بعض الحشرات تعتبر مميزة كالعنكبوت، اليعسوب، أو أم أربعة وأربعين. وليست الحشرات فقط هي ما يتواجد داخل الكهرمان، فيمكن أن نجد قطعا من العشب، أو الخشب، وأحيانا ماء نراه يتحرك داخله، وكلها نسميها "إنكلوجنس" (inclusions ) وهي الأشياء النادرة في الكهرمان".
وبخلاف القطع التي تحتضن بداخلها هذه الأشياء توجد أنواع نادرة من الكهرمان "منها الكهرمان الأبيض، والكهرمان الأزرق، والذي يكون شفافا، وعند تعرضه لضوء الشمس أو الضوء الأبيض يصبح أزرق اللون، ويوجد منه نوعان، فهو يأتينا غالبا من جمهورية الدومينيكان، وهناك تقليد له في بولندا لجذب الأشخاص المحبين له، ويكون هناك فارق كبير في السعر".
عشق قطري
وللكهرمان في قطر آلاف العشاق حسبما يؤكد غاوي وخاصة هواة تجميع الكهرمان فهم أهم زبائن هذا النوع من الأحجار النفيسة "فنسبة هواة تجميع الكهرمان في قطر مرتفعة للغاية ويمثلون تقريبا 25% من القطريين، وفي تزايد مستمر وهي هواية تنتقل من الأجداد، ومن الأب إلى الابن، وفيها منافسة كبيرة، ونتمنى أن تزداد هذه النسبة، وأن تنافس قطر على مراكز الصدارة في احتوائها على نسبة كهرمان كبيرة في البلد، لذا فكرنا أن ننشئ في المستقبل القريب موقعا للهواة هنا لتبادل الأفكار والمعلومات والخامات والمصادر على موقع خاص بنا في قطر، يجتمع فيه كل تجار الكهرمان هنا، ويكون لكل واحد منا نبذة عن محلاته ومقنياتها، فتكون هناك منافسة شريفة ويخدم الهواة في الحصول على القطع الممتازة بأفضل الأسعار". ويتابع "نحن أيضا في مجال للتوسع؛ لأننا وعدنا السوق القطري أن نحصل على مشغل خاص لنا في قطر فهو غير موجود، وكل ما يتم تداوله هنا يأتينا من الخارج، والمقر بالفعل الآن تحت الإنشاء بالفعل، وحصلنا تقريبا على 60% من المعدات، وستقوم هذه الورشة بالتصنيع والصيانة، وفي نفس الوقت عمل مشغولات يدوية تعبر عن التراث والأصالة القطرية، والخبر السار كذلك لمحبي الكهرمان أننا بصدد توسيع محلاتنا وعمل صالة كبيرة خاصة لكبار الشخصيات (VIP) نعرض فيها الأنواع النادرة والفخمة من الكهرمان مع الأنواع القديمة، إلى جانب الصالة الرئيسية التي ستحتوي على جميع المشغولات اليدوية من صور وتحف وهدايا من إنتاج الورشة الخاصة بنا مستقبلا، من خلال التعاون مع شركة في إيطاليا لصناعة أطقم الهدايا الكهرمان التي تكون عبارة عن قلم من الكهرمان مع المسبحة، والأزرار كمجموعة واحدة، وكل هذه التطورات التي سيشهدها السوق القطري ستعزز من مكانة قطر في هذا المجال والتي تتنافس مع دولة الكويت الشقيقة على المركز الأول في الكهرمان برغم أن الكويت تمتلك حوالي 5 ورش للتصنيع، كما أنها معروفة منذ زمن بالكهرمان وبوجود المهتمين به لديها".
ويعرف القطريون متاجر بأسمائها تتخصص في بيع الكهرمان وتوجد في مناطق عديدة بالدوحة منها محلات سوق واقف التي تعد من أقدم متاجر السوق المتخصصة بالمسابيح ومنها، "التحف الساحرة"، "ليوان الكهرمان"،"مركز الكهرمان"، "محل "الزيني"، وهناك محلات موجودة بغالبية المولات الكبيرة وسوق الذهب بمنطقة الغانم مثل محل "ملك الكهرمان" في سيتي سنتر وفيلاجيو مول ومجمع اللاند مارك إلى جانب فرعه الرئيسي بشارع السد.
ومحل "أرض الجواهر" في فيلاجيو مول، و"جبل مرمي للتحف" في اللاند مارك لصاحبه عيسى وهو عماني ومعروف في هذا المجال، وفي أحد محلاته بفيلاجيو التقت العرب بمدير الفرع عيسى حميد سعيد البادي، الذي قدم من سلطنة عمان إلى قطر بعدما جذبه الكهرمان فعمل في بيعه بالمحلات التي تمتلكها عائلته، ويرى أن لدى القطريين شغفا كبيرا بالكهرمان وحبا لاقتناء نفائسه بشكل أوسع كثيراً من المعتاد لديهم في عُمان، وتعددت معروضاته ما بين المسابيح الكهرمان من كل الأنواع والأحجام والقصات، والتي تباع كالمعتاد بالجرام الذي يتحدد سعره حسب القدم والاستخدام واللون ووجود الحشرات طبيعيا أو بالإدخال، فضلا عن الأنواع التي تحمل الشوائب، والأخرى المصنوعة من تراب الكهرمان، ولفت البادي إلى نوع من الكهرمان يعرف بالأسود "وهو الذي يصبح لونه بنيا، ولكن ليس بطريقة طبيعية، وإنما من خلال تسخينه بدرجة حرارة معينة باستخدام الميكروويف، للحصول على لون بني ويمكن بسهولة وبالعين المجردة معرفة ذلك، لكن البعض يلجأ إليه لإخفاء بعض العيوب أو الأشياء التي لا يرغب في حباتها". وتلفت نظر الزبائن مجموعة من المعروضات المسبحة ذات الحبات الكبيرة والتي بدت الحشرات واضحة فيها جميعها، وهي معروضة بسعر 8500 ريال، وقطع من الكهرمان على شكل صخور تستخدم للديكور وسعرها 1200 ريال إلا أنه لفت أنها ليست طبيعية تماما، وإلا كان سعرها قد تعدى العشرة آلاف ريال، هذا عدا الخواتم الرجالية المصنوعة من الفضة بفص كهرمان ويتراوح سعره من 200 إلى 399 ريال، إلى جانب الخواتم النسائية، لكن أجمل المعروضات النسائية كانت قلادة قديمة جمعت الفضة وحبات الكهرمان مختلفة الأحجام والألوان ويصل سعرها إلى 14 ألف ريال.
عالم الهواة
ويروي لنا حمد السليطي وهو من كبار هواة الكهرمان في قطر قصته مع هذا الحجر ذي الجاذبية الخاصة جدا "استخدم آبائنا وأجدادنا الكهرمان ضمن المسابيح، التي كان أفضلها، فهو من أكثر الأنواع المحببة لدى الهواة المسلمين؛ بسبب رائحته وخفة وزنه، وهو يعتبر من الأحجار شبه الكريمة فيقول: علاقتي معه ليست وليدة اللحظة لكن بدأت منذ 15 سنة، لم تكن عندي فكرة مسبقة عنه، لكني ثقفت نفسي بالكتب التي ألفها علماء ودارسون للجيولوجيا وعلم الأرض، حيث تجد فيها معلومات وحقائق علمية عن الكهرمان، والمدرسة الثانية لي كانت من التجار الكبار والهواة داخل وخارج قطر، فنحن كهواة في الوطن العربي نعرف بعضنا البعض، في مصر والأردن والخليج والعراق، ولدينا ارتباط وثيق، فكل مسباح مثلا يخرج من دولة نعرف من صاحبه، وبالطبع هنا في قطر نعرف أسماء كل الهواة ومقتنياتهم، لكن ليس كل المقتنيات، فالهاوي يحب الاحتفاظ بأجمل الأشياء لديه؛ خوفا من "الحسد" –والتي قالها ضاحكا-، فمن يكون لديه مسباح يصل ثمنه إلى 50 أو 60 ألف ريال، أو أنتيك مصنعة من أيام الدولة العثمانية 1200 سنة، أية تحفة توضع في متحف، فكيف لا يخاف عليها".
ويقسم السليطي هواة الكهرمان إلى أنواع ثلاثة "هناك المبتدئون، وكبار الهواة وأنا منهم، وهناك الخبراء وهم 4 أو 5 في قطر كلها، ومعروفون على مستوى الخليج". ويتابع الحديث عن علاقته بالكهرمان قائلا: "أجريت الكثير من الأبحاث عن الكهرمان، وقمت بترجمة ما كتب عنه، إضافة إلى خبرتي الشخصية، وكتبت موضوعات عدة لنفسي، ولمنتديات تهتم بثقافة الكهرمان، فهو بحر واسع وأنواعه مختلفة، وما لدي عنه ليست خبرة بقدر ما هي ثقافة، فيمكنني أن أقول عن دراية ما هو الكهرمان، وأصله، وأنواعه، ويمكني حتى بالشكل التعرف على نوعه وعمره، فالحمد لله لدي الخبرة، لكن مع ذلك لا أعد نفسي خبيرا ومصنفا كبيرا بين المصنفين في الخليج".
وأوضح أن الكويت والسعودية وقطر أهم دول الخليج التي تهتم بالكهرمان، لكنّ الهواة القطريين هم الأقوى في الخليج من حيث المقتنيات "ربما عددنا أقل من الكويت، لكن لدينا مقتنيات لا توجد لدى أحد، ونتميز بالخامات والتحف التي نمتلكها، أنا مثلا متخصص بكمائن أو متحجرات الكهرمان وهي الحشرات الموجودة داخله، فأنا لدي قطع يمكن عرضها في المتاحف، فتخصصي هو الحشرات والكهرمان الدومينيكي، فألوانه زاهية وجميلة، وهناك متخصصون في الكهرمان القديم وأنواعه المختلفة؛ لأن الهواة منهم من يهتم بخط واحد من المقتنيات ويتخصص فيه، ومنهم من يهوى جمع الكهرمان بكافة أشكاله".
وعما جذبه إلى القطع الموجود بها الحشرات قال: "ربما لأني من صغري كنت أحب المتحجرات لذاتها، فعندما كنت صغيرا كنت أذهب مع والدي إلى البر، وكنت أحب جمع القواقع الموجودة فيها المتحجرات، ونمّى والدي هذا فيّ فأحببت المتحجرات، فحبي للكهرمان كان راجعا للطفولة، لكن الجميل في الكهرمان أنه محتفظ بشكل الحشرة داخله من ملايين السنين، فالله سبحانه حنطها طبيعيا، وهذه ميزة هذا الحجر" ولدى السليطي العديد من المقتنيات المدهشة منها حوالي 300 مسبحة كهرمان، إلى جانب تحف ومنحوتات الكهرمان المحتوية على حشرات وورود، ومجموعة شطرنج كاملة وغيرها الكثير.
تصنيع خارجي
ومع هذا التميز لا تمتلك قطر حتى الآن ورشا لتصنيع وصيانة الكهرمان على عكس الكويت التي تمتلك حوالي 5 ورش "نتعامل مع ورش في مصر وتركيا، لكن نفضل مصر؛ لأسباب عديدة، فهي أقرب وأسهل في التعامل، وموجود بها الأيدي العاملة الماهرة بكثرة، بعكس تركيا حيث التعامل فيها صعب، ولا تجد أيدي عاملة بسهولة، وإن وُجدت يكون التعامل باليورو، ويقولون: يمكنك أن تأتي بعد شهرين، لكن في مصر شغلهم نظيف وسريع وهناك أمانة وثقة، كما أن حاجز اللغة لا يوجد بيننا، مما يسهل التعامل وشرح ما نريده، وما شاء الله لديهم محترفون ومعروفون بالاسم كالعيسوي وناجي وغيرهم من المشاهير في خراطة الأحجار الكريمة بشكل عام".
وتتعدد الأسماء التي يطلقها البعض على الكهرمان فما هو المسمى المتداول لها في قطر؟، يقول السليطي "باللغة اليونانية يسمى "إليكترون"، ففيه شحنة كهربائية وعند دعكه يسحب قصاصات الورق الصغيرة، وفي الخليج زمان كانوا يسمونه "كرهب" وأتذكر أبي كان يسميه هكذا، لكننا الآن نتداوله باسم "كهرمان"، وغالبا أخذنا الاسم من مصر، فهو معروف عند المصريين هكذا؛ لأنه اسم أعجمي أقرب إلى الأسماء التركية عن الإيرانية".
استثمار وعلاقة خاصة
ويرى أن الاستثمار في مجال الكهرمان في قطر يشهد تطورا كبيرا خاصة في السنوات الأخيرة التي تضاعف فيها سعره، "فنحن كهواة نحبه؛ لأنه يزداد ثمنه كلما مر الزمن، وزاد من ارتفاع سعره عوامل عدة منها كمية الإنتاج، وشراء الصينيين كميات كبيرة منه لصناعة تحفهم كالتماثيل البوذية والأشياء الخاصة بمعتقداتهم، كما أن الدول التي تنتجه (دول البلطيق) بعد انضمامها للاتحاد الأوروبي، أصبحت تتعامل باليورو؛ مما رفع سعره، وبالتالي انتعش الكهرمان، وهناك طلب كبير عليه من دول الخليج، إلى جانب العراق ومصر للتجارة والتصنيع". وهو ما يؤيده نادر غاوي الذي أوضح أن الكثيرين وجدوا أن أسعاره ترتفع مؤخرا فعرفوا أنه استثمار جاد ومربح، "هو فقط يحتاج لبعض الوقت؛ لأنه يعد استثمارا بطيئا، لكنه مربح جدا، وأرباحه في تصوري تصل 3 إلى 4 أضعاف الذهب، يعنى من يشتري اليوم يبيع بعد 8 إلى 10 سنوات للحصول على ثلاثة أضعاف، ويعد الكهرمان استثمارا رجاليا في أكثر العالم العربي بينما في الدول الأوربية هو نسائي بامتياز، خاصة في العقود القديمة، فنحن نشتري العقود القديمة من أوروبا ثم نصوغها على شكل مسابح أو عقود أو أساور".
ويبدو أن هناك قوة خفية تجذب الهواة إلى الكهرمان، فعندما سألنا نادر غاوي لماذا تخصصت في الكهرمان؟ قال "هذا السؤال ممكن أن يجيبك عليه أي شخص يشترى مسبحة كهرمان، حيث يصبح هناك تعلق بين الشخص والكهرمان، وتحدث عملية حب وعشق بينهم لدرجة أن النساء أصبحت تغار على أزواجهن من الكهرمان، فالشخص ممكن أن يجلس أمامه بالساعات، وتصبح هناك عملية غيرة منه، وأعرف بعض الرجال يجلسون في غرف معزولة ويشتغلون بأيديهم الكهرمان" ويطلق البعض أسماء معينة على بعض المسابيح القريبة إلى قلبهم، وكما قد يشعر الهاوي بعلاقة وراحة نفسية عندما يمسك بواحدة منها دونا عن الأخرى، كما يؤكد حمد السليطي.
* نصيحة خبير
عدد من النصائح الهامة والمعلومات السريعة يقدمها الخبير نادر غاوي لقراء "العرب"
**هناك نوعان مقلدان للكهرمان: الأول مصنوع من تراب (معجون) الكهرمان، ويكون عبارة عن نسبة بسيطة من برادة الكهرمان مضاف إليها أنواع أخرى من المواد العطرية للحصول على رائحة شبيهة للكهرمان، وهناك نوع آخر هو تقليد لتراب الكهرمان، وهو مادة انتشرت في السوق عبارة عن مادة بلاستيكية معطرة بطريقة يحصل حاملها منها على رائحة عطرية، والأسعار التقريبية لجرام معجون الكهرمان من 4 إلى 6 ريالات. أما أنواع البلاستيك المقلدة فسعر الجرام منها من 2 إلى 2.5 ريال تقريبا.
**الخبراء وتجار الكهرمان يمكنهم بالعين المجردة والملمس والإحساس الكشف عن حقيقة الكهرمان إن كان أصليا أم مغشوشا، لكن حتى غير المختصين يمكنهم بسهولة ذلك من خلال طريقتين معروفتين: الأولى باستخدام إبرة حارة وإدخالها في القطعة فإذا كانت الرائحة المنبعثة زكية وتشبه رائحة اللبان يكون كهرمانا، ولكن إذا كانت رائحة أخرى مائلة إلى الرائحة التي تنتج من حرق البلاستيك يكون غير أصلي، أما التجربة الأخرى فهي وضع القطع المراد الكشف عنها في الماء المذاب فيه ملح، فإن طفت القطع على سطح الماء فهي كهرمان، لكن إن بقيت في القاع فتكون شيئا آخر غير الكهرمان.
**لتخزين الكهرمان الغير مستخدم من أجل الاستثمار فيه بطريقة صحيحة، نختار مكانا بعيد عن الهواء ويلف بشكل صحيح داخل الحافظات الخاصة التي توجد في محلات بيع الكهرمان أو في أي نوع من أنواع الصوف أو القطن الحار، على أن يتم اللف بشكل صحيح حتى لا يتكسر أو يتضرر. ولعملية التخزين مراحل وخطوات من أهمها أن يتم تخزينه في أماكن بعيدة عن المكيفات، والبرودة، وأن يكون مكانا حار ورطبا جدا، قليلا ما يدخله الضوء، ويجب خلال عملية التخزين كل فترة تفحص الكهرمان وإخراجه لمدة يوم أو يومين للتهوية حتى لا يصبح هشا ويتكسر، بمعدل مرة كل 6 شهور، ويدلك ويفرك باليد لإزالة أي أتربة أو غبار أو مواد من الكهرمان نفسه (الأكسدة) ويتم مسحها حتى يمكنه أن يأخذ لونا جديدا في الفترات المقبلة.
**تأثير العطور سيئ جدا على الكهرمان لأن حجر الكهرمان هو حجر طبيعي حيث يتأثر جدا بالعوامل الطبيعية، وكذلك بأنواع الكحوليات وأنواع العطور، وخاصة من يفضلون مسح المسبح بدهن العود وهو شائع بين الكثيرين، لكن مثل هذه الأمور وهي تؤدي إلى تكسير الحجر وتشقه ويصير هشا مع الاستخدام، حتى ولو كانت اليد نفسها معطرة.
**استخدمت النساء في أوروبا الكهرمان خصوصا العقود لمنع التهاب الغدة الدرقية، وبالنسبة للأطفال توضع عقود منه في رقبة الرضيع ليقوم بمضغها لتقوية اللثة والأسنان والإسراع بظهورها. أما الرجال فعندما يستخدمونه على شكل مسابيح يسحب الشحنات الكهربائية الزائدة في الجسم ويعمل على معادلة الشحنات فيهدئ الأعصاب وضغط الدم.
العرب القطرية
2009-12-07


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.