الجزائر- "العربي، زهرة الإسلام، اقرأ، المنار، القلم، الشيماء، البصائر".. كلها أسماء لصحف جزائرية دينية الطابع تمكنت برغم حداثة ظهورها من استقطاب قطاع واسع من القراء في الأعوام القليلة الماضية. وأغرت تلك المقروئية الكبيرة للصحف الدينية بعضا مما يعرف بصحف الإثارة أو الصحف الصفراء بالتحول مؤخرا إلى صحف دينية أو على الأقل الاهتمام بالقضايا الدينية لجذب مزيد من القراء في المجتمع الذي يشهد صحوة إسلامية. ومن بين نحو سبعين يومية أو أسبوعية تصدر بالجزائر يصل عدد الصحف الإسلامية إلى عشرة استطاعت أن تجذب قراء من مختلف شرائح المجتمع، وليس بالضرورة في الوسط المتدين فقط، حيث إن العديد من الشباب غير المتدين صاروا مولعين بقراءتها. "سمير" طالب بالثانوية العامة يسكن حي بن عكنون بالعاصمة الجزائر، وهو يفضل شراء الصحف الإسلامية. ويقول سمير ل"إسلام أون لاين.نت": "منذ ظهور تلك الصحف أصبحت مواظبا على مطالعتها لما فيها من فائدة". ويؤكد أن تلك الصحف "أصبحت تشكل بديلا حقيقيا للصحف التي غزت الساحة في وقت سابق مثل بانوراما والجميلة وكونتاكت وغيرها من الصحف الصفراء" التي تهتم بالنميمة وأخبار الإثارة. وبينما كانت تهم بشراء صحيفة "العربي" من أحد أكشاك الصحف في حي الأبيار بالعاصمة، أبدت السيدة رتيبة، وهي ربة منزل، نفس الانطباع. وتقول ل"إسلام أون لاين.نت": "لا أشتري إلا الصحف الإسلامية.. أفضل شراء صحيفة دينية أسبوعية لأطلع عليها طيلة الأسبوع نظرا لموادها الكثيرة والمتنوعة". سحبت البساط ووفق إحصائيات التوزيع وآراء كثير من القراء، تسبب الإقبال على الصحف الإسلامية في سحب البساط من نظيرتها "الصفراء". وتقول السيدة رتيبة: "إن الصحف الإسلامية جاءت لتحصن أبناءنا من الصحف التي تساهم في نشر الرذيلة". أما "مولود"، وهو بائع صحف، فيفيد بأن "توزيع الصحف الصفراء تراجع بشكل ملحوظ مع ظهور نظيرتها الإسلامية، إذ تخلى العديد من القراء عن شرائها بعدما كانت رائجة منذ مطلع تسعينيات القرن العشرين". ويلفت إلى أن "الفضائيات الإسلامية ساهمت بشكل ملحوظ في زيادة مقروئية الصحف ذات التوجه الديني بالجزائر، حيث تحرص تلك الصحف على تغطية ما تبثه هذه القنوات من فتاوى ومحاضرات للدعاة والأئمة المشهورين". ونتيجة لتلك الحقيقة، تحولت صحف صفراء إلى صحف دينية أو مهتمة بمتابعة القضايا الدينية لعلها تضاعف أرباحها أو على الأقل تواصل صدورها. فصحيفة "موعد حواء" الفنية بالأساس أصبحت ذات محتوى ديني كلية دون أن تغير اسمها منذ ثلاث سنوات، أما صحيفة "بانوراما" فأصدرت ملحقا دينيا تحت عنوان "اقرأ" منذ عام ونصف، وما زالت تتوالى مثل تلك التحولات. الإعلام الديني والإعلام الديني بالجزائر ليس مدرسة واحدة، فبحسب الكاتبة الجزائرية المتخصصة في الشئون الإسلامية عفاف عنيبة، يوجد صنفان؛ أولهما تتزعمه صحيفة "البصائر" لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ومن يسير في فلكها. وتصف الكاتبة في تصريح ل"إسلام أون لاين.نت" هذا الخط الإعلامي بأنه "جاد يخدم الإسلام كرسالة حضارية واجتماعية ومشروع مجتمع متكامل". أما الصنف الثاني فتمثله -بحسب الكاتبة- بعض الصحف الواسعة الانتشار مثل: "العربي"، و"اقرأ"، و"زهرة الإسلام". وترى أن الأخير "يقدم المعلومة الدينية كالوجبة السريعة مبتعدا أحيانا عن الضوابط الضرورية لكل إعلام هادف من حيث إكمال المعلومة والتدقيق فيها، لذلك فإن محتوياته لا تؤسس لثقافة إسلامية رزينة". غير أن العديد من الخبراء يجمعون على أن تجربة تلك الصحف الوليدة ستنضج مع الوقت من خلال مزيد من الممارسة والخبرة، ويسجلون لها عدم ترويجها لفكر متشدد، إذ تنشر فتاوى ومقالات لعلماء ودعاة معروفين بأنهم من ركائز نشر "الإسلام الوسطي". ومع عودة الصحف الدينية إلى الواجهة بعد اختفاء عدد منها في وقت من الأوقات نتيجة تردي الأوضاع الأمنية بالجزائر في التسعينيات، أعطى التيار السلفي في الأعوام القليلة الماضية أو ما يعرف ب"السلفية العلمية" الجانب الإعلامي المزيد من الأهمية. وتجلى ذلك في تدشين بعض المواقع الإلكترونية مثل موقع "منار الإسلام" أو تأسيس المجلات مثل مجلة " الإصلاح". وإضافة إلى تعدد وسائل الإعلام الإسلامية وتعاظم الإقبال الجماهيري عليها، تتعدد مظاهر صحوة دينية في الجزائر، ومنها حرص بعض لاعبي كرة القدم على أداء الصلاة بعد شوط المباراة الأول ولو أدى ذلك إلى تأخرهم عن بداية الشوط الثاني.