أوصت دراسة سياسية صناع القرار بالأردن ببدء حوار إستراتيجي واقعي وعقلاني مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لفض الاشتباك القائم فيما وصفته بالمناطق الغامضة والرمادية بين الطرفين.أعد الدراسة -التي جاءت بعنوان السياسة الأردنية وتحدي حماس.. استكشاف المناطق الرمادية ومقاربة فجوة المصالح المشتركة- الباحث المتخصص بشؤون الحركات الإسلامية الدكتور محمد أبو رمان، ونشرتها مؤسسة فريدريش آيبرت الألمانية، وقدم لها رئيسا الوزراء الأسبقين معروف البخيت وطاهر المصري الذي تولى مؤخرا رئاسة مجلس الأعيان. وفي حديثه للجزيرة نت قال أبو رمان إن قرار العلاقة والقطيعة مع حماس ليس قرارا حكوميا أو أمنيا، بل هو أحد اختصاصات ملك الأردن بناء على توصيات المؤسسة الأمنية، وأشار في متن الدراسة إلى أن العلاقة مع الحركة اتسمت بالتقلب وسياسات النفس القصير. مضمون الدراسة وتتبعت الدراسة المراحل التاريخية التي مرت بها علاقة المملكة بحماس ابتداء بمرحلة التفاهم ثم القطيعة والأزمة، وصولا إلى الغموض الأردني في تعريف مصالحه المتضاربة والمشتركة مع الحركة في ظل وجود مناطق واسعة غامضة ورمادية في العلاقة بين الطرفين لم تخضع لحوار عقلاني ومعمق. وتحدد الدراسة -التي تضمنت حوارا مع رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل وشخصيات أردنية- ثلاثة اتجاهات للعلاقة مع الحركة أولها الاتجاه المتحفظ على الانفتاح لأسباب عدة في مقدمتها عدم الثقة بالحركة ومشروعها الأيديولوجي، والعلاقة الرسمية المتينة بالسلطة الوطنية الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح). أما الاتجاه الثاني-وهو الأقرب للمعارضة القومية واليسارية- فيطالب بالانفتاح الكامل على حماس وتبديل التحالفات الأردنية لتصبح مع حماس وإيران وسوريا، في حين يميل الاتجاه الثالث للمطالبة بالانفتاح على الحركة وإقامة حوار إستراتيجي معها. مواقف وآراء ويؤيد البرلماني الأردني البارز ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان العربي الدكتور محمد أبو هديب الاتجاه الثالث الذي بينته الدراسة، باعتبار أن التحالف الإستراتيجي بين الأردن والسلطة الفلسطينية في رام الله لا يمنع إقامة حوار وعلاقات مع حماس وكافة الفصائل الفلسطينية. ويستغرب أبو هديب إقامة دول ما يعرف باسم معسكر الاعتدال العربي علاقات مع حماس بينما يصر الأردن على رفض ذلك علما بأن الحركة -برأيه- هي الأقرب للمصالح والثوابت الأردنية من السلطة الفلسطينية خاصة قضايا اللاجئين ورفض التوطين، معتبرا أن هذا الموقف يعزز الإجابة عن سؤال الهوية بالمملكة. ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي جميل النمري -في حديثه للجزيرة نت- أن صدور الدراسة لا يعتبر مؤشرا على ظهور أي مستجدات في علاقة الأردن بحماس، مشددا على ضرورة أن تبقى العلاقة الطبيعية للمؤسسة الرسمية مع السلطة الفلسطينية لكن دون أن يعني ذلك "قطع الاتصالات مع طرف قوي ومؤثر كحركة حماس". الأزمة بين الأردن وحماس.. أبعادها وتداعياتها أحكام ثابتة ويتحدث النمري عن أن الدراسة تعطي مزيدا من الأدلة على أن السياسة الأردنية "محافظة أكثر مما يجب" مستبعدا أي تغيير للسياسة الأردنية تجاه حماس بالمستقبل القريب لأن "البعض في المؤسسة الرسمية بات يعتبر أن القطيعة مع حماس هو الأساس، ويعطي تفسيرا سلبيا لأي خطوة تجاه الحركة". ويعود تاريخ آخر اتصال أردني بحماس إلى اللقاءات التي عقدها مدير المخابرات السابق محمد الذهبي مع أعضاء بالمكتب السياسي لحماس عام 2008، والتي توقفت بعد تغيير الذهبي أثناء اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة. يُذكر أن حماس وجدت بالأردن بشكل معترف به خلال تسعينيات القرن الماضي بعهد الملك الراحل حسين، بيد أن علاقتهما دخلت مرحلة التأزم ومن ثم القطيعة مع سجن وإبعاد قادة المكتب السياسي للحركة مطلع عهد الملك عبد الله الثاني عام 1999. محمد النجار–عمان