محمد البليدي: هيكلة هجرة الكفاءات ضرورة وطنية وتونس وجهة موثوقة للتعاون الفني    تفاقم العجز التجاري لتونس بنسبة 23,5 بالمائة خلال النصف الأوّل من سنة 2025    القصرين: حجز 11 طناً من البطاطا المخزنة خارج المسالك القانونية بمدينة بوزقام    لطفي رياحي: ''تمييز مجحف بين السائح الأجنبي والتونسي... لازم توحيد الأسعار''    باجة : تعرّفوا على أسعار السوق البلدي بباب الزنايز [صور + فيديو]    الشرطة البلدية: تفكيك أكثر من 290 نقطة انتصاب عشوائية    تركيبة الإطار الفني الجديد للملعب القابسي    مقداد السهيلي ينتقد إدراج اسمه في ملصق مهرجان قرطاج دون موافقته: "أنا وين سي علاء؟"    16 سهرة فنية تراوح بين الموسيقى والمسرح في الدورة 37 من مهرجان نابل الدولي من 18 جويلية إلى 18 أوت 2025    الزبلة والخروبة: شنوّة هي؟ وعلاش لازم تخلصها باش ما توقفلكش البيع و الكراء؟    النادي الإفريقي: رئيس الهيئة العليا للرقابة يكشف عن ديون سابقة لم يتم تسويتها    مركاتو: مانشستر يونايتد يتعاقد مع نجم لوهافر الفرنسي    وقتاش تعرف إلي بطارية كرهبتك تعبت ؟ العلامات إلي ما يلزمكش تغفل عليهم!    سرّ تخزين الدلاع باش ما يفسدش فيسع    نجاح 21 تلميذا من أبناء قرى الأطفال "أس و أس" في دورة المراقبة لباكالوريا 2025    الحماية المدنية : 130 تدخلا لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة    ولاية تونس : توجيه تنابيه لمن لم يلتحقوا بالنقاط المسندة إليهم بالأسواق البلدية البديلة    كأس العالم للأندية 2025: صراع محتدم على الحذاء الذهبي قبل االمباراة النهائية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أكثر من 25 بالمائة من الناجحين من شعبة البكالوريا رياضيات يتحصّلون على ملاحظة حسن جدّا    هام/ نسب النجاح في دورتي البكالوريا حسب الولايات..    بعد العاصفة الرملية التي شهدتها توزر وقبلي: معهد الرصد الجوي يكشف التفاصيل..#خبر_عاجل    عاجل/ ترامب يتوعد باعلان مهم الاثنين المقبل..وهذه التفاصيل..    عاجل: صدور حكم بالسجن سنة مع وقف التنفيذ ضد نجل فنان مشهور    النادي الصفاقسي: تعزيز جديد في صفوف الفريق    القهوة باش تغلى؟ البرازيل في وجه العاصفة وترامب السبب    قوة إسرائيلية تتسلل داخل الأراضي اللبنانية وتنفذ عملية تفجير    طيران الإمارات تتصدر تصنيف YouGov لأكثر العلامات التجارية العالمية الموصى بها لعام 2025    سبعيني يكسّر القاعدة وينجح في الباك... قصة ما تتعاودش!    4 سنوات سجن في حق رجل الأعمال لزهر سطا وخطية تفوق 5 ملايين دينار    الناطق باسم محاكم قرمبالية: خبر اطلاق أسراب من النحل على مدعويين في حفل زفاف غير صحيح    بعد وضع اسمه في أفيش لسهرة بمهرجان قرطاج: مقداد السهيلي...أنا وين سي علاء!!!    كفاش تحمي صغارك من شمس الصيف؟ نصائح ذهبية من أطباء الأطفال    برد الكليماتيزور يداوي ولا يضر؟ طبيبة توضّح شنو يلزمك تعمل    السخانة باش ترجع في الويكاند؟    حزب العمال الكردستاني يبدأ تسليم سلاحه    مقتل 150 مسلحاً في كمين للجيش النيجيري    باكستان.. مقتل 9 ركاب حافلة بعد اختطافهم من قبل مسلحين    تفاصيل أسعار عروض مهرجان قرطاج الدولي    ترتيب المندوبيات الجهوية للتربية حسب نسب النجاح في امتحانات الباكالوريا 2025 عمومي    لطيفة تطرح 4 أغاني من ألبومها "قلبي ارتاح"    مقداد السهيلي: أنا ما نيش هاوي وإلا جيت لبارح باش نوري وجهي ونستنى باش يشجعني الجمهور    مهرجان قرطاج: الجمهور هو المدير الحقيقي... وصوت الفن التونسي يعلو وينفتح على العالم    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة: ولا تنازعوا فتفشلوا ...    الحذرَ الحذرَ، فوالله لقد ستر حتى كأنه قد غفر: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً    منظمة الصحة العالمية تمنح رئيس الجمهورية درع الاتفاقية الدولية للوقاية من الجوائح..    الليلة: خلايا رعدية وأمطار مع تساقط محلي للبرد    أنيسيموفا تتأهل لنهائي ويمبلدون بفوز مثير على سبالينكا    نسبة النجاح العامة في الدورتين الرئيسية والمراقبة لبكالوريا 2025 تبلغ 52.59 بالمائة    إختتام مشروع تعزيز الآلية الوطنية لتأطير الصحة الحيوانية البيطرية بتونس    الموت في لحظة غفلة: السباحة الليلية تودي بحياة مراهق في بن قردان    عاجل: فيفا تُصدر تصنيف جويلية 2025...تعرف على مرتبة تونس عالميا وافريقيا    عاجل/ رئيس الدولة في زيارة غير معلنة الى هذه الولاية..    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    عاجل/ "يويفا" يحدث تعديلات على لوائح العقوبات في مسابقات الموسم المقبل..    عاجل: قيس سعيّد يُحذّر : مهرجانات تونس ليست للبيع بل منابر للحرية والفكر    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منع القتل :عبدالحميد العدّاسي
نشر في الفجر نيوز يوم 25 - 12 - 2009

تمتاز منطقة مطماطة بطيبة ناسها وشهامة رجالها وجمال طبيعتها وصفائها ونقاوة هوائها... وهي إلى ذلك تمثّل بسلسلتها الجبلية حاجزا طبيعيّا مهمّا من حيث قيمته العسكرية ومن حيث صرامته في الوقوف أمام التصحّر القادم عليه من منطقة بئر السلطان المستضيفة للطريق الصحراوية الرّابطة بين الحامّة والدويرات الواقعة في مشارف تطاوين جنوب مدنين... وتتميّز المنطقة بالمحافظة على الأصالة وبالحرص على التحديث دون خلط، وهو ما جعل المدن فيها تنتشر على موقعين متخذة القديم والجديد صفة تمييز، فيجد الزّائر مطماطة القديمة ومطماطة الجديدة وتوجان القديمة وتوجان الجديدة وهكذا... ولست في هذه السانحة بصدد التعريف بالمنطقة من أجل اقتراحها أمام الحركة الساحية، فهي لا تشكو نقصا في عدد السيّاح، ولكنّي أردت إبراز خطورة المنعرجات في تلك السلسلة ما يدعو السائقين وخاصّة قليلي الخبرة والتجوال فيها إلى توخّي الحذر الشديد للمحافظة على النّفس... ولقد انتبه أهل السلطة في مقرّ الولاية بقابس (وقابس تبعد 40 كلم عن مطماطة القديمة) إلى ذلك العامل فطوّعوه في خدمة الغرض للمحافظة على الانسجام في تنفيذ المهامّ وتوحيد الكلمة من أجل المصلحة العامّة التي تفرضها الوطنيّة ويتطلّبها الإخلاص في بذل الجهد لرصّ الصفّ... فقد حدّثني – خلال فترة تواجدي بالمنطقة ما بين 1982 و1985- مَن أثق فيه ويثق فيه كلّ محترم للذّات البشريّة، أنّ رجالات الحزب الحاكم الكبار كانوا يستدعون بعض أصحاب الرّؤوس العامرة بالأفكار "المنحرفة" من الصغار ممّن يطمعون في إيجاد الرّأي الآخر داخل الحزب إلى مرتفعات مطماطة، فيترجّونهم أن لا يثيروا الشغب داخل المؤسّسات الحزبية المحترمة كي لا يضطرّوهم إلى تعليمهم التزحلق على شواهق لم يخبروا بُعدَ سفوحها...
تذكّرت هذا المشهد وأنا أقرأ يوم 21 ديسمبر 2009 خبر اختفاء المناضل الحقوقي لسعد الجوهري، أخِ الشهيد – نحسبه ولا نزكّيه على الله سحنون الجوهري، الذي كان قد تُوفّي داخل السجن في العاصمة التونسية سنة 1995 في ظروف ما زالت غامضة إلى حدّ الآن -، خوفا على نفسه من القتل؛ خاصّة والرّجل قد تلقّى تهديدات خلال الأيّام الماضية وفي مناسبات متكرّرة... والحقيقة أنّه لا بدّ للسعد – وهو يعيش بين أناس فقدوا الخوف من الله سبحانه وتعالى - أن يخاف... فقد همّوا بدحرجة زملائهم وأكلة موائدهم هناك بمطماطة في الدهاليز الغارقة العميقة... بل لقد قتلوا الكثير منهم وهم يناضلون... وقتلوا الكثير منهم وهم يتنافسون في "الوطنيّة" ويفدون الوطن بالرّوح وبالدم، كما بيّنت جلسات الذاكرة الوطنيّة في مؤسّسة الدكتور عبدالجليل التميمي... وهتكوا أعراض التونسيات - وهم يزايدون بحريّة المرأة واحترام حقوقها ومساواتها بالرّجل – فقذفوهنّ (وفي القذف حدّ من حدود الله) لمّا سلّطوا عليهنّ كلابهم وسفهاءهم يعملون فيهنّ أقلامهم المسمومة وألسنتهم الحداد، كما فعل هذا الوضيع الجريدي الذي تصلنا الأخبار عن سقطاته وسفالاته مع الأستاذة المناضلة الحقوقية سهام بن سدرين وعائلتها، وقبلها وبعدها خلق كثير قد لا يؤبه لهم من المتحجّبات وغير المتحجّبات... من حقّ لسعد أن يخاف على نفسه ويخشى على سلامته وهو يرى زميله الحقوقي علي السعيدي يقتل ذات يوم من شهر ديسمبر 2001 (12 ديسمبر) بدم بارد من طرف دمويين ساديين، وهو الذي كان قد نجا منهم بداية تلك السنة لمّا افتغلوا له حادث سيّارة قاتل...
أقول: إذا داس حاكم البلاد على القانون وعلى القضاء فلا بد أن يتدارك الأهالي أمورهم بأنفسهم من أجل فعل شيء يؤمّنهم ضدّه وضدّ تجاوزاته وضدّ مظالمه وانحرافاته، وليأمنوا كذلك غضب الله فإنّه تعالى لا يحبّ الظلم ولا يحبّ الرّضاء به او التسليم بالاستضعاف... وأعيد هنا كلاما قلته أكثر من مرّة: لن يقلع الفاسد عن فساده ولا الظالم عن ظلمه - خاصّة إذا مات في داخله ما يساعده على الأوبة - إلاّ إذا وُجد في المجتمع مَن وما يُشعره بسوء تصرّفه... تصوّروا مثلا لو أنّ الذي فكّر في قذف سهام بن سدرين علم أنّ ذلك سيكلّفه بعض المتاعب أكان يقدم على قذفها؟!... لو أنّ الذي فكّر في الاعتداء بالعنف الشديد على لسعد الجوهري أو غيره من المواطنين علم أنّ مجموعة ستعنّفه بالقدر الذي سوف يعنّف به ضحيّته أكان يقدم أيٌّ كان على تعنيف أيٍّ كان... لو علم رأس النّظام الحاكم أنّ استرساله في سجن الأحرار بدون بيّنة ولا حجّة مقنعة - كما الحال مع الدكتور الصادق شورو مثلا – سوف يكلّفه تراجعا في شعبيته وحرصا شعبيا على عدم تولّيه الحكم ثانية أكان يمتهن الظلم أو يسخّر القضاء لإشباع ساديته؟!... أقول لن تحلّ مشاكلنا بالعريضة ولا بالبيان ولكنّها تحلّ باستعمال الوسيلة النّاجعة للترويض، ترويض من تخلّوا عن مهمّة العقل!... ولست أراني قد دعوت بهذا إلى عصيان مدني – كما قد ينتبه "وطنيّ" إلى ذلك فيطالب بمحاكمتي كما فعل من قبل - ولكنّي قد دعوت إلى تصرّف هدفه تمدين من حاد عن المدنية... وبدون ذلك سنظلّ نعايش الخوف ونوفّر الأرضية الصالحة لانتعاش الظالم والفاسد حتّى يعمّ الخبث!...
عبدالحميد العدّاسي، الدّانمارك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.