تونس رشيد خشانة :تعكف الرباطوبروكسيل على الإعداد لقمة مغربية - أوروبية في النصف الأول من العام الجديد، أي قبل نهاية رئاسة اسبانيا للإتحاد الأوروبي في أواخر حزيران (يونيو) المقبل. وعلى رغم حصول المغرب على "المنزلة المتقدمة" التي يتطلع إليها كثير من البلدان المشابهة في المنطقة المتوسطية، ما زالت المفوضية الأوروبية تطالبه بإصلاحات جوهرية في أكثر من قطاع للمضي في تطوير التعاون معه والإستمرار في ضخ المساعدات. وحضت المفوضية اخيراً الرباط في وثيقة داخلية على إدخال إصلاحات جوهرية في مجالي القضاء وحرية الصحافة "لتقريب المسافة مع الإتحاد". وأقرت الوثيقة التي حصلت على نسخة منها بأن المغرب "حقق بعض التقدم في مجالات محدودة"، غير أنها شددت على أن الإتحاد "يولي أهمية حاسمة لإرساء نظام قضائي مستقل وشفاف وكذلك لتعزيز حرية التعبير وحماية مصادر الأخبار". وأشارت الوثيقة على الرباط في شكل أوضح بأن تسن قانونا جديدا للصحافة "يكون منسجما مع المعايير الدولية في هذا المجال وتغيب منه تماما العقوبات الجسدية (العقوبات السالبة للحرية) في حق الصحافيين". وأفاد مصدر في المفوضية الأوروبية أن اتصالات ستجري في هذا الإطار من أجل التحضير للقمة الأوروبية المغربية، مؤكدا أن اجتماع مجلس الشراكة في الثامن من الشهر الجاري في بروكسيل، والذي ضم وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري ونظراءه الأوروبيين، تطرق بالتفصيل إلى هاتين النقطتين. واعتبر السفير الأوروبي في الرباط ينِكو لاندابورو أن المكانة التي حصل عليها المغرب ستؤدي إلى إدماجه أكثر فأكثر في السوق الأوروبية ومنحه جميع الإمتيازات باستثناء أفق العضوية. وكثيرا ما يُكرر المسؤولون الأوروبيون هذا التعبير القائل بأن "المنزلة المتقدمة هي كل الإمتيازات التي يحصل عليها الأعضاء عدا العضوية". ويمول الاتحاد الكثير من مشاريع الإصلاح والتنمية الاجتماعية في المغرب، وتقدر المعونات التي قررها لفائدة الرباط ب654 مليون يورو بين 2007 و2010 منها 228.7 مليون في 2008، في نطاق تنفيذ خطة عمل "سياسة الجوار الأوروبية". غير أن الأوروبيين يتطرقون في شكل غير رسمي إلى نقاط سوداء أخرى من بينها نسبة الأمية المرتفعة في البلد والتي تُقدر ب38 في المئة من السكان غالبيتهم من النساء. وتذكر بيانات المفوضية الأوروبية أن ما لا يقل عن 2.5 مليون طفل غالبيتهم من الفتيات لا يتمتعون بفرص التعليم. ويقدم الاتحاد الأوروبي مساعدات لدعم قطاع التعليم الأساسي، كما يدعم المغرب في مجالات الاصلاح الضريبي وإرساء أنظمة الائتمانات الصحية، ومنها توفير الخدمات الصحية الأساسية للفئات الفقيرة. ورأت الصحافية الفرنسية ميراي دوتاي أن خلف قرار منح المغرب "المنزلة المتقدمة" دفعا فرنسيا، مؤكدة ل أن الرئاسة الفرنسية للإتحاد الأوروبي في النصف الثاني من 2008 جعلت من إيصال المغرب إلى تلك المنزلة إحدى أولوياتها. وعزت الخطوة أيضا إلى "معرفة الرباط الجيدة بآليات عمل المفوضية الأوروبية واستجابتها للمعايير المطروحة وهي تتركز على أربعة محاور هي الإقتصاد وتتمثل في إصلاحات جبائية وجمركية، والسياسة وهي أساسا إصلاحات في مجال حقوق الإنسان، والمجتمع وتخص تحسين حقوق المرأة والهجرة". ولوحظ أن اتفاق الشراكة الذي كانت سورية على أبواب التوقيع عليه مع الإتحاد الأوروبي في الصيف الماضي خلا من الصيغ التي تضمنها اتفاقا الشراكة مع تونس والمغرب بسبب رفض السلطات السورية تضمينه شروطا سياسية، اتعاظا بتجربتي البلدين المغاربيين.