باريس- هادي يحمد:بعد أقل من عام على الجدل الذي أثاره افتتاح ثانوية "الكندي" الخاصة في وسط فرنسا، ينتظر خلال الأيام القليلة المقبلة افتتاح ثانوية إسلامية جديدة في ضواحي العاصمة باريس. وإن كان خبر قرب افتتاح تلك الثانوية لم يثر حتى الآن ضجة في الأوساط الفرنسية، فإن مسئولي الأقلية المسلمة اعتبروا أن "الضجة التي أثيرت حول افتتاح ثانوية الكندي ساهمت في تقبل الفرنسيين لهذا النوع من المدارس الخاصة". فبعد ثانوية "ابن رشد" بشمال فرنسا، وثانوية "الكندي" بمدينة "ليون" وسط فرنسا، وثانوية "النجاح" بضواحي العاصمة، تفتتح خلال الأيام الأولى لشهر مارس الجاري ثانوية "اداكسيون اي زافوار" (التربية والمعرفة) في مدينة "فيتري" جنوب باريس، لتكون أحدث مولود تربوي جديد لمسلمي فرنسا. ومن المفارقات أن افتتاح تلك المدرسة يتوافق مع نفس الفترة التي شهدت افتتاح ثانوية "الكندي"، أي أن شهر مارس أصبح يمثل بداية السنة الدراسية للأقلية المسلمة. وينتظر أن تفتتح ثانوية "التربية والمعرفة" يوم 10 - 3-2008، أي بتأخر حوالي ستة أشهر عن بداية السنة الدراسية بفرنسا. لا مشاكل في التراخيص ذلك التأخير يرجعه رئيس الجمعية التي تدير تلك الثانوية محمود عوض إلى أن "الجمعية لم تحصل على التراخيص اللازمة إلا مؤخرا". لكنه يضيف في تصريح ل"إسلام أون لاين.نت" أنه "نظرا للمشاكل التي واجهت الحصول على تراخيص افتتاح ثانوية الكندي فإننا لم نواجه أي عراقيل". ويلفت عوض إلى أن "مدرسة التربية والمعرفة ستبدأ هذه السنة بفصل يضم عشرة طلاب، أما في السنة الدراسية المقبلة فستضم أربعين طالبا". وجرى افتتاح ثانوية الكندي يوم 5-3-2007، وشهد افتتاحها تغطية إعلامية فرنسية واسعة بسبب الضجة التي أثيرت حولها، وخاصة مسألة عرقلة حصولها على التراخيص، وبدأت تلك الثانوية سنتها الدراسية الأولى ب16 طالبا بالرغم من أن 450 طالبا سجلوا فيها، لكن حالت ظروف البداية دون قبولهم جميعا. وعن ذلك يقول التهامي إبريز رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا ل"إسلام أون لاين.نت": "مشكلة ثانوية الكندي سهلت مضي الأقلية المسلمة لكسر حاجز الخوف بالنسبة لافتتاح ثانويات جديدة، وجعلت الرأي العام والمؤسسات الفرنسية تتقبل فكرة إنشاء ثانويات فرنسية إسلامية كغيرها من الثانويات الخاصة التابعة للأديان الأخرى سواء أكانت يهودية أو كاثوليكية". ويعد الإسلام هو الديانة الثانية في فرنسا التي توجد بها أكبر أقلية مسلمة مقارنة بغيرها من الدول الأوروبية. وحول البرامج الدراسية بالثانوية الجديدة، يقول محمود عوض: "المؤسسة ستبدأ هذه السنة بقسم إعدادي، ثم سيضاف إليه أقسام ثانوية أوائل السنة الدراسية المقبلة أي في 2008"، مضيفا أن المدرسة "تلتزم بكل البرامج التربوية الرسمية الفرنسية مع إضافة مادتي اللغة العربية والتربية الإسلامية". مشكلة التمويل وتبقى المشكلة الأساسية بالنسبة للثانوية الجديدة كغيرها من المدارس والثانويات الإسلامية التي افتتحت من قبل، هو أن تمويل الدولة ممثلة بوزارة التعليم لا يأتي إلا بعد خمس سنوات من بدء العمل. وعن تلك المشكلة يقول عوض: "إن المدرسة تحتاج السنة المقبلة إلى نحو 250 ألف يورو لتغطي مصاريفها، بدأنا هذه السنة ب100 ألف يورو لأنه ليس لدينا إلا فصل واحد". وحول مصدر هذا الدعم يوضح: "نعتمد كغيرنا على دعم وتبرعات الأقلية المسلمة؛ لأن المشروع يهمها بالأساس، وبالرغم من أن مساهمة الطلاب لا تغطي إلا 15% من النفقات الإجمالية، فإننا حددنا مبلغ 1500 يورو كمصاريف الطالب في السنة الدراسية". وبلغت مشكلة التمويل بالنسبة للمدارس والثانويات الإسلامية بفرنسا أوجها السنة الماضية بالنداء الذي توجهت به تلميذات وتلاميذ ثانوية "النجاح" في شمال باريس لإنقاذ سنتهم الدراسية بعد أن عجزت المؤسسة حينها عن تغطية المصاريف الدراسية. ومن المنتظر بحسب القانون التربوي الفرنسي أن تصبح ثانوية "ابن رشد" أول ثانوية إسلامية تتلقى التمويل العمومي، وذلك في بداية السنة الدراسية المقبلة 2008 بعد أن أمضت خمس سنوات من العمل.