باريس:في غمرة الجدل حول الهوية الوطنية الذي تعيشه فرنسا تبرز النائبتين في مجلس الشيوخ الفرنسي: "حليمة بومدين" و"بريزة الخياري" كوجهي الاندماج الأكثر نجاحا بفرنسا، دون الانسلاخ عن أصولهما، بحيث تتوافق هويتهما الفرنسية مع هويتهما العربية الإسلامية.ف"بريزة" (64 عاما) لا تتردد في تعريف نفسها ك"مسلمة تنتمي إلى إسلام لا يعرفه الكثير من الفرنسيين"، أما " حليمة بومدين" فتخوض كفاحا في الأوساط السياسية الفرنسية لا يعرف الكلل دفاعا عن حقوق الشعب الفلسطيني. وفي مقال لها بعدد هذا الأسبوع من مجلة "لانوفيل أوبسرفاتير" الفرنسية تقول بريزة إنها "سنية مالكية، تنتمي إلى عائلة صوفية، وإلى إسلام يعطي أهمية كبيرة للعائلة وللقيم الجوهرية، وإلى دين يمنح مكانة مهمة للحب والتضامن والثقافة، وهو إسلام متسامح ومنفتح لا يعرفه الكثير من الفرنسيين". وحول الهوية الوطنية تؤكد النائبة في مجلس الشيوخ الفرنسي: "لا أرى تعارضا بين هويتي الفرنسية وهويتي كامرأة من أصول عربية وإسلامية"، مضيفة: "أتابع النقاش الجاري حول الإسلام بفرنسا، وأشعر بألم تجاه هذه الصورة التي يقدم بها هذا الدين الذي يملك أبعادا روحية عميقة، ويمثل جزءا من مكونات الهوية الفرنسية لوجود نحو ستة ملايين مسلم بفرنسا". وتضيف: "أعبر اليوم عن رأيي لأني أشعر أن جزءا كبيرا من المسلمين يتعرضون للإهانة لسبب واحد هو انتماؤهم للإسلام"، مشددة: "أنا لا يمكنني أن أتنكر لهويتي كمسلمة؛ لأن خلاف ذلك يعني التنكر لكل أجدادي". وفي هذا السياق نفى وزير الهجرة والهوية الوطنية الفرنسي "إريك بيسون" أن يكون النقاش حول الهوية الوطنية الفرنسية أمرا يتعلق بالإسلام أو بقضية الهجرة، وقال "بيسون" في تقديمه لخلاصة أولى للنقاش الوطني حول الهوية الفرنسية الإثنين 4-1-2010 "إن النقاش الوطني حول الهوية الوطنية ليس نقاشا عنصريا، ولا يستهدف الإسلام والمهاجرين". وهاجرت " بريزة الخياري" إلى فرنسا من الجزائر، وهي طفلة بنت 4 سنوات برفقة والديها لتدرس بمدارس فرنسا وجامعاتها وتحصل على الإجازة في العلوم الإدارية بجامعة السربون بباريس، وتنخرط فيما بعد في العمل الجمعياتي عن طريق تكوين "نادي الواحد والعشرين" الذي شاركت فيه مع بعض الكوادر من الجيل الثاني الفرنسي من أصول مهاجرة قبل أن تنخرط في صلب العمل السياسي في الحزب الاشتراكي الفرنسي. وتوجت "الخياري" نضالها الجمعياتي والسياسي سنة 2004 بوصولها كأول مسلمة إلى مجلس الشيوخ الفرنسي إلى جانب "حليمة بومدين" التي ترشحت في ذات السنة ممثلة عن حزب الخضر، والتي تنحدر أيضا من أصول جزائرية، والتي تعرف بدفاعها المستميت عن القضية الفلسطينية في فرنسا. "بومدين" مناصرة فلسطين وتجاور في مجلس الشيوخ الفرنسي "بريزة الخياري" "حليمة بومدين" (54 سنة) والتي تعود جذورها إلى أصول مغربية، وقد ولدت في ضاحية مونتراي بالعاصمة الفرنسية باريس، وتمكنت من الحصول على شهادة عليا في القانون الدولي قبل أن تنخرط في العمل الجمعياتي والسياسي. وساعد انخراطها في "جبهة اليسار" في الانتخابات البلدية سنة 1995 في دخولها لأول مرة إلى مجلس بلدية مدينتها مونتراي قبل أن تترشح في انتخابات البرلمان الأوروبي سنة 2004 وتفوز بمقعد فيه، وهو العام ذاته الذي انتخبت فيه في مجلس الشيوخ الفرنسي. وعرفت "حليمة بومدين" بدفاعها المستميت عن حقوق الشعب الفلسطيني، وتجلى ذلك في عضويتها بالحملة الدولية لفك الحصار عن قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 3 سنوات، كما شاركت في التظاهرات التي نظمها متضامنون دوليون بالعاصمة المصرية القاهرة رغبة في العبور إلى قطاع غزة. وبقيت حليمة بومدين طوال مسيرتها السياسية وفية لذاكرتها الشخصية، ولماضي أجدادها؛ حيث تقول: "عندما وصلت إلى مجلس الشيوخ، خاصة هنا في قاعة انعقاد الجلسات، كانت هذه لحظة مؤثرة جدا؛ حيث تذكرت أبي، وتذكرت أنه لما وصل سنة 1938 لم يكن يتكلم الفرنسية، فقد كان أميا، وضحى من أجل فرنسا، وباعتباري ابنته فقد كان اليوم مؤثرا جدا بالنسبة لي". وفي قضية الهوية الفرنسية والانتماء فإن حليمة بومدين لا تعتبر نفسها معنية بالجدل الدائر حاليا في فرنسا، وهي بذلك تنخرط في موقف اليسار الفرنسي بشكل عام، والذي لا يعتبر فقط أن الجدل هدفه مزيد من التضييق على الأجانب والمسلمين، بل إنه يطالب بشكل عام بحل وزارة الهجرة والهوية الوطنية ذاتها منظمة هذا النقاش. هادي يحمد مراسل شبكة إسلام أون لاين. نت في فرنسا.