استراتجية التفكيك.. الوجه الآخر للشرق الأوسط الجديد:باتت حملة التنصير التى تستهدف العديد من الأقطار العربية، والجزائر على وجه التحديد، تكشف عن نواياها يوما بعد يوم، مجسدة أحقادا قديمة توظف لتنفيذ استراتيجيات خطيرة، ترمى الى تفكيك ما يمكن تفكيكه، وتجزئة ما يمكن تجزئته، فى اطار خريطة جيواسترتجية فى المنطقة، تكون اسرائيل عنوانها الأكبر. واذا كانت دول الطوق والمشرق العربى عموما، الهدف الأول لسلاح التفكيك، فان منطقة المغرب هى الأخرى على مرمى من المشروع، باعتبارها القاعدة الخلفية لكل مشروع قومى عربى أو اسلامي، لاسيما فى ظل موقعها الاستراتيجى فى القارة الافريقية. ولأن المنطقة تبقى بعيدة جغرافيا عن بؤرة التوتر فى الشرق الأوسط، فان الوسائل تتغير بتغير الذرائع والظروف المحيطة، ولذلك تم التوجه الى حملات التنصير، من أجل التوصل الى صناعة اقليات دينية، تبدأ باثارة مسلسلات الحقوق والحماية، الى غاية " تعليب " ذرائع التدخل. وفى هذا السياق أخذت حملات التنصير التى تستهدف الجزائر، جدلا داخليا وخارجيا، لا سيما بعد أن أخذ صبغة شبه رسمية، حيث بادرت بعض الفعاليات المدنية والسياسية، الى وضع ملف كامل أمام الرئيس بوتفليقة، بغية التدخل لتحصين البلاد من تلك الحملات المنظمة، لا سيما فى ظل استغلال تلك الجهات، للظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، التى تمرّ بها بعض المناطق فى الجزائر. وكذا بعد اقدام السلطات الجزائرية على ترحيل القس هيوغ جونسون، على خلفية ادارية ما دفع ناشطين مسيحيين الى الترويج، لما أسمته بالتضييق الذى تتعرض له الحريات الدينية. وكان الملف محل تشاور بين السلطات الجزائرية ونظيرتها الأمريكية، بمناسبة زيارة ديفيد وولش مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا، الى الجزائر خلال الأسبوع الماضي. وهو ما دفع وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله، الى التأكيد بأن نشاط التبشير الجارى فى الجزائر حاليا، لا علاقة له بقرار طرد رئيس الكنيسة البروتستانتية السابق، القس هيوغ جونسون، الذى طلبت منه وزارة الداخلية الرحيل بعد انتهاء مدة اقامته فى الجزائر. وشدد غلام الله على أن الإجراء إدارى لا علاقة له بنشاط التبشير، الذى تقوم به الكنيسة البروتستانتية فى بعض الولايات، زيادة على كون جونسون متقاعد منذ سنوات، ولم يعد له نشاط رسمى فى الكنيسة البروتستانتية. وقالت مصادر مطلعة ل"العرب أونلاين" إن ديفيد وولش، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية المكلف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، استمع إلى المسؤولين الجزائريين الذين أكدوا أن الأمر لا يتجاوز كون الجزائر بصدد فرض احترام قوانينها، فى اشارة لقانون ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين الذى صدر في2006. من جهة أخرى، دخل دعاة التشيع على الخط فى الجزائر، من خلال نصب بعض الخلايا الناشطة فى السر، وعلى الشبكة العنكبوتية، من أجل النيل من تدين الجزائريين الغالب عليهم انتماؤهم السنى المالكي، على غرار دول المنطقة المغاربية منذ قرون غابرة. حيث تشير بعض المصادر، الى أن موقع شبكة شيعة الجزائر خاض خلال الأيام القليلة الماضية، فى ملف تعديل الدستور وترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة ثالثة، وانتقد من يروجون للتعديل والعهدة الثالثة ووصفهم بأنهم مناصرون لبوتفليقة، الذى نعته الموقع بالاخواني، فى إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين. كما تهجم الموقع على شخص الرئيس وقذفه بجملة من الأكاذيب والبهتان بالقول انه قمع التظاهرات الشبانية، مستغلا منطقة القبائل فى ادعاءاته المغرضة، حيث ذكّر أصحاب موقع شبكة شيعة الجزائر، بأحداث منطقة القبائل سنة 2001. وبدا لافتا أنهم يعملون على إيقاد نار الفتنة فى منطقة القبائل، وذلك من خلال تخصيص مقالات باللغة الأمازيغية من أجل التأثير فى أبناء منطقة القبائل ونشر عقيدة التشيع بين أوساطهم. كما انتقد الموقع الأحزاب الإسلامية فى الجزائر، مركزين بشكل خاص على حركة مجتمع السلم والنهضة والإصلاح. وذكر بأنها تساعد بوتفليقة فى برامجه المصادرة للحريات، من خلال السكوت الحالى عن إبداء معارضة لتعديل الدستور والترشح لعهدة ثالثة، ومباركة المبادرة، حين يكشف الرئيس تفاصيلها فى الأسابيع القليلة القادمة. واعتبر سكوت " حمس " مؤامرة تدار ضد الشعب الجزائري. ويظهر من نشاط التنصير والتشييع، تركيزه على منطقة القبائل، انطلاقا من حساسيتها السياسية والثقافية، لاستعمالها كمقدمة لبلوغ اهداف استراتجية، كما فعل الاستعمار الفرنسى لما حاول اقامة نعرات داخلية، صمدت المنطقة فى وجهها، واكدت على تدينها الاسلامى وانتمائها الوطني. وتبقى الكتاتيب القرآنية، والمدارس الدينية المنتشرة بقوة، دليلا على البعد الروحى والحضارى للمنطقة، وتدحض حجج الحملات المبرمجة والمدعومة، لهز استقرار ووحدة البلاد عبر بوابة الدين. وتذكر مصادر مطلعة أن جهات أجنبية ومصالح استخباراتية، تدير الحملة من وراء البحار، باستغلال ظروف بعض الشبان الاجتماعية، واغرائهم ببعض الدولارات، أملا فى التوصل الى اقامة أقليات دينية، يتوجب التعامل معها وفق المشروع التفكيكي. ذلك رغم أن الأرقام الرسمية وغير الرسمية، تؤكد على أن 99 بالمئة من الجزائريين مسلمون سنيون، عكس ما ورد فى بعض التقارير المغلوطة، التى تتحدث عن نصف مليون مسيحى فى الجزائر، وعشرات الآلاف من الشيعة.