نواكشوط: توقع تقرير تحليلي صادر في اسبانيا أن تُضعف الأعمال الإرهابية التي حصلت في موريتانيا حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز. وتوقع التقرير، الذي نشره معهد رييل أنستيتو ألكانو للأبحاث الاستراتيجية الدولية في إسبانيا وتم تداوله في نواكشوط أمس الاحد، أن يشكل الإرهاب 'خطرا لا يمكن التكهن بنتائجه على النظام الحاكم برئاسة محمد ولد عبد العزيز'.وتساءل التقرير الذي جاء تحت عنوان 'موريتانيا: الإرهاب الإسلامي ونتائجه': 'هل نحن أمام بداية نهاية حكم (محمد) ولد عبد العزيز؟'. وقال 'ستتضح الإجابة مع مرور الوقت. الأمر الواضح للعيان هو أن لدى ولد عبد العزيز من الأعداء ما يكفي، لا في الجيش فحسب، بل في أوساط المال والأعمال حيث يعاني بعض أكثر رجال الأعمال نفوذا، وبشكل مباشر، من نتائج سياسة الحكومة ضد الرشوة والاختلاس'. ورصد التقرير ما أسماه 'تغييرا في استراتيجية تنظيم القاعدة بشأن نشاطاتها في موريتانيا'. وأكد معد التقرير، الباحث المتخصص في قضايا الدفاع والأمن، خابيير انييباس، أن 'المجموعات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة أو المتأثرة بها قد تخلت بشكل تام عن استخدام التراب الموريتاني الشاسع باعتباره مجرد ملجأ أو منطلق لهجمات عابرة في مناطق موريتانيا الداخلية، لكي تحوله إلى ساحة حرب مفتوحة'. وحسب التقرير، فقد 'تحولت موريتانيا من قاعدة خلفية يجري فيها اكتتاب المجاهدين وتدريبهم، إلى أحد أهم الأهداف المقصودة لذاتها'. وتوقع الباحث أن لا تحصل في موريتانيا هجمات متقطعة، 'بل عمليات تندرج في إطار الإرهاب الجهادي الدولي'. وأورد التقرير عوامل قال انها أدت لصعود حالة المد المتشدد في موريتانيا، بينها 'وصول العسكري ولد عبد العزيز إلى الحكم تحت ذريعة تراخي سلفه، سيدي ولد الشيخ عبد الله، في مواجهة 'الإرهاب' (من بين تبريرات أخرى) واعتبار القاعدة أن الجنرال عزيز عميل للقوى الغربية'. كما ساهمت الأسباب الاجتماعية 'المتسمة بفشل السياسات الحكومية في إدماج النازحين من الأرياف والمدن الداخلية نحو العاصمة نواكشوط وفشل سياسات التعليم وانتشار البطالة في نمو الظاهرة'، حسب التقرير. وتضاف إلى ذلك، حسب التقرير، طبيعة تصور الموريتانيين للإرهاب، إذ ينظر الكثيرون في موريتانيا إلى قيادات تنظيم القاعدة، مثل اسامة بن لادن وأيمن الظواهري وابو مصعب الزرقاوي، ك'أبطال' ويرون في الحرب عليهم 'حربا على الإسلام'. وتحدث التقرير عن عوامل شجعت القاعدة على استغلال الجزء الواقع من التراب الموريتاني على المربع الحدودي بينها وبين مالي والجزائر والصحراء الغربية، بينها شساعة مساحة موريتانيا وقلة عدد سكانها (ضعفا مساحة فرنسا مع ساكنة لا تتعدى 3 ملايين نسمة) وبقاء ثلثي مساحة البلد غير مأهولة مع وجود مناطق جبلية وعرة بالتوازي مع ضعف تجهيزات الجيش. وشدد التقرير على أن الحكومة الموريتانية باتت في 'موقف ضعف شديد' حيث جرى اختطاف الرعايا الإسبانيين الثلاثة 'عن قصد' يوما واحدا بعد تخليد اليوم الوطني ال49 لموريتانيا في 28 تشرين الثاني/نوفمبر، وهو أمر يحمل دلالة رمزية؛ إذ يسعى الإرهابيون إلى 'إهانة حكومة عاجزة عن حماية ضيوفها الأجانب في وقت تحتفل فيه بذكرى حصولها على الاستقلال'. وأشار التقرير إلى حملة الإقالات والتعيينات في الجيش وجرى تفسيرها في بعض الصحف الموريتانية ب'حملة تنظيف' للجيش من العناصر البعثية، وهو ما سيعزز انقسام الجيش ومن شأنه، بالتالي، أن يؤدي إلى 'نتائج لا يمكن توقعها'. وربط التقرير بين سلسة أحداث تضافرت لخلق الواقع الماثل اليوم، بينها توجه الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع، بعد عملية المغيطي (هجوم على حامية عسكرية أسفر عن قتلى وجرحى في 2005) نحو التصدي ل'القاعدة' في فيافي الصحراء المترامية دون أن يكون لدى الجيش الوسائل اللازمة وبين الإطاحة به. وأكد التقرير أن قرار ولد الطايع المذكور أفاض الكأس وسبب حنقا كبيرا في صفوف العسكريين ضده وجعل المتشككين منهم يقتنعون بضرورة إنهاء 21 عاما من حكمه. وأوصى التقرير بأن تضطلع إسبانيا ب'دور فاعل وسري، في نفس الوقت، في المنطقة' وأن تتبع سياسة يتم التركيز فيها على تشجيع التعاون مع موريتانيا في مجال محاربة الإرهاب وتقويتها كلما أمكن ذلك، محذرة من التهوين من قيمة الأبعاد متعددة الجوانب والمحلية في تحليل الظاهرة الإسلامية، إذ أن هناك تداخلات قوية بين كل تجليات الظاهرة في بلد ما وبين تجلياتها في سائر المنطقة. وتوقع التقرير أن يؤثر اختطاف الإسبانيين في العلاقات المستقبلية بين موريتانيا وإسبانيا وأن 'تستخلص منه عبر كثيرة' فيما يخص الإرهاب. ودعت إلى أن يستمر دعم حكومة نواكشوط 'طالما تمسكت بطموحها إلى تعزيز الديمقراطية'. وحذر التقرير من مغبة تجاهل إسبانيا أو الاتحاد الأوروبي للتعاون مع موريتانيا في مجالات التنمية ودعم العدالة والديمقراطية، وذلك 'كي لا تنتشر بسهولة الأيديولوجيا الشمولية للأصولية المتشددة في مجتمع أمي يعاني الفقر واللامساواة والظلم'. 'القدس العربي' عبد الله بن مولود