إن الأسباب التي جعلت النخب السياسية والإعلامية العربية تكره" حماس " هي بعينها التي جعلتنا نحبّ هذه الحركة ونلتفّ حولها ونلهج بذكرها ونرتقب النصر القادم على يديها بإذن الله. وعندما أقول "نحن" فإني أقصد الجماهير العربية والمسلمة في العالم كله التي تشبّعت بالإسلام وقيمه وأخلاقه وفقدت الثقة في المشروع القومي والتوجّه العلماني والأطروحات الاستسلامية التي تبنّاها الحكّام وتروّج لها حواشيهم،ووجدت ضالّتها في حركة المقاومة الإسلامية...وجدت فيها البديل عن التطبيع والاستسلام وتضييع الحقوق والمقدّسات، وخبرت قادتها فألفتهم رجالا متواضعين متمّسكين بدينهم قريبين من عامة شعبهم ، يحسّ الإنسان بصدقهم إذا تكلموا ، ويحالفهم التوفيق إذا عملوا...هل رأيتم زعيما التفّت حوله الأمة كلها- لا الفلسطينيون وحدهم - منذ هزيمة 1967 النكراء على الأقل مثل الشيخ أحمد ياسين؟أحبّه العرب والعجم وهو حي يربّي ويجاهد ويدفع ضريبة السجن ، وزاد حبّهم له بعد استشهاده فأطلقوا اسمه على مواليدهم الجدد في أنحاء الدنيا وعلّقوا صوره في البيوت والدكاكين،وبما أنه هو مؤسّس "حماس" الصامدة المجاهدة أحبّوها وتعلّقوا بها ولو كلّفهم الإعلان عن حبّها العنت في أكثر من مكان في العالم العربي. إننا نحبّ حماس لمرجعيتها الإسلامية الواضحة في زمن أصبح فيه الانتماء للإسلام تهمة، فما أحلى أن نرى الحركة ترفع شعار "الله أكبر ولله الحمد" ويتنادى أبناؤها بشعار "الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أغلى أمانينا" ،وليست المرجعية مجرّد شعارات إنما هي الممارسة في المجالات كلّها ما وجدت إلى ذلك سبيلا. نحبّ "حماس" لأننا نحسّ بصدقها في تبنّي قضية تحرير القدس الشريف وفلسطين مهما كانت التضحيات ومهما كان التكتيك الذي تقتضيه التوازنات السياسية الإقليمية والعالمية. إن "حماس " ترفع راية الجهاد الذي يعتبره أعداء الإسلام إرهابا فزاد ذلك من رصيدها عند المسلمين الذين يرون فيه استمرارا لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم وعلامة على بقاء الأمة وسلاحا وحيدا من أجل إحقاق الحق وتحرير الأرض،وإذا كانت كل الفصائل الفلسطينية تتمسّح بالقدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك فإن سلوكها كثيرا ما يشكّك في صدقها لتبقى حماس- مع آخرين قلائل- صاحبة اليد البيضاء والوعد الصادق تعقد الأمة آمالها عليها لتحريرهما وإعادة سيرة صلاح الدين في الأرض المباركة. هكذا نحبّ" حماس " الرافضة لأوسلو وأنابوليس وشرم الشيخ مهما كلّفها ذلك من التضييق والاغتيالات والمؤامرات لأنها الحصن الوحيد المتبقّي تتشبّث به الأمة حتى يأتي وعد الله. ونحبّ " حماس" التي أحسنت تسيير شؤون الشعب في زمن الحصار والخيانة والحرب ، فقد نعم الناس بالأمن بعد العربدة والإنفلات وقدّمت الخدمات لكل المواطنين دون تحيّز في مجالات التعليم والصحة وغيرها رغم الإكراهات الكثيرة والإتهامات المتواصلة، فأثبتت أنها أهل لتولّي السلطة ونيل الثقة ،فقد جمعت بين الكفاءة والأخلاق : ''إن خير من استأجرت القوي الأمين''...''اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم'' نحبّ "حماس"....رمز الكرامة والعزة والصمود...قد لا يعرف المواطن العربي والمسلم اسم وزير خارجية بلاده ولا اسم رئيس البرلمان لكن الجميع يعرف اسماعيل هنية-فإذا انتابته وعكة وهو يخطب تداعى له المسلمون وبكوا ودعوا له- ومحمود الزهار وسعيد صيام رحمه الله وعزيز دويك ومشير المصري وسامي أبو زهري...أمّا خالد مشعل فحدّث ولا حرج،إنه الأسد الهصور والبطل الفذّ. نحبّ " حماس " وازداد حبّنا لهذا عندما خاضت معركة غزة وحدها أمام آلة التقتيل الصهيونية التي يشجّعها التواطؤ العربي الرسمي بما فيه سلطة رام الله، وهي صامدة ثابتة ترفض الإلتحاق بجحافل الإستسلام فأثبتت مصداقيتها أمام العالم وجلب لها موقفها مزيدا من التعاطف والتقدير ،وكما ظهرت أهليتها للمقاومة وصدّ العدوان فستكون أهلا للقيادة وتحقيق آمال الأمة في التحرير وحسن التسيير . نحبّ " حماس " ونعلم أنها حركة فيها بشر لا ملائكة، فلا غرو أن يخطئوا ويحيد بعضهم ونتحفّظ على اجتهادات وتصرّفات ، لكننا مطئننون لأنها تأخذ بالشورى فتسمع النقد وتصحّح المسار وتجدّد وتسدّد وتقارب. فاللهم انصرها واجعل أفئدة المؤمنين تهوي إليها وأمدّها بروح من عندك وثبّتها على طريق الجهاد والنصر وقلّل أخطاءها وكثّر أعمالها الموفّقة وعملياتها الناجحة. عبد العزيز كحيل