يعيب عني الكثير من الاصدقاء، كثرتهم، وكأنه كان لي الخيار، حينما تقذف بنفسك في صخب العوالم الافتراضيّة لا تسمع صوتا لارتداد الصدمة و سكونها في القاع، بل تضلّ تهوى الى ما شاء لك، هي هوّة بلا قعر اذا تأخذ لون مزاجك وتقتفي أثر أفكارك، هي احيانا باهتة، ساكنه، وأخرى مشرقة، صاخبة، وفي الكثير من الايام الارضية التقويم تكون بلا لون ولا رائحة ولا طعم كأيام تمرّ مبهمة بلا « لا شيء » قد ينبئك حدسك انك لو أرّخت هذه اللحظة اللتي لست فيها أحدا ذا قيمة، اذ انّك توقفّت عن ارتكاب الفعل، ستقفز من أرض الصمت الى أرض النبوءة فيراودك البوح عن نفسك وتستكين لمحاولاته المتكررة لاستنطاق جسدك، أحلامك، تاريخك، انسانيتك، وطنك، خيباتك كلّها وتمارس شيئا ما ميّزك منذ الأزل عن باقي المخلوقات… تتكلّم وتنطق… وتقول… ليس لانّك تدّعي بطولة وهميّة، بل لانّك مختنق بما لا تستطيع ان تبتلعه طواعية فكيف وان كان قسرا، أنت تتكلم لتحافظ على انسانيتك أو لتستطيع ان تقنع نفسك بانك ربما واقول ربما هنا عمدا لا تشبه القطيع الاعزل . في الرحلة الافتراضية تقابل أناسا كثر تصادق بعضهم وتصدّق بعضهم وتلغي بعضهم غير آسف على شيء وتتكبّد عناء خيبتك من بعضهم وحيدا لا شريك لك وتلعن بعضهم علنا وتؤمن بأحدهم ايمان العجائز كنور قذفه الله في صدر تقي، وتتغير، تثرى تجربتك وقناعاتك واهتماماتك ويصدح صوتك بما يعكّر صفو البهجة والفرح الدائم فتصبح عنصرا مشاغبا عن غير قصد أو وبحسب تونسيتنا الدارجة « منعوتا بالصبع » ويلوكون لحمك الحي بلا رحمة أو شفقة تحاول ان تدافع عن نفسك فتجدها انخرطت قسرا في صراع مبهم مع طواحين الهواء فتدير بظهرك لهم وتمضي لانك لا تريد ان تستنزف طاقتك في الردّ وحقّ الرّد بل تودّ لو انهم فقط اهتموا بما يؤرق نبض الأغلبية والاغلبية المسكينة مأخوذة بالاحتفالات والمهرجانات والبرقيات اللتي تكتب على عجل ومتشابهة جدّا لقصور في مخيّلة محررّها الوحيد وتلك مصيبة أخرى . تعرف افتراضيا من يؤرقك ، ويشبهك، ويشتبه بك، ويختلف كليا حتى مع رسم اسمك بالأبجدية ، تعرف من يراقبك ويترقب طلّتك ليحرّر تقريرا في الغرض، تعرف من يكرهك وينتظر رحيلك بكل حبّ، تعرف من يستلذّ كلمك ولا يكلّمك، تعرف من يقاسمك كلّ شيء حتى صمتك وعزلتك، تعرف المتربصين بزلاتك، العفوية ربما، تعرف المتلهفين لقراءة خربشاتك، تعرف المتلصصين على صورك وكيف تحب ان تشرب قهوتك ، تعرف من يحمي ظهرك في الغياب وتعرف من يطعنه لكل اصدقائي اللذين عرفتهم من خلال هذا العالم الافتراضي شكرا لكل ما فعلتموه لاجلي سأضل اكتب غاية النبض الاخير في دمي وان كانت تهمتي هي تكوين علاقة افتراضية مع صديق شبهة فلي كل الشرف بان يقترن اسمي بما يخطّ ~ طوبى لمن عاش الحياة بقربهم ~ صحبٌ كرامٌ لايملّون العطاء ارابيكا – الأحد 17 جانفي 2010