* عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين اعترض محمود عباس على تصريحات العلامة القرضاوي بخصوص موقفه من تقرير غولدستون، مدعيا أن العلامة القرضاوي طالب برجمه، بعدها أعلن القرضاوي في خطبة جمعة رفض مناقشة تقرير « عباس » فقال وبالنص: عندما سمعت أن غولدستون بشأن حرب غزة، وأنه كان له دور في تحريض إسرائيل لا « عباس » على العدوان على شعبه، قلت: إن صح هذا الكلام فإنه يستحق الإعدام فقط وإنما يجب رجمه، كما رجم العرب أبا رغال عندما دل أبرهة الحبشي على طريق مكة ليهدم الكعبة. لكن الجميع فوجئ بأن السلطة الفلسطينية أصدرت قرارا موجها إلى جميع خطباء الجمعة في الضفة الغربية للنيل من العلامة القرضاوي، وللأسف الشديد استجاب من خاف على لقمة العيش، وحدث أن تركت الجموعُ الصلاةَ خلف هذه النوعية من الأئمة التي رضيت أن تمد يدها لتأكل ولو من لحوم العلماء، ونسي هؤلاء أنهم وارثو النبي صلى الله عليه وسلم، ورحم الله من قال:ولو أن أهل العلم صانوه صانه م ولو عظموه في النفوس لعظما ولكن أهانوه فهان ودنسوا محياه بالأطماع حتى تجهما وكانت المصيبة أن يخرج الهباش (وزير أوقاف السلطة)، وفي حضور آل (عباس) ليقول في خطبته موجها خطابه إلى العلامة القرضاوي: (تتراجع خير لك ألف مرة من الإصرار على الباطل)، ول(عباس) والهباش -الذي بفعله هذا كان له من اسمه نصيب- أقول: إن القرضاوي رجل من الرجالات المعدودين الذين أعطوا القضية الفلسطينية الكثير من علمهم وعملهم، وأكد أن هذا العطاء لم يكن تفضلا، بل هو الواجب المفروض، وقد حمّله أداء هذا الواجب الكثير. القرضاوي وقضية فلسطين: قضية فلسطين تعد من القضايا الرئيسية في قضايا الأمة الإسلامية، وتأتي هذه القضية في مقدمة كل القضايا. وينبع هذا الاهتمام أو ذاك التقديم من مكانة فلسطين الدينية وما بها من المقدسات الإسلامية، ولهذا فإن من الضرورة الدينية والفريضة الشرعية أن تلفت الأنظار تجاه هذه القضية، وتثار حولها الهمم، وتحرك لها الجماهير، وتجمع حولها الأمة، وتوحد من أجلها الكلمة. وقد بدأ اهتمام الشيخ القرضاوي بقضية فلسطين منذ أكثر من وعرف « الإخوان المسلمون » نصف قرن، من يوم أن عرف جماعة من خلالها أن دولة الإسلام من المحيط إلى الخليج، ومن الرباط إلى جاكرتا. ولما شارك الأزهر بكتيبة من شباب الأزهر في معارك القتال، كان الطالب يوسف وقتها هو من ألقى كلمة المعسكر وشباب الأزهر في حفلة التوديع التي أقيمت في قاعة الإمام محمد عبده، وقد ارتجل الطالب فيها كلمة ختمها بقصيدة جاء فيها: دع المداد وسطر بالدم القاني وأسكت الفم واخطب بالفم الثاني فم المدافع في صدر العداة له من القصاصة ما يزري بسحبان يا أزهر اليوم قدها اليوم عاصفة فإنما أنت من نور ونيران هذا شبابك في الميدان منطلق فهل نرى في الشيوخ اليوم كاشاني والشيخ القرضاوي يعد بحق فارسا من فرسان هذه القضية، وداعيا من دعاتها، وعلما من أعلامها، بل لا أكون مبالغاً إذا قلت ومحرك شبابها، وهو ،« شيخ الانتفاضة » إن الشيخ القرضاوي هوعنصر فعال في هذه القضية التي ينبغي ألا تموت. فليس ذلك من باب « شيخ الانتفاضة » وحين نقول إن الشيخ هو التهويل، لكنه من باب إقرار الواقع، وليس الإسلاميون في داخل فلسطين أو في خارجها هم الذين يقرّون وحدهم هذا الأمر، بل هذا ما أكدته صحف إسرائيل وحاخامتها. وقد أذاع التلفزيون الإسرائيلي حلقة عن أكثر الشخصيات المؤثرة في الانتفاضة الفلسطينية، وكان من أبرز هذه الشخصيات الشيخ القرضاوي، بل هدد الموساد الإسرائيلي بتصفية الشيخ، وأخيراً أشاع الموساد أنهم يريدون اعتقال الشيخ حفظه الله. وقد ذكرت صحيفة الراية القطرية في عدد 31/10/2000 إن الحاخام الأكبر « يسرائيل لاو » شن هجوماً شديد اللهجة على الشيخ القرضاوي وعدد آخر من علماء المسلمين، وقال أظهر دوراً للقرضاوي « رصد تفوهات رجال الدين المسلمين » قسم وعدد آخر من العلماء المسلمين لم يسمهم في إشعال نار الكراهية على إسرائيل. وقال لاو: إنه بالاستناد إلى التقرير الذي تسلمه، فإن القرضاوي يقف على رأس أكثر رجال الدين المسلمين تحريضاً على إسرائيل. وأضاف لاو: إن الحديث يدور حول رجل دين يحظى باحترام كبير في العالمين الإسلامي والعربي، وهذا في حد ذاته يجعل لأقواله المتطرفة وزناً وتأثيراً كبيرين. « زامير » ومن ناحية أخرى، فإن ضابط الاستخبارات الإسرائيلية شدد على أن خطورة الدور الذي يقوم به الشيخ القرضاوي تتمحور في التأثير الكبير الذي يحظى به في أرجاء العالم الإسلامي، لاسيَّما في أوساط الشباب المسلم في أنحاء العالم. كما أشارإلى أن اللقاءات الأسبوعية التي تعرضها اثنتان من أوسع « زامير »الفضائيات العربية، بالإضافة إلى مواقع الإنترنت التي يجيب من خلالها على أسئلة المسلمين، يزيد من خطورة القرضاوي وتجعل له تأثيراً خارقاً للحدود. وقد ضغطت إسرائيل على الدول التي يظهر الشيخ على تلفزيوناتها وقنواتها الفضائية لتمنع الشيخ من الظهور، وقد رفضت هذه الدول هذا الطلب كما يقول الشيخ. إن هذا الاهتمام البالغ بشخصية الشيخ من بني صهيون إنما كان نابعاً من اهتمام الشيخ بالقضية في كتاباته ومحاضراته وخطبه ومقالاته وبرامجه وفتاواه. وقد حركت جراحات فلسطين مشاعر الشيخ مراراً وتكراراً، وأثارت القريض بخاطره، فبكى الشيخ فلسطين شعراً كما بكاها نثراً. وللشيخ قصائد رائعة في فلسطين، فهو القائل في قصيدته التي عنون لها ب (ثورة لاجئ): بني جرحك في قلبي يسيل دماً فارحم صباك فما أشجاك أشجاني جرح العروبة والإسلام في بلد الإسراء لم يختلف في شأنه اثنان فلا تظنك غصناً لا أصول له فقد شددت إلى أصل وأغصان لا تأس إن عشت بعد الأهل منفرداً فكلنا لك ذاك الوالد الحاني وكل أزواجنا أم بها شغف لتفتديك بروح قبل جثمان ودارنا لك دار لو رضيت بنا أهلا بأهل وإخواناً بإخوان يقول: « يا أمتي وجب الكفاح » وفي قصيدة يا أمتي وجب الكفاح فدعي التشدق والصياح ودعي التقاعس ليس ينصر من تقاعس واستراح ودعي الرياء فقد تكلمت المذابح والجراح أرأيت كيف يُكاد للإسلام في وضح الصباح؟ أرأيت أقصانا وما هدم العدو وما استباح؟ أرأيت أرض الأنبياء وما تعاني من جراح؟ أرأيت كيف بغى اليهود وكيف أحسنا الصياح؟ ولما أقدم الانهزاميون على ما عرف بالسلام مع بني صهيون، كتب القرضاوي قصيدته الرائعة (سراب السلام)، وفيها سخر من السلام الأعرج، فقال: سلام من بني صهيون عفواً يا بني جنسي أيرجى السلم من ذئب أيرجى الدر من تيس؟ لقاءات على دخن لشرب الشاي والبيبسي! فيا عجباً لمن يجري وراء سرابه النفسي إلى أن قال: فما معنى فلسطين بلا أقصى ولا قدس؟ فلسطين بلا قدس كجثمان بلا رأس وكُتُب الشيخ جُلُّها لا تكاد تخلو من الحديث من قريب أو بعيد، إما بالتصريح أو بالتلميح.. إما بالإشارة أو بالعبارة، وكذلك خطب الشيخ، فقد يخصص الشيخ خطبة كاملة عن فلسطين ورجالاتها وما يدور فيها من بطولات رائعة وتضحيات نادرة، وإلا كانت الخطبة الثانية للتذكير بشأن القضية الفلسطينية وحال المسجد الأقصى. وخطب الشيخ التي نشرت لا يكاد يخلو منها جزء من قضية فلسطين.. ومن أبرز كتب الشيخ عن فلسطين: 1 - القدس قضية كل مسلم. 2 - فتاوى معاصرة / ج 3 / وفيه اثنتا عشرة فتوى تتعلق بفلسطين أخذت قرابة ( 63 ) صفحة. ولعل من نافلة القول أن أذكّر بأن العلامة القرضاوي يترأس العديد من المؤسسات التي تخدم القضية الفلسطينية، وهذه الخدمة قد تكون خاصة بفلسطينوالقدس كما هي الحال في مؤسسة ائتلاف الخير، ومؤسسة القدس الدولية، والذي ترأس الشيخ مجلس الإدارة في كل منهما. أفبعد هذا كله يأتي من يؤلب الجموع من أهل فلسطين على الشيخ القرضاوي؟! وفي الختام، أقول للهباش، ومن خلفه ما قاله الأعشى:ُ كناطح يوماً صخرةً ليُوهنها فلم يُضِرْها وأوْهى قرنه الوعل وما قال الحسين بن حميد: يا ناطح الجبل العالي ليَكْلمه أشفِق على الرأس لا تُشفق على الجبل والله ما انتم إلا كقزم وقف يوما يطاول الجبل الاشم ...جذوره في الأرض ورأسه في السماء والله ما أنتم إلا كقزم وقف يوما يطاول الجبل الأشم.. جذوره في الأرض ورأسه في السماء.. أو كتلك الذبابة التي وقفت يوما على نخلة عالية، فلما أرادت الرحيل رفعت الذبابة صوتها قائلة: أيتها النخلة تماسكي فإني راحلة، فقالت لها: وهل شعرت بقدومك حتى أستعد لرحيلك. يا هباش: خف الله في عباس، ولا تخف عباس في الله. ياهباش: إن الله مانعك من عباس وسلطته، وإن عباس وسلطته لن يمنعوك من الله. إن لحوم العلماء » : يا هباش: أذكّرك بما قال الحافظ ابن عساكر مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب، بلاه الله قبل موته بموت القلب، لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براءٌ أمره عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتعه وخيم، والاختلاف على من اختاره الله منهم لنشر العلم خلق ذميم. وأما أنت أيها الشيخ المبارك: فامضِ في طريقك، والله معك.. امضِ؛ فقد قالوا قديما: القافلة تسير والكلاب تعوي.. نعم.. امضِ ولا تلتفت، فواجب الأمة عليك يتطلب منك ألا تلتفت إلى تلك الأصوات النشاز التي تريد أن تصدك عن هذا الواجب الذي فرض عليك. نعم؛ امضِ فهذا هو طريق الدعاة، وقد فعل بسيدك المصطفى صلى الله عليه وسلم أكثر من هذا، فاصبر واحتسب. نعم؛ امضِ، وأذكّرك بما قلتَه لشيخك حسن البنا في قصيدتك التي جعلت عنوانها (يا مرشداً قاد بالإسلام إخواناً): وانظر ليوسف إذ عاداه إخوته فجرّعوه من الإيذاء ألواناً ألقوه في الجب لم يرعوا طفولته باعوه كالشاة لم يرعوا له شانا وعاش يوسف دهراً يخدم امرأة عبداً وكان له في السجن ما كانا فإن يكن نسل يعقوب كذا فعلوا فلا تلم نسل فرعون وهامانا ودع أذاهم وقل: موتوا بغيظكم فالغرب مولاكم والله مولانا والحمد لله أولا وأخيرا. * عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أعاد تنسيق النص محررالفجرنيوز نقلا عن العرب القطرية 21/01/2010