7 مؤسسات ستنتفع بامتياز تكفل الدولة بفارق الفائدة على قروض الاستثمار..وهذه التفاصيل..    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    جندوبة: وزير السياحة يتابع استعدادات الجهة للموسم السياحي ومدى تقدّم عدد من المشاريع السياحية والحرفية    ميناء جرجيس… رصيد عقاري هام غير مستغل ومطالب باستقطاب استثمارات جديدة    أردوغان: متفائلون بأن النصر سيكون إلى جانب إيران    قبلي: حادث مرور يودي بحياة جزائري وإصابة مرافقه    عاجل/ الاحتلال يعلن اغتيال قائدين بارزين في الحرس الثوري الإيراني..    عاجل/ ترامب يمهل ايران أسبوع لتفادي الضربات الامريكية المحتملة..    جامعة تونس المنار تحرز تقدما ب40 مرتبة في تصنيف QS العالمي للجامعات لسنة 2026    عاجل/ الداخلية الليبية تؤكد تعرض عناصرها الأمنية لهجوم مسلح داخل طرابلس..    هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء النفسيين؟    توقيع اتفاقية قرض بقيمة 6,5 مليون أورو لإطلاق مشروع "تونس المهنية"    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    القصرين: بطاقات إيداع بالسجن في قضية غسيل أموال مرتبطة بالرهان الرياضي    وفاة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب في المغرب    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    رئيس المخابرات الأمريكية الأسبق: الولايات المتحدة ستغرق إذا ضربت إيران    اكتمال النصاب القانوني وانطلاق أشغال الجلسة العامة الإنتخابية    عاجل/ أول تعليق من المنصف المرزوقي على الحكم السجني الصادر ضده..    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    اليوم: عمليات جراحية مجانية لفائدة أكثر من 800 مريض تونسي    مدنين: اختصاصات جديدة في مهن سياحية وانفتاح على تكوين حاملي الإعاقة لأول مرة    طقس السبت.. ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    الوجهة السياحية جربة جرجيس الأولى وطنيا وتوقعات بتسجيل أكثر من مليون زائر    كأس العالم للأندية: يوسف البلايلي أبرز المتغيبين عن مواجهة تشلسي    كاتس يعلن تصفية قائد إيراني وموجة صواريخ إيرانية جديدة    طقس اليوم السبت: أجواء صيفية مستقرة على كامل البلاد    ردّ فعل رسمي وعاجل من وزارة الخارجية بعد العثور على جثة عبد المجيد الحجري بستوكهولم    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    إغتيال قائد لواء المسيّرات الثاني بالحرس الثوري الإيراني    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بايرن ميونخ يفوز على بوكا جونيور و يتأهّل إلى ثمن نهائي كأس العالم للأندية (فيديو)    أسرة عبد الحليم حافظ تُقاضي مهرجان "موازين" الدولي بالمغرب    كأس العالم للاندية.. الترجي ينتصر على لوس انجلوس الامريكي    وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    في اختتام مهرجان « Bhar Lazreg Hood» منطقة البحر الأزرق .. معرض مفتوح لفن «الغرافيتي»    بين طموح التميز وشبح الإقصاء .. النموذجي... «عقدة » التلاميذ !    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    باجة: نسبة تقدم الحصاد بلغت 40%.    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    صحتك النفسية فى زمن الحروب.. .هكذا تحافظ عليها فى 5 خطوات    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    التشكيلة المحتملة للترجي أمام لوس أنجلوس    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    بطولة برلين : من هي منافسة أنس جابر اليوم الجمعة ؟    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    أمل جديد لمرضى البروستات: علاج دون جراحة في مستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خريطة التيارات الإسلامية الباكستانية .. سلفية وصوفية وجهادية
نشر في الفجر نيوز يوم 21 - 01 - 2010


مصباح الله عبد الباقي - تحرير خديجة الزغيمي
تتقاسم الساحة الإسلامية في باكستان عدة تيارات، تتنوع توجهاتها بين السلفية، والصوفية، والجهادية، وغيرها، وتنشط سياسيا وتربويا ودعويا وعسكريا.
وتشترك هذه التيارات في بعض توجهاتها وتختلف في بعضها الآخر، كما أن لها امتدادات في الهند وبنجلاديش نتيجة لنشأتها في شبه القارة الهندية قبل تقسيمها.
وفي هذا المقال يرسم الدكتور مصباح الله عبد الباقي صورة بانورامية لأهم التيارات الدينية الناشطة في باكستان ولتوجهاتها وتأثيراتها في مختلف أوجه حياة المجتمع الباكستاني، وعلاقاتها ببعضها البعض، وبالحكومة الباكستانية، وبحركة طالبان في باكستان وأفغانستان.
ود.مصباح الله خبير في الشئون الباكستانية والأفغانية وأستاذ بكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد بباكستان، ومؤلف كتاب «المدارس الدينية في باكستان» الذي يعد أول كتاب باللغة العربية في موضوعه.
الديوبندية
الاتجاه الديني الأكثر انتشارا في باكستان هو الاتجاه الديوبندي الذي بدأ يتكون في بدايات القرن الثامن عشر، وتكون أساسا من رافدين رئيسين هما: مدرسة الإمام ولي الله الدهلوي، ومدرسة القصر الفرنجي "فرنجي محل".
ولد ولي الله الدهلوي في عهد أورنجزيب عالمكير آخر الملوك الأقوياء للإمبراطورية المغولية المسلمة في الهند، وكانت لديه رؤية متكاملة للحفاظ على دولة المسلمين في الهند، وله عدد كبير من الكتب والإسهامات الفكرية التي تحظى بانتشار عالمي.
ويعتبر الإمام الدهلوي الأب الروحي للصحوة الإسلامية في شبه القارة الهندية إلى يومنا هذا، وكل الاتجاهات الفكرية في الهند وباكستان تحاول أن تنسب نفسها لهذا الرجل.
وبعد وفاة الدهلوي تولى أبناؤه وأحفاده قيادة مشروعه، وتتلمذ على أيديهم اثنان من أهم العلماء قاما بإنشاء المدرسة الديوبندية، هما الشيخ رشيد أحمد الجنجوهي، والشيخ محمد قاسم النانوتوي اللذان أسسا دار العلوم ديوبند بعد فشل ثورة المسلمين العامة ضد الإنجليز عام 1857م.
وكان هم ولي الله الدهلوي إعادة القوة للإمبراطورية المغولية، ولكن بعد انهيار هذه الإمبراطورية وبدء السيطرة البريطانية صار هم مشروع الدهلوي الحفاظ على الهوية الإسلامية، وهكذا بدأت الحركة الديوبندية تنشئ المدارس التي كان لها تأثير كبير على الحركة الإسلامية.
وإلى جانب مشروع الدهلوي، ظهرت مدرسة القصر الإفرنجي وهي مدرسة إسلامية شهيرة أيضا، ولكن ليس لها مشروع مثل مدرسة الدهلوي؛ فهي قد خرجت علماء وفقهاء ومحدثين، ولكنها لم تحمل مشروعا نهضويا متكاملا، لكنها شاركت مع مدرسة الدهلوي في تأسيس الاتجاه الديوبندي؛ حيث كان لها دور بارز في تطوير المدارس الدينية في الصورة التي هي عليها حاليا، وكان لأحد علمائها وهو الشيخ نظام الدين السهالوي فضل السبق في وضع المنهج الدراسي للمدارس الدينية.
وتضم المدرسة الديوبندية عددا من الاتجاهات الفكرية، يمكن اختزالها لثلاثة اتجاهات رئيسية: أولها: الاتجاه الصوفي الذي يعمل من خلال الخانقاهات، ويمثله الشيخ أشرف علي التهانوي الملقب بحكيم الأمة والذي توفي بعد نشأة باكستان.
وهناك كذلك الاتجاه القريب من السلفية من حيث تركيزه على محاربة البدع وبعض ممارسات المتصوفة مثل طقوس زيارة القبور، ولكنهم لا يأخذون بكل المعتقدات السلفية في الأسماء والصفات وتعريف الإيمان، ويمثل هذا الاتجاه الشيخ حسين علي.
ثم هناك الاتجاه التعليمي الذي وقف نفسه للتعليم وإنشاء المدارس والتدريس فيها.
وتتضمن الديوبندية كذلك اتجاها سياسيا؛ فقد أسس خريجو دار العلوم ديوبند جمعية علماء الهند عام 1919 التي تعمل حتى الآن في الهند، وكانت تعارض نشأة باكستان ووقفت مع غاندي؛ إذ كانوا يرون أن الخلاف بين الهندوس والمسلمين ممكن أن يؤخر خروج الاستعمار، وأن كل من يعيش داخل الوطن الهندي ملة واحدة، والملل تنشأ حسب الحدود الجغرافية، وقد رد على هذه الفكرة محمد إقبال وغيره، ووقف مجموعة من الديوبنديين ضد جمعية علماء الهند، وأسسوا جمعية علماء الإسلام التي وقفت مع محمد علي جناح ومع إنشاء باكستان، وتعمل هذه الجمعية كحزب سياسي ممثل للاتجاه الديوبندي في باكستان حتى الآن.
طالبان ديوبندية

معظم أعضاء طالبان باكستان وأفغانستان ينتمون للديوبندية
لم تكن هناك أية توجهات جهادية عسكرية لدى أتباع هذا التيار، وعندما بدأ الغزو السوفيتي لأفغانستان لم يشترك أحد من طلاب المدارس الدينية في الجهاد الأفغاني ولا حتى بالدعم المعنوي، وبعد خروج باكستان من مشكلة أفغانستان تفرغت للهند وأرادت الاستخبارات الباكستانية أن تستفيد من العنصر الديني في حربها مع الهند في كشمير المحتلة، وهكذا أنشأت الاستخبارات عددا من الحركات الجهادية، لكن هذا الاتجاه الجهادي في الديوبندية خرج عن إرادة الاستخبارات الباكستانية في عصر طالبان؛ حيث بدأت هذه الحركات في تأييد طالبان بسبب انتمائهم لنفس الاتجاه، وفي البداية شجعتهم الاستخبارات الباكستانية لمساعدة طالبان في أفغانستان في حربها ضد معارضيها، ولكن طالبان لم تلبث أن خرجت عن طوع الاستخبارات.
ومعظم طالبان أفغانستان وخاصة قادتهم ينتمون للاتجاه الديوبندي وهم أحناف متشددون في تقليد المذهب الحنفي وماتريديو العقيدة، وكذلك الحال مع طالبان باكستان، وتختلف طالبان عن القاعدة تماما في هذا الجانب؛ ولذلك كانت هناك توقعات بحدوث شقاق بين الطرفين.
وقد ابتعد الاتجاه الديوبندي شيئا فشيئا عن المشروع الأصلي لولي الله الدهلوي؛ إذ لا يوجد لديه الآن تصور متكامل لنهضة الأمة، وتقتصر مهمته على الدعوة لأفكاره وإنشاء المدارس الدينية، وكذلك هو الحال بالنسبة لطالبان؛ فهم يريدون العودة إلى الإسلام وتطبيقه ولكنهم لا يعرفون كيف، ولا يملكون خطة لتحقيق أهدافهم؛ لأنهم لم يشتغلوا على الجانب النظري، ولديهم نظرة ضيقة للإسلام؛ حيث يختزلونه في أمور مثل إقامة الحدود، وإجبار الرجال على الصلاة في المسجد، وإطلاق اللحية، وبالتالي يمكن لطالبان العمل في مرحلة إزالة النظام الفاسد، ولكن ليس لديها فكرة عن كيفية إقامة نظام إسلامي.
البريلوية
الاتجاه الثاني من حيث التأثير والانتشار في باكستان هو الاتجاه البريلوي الصوفي الذي يقوم على مخالفة الاتجاه الديوبندي، وشيخه الأول هو الشيخ أحمد رضا خان البريلوي (من منطقة راي بريلي في الهند) المولود في عام 1856م.
ينتمي البريلوية للمذهب الحنفي ويقولون إنهم ماتريديو العقيدة، لكن لهم عدد من المعتقدات الخاصة، منها غلوهم في تقديس الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إذ ينفون بشريته ويقولون إنه نور من نور الله وإنه "حاضر وناظر"، أي أنه يشاهد أمته ويراها ويحضر مجالسها؛ لذلك يتركون في حفلاتهم كرسيا مزينا فارغا لرسول الله عندما يحضر، كما يستغيثون بالأموات من الصالحين، ويقولون بوحدة الوجود.
وهناك عدة جهات تمثل هذا الاتجاه في باكستان الآن؛ ففي الجانب السياسي توجد جمعية علماء باكستان التي تأسست عام 1952، لكنها ضعفت بعد وفاة قائدها السياسي المحنك شاه أحمد نوراني عام 2003، وهناك مجموعات سياسية بريلوية أخرى منشقة عن جمعية علماء باكستان لكنها ضعيفة.
وتدير البريلوية عددا كبيرا من المدارس الدينية يصل إلى الآلاف، وأشهر هذه المدارس مدرسة (بهيره شريف) التي أسسها أحد المتخرجين من الأزهر، وهو الشيخ بير كرم شاه الأزهري، وقد توفي منذ سنوات، وهو مشهور بمؤلفه في تفسير القرآن باللغة الأردية (ضياء القرآن).
وهناك حركة منهاج القرآن التي ظهرت في السنوات الأخيرة ويرأسها طاهر القادري الذي يسمي نفسه شيخ الإسلام، ويعمل بقوة ونشاط في مجال التعليم العصري والديني في نفس الوقت، لكنه ليس له جناح سياسي حتى الآن، وقد انتخب عضوا للبرلمان، لكنه استقال بعد ذلك نتيجة صفقة مع الجنرال مشرف، ويرجع التأييد الكبير الذي يلقاه القادري من أتباع البريلوية إلى افتقادهم لزعامة قوية بعد وفاة نوراني وبير كرم شاه؛ ما ترك الساحة فارغة للقادري.
معارضة طالبان
ليس للاتجاه البريلوي أي نشاط عسكري، لا في كشمير ولا في باكستان، وهم يعارضون حركة طالبان في أفغانستان، كما أنهم وقفوا موقفا متشددا من عمليات طالبان في باكستان؛ لأنهم يظنون أن طالبان جيش الديوبنديين المعارضين التاريخيين لهم.
وقد اغتيل الشيخ محمد حسين نعيمي، أحد علماء البريلوية المعروفين، في لاهور في هجوم انتحاري اتهم به "طالبان".
وتحاول الحكومة والاستخبارات الباكستانية أن تستخدم هذه الحساسية ضد طالبان لصالحها، ومن هنا يتوقع البعض أن تندلع الاضطرابات الطائفية في باكستان نتيجة هذه السياسة.
الاتجاه السلفي
وصلت السلفية إلى الهند عندما سافر الشيخ محمد إسماعيل مع قائده أحمد بن عرفان إلى الحج عام 1237ه والتقى هناك بالإمام محمد علي الشوكاني الذي حج في تلك السنة كذلك، كما التقى بمجموعة أخرى من علماء الحركة الوهابية وأخذ هذا الفكر معه إلى الهند، وهو أول من عارض تقليد المذاهب الفقهية في الهند، لكنه لا يمكن أن يطلق على الشيخ إسماعيل سلفيا بالمفهوم الاصطلاحي الحالي؛ فهو كان مرتبطا بالصوفية لآخر حياته، ومن أبرز من أسسوا للسلفية في شبه القارة الهندية كذلك الشيخ نذير حسين.
وأثناء الاحتلال البريطاني تخوف الإنجليز من الحركة السلفية؛ لأنهم ظنوا أنها تحمل الفكر الجهادي للشيخ إسماعيل الشهيد، ولكي ينفي السلفيون هذا الارتباط الذي جر عليهم تضييق الإنجليز، بالغوا في إظهار الولاء لهم، وممن فعل ذلك الشيخ نذير حسين، حتى إن الإنجليز خلعوا عليه لقب "شمس العلماء"، وبالغ بعض تلامذة الشيخ نذير في هذا الجانب حتى إن الشيخ محمد حسين بتالوي أفتى بوجوب طاعة ولاة الأمر من الإنجليز.
ومن التيارات السلفية في باكستان حاليا التيار الجهادي الذي يرأسه الشيخ أحمد سعيد قائد جماعة الدعوة التي يرى المحللون أنها على صلة وثيقة بالاستخبارات الباكستانية، ويرون أنها استفادت منها على أكثر من صعيد؛ فهي تقاتل الجيش الهندي في كشمير، كما تتهمها القاعدة بتسليم بعض أفرادها للحكومة الباكستانية ومن ثم إلى أمريكا.
وهناك التيار السياسي الذي يمثله الشيخ ساجد مير وحزبه "أهل الحديث" وهو يؤيد نواز شريف، ثم التيار التعليمي الذي يعمل بمساعدة من السلفيين في الخليج والسعودية في إنشاء المدارس والسيطرة على المساجد وغيرها.
وهي لا تحقق انتشارا في باكستان؛ ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى محاربتها لتقليد المذاهب الفقهية، في حين أن الشعب الباكستاني مقلد مخلص للمذهب الحنفي، ولا يتمتع بمستوى تعليمي مرتفع، لذلك فغالبيته ليس في قدرتهم الاجتهاد واستنباط الأحكام الفرعية من مصادرها الشرعية، وهكذا يكون من الصعب مطالبتهم بترك تقليد المذاهب والاجتهاد بأنفسهم.
والعلاقات بين السلفية والشيعة في باكستان متوترة بشكل كبير، وتحدث بينهم نزاعات مسلحة، وقتل متبادل من حين لآخر.
الجماعة الإسلامية
تواجه الجماعة الإسلامية معارضة الديوبندية والبريلوية
والسلفية
الجماعة الإسلامية من أكثر الجماعات تأثيرا في الدوائر الحكومية، ويشغل أتباعها مراكز متقدمة في الجهاز الإداري للدولة، ومنهم الكثير من أساتذة الجامعات، والمهندسين، والأطباء، وينشطون في النقابات بشكل كبير، ولكنهم غير ممثلين سياسيا في الحكومة حاليا؛ فهم قاطعو الانتخابات السابقة، ولا يريدون أن يكونوا جزءا من حكومة تتبنى المشروع الأمريكي في المنطقة، كما تقوم الجماعة الإسلامية بنشاط جهادي في كشمير من خلال حزب المجاهدين.
وقد شهد الإنتاج الفكري للجماعة ضعفا في الفترة الماضية؛ حيث يمكن القول إن الوحيد في الجماعة الذي لديه إنتاج فكري حاليا هو الأستاذ البروفيسور خورشيد أحمد، فقد غلب على الجماعة النشاط السياسي؛ ما أدى إلى ضعف نشاطها التربوي.
ويمكن القول إن ما يعيق نشاط الجماعة ويحول دون تحقيقها نجاحا كبيرا في الانتخابات هو النعرات القومية، والخداع السياسي، وكذلك "المولوية"؛ حيث يتفق الديوبنديون والبريلوية والسلفية على محاربة الجماعة الإسلامية رغم أنها تقدم مشروعا تجميعيا معتدلا يسعى إلى جمع الناس.
الشيعة
يمثل الشيعة ما بين 10 إلى 15% من سكان باكستان، ودائما ما ينشط شيعة شبه القارة عندما يحصلون على دعم خارجي، وقد حدث هذا في القرن السابع عشر في عهد الدولة الصفوية؛ حيث نشط الشيعة بشكل كبير في الهند خاصة بعد ضعف الإمبراطورية المغولية، وبقي تأثير الشيعة قويا في عدة مناطق من الهند حتى بعد الاحتلال الإنجليزي، وبلغ من نفوذهم أنهم صاغوا قوانين في بعض مناطق الهند بمنع الترضي على الصحابة.
وفي الجانب السياسي لم يكون الشيعة حزبا منظما على أساس العقيدة، وإن كان يوجد من بين أتباعهم شخصيات سياسية كبيرة ومؤثرة من أمثال مؤسس باكستان محمد علي جناح، والرئيس الباكستاني الأسبق الجنرال محمد يحيى خان، وهناك أسر شيعية من الإقطاعيين الكبار في باكستان، لكن لم يكن لشيعة شبه القارة –كفرقة- أثر سياسي كبير في سياسة الهند ولا في سياسة باكستان.
وظهرت أولى بوادر الحركة السياسية لدى الشيعة الباكستانيين في عام 1970، عندما أيدوا حزب الشعب بقيادة ذي الفقار علي بوتو، ونظم الشيعة أنفسهم بصورة حقيقية في عهد الجنرال محمد ضياء الحق الذي شجع المنظمات المحلية والمذهبية للقضاء على الأحزاب السياسية الكبيرة المعارضة له، فاجتمع الشيعة في مؤتمرهم الأول في شهر أبريل عام 1979م بمنطقة (بهكر) في إقليم بنجاب، وأعلنوا تنظيمهم باسم "تحريك نفاذ فقه جعفريه" (حركة تطبيق الفقه الجعفري)، وكان أميره الأول المفتي جعفر حسين، ثم تولى قيادته -بعد وفاة المفتي المذكور- السيد عارف الحسيني الذي قتل في عام 1988، وتولى قيادة الحركة الجعفرية بعده السيد ساجد نقوي.
وكان للحرب الإيرانية العراقية دور كبير في إثارة الفتنة الطائفية بين الشيعة والسنة في باكستان؛ حيث سعت إيران إلى دعم شيعة باكستان، وتنظيمهم، وتنشيطهم، وفي المقابل كانت بعض الدول العربية تسعى إلى الحيلولة دون هذا التوسع الإيراني، فمولت بعض الجهات المعارضة للتوجه الشيعي في باكستان، وكانت البذور موجودة من قبل، فبدأت المناظرات، وكتبت الكتب في الرد والدفاع، إلى أن وصل الأمر إلى التصفيات الجسدية، فشكل الشيعة منظمة مسلحة بغرض التصفية الجسدية لمعارضيهم وسموها (سباه محمد) أي (حرس محمد)، وظهرت في الاتجاه المقابل منظمة مسلحة أيضا سميت ب(سباه صحابة) أي (حرس الصحابة)، التي ينتمي أفرادها إلى الاتجاه الديوبندي من حيث المعتقد والمذهب، لكن لا يؤيدها جميع الديوبنديين، وقد تم حتى الآن تصفية عدد كبير من كبار علماء الفرقتين وعامتهم بإلقاء القنابل على المصلين في المساجد والحسينيات.
ولدى الشيعة في باكستان الآن حزب سياسي، ويديرون عددا من المدارس الدينية "الحوزات العلمية"، ولهم رابطة لتلك الحوزات مسجلة لدى الحكومة الباكستانية.
الأحزاب والإسلاميون
تتنوع المواقف التي تتخذها الأحزاب السياسية غير الإسلامية الناشطة في باكستان من نزعة التدين في المجتمع الباكستاني ومن التيارات الإسلامية بين الدعم والمعارضة؛ فالأحزاب المعارضة للتدين تشمل حزب الشعب، والحزب الشعبي الوطني "عوامي ناشونال بارتي" وهو حزب يقوم على العمل من أجل العرق البشتوني، والحركة الوطنية المتحدة، وعددا من الأحزاب القومية البلوشية والبشتونية في بلوتشستان. في حين أن من يتعاطف مع التدين على رأسهم حزب الرابطة الإسلامي بأجنحته المختلفة.
الإسلاميون
مصباح الله عبد الباقي - تحرير خديجة الزغيمي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.