عاجل/ تقلبات جوية منتظرة وتحذير لمستعملي الطريق..    نقابة الصحفيين : 9 اعتداءات على صحفيين ومصورين صحفيين خلال أوت الماضي    قفصة: تسجيل رجّة أرضية بقوّة 3،2 في الساعات الأولى من صباح الإثنين    رصد طائرات مسيرة حلقت فوق إحدى سفن أسطول الصمود وطاقم السفينة يرفع مستوى الحذر    نفوق الأسماك بساحل سليمان: شهادات محلية وتوضيحات رسمية    الحماية المدنية : 408 تدخلات خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    تواصل ارتفاع أسعار السيارات الشعبية في تونس.. وهذه أحدث الأسعار حسب الماركات..    الدورة الاولى لصالون الابتكارات الفلاحية والتكنولوجيات المائية من 22 الى 25 اكتوبر المقبل بمعرض قابس الدولي    بريطانيا تُدرج دولة فلسطين على خرائطها لأوّل مرة..#خبر_عاجل    أول لقاء علني بعد الخلاف.. تأبين كيرك يجمع ترامب وماسك    "أمن المقاومة" يعدم 3 "عملاء" أمام حشد كبير في غزة    بطولة العالم لالعاب القوى: الأمريكي هوكر يستعيد مكانته بتحقيق ذهبية سباق 5000 متر    نشرة متابعة/ أمطار رعدية ومحليا غزيرة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    أحكام بين 10 و20 سنة سجنا في قضية تهريب مخدرات أطيح بأفرادها عبر "درون"    5 سنوات سجناً لشيخ حاول اغتصاب طفل بحديقة الباساج    6 سنوات سجنا لكهل استدرج طفل قاصر وطلب منه تصوير فيدوهات...    فيلم "السودان يا غالي" للمخرجة التونسية هند المدب يفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في اختتام مهرجان بغداد السينمائي    انطلاق حملات نظافة كبرى في دور الثقافة والمكتبات العمومية والجهوية    نقابة المكتبيين وموردي وموزعي الكتاب تنظم دورة تدريبية حول "أدوات ادارة المكتبات"    سفينة "عمر المختار" الليبية تبحر رسميا نحو غزة    مستوطنون يقتحمون الأقصى المبارك مجددا    البطولة الإسبانية : برشلونة يفوز على خيتافي 3-0 ويستعيد الوصافة    القبض على مروّج مخدرات بحوزته كوكايين وزطلة ..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    البطولة الفرنسية : موناكو يتفوق على ميتز 5-2    هزة أرضية بقوة 4.8 درجة تضرب تركيا.. #خبر_عاجل    29 ساعة في السماء.. أطول رحلة جوية مباشرة في العالم..!    من برلين إلى لندن: الطيران الأوروبي في قبضة هجوم سيبراني    الاستاذ سفيان بلحاج محمد رئيسا جديدا للفرع الجهوي للمحامين بتونس    قابس...انطلاق الاستعدادات للموسم السياحي الصحراوي والواحي    آفاقها واعدة .. السياحة البديلة سند للوجهة التونسية    حافلةُ الصينِ العظيمةُ    لأول مرة في تاريخها ...التلفزة التونسية تسعى إلى إنتاج 3 مسلسلات رمضانية    الصينيون يبتكرون غراء عظميا لمعالجة الكسور    بطولة افريقيا لكرة اليد للصغريات (الدور النهائي): المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره المصري 21-33    الملعب التونسي سنيم الموريتاني (2 0) انتصار هام ل«البقلاوة»    هل تعرف أيهما أخطر على الصحة... نقص الوزن أم زيادته؟    في اليوم عالمي للزهايمر: هذه توصيات وزارة الصحة    الشمال والوسط تحت الرعد: أمطار قوية تجي الليلة!    الحوت الميت خطر على صحتك – الهيئة الوطنية تحذر    عاجل: ثلاثية نظيفة للترجي على القوات المسلحة وتقدم كبير نحو الدور الثاني!    وزير البيئة في زيارة غير معلنة لمعاينة الوضع البيئي بالشريط الساحلي بسليمان    كأس الكنفدرالية الإفريقية: النتائج الجزئية لذهاب الدور التمهيدي الأول    بطولة سان تروبيه الفرنسية للتحدي: التونسي معز الشرقي يحرز اللقب    المراقبة الاقتصادية تحجز 55 طنا من الخضر والغلال ببرج شاكير والحرايرية    قلة النوم تهدد قلبك.. تعرف شنو يصير لضغط الدم!    تونس تشارك في مؤتمر التعاون الثقافي والسياحي الصيني العربي    أمطار الخريف ''غسالة النوادر''.. شنية أهميتها للزرع الكبير؟    الجمعية التونسية للطب الباطني تنظم لقاء افتراضيا حول متلازمة "شوغرن"    انتشال جثتي طفلين توفيا غرقا في قنال مجردة الوطن القبلي    محمد علي: ''الأسطول يقترب كل دقيقة من غزة.. أما أنتم؟ مجرد أصابع ملوثة على لوحة مفاتيح''    عاجل: شيرين عبد الوهاب أمام القضاء    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    تكريم درة زروق في مهرجان بورسعيد السينمائي    استراحة «الويكاند»    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    وخالق الناس بخلق حسن    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خريطة التيارات الإسلامية الباكستانية .. سلفية وصوفية وجهادية
نشر في الفجر نيوز يوم 21 - 01 - 2010


مصباح الله عبد الباقي - تحرير خديجة الزغيمي
تتقاسم الساحة الإسلامية في باكستان عدة تيارات، تتنوع توجهاتها بين السلفية، والصوفية، والجهادية، وغيرها، وتنشط سياسيا وتربويا ودعويا وعسكريا.
وتشترك هذه التيارات في بعض توجهاتها وتختلف في بعضها الآخر، كما أن لها امتدادات في الهند وبنجلاديش نتيجة لنشأتها في شبه القارة الهندية قبل تقسيمها.
وفي هذا المقال يرسم الدكتور مصباح الله عبد الباقي صورة بانورامية لأهم التيارات الدينية الناشطة في باكستان ولتوجهاتها وتأثيراتها في مختلف أوجه حياة المجتمع الباكستاني، وعلاقاتها ببعضها البعض، وبالحكومة الباكستانية، وبحركة طالبان في باكستان وأفغانستان.
ود.مصباح الله خبير في الشئون الباكستانية والأفغانية وأستاذ بكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد بباكستان، ومؤلف كتاب «المدارس الدينية في باكستان» الذي يعد أول كتاب باللغة العربية في موضوعه.
الديوبندية
الاتجاه الديني الأكثر انتشارا في باكستان هو الاتجاه الديوبندي الذي بدأ يتكون في بدايات القرن الثامن عشر، وتكون أساسا من رافدين رئيسين هما: مدرسة الإمام ولي الله الدهلوي، ومدرسة القصر الفرنجي "فرنجي محل".
ولد ولي الله الدهلوي في عهد أورنجزيب عالمكير آخر الملوك الأقوياء للإمبراطورية المغولية المسلمة في الهند، وكانت لديه رؤية متكاملة للحفاظ على دولة المسلمين في الهند، وله عدد كبير من الكتب والإسهامات الفكرية التي تحظى بانتشار عالمي.
ويعتبر الإمام الدهلوي الأب الروحي للصحوة الإسلامية في شبه القارة الهندية إلى يومنا هذا، وكل الاتجاهات الفكرية في الهند وباكستان تحاول أن تنسب نفسها لهذا الرجل.
وبعد وفاة الدهلوي تولى أبناؤه وأحفاده قيادة مشروعه، وتتلمذ على أيديهم اثنان من أهم العلماء قاما بإنشاء المدرسة الديوبندية، هما الشيخ رشيد أحمد الجنجوهي، والشيخ محمد قاسم النانوتوي اللذان أسسا دار العلوم ديوبند بعد فشل ثورة المسلمين العامة ضد الإنجليز عام 1857م.
وكان هم ولي الله الدهلوي إعادة القوة للإمبراطورية المغولية، ولكن بعد انهيار هذه الإمبراطورية وبدء السيطرة البريطانية صار هم مشروع الدهلوي الحفاظ على الهوية الإسلامية، وهكذا بدأت الحركة الديوبندية تنشئ المدارس التي كان لها تأثير كبير على الحركة الإسلامية.
وإلى جانب مشروع الدهلوي، ظهرت مدرسة القصر الإفرنجي وهي مدرسة إسلامية شهيرة أيضا، ولكن ليس لها مشروع مثل مدرسة الدهلوي؛ فهي قد خرجت علماء وفقهاء ومحدثين، ولكنها لم تحمل مشروعا نهضويا متكاملا، لكنها شاركت مع مدرسة الدهلوي في تأسيس الاتجاه الديوبندي؛ حيث كان لها دور بارز في تطوير المدارس الدينية في الصورة التي هي عليها حاليا، وكان لأحد علمائها وهو الشيخ نظام الدين السهالوي فضل السبق في وضع المنهج الدراسي للمدارس الدينية.
وتضم المدرسة الديوبندية عددا من الاتجاهات الفكرية، يمكن اختزالها لثلاثة اتجاهات رئيسية: أولها: الاتجاه الصوفي الذي يعمل من خلال الخانقاهات، ويمثله الشيخ أشرف علي التهانوي الملقب بحكيم الأمة والذي توفي بعد نشأة باكستان.
وهناك كذلك الاتجاه القريب من السلفية من حيث تركيزه على محاربة البدع وبعض ممارسات المتصوفة مثل طقوس زيارة القبور، ولكنهم لا يأخذون بكل المعتقدات السلفية في الأسماء والصفات وتعريف الإيمان، ويمثل هذا الاتجاه الشيخ حسين علي.
ثم هناك الاتجاه التعليمي الذي وقف نفسه للتعليم وإنشاء المدارس والتدريس فيها.
وتتضمن الديوبندية كذلك اتجاها سياسيا؛ فقد أسس خريجو دار العلوم ديوبند جمعية علماء الهند عام 1919 التي تعمل حتى الآن في الهند، وكانت تعارض نشأة باكستان ووقفت مع غاندي؛ إذ كانوا يرون أن الخلاف بين الهندوس والمسلمين ممكن أن يؤخر خروج الاستعمار، وأن كل من يعيش داخل الوطن الهندي ملة واحدة، والملل تنشأ حسب الحدود الجغرافية، وقد رد على هذه الفكرة محمد إقبال وغيره، ووقف مجموعة من الديوبنديين ضد جمعية علماء الهند، وأسسوا جمعية علماء الإسلام التي وقفت مع محمد علي جناح ومع إنشاء باكستان، وتعمل هذه الجمعية كحزب سياسي ممثل للاتجاه الديوبندي في باكستان حتى الآن.
طالبان ديوبندية

معظم أعضاء طالبان باكستان وأفغانستان ينتمون للديوبندية
لم تكن هناك أية توجهات جهادية عسكرية لدى أتباع هذا التيار، وعندما بدأ الغزو السوفيتي لأفغانستان لم يشترك أحد من طلاب المدارس الدينية في الجهاد الأفغاني ولا حتى بالدعم المعنوي، وبعد خروج باكستان من مشكلة أفغانستان تفرغت للهند وأرادت الاستخبارات الباكستانية أن تستفيد من العنصر الديني في حربها مع الهند في كشمير المحتلة، وهكذا أنشأت الاستخبارات عددا من الحركات الجهادية، لكن هذا الاتجاه الجهادي في الديوبندية خرج عن إرادة الاستخبارات الباكستانية في عصر طالبان؛ حيث بدأت هذه الحركات في تأييد طالبان بسبب انتمائهم لنفس الاتجاه، وفي البداية شجعتهم الاستخبارات الباكستانية لمساعدة طالبان في أفغانستان في حربها ضد معارضيها، ولكن طالبان لم تلبث أن خرجت عن طوع الاستخبارات.
ومعظم طالبان أفغانستان وخاصة قادتهم ينتمون للاتجاه الديوبندي وهم أحناف متشددون في تقليد المذهب الحنفي وماتريديو العقيدة، وكذلك الحال مع طالبان باكستان، وتختلف طالبان عن القاعدة تماما في هذا الجانب؛ ولذلك كانت هناك توقعات بحدوث شقاق بين الطرفين.
وقد ابتعد الاتجاه الديوبندي شيئا فشيئا عن المشروع الأصلي لولي الله الدهلوي؛ إذ لا يوجد لديه الآن تصور متكامل لنهضة الأمة، وتقتصر مهمته على الدعوة لأفكاره وإنشاء المدارس الدينية، وكذلك هو الحال بالنسبة لطالبان؛ فهم يريدون العودة إلى الإسلام وتطبيقه ولكنهم لا يعرفون كيف، ولا يملكون خطة لتحقيق أهدافهم؛ لأنهم لم يشتغلوا على الجانب النظري، ولديهم نظرة ضيقة للإسلام؛ حيث يختزلونه في أمور مثل إقامة الحدود، وإجبار الرجال على الصلاة في المسجد، وإطلاق اللحية، وبالتالي يمكن لطالبان العمل في مرحلة إزالة النظام الفاسد، ولكن ليس لديها فكرة عن كيفية إقامة نظام إسلامي.
البريلوية
الاتجاه الثاني من حيث التأثير والانتشار في باكستان هو الاتجاه البريلوي الصوفي الذي يقوم على مخالفة الاتجاه الديوبندي، وشيخه الأول هو الشيخ أحمد رضا خان البريلوي (من منطقة راي بريلي في الهند) المولود في عام 1856م.
ينتمي البريلوية للمذهب الحنفي ويقولون إنهم ماتريديو العقيدة، لكن لهم عدد من المعتقدات الخاصة، منها غلوهم في تقديس الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إذ ينفون بشريته ويقولون إنه نور من نور الله وإنه "حاضر وناظر"، أي أنه يشاهد أمته ويراها ويحضر مجالسها؛ لذلك يتركون في حفلاتهم كرسيا مزينا فارغا لرسول الله عندما يحضر، كما يستغيثون بالأموات من الصالحين، ويقولون بوحدة الوجود.
وهناك عدة جهات تمثل هذا الاتجاه في باكستان الآن؛ ففي الجانب السياسي توجد جمعية علماء باكستان التي تأسست عام 1952، لكنها ضعفت بعد وفاة قائدها السياسي المحنك شاه أحمد نوراني عام 2003، وهناك مجموعات سياسية بريلوية أخرى منشقة عن جمعية علماء باكستان لكنها ضعيفة.
وتدير البريلوية عددا كبيرا من المدارس الدينية يصل إلى الآلاف، وأشهر هذه المدارس مدرسة (بهيره شريف) التي أسسها أحد المتخرجين من الأزهر، وهو الشيخ بير كرم شاه الأزهري، وقد توفي منذ سنوات، وهو مشهور بمؤلفه في تفسير القرآن باللغة الأردية (ضياء القرآن).
وهناك حركة منهاج القرآن التي ظهرت في السنوات الأخيرة ويرأسها طاهر القادري الذي يسمي نفسه شيخ الإسلام، ويعمل بقوة ونشاط في مجال التعليم العصري والديني في نفس الوقت، لكنه ليس له جناح سياسي حتى الآن، وقد انتخب عضوا للبرلمان، لكنه استقال بعد ذلك نتيجة صفقة مع الجنرال مشرف، ويرجع التأييد الكبير الذي يلقاه القادري من أتباع البريلوية إلى افتقادهم لزعامة قوية بعد وفاة نوراني وبير كرم شاه؛ ما ترك الساحة فارغة للقادري.
معارضة طالبان
ليس للاتجاه البريلوي أي نشاط عسكري، لا في كشمير ولا في باكستان، وهم يعارضون حركة طالبان في أفغانستان، كما أنهم وقفوا موقفا متشددا من عمليات طالبان في باكستان؛ لأنهم يظنون أن طالبان جيش الديوبنديين المعارضين التاريخيين لهم.
وقد اغتيل الشيخ محمد حسين نعيمي، أحد علماء البريلوية المعروفين، في لاهور في هجوم انتحاري اتهم به "طالبان".
وتحاول الحكومة والاستخبارات الباكستانية أن تستخدم هذه الحساسية ضد طالبان لصالحها، ومن هنا يتوقع البعض أن تندلع الاضطرابات الطائفية في باكستان نتيجة هذه السياسة.
الاتجاه السلفي
وصلت السلفية إلى الهند عندما سافر الشيخ محمد إسماعيل مع قائده أحمد بن عرفان إلى الحج عام 1237ه والتقى هناك بالإمام محمد علي الشوكاني الذي حج في تلك السنة كذلك، كما التقى بمجموعة أخرى من علماء الحركة الوهابية وأخذ هذا الفكر معه إلى الهند، وهو أول من عارض تقليد المذاهب الفقهية في الهند، لكنه لا يمكن أن يطلق على الشيخ إسماعيل سلفيا بالمفهوم الاصطلاحي الحالي؛ فهو كان مرتبطا بالصوفية لآخر حياته، ومن أبرز من أسسوا للسلفية في شبه القارة الهندية كذلك الشيخ نذير حسين.
وأثناء الاحتلال البريطاني تخوف الإنجليز من الحركة السلفية؛ لأنهم ظنوا أنها تحمل الفكر الجهادي للشيخ إسماعيل الشهيد، ولكي ينفي السلفيون هذا الارتباط الذي جر عليهم تضييق الإنجليز، بالغوا في إظهار الولاء لهم، وممن فعل ذلك الشيخ نذير حسين، حتى إن الإنجليز خلعوا عليه لقب "شمس العلماء"، وبالغ بعض تلامذة الشيخ نذير في هذا الجانب حتى إن الشيخ محمد حسين بتالوي أفتى بوجوب طاعة ولاة الأمر من الإنجليز.
ومن التيارات السلفية في باكستان حاليا التيار الجهادي الذي يرأسه الشيخ أحمد سعيد قائد جماعة الدعوة التي يرى المحللون أنها على صلة وثيقة بالاستخبارات الباكستانية، ويرون أنها استفادت منها على أكثر من صعيد؛ فهي تقاتل الجيش الهندي في كشمير، كما تتهمها القاعدة بتسليم بعض أفرادها للحكومة الباكستانية ومن ثم إلى أمريكا.
وهناك التيار السياسي الذي يمثله الشيخ ساجد مير وحزبه "أهل الحديث" وهو يؤيد نواز شريف، ثم التيار التعليمي الذي يعمل بمساعدة من السلفيين في الخليج والسعودية في إنشاء المدارس والسيطرة على المساجد وغيرها.
وهي لا تحقق انتشارا في باكستان؛ ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى محاربتها لتقليد المذاهب الفقهية، في حين أن الشعب الباكستاني مقلد مخلص للمذهب الحنفي، ولا يتمتع بمستوى تعليمي مرتفع، لذلك فغالبيته ليس في قدرتهم الاجتهاد واستنباط الأحكام الفرعية من مصادرها الشرعية، وهكذا يكون من الصعب مطالبتهم بترك تقليد المذاهب والاجتهاد بأنفسهم.
والعلاقات بين السلفية والشيعة في باكستان متوترة بشكل كبير، وتحدث بينهم نزاعات مسلحة، وقتل متبادل من حين لآخر.
الجماعة الإسلامية
تواجه الجماعة الإسلامية معارضة الديوبندية والبريلوية
والسلفية
الجماعة الإسلامية من أكثر الجماعات تأثيرا في الدوائر الحكومية، ويشغل أتباعها مراكز متقدمة في الجهاز الإداري للدولة، ومنهم الكثير من أساتذة الجامعات، والمهندسين، والأطباء، وينشطون في النقابات بشكل كبير، ولكنهم غير ممثلين سياسيا في الحكومة حاليا؛ فهم قاطعو الانتخابات السابقة، ولا يريدون أن يكونوا جزءا من حكومة تتبنى المشروع الأمريكي في المنطقة، كما تقوم الجماعة الإسلامية بنشاط جهادي في كشمير من خلال حزب المجاهدين.
وقد شهد الإنتاج الفكري للجماعة ضعفا في الفترة الماضية؛ حيث يمكن القول إن الوحيد في الجماعة الذي لديه إنتاج فكري حاليا هو الأستاذ البروفيسور خورشيد أحمد، فقد غلب على الجماعة النشاط السياسي؛ ما أدى إلى ضعف نشاطها التربوي.
ويمكن القول إن ما يعيق نشاط الجماعة ويحول دون تحقيقها نجاحا كبيرا في الانتخابات هو النعرات القومية، والخداع السياسي، وكذلك "المولوية"؛ حيث يتفق الديوبنديون والبريلوية والسلفية على محاربة الجماعة الإسلامية رغم أنها تقدم مشروعا تجميعيا معتدلا يسعى إلى جمع الناس.
الشيعة
يمثل الشيعة ما بين 10 إلى 15% من سكان باكستان، ودائما ما ينشط شيعة شبه القارة عندما يحصلون على دعم خارجي، وقد حدث هذا في القرن السابع عشر في عهد الدولة الصفوية؛ حيث نشط الشيعة بشكل كبير في الهند خاصة بعد ضعف الإمبراطورية المغولية، وبقي تأثير الشيعة قويا في عدة مناطق من الهند حتى بعد الاحتلال الإنجليزي، وبلغ من نفوذهم أنهم صاغوا قوانين في بعض مناطق الهند بمنع الترضي على الصحابة.
وفي الجانب السياسي لم يكون الشيعة حزبا منظما على أساس العقيدة، وإن كان يوجد من بين أتباعهم شخصيات سياسية كبيرة ومؤثرة من أمثال مؤسس باكستان محمد علي جناح، والرئيس الباكستاني الأسبق الجنرال محمد يحيى خان، وهناك أسر شيعية من الإقطاعيين الكبار في باكستان، لكن لم يكن لشيعة شبه القارة –كفرقة- أثر سياسي كبير في سياسة الهند ولا في سياسة باكستان.
وظهرت أولى بوادر الحركة السياسية لدى الشيعة الباكستانيين في عام 1970، عندما أيدوا حزب الشعب بقيادة ذي الفقار علي بوتو، ونظم الشيعة أنفسهم بصورة حقيقية في عهد الجنرال محمد ضياء الحق الذي شجع المنظمات المحلية والمذهبية للقضاء على الأحزاب السياسية الكبيرة المعارضة له، فاجتمع الشيعة في مؤتمرهم الأول في شهر أبريل عام 1979م بمنطقة (بهكر) في إقليم بنجاب، وأعلنوا تنظيمهم باسم "تحريك نفاذ فقه جعفريه" (حركة تطبيق الفقه الجعفري)، وكان أميره الأول المفتي جعفر حسين، ثم تولى قيادته -بعد وفاة المفتي المذكور- السيد عارف الحسيني الذي قتل في عام 1988، وتولى قيادة الحركة الجعفرية بعده السيد ساجد نقوي.
وكان للحرب الإيرانية العراقية دور كبير في إثارة الفتنة الطائفية بين الشيعة والسنة في باكستان؛ حيث سعت إيران إلى دعم شيعة باكستان، وتنظيمهم، وتنشيطهم، وفي المقابل كانت بعض الدول العربية تسعى إلى الحيلولة دون هذا التوسع الإيراني، فمولت بعض الجهات المعارضة للتوجه الشيعي في باكستان، وكانت البذور موجودة من قبل، فبدأت المناظرات، وكتبت الكتب في الرد والدفاع، إلى أن وصل الأمر إلى التصفيات الجسدية، فشكل الشيعة منظمة مسلحة بغرض التصفية الجسدية لمعارضيهم وسموها (سباه محمد) أي (حرس محمد)، وظهرت في الاتجاه المقابل منظمة مسلحة أيضا سميت ب(سباه صحابة) أي (حرس الصحابة)، التي ينتمي أفرادها إلى الاتجاه الديوبندي من حيث المعتقد والمذهب، لكن لا يؤيدها جميع الديوبنديين، وقد تم حتى الآن تصفية عدد كبير من كبار علماء الفرقتين وعامتهم بإلقاء القنابل على المصلين في المساجد والحسينيات.
ولدى الشيعة في باكستان الآن حزب سياسي، ويديرون عددا من المدارس الدينية "الحوزات العلمية"، ولهم رابطة لتلك الحوزات مسجلة لدى الحكومة الباكستانية.
الأحزاب والإسلاميون
تتنوع المواقف التي تتخذها الأحزاب السياسية غير الإسلامية الناشطة في باكستان من نزعة التدين في المجتمع الباكستاني ومن التيارات الإسلامية بين الدعم والمعارضة؛ فالأحزاب المعارضة للتدين تشمل حزب الشعب، والحزب الشعبي الوطني "عوامي ناشونال بارتي" وهو حزب يقوم على العمل من أجل العرق البشتوني، والحركة الوطنية المتحدة، وعددا من الأحزاب القومية البلوشية والبشتونية في بلوتشستان. في حين أن من يتعاطف مع التدين على رأسهم حزب الرابطة الإسلامي بأجنحته المختلفة.
الإسلاميون
مصباح الله عبد الباقي - تحرير خديجة الزغيمي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.