كاتب مصري كم هائل من الضباب و الغبار الإعلامي الكثيف مازال يملأ الأفق وعن عمد ، في محاولة لفرض واقع وصورة ذهنية مشوهة وغير دقيقة عن جماعة الإخوان ومشروعها الإصلاحي ، واقع يحاول الإيهام بأن الجماعة باتت تسلك نهجاً برجماتياً لا أخلاقياً في محاولة لبث رسالة سلبية للجماهير المنحازة للجماعة أملاً في اختراق الاصطفاف الشعبي والنخبوي حولها ، أطروحات مغلوطة ، منها موقف الجماعة من هوية الدولة بين الدينية والمدنية ، حقوق الأقباط والمرأة ، وأخيراً انتقال السلطة وبالأدق موقفها من جمال مبارك ، واتهام الجماعة دون سند أو مبرر أنها لا تمانع التوريث أو أن هناك صفقة مبيتة بين النظام والإخوان لتمرير هذا الملف ، ولا أدري ما هي المستندات والوثائق أو التصريحات والحقائق التي بنيت عليها هذه الرؤية ؟! الإخوان والديمقراطية والحكم تجاوز الإخوان وبمهارة عالية الأساس الفلسفي للديمقراطية خاصة في شقها غير الأخلاقي الذي يرفع شعار "الغاية تبرر الوسيلة- ودعه يمر، دعه يعمل" وهي قواعد للأسف الشديد ترتكز عليها لعبة السياسة في المشهد العام للأحزاب و النظام الحاكم بجناحيه الحزبي والحكومي كنمط حياة! واعتمد الإخوان الأدوات والآليات الديمقراطية المتفقة والمرجعية الإسلامية "الوسطية بعيداً عن الغلو، والسلمية بعيداً عن العنف، والتدرج بعيداً عن الانقلاب"، أما الوصول للحكم فليس بتهمة أو نقيصة لكنه حق مشروع ودستوري لكل المصريين والإخوان جزء منهم! والإخوان بالفعل لا يسعون للحكم في المرحلة الراهنة من تاريخ مصر ولا يوجد لديهم برنامج زمني للوصول؛ ليس زهدًا فيه، لكن لاعتبارات، منها: ** أن الحكم أحد الوسائل الفاعلة لتحقيق المشروع الإصلاحي للجماعة، لكنه ليس الوسيلة الوحيدة. ** عدم جاهزية المناخ السياسي لوصول الإخوان أو غيرهم للحكم؛ في ظل الإقصاء السياسي، والبطش الأمني، والتشويه الإعلامي؛ فضلاً عن تهميش دور مؤسسات الدولة وتعطيل القانون ** الوصول للحكم، بحاجة لقاعدة شعبية عريضة تؤمن بالإصلاح، وتمتلك إرادته وتتحمَّل تبعاته؛ وهو ما لم يتوفر بعد ** الوصول إلى الحكم بحاجة ملحة لمناخ أكثر استقرارًا وأمنًا؛ ليُكتب النجاح لتجربة إسلامية رائدة كامتدادٍ طبيعي لفترة النبوة والخلافة الراشدة، تجربة تُحسب للإسلام؛ ولا تُحسب عليه الإخوان وانتقال السلطة " التوريث" أكدت الجماعة من خلال تصريحاتها الإعلامية ومستنداتها الوثائقية – راجع موقع إخوان أون لاين- أن المناخ السائد يعاني الانسداد السياسي وغياب معايير النزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص وبالتالي فإتمام الانتخابات وخاصة الرئاسية فيه يعتبر حسم النتيجة سلفاً لمرشح النظام بغض النظر عن أسمه ، والجماعة ترى أن من حق جمال مبارك الترشح شانه شأن كل المصريين لكن في مناخ يسوده العدالة وتكافؤ الفرص ، و أن فضيلة المرشد العام طلب من السيد رئيس الدولة ترك رئاسة الحزب الوطني ليكون رئيساً لكل المصريين ، وأن يشكل حكومة وطنية يتم في ظلها تعديل الدستور ليضمن العدالة والحقوق لكل الشعب المصري ، بل أن بعض قيادات الجماعة " النائب الدكتور محمد البلتاجي" عضواً مؤسساً لحركة "مصريون ضد التوريث" ، فمن أين جاء هذا الفهم المغلوط ؟ ولماذا وضع الكلام في فم الإخوان والتقول عليهم أو الحديث نيابة عنهم؟ الخطاب الإعلامي للجماعة جاءت بيانات وتصريحات وحوارات فضيلة المرشد الأستاذ الدكتور محمد بديع" المتحدث الرسمي باسم الجماعة" تحمل جملة من الرسائل والتطمينات إلى الرأي العام المصري والإقليمي والدولي ، خطاب طال انتظاره وسط الضباب الإعلامي الذي حاول تفزيع الرأي العام من الإخوان على إثر الانتخابات الأخيرة لمكتب الإرشاد ومنصب المرشد ، غبار إعلامي سلط الأضواء على مواقف وتصريحات انتقائية وتغافل عن عمد ثراء التجربة ورقي الممارسة ونوعية الحدث ، خطاب طال انتظاره ليضع النقاط فوق الحروف حول ما أثير عن داخل الجماعة – التنظيم ومتانته ،المنهج شموله وسلميته ،الحركة انطلاقها أم ربط عقالها – وعن علاقات الجماعة بالآخر ، النظام والأحزاب والقوى السياسية ، القضايا المحلية والقومية بل والعالمية ، خطاب جاء من أعلى موقع قيادي بالجماعة ، يحمل صفاته الشخصية وخبرته العلمية وطريقته المنهجية ، خطاب شامل الفكرة ، دقيق الكلمة ، تصالحي اللهجة ، شفاف وغير تبريري ، ومع ذلك مازالت حالة التفزيع والتشويه قائمة ! فهل هي مقصودة خاصة من بعض النخبة ؟أم أن شعار المرحلة هو حوار الطرشان؟! عموماً مهما كان نوع الحوار المتداول خاصة من طرف النخبة ، يبقى الرهان على الجماعة نفسها في استمرار التواصل والتطمين لأنها وحدها المسئولة عن توضيح وتحسين صورتها الذهنية لدى الآخر في هذا المناخ الملبد بغيوم الاستبداد والفساد .