أكد عبدالعزيز بن ناصر الشامسي سفير الدولة لدى إيطاليا أن الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى استئناف المفاوضات “الإسرائيلية” الفلسطينية تواجه مأزقا سياسيا مقلقا للغاية، من شأنه لو استمر، أن ينعكس بسلبياته المهددة على مسألتي السلم والأمن في منطقة الشرق الأوسط برمتها، كنتيجة حتمية لتواصل حروب التوسع والعدوان والاحتلال “الإسرائيلية” التي عانت منها شعوب المنطقة وبصفة خاصة الشعب الفلسطيني، الذي ما زال يعيش أكثر من نصفه حتى الآن ومنذ عقود في مخيمات بائسة للاجئين في عصر اتصف بالعولمة والديمقراطية وعولجت فيه كافة أشكال الاستعمار والتمييز العنصري . وقال السفير الشامسي في كلمة الإمارات أمام الاجتماع الدولي لدعم السلام “الإسرائيلي” الفلسطيني الذي افتتح أمس في جمهورية مالطا وتشارك فيه الإمارات بصفة مراقب “كيف يفسر العالم استمرار “إسرائيل”، السلطة القائمة بالاحتلال، ورغم مضي عقدين على انطلاقة عملية السلام في الشرق الاوسط وإبرامها لسلسلة من الاتفاقيات الثنائية مع السلطة الفلسطينية، بمصادرة الأراضي والمنازل والثروات الطبيعية الفلسطينية في الضفة الغربية ومدينة القدس الشريف وارتكابها لسلسلة من الاعتداءات والجرائم ضد الإنسانية شملت قتل المئات من المدنيين وتدمير الممتلكات والبنى التحتية للمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية الفلسطينية، لا سيما في قطاع غزة ومواصلة فرضها لأشكال من الحصار والإغلاق عليه لمنع وصول المواد الغذائية والطبية الانسانية الضرورية كالوقود ومواد البناء والاحتياجات الأساسية لأبناء الشعب الفلسطيني المنكوب بعدوانها المتكرر عليه، متجاهلة القوانين والأعراف الدولية القانونية التي تجرم كافة هذه الممارسات” . وأضاف “هل يعقل أن يتواصل عجز المجتمع الدولي والمتمثل في الأممالمتحدة واللجنة الرباعية والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية الأخرى عن وضع حد لهذا الاحتلال والعدوان والتوسع وانتهاك حقوق الانسان الذي تنتهجه “إسرائيل” في الأراضي الفلسطينية والعربية بحجة الأمن وهي المعادلة التي أثبتت الأحداث فشلها في المنطقة، بل وجعلها من أكثر المناطق العالمية عرضة للمزيد من التدهور والانفجار ولا سيما في ظل عهد الحكومة “الإسرائيلية” الحالية التي حرصت ومنذ تسلمها للسلطة على الإمعان والتمادي في فرض حالة من الظلم والبؤس والمعاناة بين أوساط الشعب الفلسطيني الأعزل وانتهاج سياسات وممارسات باطلة وغير قانونية شملت التمادي في بناء المستعمرات والمستوطنات ولاسيما في مدينة القدس الشريف وإجراءات انتزاعها لهويات الآلاف من الفلسطينيين المقدسيين لحرمانهم من حقوق الإقامة بالمدينة المقدسة، كان منها إلغاء حقوق الإقامة لما يزيد على 14 ألف فلسطيني بينهم خمسة آلاف مواطن تم إلغاء هوياتهم العام الماضي فقط في المدينة المقدسة” . وأكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة التي تستنكر وتدين مجمل هذه الانتهاكات “الإسرائيلية” الأحادية الجانب التي تسبق في نتائجها غير القانونية مفاوضات الوضع النهائي، بل وشكلت سببا مباشرا في استمرار العنف وظهور التطرف في المنطقة وأدت الى تكرار تعثر مفاوضات عملية السلام الفلسطينية “الإسرائيلية” ووصولها إلى طريق مسدود، تحرص اليوم على تذكير المجتمع الدولي بضرورة ألا يبقى منشغلا في التعامل مع المناورات والذرائع التي تختلقها “إسرائيل” من وقت لآخر بحجة الحفاظ على أمنها، في حين أنها أساساً تهدف الى إبعاده عن معالجة لب النزاع وجوهره وهو استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية . وقال السفير الشامسي ان المجتمع الدولي متمثلاً في الأممالمتحدة واللجنة الرباعية والمنظمات الإقليمية السياسية الأخرى المعنية مطالب اليوم وأكثر من أي وقت مضى بتحمل مسؤولياته بعيداً عن سياسات ازدواجية المعايير، من أجل توفير الحماية الدولية اللازمة لأبناء الشعب الفلسطيني وممتلكاته في أرضه وحقوقه غير القابلة للتصرف ومعالجة الأوضاع غير القانونية الخطيرة التي تشهدها أراضيه المحتلة بما في ذلك إعلان عدم اعترافه بالإجراءات “الإسرائيلية” الأحادية الجانب التي تسبق مفاوضات الوضع النهائي، والضغط على “إسرائيل” لحملها على وقف وتفكيك كافة أنشطتها الاستيطانية وإجراءاتها الباطلة الأخرى التي اتخذتها ومازالت في الأراضي الفلسطينية ومدينة القدس الشريف، بما فيها الجدار العازل وإجراءات تهويد القدس والعبث بالمقدسات التاريخية واستيلائها بشكل غير قانوني على المزيد من الأراضي الفلسطينية باعتبارها تشكل خرقاً وانتهاكاً صارخاً لمبادئ خارطة الطريق وأحكام القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة وجملة قرارات الشرعية الدولية بما في ذلك قرارات الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة للجمعية العامة وقرار محكمة العدل الدولية ذات الصلة، كما لا بد أيضا للمجتمع الدولي أن يطالب “إسرائيل” بالكف عن سياسات التنصل لالتزاماتها وإفشالها المتكرر والمتعمد للمبادرات العديدة التي طرحت لاستئناف المفاوضات من دون اكتراث لما قد يترتب على ذلك من استمرار لدوامة العنف والتوتر وعدم الاستقرار في المنطقة . وقال ان دولة الإمارات العربية المتحدة وإذ تبدي ارتياحها للمواقف الإيجابية التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشأن عملية السلام والتزامه بمبدأ الدولتين، تجدد موقفها المؤمن بأن تسوية قضية فلسطين والحالة في الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقها إلا بالانسحاب “الإسرائيلي” الكامل وغير المشروط من كافة الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشريف والجولان السوري ومناطق شبعا وكفر شوبا والغجر اللبنانية، وأيضاً عودة اللاجئين الفلسطينين إلى ديارهم وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وذلك في إطار ما نصت عليه مبادرة السلام العربية التي تشكل خيارنا الاستراتيجي العربي لتحقيق حل الدولتين التي نصت عليها خارطة الطريق وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام وجملة الاتفاقيات والتفاهمات التي تم إبرامها في إطار عملية السلام، وتعلن دعمها ومساندتها الكاملة لكافة الجهود الدولية والإقليمية المبذولة من أجل الدفع نحو استئناف المفاوضات الفلسطينية “الإسرائيلية” والتنفيذ الكامل لكافة بنودها واستحقاقاتها القانونية وأيضا استمرار دعمنا ومساندتها الكاملة لكل جهود دعم ومساعدة الشعب الفلسطيني للتخفيف عن محنتة الإنسانية الراهنة التي يعيشها نتيجة للحصار والإغلاق، ووقوفها إلى جانب السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية بقيادة الرئيس محمود عباس كما تدعم الجهود المخلصة التي تقوم بها جمهورية مصر العربية من أجل تحقيق المصالحة بين مختلف الفصائل الفلسطينية، وتؤكد أن استمرار فشل هذه الجهود من شأنه أن يعزز من حالة التوتر الأمني المتصاعد وعدم الاستقرار الذي تعيشه منطقتنا . وتقدم باسم وفد دولة الإمارات العربية المتحدة بالشكر والتقدير إلى حكومة مالطا على استضافة هذا الاجتماع المهم وللقائمين على الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط واللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف لتنظيمهم هذا الاجتماع من أجل دعم السلام الفلسطيني “الإسرائيلي” . ضم وفد الدولة الذي ترأسه السفير عبدالعزيز بن ناصر الشامسي الى المؤتمر الذي يختتم غداً، أحمد ناصر الخاطري عضو المجلس الوطني الاتحادي وسالم الساعدي من إدارة الشؤون السياسية بوزارة الخارجية والدكتور محمد بن هويدان من جامعة الإمارات الخليج:السبت ,13/02/2010