باريس – قبل 24 ساعة على انطلاق الدور الأول للانتخابات البلدية الفرنسية، تظهر توقعات المحللين السياسيين أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مقبل على أول خسارة انتخابية له ولحزبه الحاكم اليميني (التجمع من أجل الحركة الشعبية)، منذ انتخابه رئيسا للجمهورية قبل نحو عشرة أشهر، وذلك في ضوء الهبوط الحاد في مستوى شعبيته. وتجرى الانتخابات البلدية الفرنسية على دورتين؛ حيث يجرى الدور الأول يوم الأحد 9-3-2008، ويجرى الدور الثاني بعد يوم 16-3-2008. وهي أول انتخابات يتوجه فيها الفرنسيون إلى صناديق الاقتراع منذ انتخابهم ساركوزي رئيسا. وبالنظر إلى الهبوط الحاد في شعبية الرئيس نيكولا ساركوزي، كما تُظهر استطلاعات الرأي، يجمع المراقبون على أن الحزب الاشتراكي (أكبر أحزاب المعارضة) سيستفيد من ذلك ويحقق الفوز بغالبية البلديات الكبرى بما فيها العاصمة الفرنسية باريس ومدينة ليون بوسط فرنسا ومدينة ليل في الشمال، فيما يخشى اليمين أن يفقد سيطرته على مدينة مرسيليا في الجنوب، كما تعيش مدينة ستراسبورج بحسب الاستطلاعات آخر أيامها تحت إدارة اليمين. وتشكل بلدية العاصمة باريس أهم الرهانات الانتخابية بالنسبة لليمين واليسار على حد السواء. وكشفت استطلاعات الرأي الأخيرة أن رئيس البلدية الحالي الاشتراكي "برتران دونالوي" سيحقق الفوز من الدور الأول من الانتخابات بفارق واضح على منافسته اليمينية "فرنسواز دي بانفي". واستفاد "برترون دوناولي" من المشاريع الكبرى التي أقامها في السنوات الأخيرة في العاصمة باريس، ومنها "نظام فيليب" للدراجات الهوائية الذي يتيح للباريسيين أن يلجئوا لشراء الدراجات الهوائية التي توزعت محطاتها في كل أركان العاصمة لتسهيل عملية تنقلاتهم وللمحافظة على البيئة. كما استفاد "دوناولي" من حملته لإقامة مساكن للسكان الأقل دخلا، فضلا عن برامجه الممتدة على مدار العام من أجل تنظيم المزيد من العروض والحفلات بالعاصمة الفرنسية باريس. ودعي 44.5 مليون ناخب فرنسي لانتخاب 36 ألف رئيس بلدية و 500 ألف مستشار بلدي يوم غد الأحد. ساركوزي.. سبب الخسارة المتوقعة ويسيطر حتى الآن الحزب الحاكم (التجمع من أجل الحركة الشعبية) على 55% من البلديات، لكن وبالنظر إلى الهبوط الحاد في شعبية الرئيس نيكولا ساركوزي -الذي احتل بخلاف رؤساء فرنسا السابقين مكانة مركزية في الحكومة الفرنسية وفي نشاطات الحزب الحاكم وتميز بحضوره الإعلامي البارز– فإن كل المراقبين يعتقدون أنه سيكون السبب الرئيسي للخسارة المتوقعة لحزبه في البلديات. وكشفت وسائل الإعلام الفرنسية طوال أيام الحملة الأخيرة أن العديد من مرشحي الحزب الحاكم للبلديات تعمدوا عدم ذكر اسم نيكولا ساركوزي في تجمعاتهم وحملاتهم الانتخابية حتى لا ينفروا الناخبين منهم، بل إن بعض المرشحين المحسوبين على اليمين ذهبوا إلى عدم وضع شعار الحزب الحاكم على ملصقاتهم الانتخابية. وزاد الأمور تعقيدًا بالنسبة لنيكولا ساركوزي أن الكثير من المحسوبين على اليمين الحاكم قاموا بتقديم قوائم مستقلة في مدنهم منشقين على قوائم اختارها الحزب الحاكم بنفسه في مؤتمره العام الأخير. وبرزت آخر هذه الانشقاقات في مدينة "نيلي سيرسان" معقل ساركوزي التقليدي؛ حيث قام جون ساركوزي (21 عاما - نجل ساركوزي) بالانشقاق على مرشح آخر كان والده ذاته اختاره للترشح في هذه المدينة، مما زاد انتقادات اليسار للرئيس ساركوزي معتبرين أن هذا المشهد أصبح لا يختلف عما يجري في العديد من بلدان العالم الثالث، حيث أصبحت السياسة "شأنا عائليا". وتدنت شعبية ساركوزي إلى أدنى مستوياتها منذ بداية هذا العام لتصل نسبة الغاضبين على سياساته إلى 55 بالمائة، بينما وصلت نسبة الراضين عنها إلى 41 بالمائة. وساهم عاملان رئيسان في انخفاض شعبية الرئيس ساركوزي على امتداد الأشهر الماضية، وهما عدم وفائه بوعوده حتى الآن في تحسين القدرة الشرائية للفرنسيين، حيث قال 68% من الفرنسيين: إن ساركوزي عجز عن رفع إمكانياتهم المادية وتحسين رواتبهم وسط الارتفاع المتواصل للأسعار. أما العامل الثاني -بحسب استطلاعات الرأي- فهو إبرازه لحياته الخاصة منذ انتخابه رئيسا للبلاد. فبعد الرحلة الشهيرة على يخته الخاص -مباشرة عقب انتخابه- بصحبة قرينته السابقة "سيسيليا ساركوزي" وما أثارته من ضجة كبيرة والظروف التي حفت بطلاقه بسيسيليا فيما بعد، لم يتردد ساركوزي في إبراز حياته الخاصة وإظهارها في المقدمة مرة أخرى عن طريق التغطية الإعلامية الكبيرة التي رافقت اصطحابه لصديقته عارضة الأزياء الإيطالية السابقة "كارلا بروني" في زيارته إلى مصر والأردن نهاية العام الماضي.