لمدة يومين: اضطراب وانقطاع مياه الشرب بهذه المناطق في العاصمة..#خبر_عاجل    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    بوفيشة: احتراق شاحنة يخلف وفاة السائق واصابة مرافقه    الرّابطة الثانية : برنامج مباريات الدُفعة الثانية من الجّولة 23.    تونس تحصد 30 ميدالية في بطولة إفريقيا للمصارعة بالدار البيضاء منها 6 ذهبيات    الهند توقف تدفَق المياه على نهر تشيناب.. وباكستان تتوعد    دوّار هيشر: السجن 5 سنوات لطفل شارك في جريمة قتل    المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة في زيارة عمل إلى تونس بيومين    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المرتبة 36    جمعية الأطباء التونسيين في ألمانيا تدعو إلى ضرورة إحداث تغيير جذري يعيد الاعتبار للطبيب الشاب    ربط أكثر من 3500 مؤسسة تربوية بالألياف البصرية عالية التدفق    في المحمدية :حجز عملة أجنبية مدلسة..وهذه التفاصيل..    الإدارة العامة للأداءات تُحدد آجال إيداع التصاريح الشهرية والسنوية لشهر ماي 2025    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    وفد من هيئة الانتخابات في رومانيا لملاحظة الانتخابات الرئاسية    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    عاجل/ في نشرة متابعة: تقلبات جوية وامطار رعدية بعد الظهر بهذه الولايات..    انطلاق امتحانات البكالوريا التجريبية..    تقلبات جوية متواصلة على امتداد أسبوع...تفاصيل    عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    البطولة الفرنسية : ليل يتعادل مع مرسيليا 1-1    عاجل : دولة عربية تعلن عن حجب 80% من الحسابات الوهمية    محرز الغنوشي: حرارة صيفية الظهر وأمطار منتظرة    مفتي السعودية يوجه رسالة هامة للحجاج قبل انطلاق الموسم بأيام    حكم قضائي في حق اجنبي متهم في قضية ذات شبهة ارهابية    ترامب يأمر بفرض رسوم بنسبة 100% على الأفلام غير الأمريكية    الرحيلي: الأمطار الأخيرة أنقذت السدود... لكن المشاكل الهيكلية مستمرة    العثور على جثث 13 موظفا من منجم للذهب في بيرو    سوريا.. انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف ب"الهاون"    معرض تونس الدولي للكتاب: الناشرون العرب يشيدون بثقافة الجمهور التونسي رغم التحديات الاقتصادية    بوسالم.. فلاحون يطالبون بصيانة و فتح مركز تجميع الحبوب بمنطقة المرجى    بورصة تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث الأداء بنسبة 10.25 بالمائة    كأس تونس لكرة اليد : الترجي يُقصي الإفريقي ويتأهل للنهائي    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    الرابطة الثانية (الجولة العاشرة إيابا)    معرض تونس الدولي للكتاب يوضّح بخصوص إلزام الناشرين غير التونسيين بإرجاع الكتب عبر المسالك الديوانية    طقس الليلة.. أمطار رعدية بعدد من الجهات    قابس.. حوالي 62 ألف رأس غنم لعيد الأضحى    ثنائية مبابي تقود ريال مدريد لمواصلة الضغط على برشلونة المتصدر بالفوز 3-2 على سيلتا فيغو    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    إلى أواخر أفريل 2025: رفع أكثر من 36 ألف مخالفة اقتصادية وحجز 1575 طنا من المواد الغذائية..    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    تونس في معرض "سيال" كندا الدولي للإبتكار الغذائي: المنتوجات المحلية تغزو أمريكا الشمالية    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    النفيضة: حجز كميات من العلف الفاسد وإصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    كارول سماحة تنعي زوجها بكلمات مؤثرة    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إرهاب الدولة والجريمة المنظمة(اغتيال الشهيد المبحوح تطبيقًا)
نشر في الفجر نيوز يوم 18 - 02 - 2010


د.أحمد تحتد المزعنن الفجرنيوز
تعريف الجريمة المنظمة
الجريمة المنظمة أو المنظمات الإجرامية عبارة عن سلوكيات أو أفعال إجرامية جمعية عابرة للحدودgrouping transnational ذات طبيعة مركزية عالية،بحيث لا يعرف الفرد فيها من فوقه أو من هم تحته،وتكون ذات أنظمة صارمة ،يتم ارتكاب تلك الأفعال من قبل المجرمين بغرض القيام بأنشطة غير مشروعة ،وفي الغالب يكون الغرض منها جني مكاسب مالية .الجريمة المنظمة ظاهرة إجرامية مستحدثة في شكلها وحجمها وحركتها وفي استخدامها لأحدث التقنيات وفي صرامة أنظمتها ،وفي توفير التخطيط والتنفيذ ،وتعتبر المافيا أنموذجها المعروف.
تعريف إرهاب الدولة
هو أعمال العنف الإجرامية التي ترتكب في حق المدنيين الأبرياء ويقوم بها أفراد أو أجهزة أو جماعات تتنسب إلى الكيان الرسمي للدولة،أو تتم بمعرفة وموافقة السلطات العليا التي تشرف على هذه الأجهزة وتصدر إليها الأوامر أو تغض الطرف عن هذه الأفعال مع علمها بوجودها من حيث تبعية الجزء للكل،او توفر لها الحماية من أي نوع .
وقد وقعت جريمة اغتيال الشهيد محمود المبحوح وهو بشخصيته المدنية وفي غرف بفندق يمثل ملاذًا مدنيًا ،ولا يلتفت إلى توصيف اليهود لهذه الشخصية،وإنما المعول على كلام والدته لقناة الأقصى عندما أُعلن عن حادثة استشهاده بعد أسبوع من وقوعها في 20 يناير 2010 م في مدينة دبي،قال لها رجل المخابرات اليهودي عندما دخلوا داره عام 1989م وبالحرف الواحد:" إنكم يا دار المبحوح أنتم مدميون لدولة إسرائيل (أي عندكم دم أي ثأر حسب الأعراف التي كانت سائدة في الماضي.)
تكييف التعريفين لجريمة اغتيال الشهيد المبحوح
هذا التعريف المتفق عليه علميًا للجريمة المنظمة ينطبق على جريمة اغتيال الشهيد محمود المبحوح،باستثناء عنصر الكسب المادي،مع احتمال أن يكون من أهداف هؤلاء المجرمين المحتملين الكسب المادي في ظل الأزمة المالية الدولية،ولطالما كانت مباهج الحياة المادية بكل أشكالها هدفًا رئيسًا للجواسيس والخونة والمجرمين ولعباد الشهوات الدهريين من كل الملل،فليس هؤلاء القتلة الذين نفذوا هذا الفعل الإجرامي من المجرمين المحترفين أو السيكوباتيين ،وإذا كشفت التحقيقات عن تورط الموساد فإن الهدف المادي يتضاعف احتماله في ربطه بأهداف الدولة الصهيونية الجاذبة للمهاجرين والتي يحاول الصهاينة من إنشائها ربطها بالهدف الديني المسيحي الذي التقى مع توجهات بابا روما ورجال الدين الكهنوتي من اللاهوتيين الذين يرون في هذا الكيان الإجرامي تحقيقًا لدولة الرب ،ومن أجل ذلك فهم يدفعون حتى أبعد العلمانيين عن العقائد المسيحية إلى التحمس لهؤلاء المجرمين اليهود ،ويبررون كل سلوك إجرامي باسم الأمن والدفاع عن النفس،حتى تكاد تصبح هذه الثقافة موجهًا للسلوك الرسمي الأوروبي والأمريكي تحت ستار الحرب على الإرهاب الذين يقصدون به الإسلام .
إذن أضافت جريمة اغتيال الشهيد محمود المبحوح إلى الجريمة المنظمة بعدًا آخر يتمثل في الربط بين الجريمة المنظمة،والجريمة الإرهابية الجمعية التي تتعدى الحدود،ويرسم منفذوها حدودها مرتبطة بالسياسة الحكومية ،وهي تطبيق عملي لإرهاب الدولة الصهيوينة(مع تحفظنا على مصطلح دولة على الكيان الصهيوني)،وهنا تتجلى فلسفة إرهاب (الدولة اليهودية)التي يطالب بها المجرمون الصهاينة ،ويحاولون فرضها كمطلب أساسي جديد يرفعونه في وجه سلطة أوسلو ممثلة في الدولة الفلسطينية التي يطالب بها عباس/فياض.
------------------------------------------------------------------------
بعد فلسطيني جديد للجريمة
ورد هذا البعد فيما تناقلته وسائل الإعلامات وأجهزة المعلومات وهذا مثال عليه:
------------------------------------------------------------------------
بعد اعتقال فلسطينيَّيْن على خلفية اغتيال المبحوح
"هاآرتس": الضابطان المتورِّطان يعملان لدى دحلان
قالت صحيفة "هاآرتس" العبرية صباح اليوم الخميس (18-2) إن الفلسطينيَّيْن المتهمَيْن في المشاركة في عملية اغتيال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" محمود المبحوح؛ حصلا على إقامةٍ في دبي بصفتهما موظفَيْن يعملان في مؤسسةٍ عقاريةٍ تابعةٍ لمحمد دحلان القيادي في حركة "فتح".
وأكدت الصحيفة أن المتهمَيْن هما أحمد أبو حسنين العضو في المخابرات الفلسطينية العامة، وأنور شحيبر الذي يعمل في أحد الأجهزة التابعة ل"السلطة الفلسطينية" في رام الله، مشيرة إلى أنهما كانا قد فرَّا من قطاع غزة قبل نحو ثلاثة أعوام عقب سيطرة حركة "حماس" في قطاع غزة.
وزعمت الصحيفة أن المتهمَيْن ساعدا الخلية التابعة ل"الموساد" في تنفيذ عملية الاغتيال من خلال تقديم الدعم اللوجستي واستئجار السيارة التي استخدمها المنفذون وغرفة الفندق، وبعد عملية الاغتيال فرَّا إلى عمان.
تحليل أمني
تطبيق للجريمة المنظمة في إرهاب الدولة اليهودية

ورغم ذلك فلن نتعجل الأمور للحكم على تورط هذين الشخصين، وربما أطراف أخرى،ولكن أرى أن تسارع الأحداث في جريمة اغتيال البطل المبحوح يرحمه الله ،يسير نحو إثارة الاحتمالات الآتية :

أولاً: إن الزج بهذين الاسمين(أحمد أبو حسنين العضو في المخابرات الفلسطينية العامة، وأنور شحيبر )،وربما تلقى إلى مسار الحدث قريبًا أسماء أخرى في سياق عملية التعمية والتضليل المعرفي الذي سيخلق فوضى واضطرابًا في أوساط الشعب الفلسطيني ،ويشوش على التحقيق الرسمي إن كان ثمة تحقيقًا سيجري ويحول القضية من قضية إجرام يهودي صهيوني يجري في سياق غطاء وتواطؤ غربي إستراتيجي إلى شكل من أشكال الحرب الإعلامية الدائرة على الساحة الفلسطيينة،والتآكل الذاتي ،والتشوية الوطني لما تبقى من ملامح الشخصية الفلسطينية الكلاسيكية التي هبطت أسهمها كثيرًا ،ويتم ذلك بهدف نهائي هو فقدان الفلسطيني لمسببات فخره واعتزازه وتفرده الذي أكسبه احترام وتعاطف العالم ،وبذلك تكتسب القضية حجمها الصغير الذي يتفق مع ما يجري على الساحة الفلسطينية في حال الاحتلال والضعف والانقسام ،ولسان حال الواقع يقول :"إنه لأمر طبيعي قتل قادتكم ما دمتم على هذه الحال من التفكك الوطني،وما دام فريق منكم ينسق مع اليهود ،وما دمتم لا ترتفعون إلى مستوى التحديات الكبرى،فليس لكم الآن قضية تحاربون من أجلها ،لن يكون لكم حل إلا من خلال سلطة محمود عباس واتفاقية أوسلو".

ثانيًا :وقد يكون أحد أهداف الزج بهذين الاسمين هو تأكيد التحالف الإستراتيجي بين الكيانين الوظيفين الإجرامين ،وهما سلطة جواسيس وسماسرة أوسلو العميلة ،والكيان الإجرامي اليهودي المحتل للوطن الفلسطيني ،وربما طلب من هذين الكيانين من قِبل سادتهم الأمريكان في إطار خطة جورج ميتشيل أن يقدما أنموذجًا واقعيًا لما سيكون عليه الحال المستقبلي بين الكيانين بعد إعلان ما يعرف بالدولة الفلسطينية بعد عقد القمة العربية في مارس القادم بالعاصمة الليبية،فكل جاسوس من جواسيس أوسلو ،وكل رمز من رموز الخيانة والعمالة في كل مواقع هذا الجسد الانحرافي قد سار بعيدًا في الخط الإجرامي بحيث استمرؤوا جميعًا وعلى جميع مستويات المنظومة الفلسطينية الفعل الخياني دون وازع من ضمير ،بل وكل أفعالهم تدل على أنهم يأتون تلك الأفعال الإجرامية كما لو كانت هي القاعدة وغيرها هو الاستثناء،ولسان حالهم يقول وهم في وهدة التردي الخياني ،:"أنا مستعد افعل ما يرضيكم أيها اليهود أو الأمريكان حتى ولو أدى ذلك إلى الاشتراك في قتل قادة حماس ".
ولهذا المنطق واهد وسوابق كثيرة وآخرها موقف محمود عباس وسلطته من تقرير جولدستون وتفريغه من محتواه،ثم ما ورد على لسان بعض الصهاينة من التهديد بفضحه لتآمره على الشعب في غزة عندما طلب من اليهود عدم وقف النار ومواصلة الحرب على حماس في العدوان الصهيوني بين العامين 2008م ،2009م.
ثالثًا:ربما يكون ما يجري تمهيدًا لطي صفحة القضية أمام التلاعب الفاضح والتواطؤ الإجرامي بين أكثر من جهة أجنبية في تفاصيل هذه الجريمة ،وتعدد المصادر الدبلوماسية والسياسية وربطها بأكثر من طرف ،ليجد المسؤولون الأمنيون في الخليج وعلى رأسهم سيادة الفريق رئيس شرطة دبي أنه لا فائدة من كل ما تحاول تلك الأجهزة فعله في ظل الحماية الأمريكية والأوروبية والأممية للكيان اليهودي الإجرامي ،باعتبار أن ما يقوم به اليهود في أي ركن من أركان المعمورة هو من قبيل سياسة الدفاع عن النفس كما جرت عادة الرؤوساء الأمريكان منذ بوش الأب،وغيرهم من قادة الدول المنحازة إلى الجريمة الصهيونية،ويؤكد هذا التوجه ما يثار هنا وهناك من لوم حماس (استنكار قتل الشهيد لجنديين يهوديين في غزة عام9 198م بحجة أنهما كانا أسيرين،والتذكير بضرورة إشعار حماس لسلطات أم دبي مسبقًا قبل مجىء شخصية بثقل الشهيد المبحوح)،وغير ذلك من الحجج .
رابعًا :إذا صح اشتراك هذين (المشبوهين) في الجريمة بأي صفة كانت،وهما حسب الخبر يعملان لحساب دحلان ، فقد يكون ذلك من قبيل تصفية حسابات شخصية بين دحلان وبعض القادة الأمنيين في غزة،وتأكيد دحلان(وهو في اعتقادي لا يزال رقمًا حاضرًا في أجندة خطة ميتشيل وعباس)والأيام القادمة ربما تظهر تفاصيل أكثر عن هذا الدور ،ولم أشأ في كل ما كتبت في الماضي أن أذكر هذا الإنسان(محمد دحلان) حتى وجدت شبهًا كبيرًا بينه وبين المدعو فهمي شبانة التميمي والناطقين والمسؤولين ومعظم من يتصدرون الواجهة المزيفة الحالية لمنظمة فتح صاحبة التراث المجيد،ويكاد هؤلاء يشكلون ظاهرة اجتماعية،وهذا ما يدفعنا لإدخالهم في التحليل المني لأبعاد هذه الجريمة ،وتكاد خصائص الشخصية لديهم من أدوار أدت إلى تكيف وظائف الأعضاء للتواؤم مع الأدوار المرسومة لها،وهو مبدأ من مبادىء الفسيولوجيا ، حيث يتكيف الجسم للوظيفة فيكتسب خصائص محددة من طول تلبس الشخص لهذا الدور،ينطبق ذلك على الوظائف السوية وغير السوية،ومن ذلك النجار والحداد والسائق والمعلم والمدير والعامل الزراعي ... إلخ،فإن المدقق في شخصياتهم يجد أن وظائفهم قد كيفت شخصياتهم وخصائصهم الفسيولوجية بحيث تحكم على الشخص من مظهره على وظيفته ، ولو لم يفصح عنها ،وما يقال عن هؤلاء يصدق تمامًا على من يتوروطون في أدوار ووظائف خيانية للوطن وللشعب ،فمن اعتاد الجلوس مع اليهود القتلة المجرمين المغتصبين والتلاطف معهم والتحدث إليهم ،ومن ثم إنشاء تحالفات وعقد اتفاقيات تتكيف شخصيته بالضرورة لهذه الوظيفة أو الدور المرسوم الذي ارتضاه بإرادة أو غير إرادة ،بحيث يدرك من لديه أقل ملكة في التمييز أن هذا عميل أو جاسوس أو سمسار أو خائن ، ويزداد تأكيد ذلك كلما انغمست الشخصية المذكورة في أدوار يصورها لها الفكر المنحرف بأنها حق وأن ضدها الباطل،وهنا يتحول المكون الانحرافي إلى ثقافة لها صفة العموم والثبات، ويصدق ذلك أكثر على الجواسيس والعملاء والسماسرة وخونة الأوطان وخاصة إذا توفرت لهم أسباب الحماية كما هو الحال في سلطة أوسلو العميلة المشؤومة،ونفس الأمر ينطبق على خصائص المجاهدين والأبطال والمقاومين والجند الوطنيين والضباط الذين ربطوا أنفسهم بدور التحدي والبطولة والشجاعة والقوة المعنوية ،ولله في خلقه شؤون،(وكلٌّ ميّسرٌ لما خُلِقَ له .).
خامسًا : قد يكون اغتيال الشهيد المبحوح يرحمه الله عملا تجريبيًا يوجهون من خلاله أكثر من رسالة إلى أكثر من جهة،واختيار دبي تحديدًا له مغزاه الخاص حيث إن هذه الإمارة الصغيرة قد وظفت من الإمكانات الأمنية النظرية والتطبيقية والتقنية العالية ما لا يتوفر في الكثير من الأنظمة المتقدمة،وفيها من الخبراء والرجال القائمين على الأمن ما يعز مثاله،وهنا نتصور اليهود المجرمين الصهاينة يهزون أكتافم بصلافة وسخرية واستهزاء ولسان حالهم يقول :"حتى ولو ،لن يعجزنا شىء ،ولن تصلوا إلى شىء".
ويعزز هذا الرأي أن اليهود ربما يريدون من اقتحام قلعة دبي الأمنية أن يثبتوا أنهم قادرون على التهرب من المسؤولية عليهم في فعل إجرامي نوعي يخترق ثوابت الأمن القومي العربي في مواقع نامية تشكل رافدًا جديدًا متسارع النمو في ظهير الأمة الخلفي ،والتأكيد على أن اليهود مقتدرون ،وأن الوطن العربي منطقة نفوذ أمني كما هو منطقة نفوذ اقتصادي ،وقد أشرنا إلى هذه الحقيقة في مقال سابق نشر على منبر دنيا الوطن عند وقوع الأزمة المالية في دبي ،وربما هم بذلك يوجهون رسالة من نوع ما إلى حكومة دبي والإمارات العربية المتحدة التي تتسارع وتيرة التنمية فيها بشكل يثر الإعجاب،ولم تتاثر إلا لمامًا بآثار الأزمة الدولية التي يقول الخبراء إنها لم تبلغ ذروتها بعد .
اليهود حاليًا يتصرفون من واقع الاقتدار والسيطرة كما كان الحال قبل عام 1948م حتى فضيحة لافون في مصر عام 1954م ،لأن العالم العربي أمام سيطرة القطب الواحد وحالة العولمة التي توفر مجهولية معلوماتية ومساحات تحرك كبيرة للقوى المعادية للأمة في ظل معاهدا الصلح يشبه حاله تمامًا حالته بعد حرب فلسطين مع الفارق النسبي ،وربما كانت حاته آنذاك أفضل من الحال الراهن الذي تتراجع فيه أدوار النخب ،ويتفرغ من قواه الفاعلة بهجرة الأدمغة إلى الخارج،وفي ظل الأزمة العالمية الراهنة يجد اليهود مجالاً لشراء الذمم أكثر من الماضي ،بناء التحالفات مع دول كانت محسوبة على قوة المقف العرب :الهند والصين مثالان .
سادسًا: على الرغم من أن استشهاد بطل من أبطال المقاومة الفلسطينية وبهذه البساطة يعتبر عملاً محبطًا ،ولكنه إذا حُمل في إطار حركة التحرر الوطني يكون ذا أهمية نسبية ،فقد سبقته قوافل من الشهداء ،ويحتجز اليهود آلاف البطال في الأسر والسجون والعتقلات ويطاردون يوميًا هم وعملاؤهم في رام الله المجاهدين والمقاومين،غير أن المر ربما يجب أن يؤخذ في بعده الأممي أنه إنذار لإيران التي تتصاعد وتيرة حصارها والتحضير لتوجيه ضربة مفاجئة وموجعة لها تدمر مقدراتها وترجعها عقودًا وربما قرونًا إلى الوراء كما فعلةا بالعراق،واختيار دبي مسرحًا للجريمة ربما يحمل معنىً خاصًا لوجود مشكلة مستعصية بين الإمارات وإيران على الجزر الثلاث،ومن رتب لهذه الجريمة افرهابية المنظمة ربما استظل بالوجود العسكري الأمريكي في الإمارات وفي الخليج،وقد كان الموساد كوجودًا وبقوة في ميناء عبدان الإيراني زمن الشاه من جملة ما كان موجودًا فيها من أجهزة الاستخبارات ،وقد استفادوا حينئذ من شخصية الشاه الذي كان يمثل شرطي الخليج بعد القضاء على ثورة مصدق عام 1901م ،والمجىء بالشاه ليشكل تحديًا ولاجمًا إقليميًا لحركة القومية العربية الثورية الناصرة المتصاعدة، وتجاذباتها على حدود إيران الفارسية المستقوية بالغرب.وربما تصور هؤلاء المجرمون أن دبي لها نفس خصائص عبدان في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين،والأيام دول ،وربك يخلق ما يشاء ويختار .
والله أعلى وأعلم ،وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(... والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .)(يوسف 21)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.