مقتدى الصدر... وداعا أيها السلاح ! محمد العماري لا يكفي القول إن مقتدى الصدرهو واحد من أكثرالشخصيات التي أفرزها الاحتلال الأمريكي للعراق إثارة للجدل. فالرجل, وعلى العكس من نجوم مسرح اللامعقول في المنطقة الخضراء, صال وجال وهدّد وعربد وظهر وإختفى أكثر من مرّة, دون أن يتمكّن المواطنون, بمن فيهم أولئك الذين إنخرطوا كالعميان في تيّاره, من الوقوف على حقيقة نواياه وإدراك طريقة تفكيره وبالتالي معرفة ما يريده بالضبط وفي أي خندق يقف. فمن جهة يظهر مقتدى الصدرعداءا شديدا الاحتلال الأمريكي ويدّعي أنه ضده ويُطالب بزواله, والكل يعرف إن المطالبة شيء والعمل شيء آخر, ومن جهة أخرى ينخرط دون تردد في ما يُسمى بالعملية السياسية التي أفرزها الاحتلال والتي أنجبت بدورها مخلوقا طائفيا مشوّها أطلقوا عليه إسم حكومة. وبالرغم من إن هذه الحكومة مكروهة ومعزولة وفاشلة على جميع الأصعدة, الاّ إن سماحة مقتدى الصدر ونوابه في البرلمان ظلّوا يمدونها بمقومات البقاء وسُبل الاستمرار بدل أن يسارعوا في إسقاطها والتبرأ من جرائمها التي فاقت كل التصورات, ليثبتوا حسن نواياهم وصدق ادعاءاتهم بانهم يقفون الى جانب الشعب العراقي المفلوب على أمره ويسعون الى تخليصه من الاحتلال الأمريكي الغاشم. والسؤال الملح حاليا هو هل قرّر مقتدى الصدر بملأ إرادته"الاعتزال والانزواء" والتفرغ للدراسة أم أنه أُرغم على مغادرة خشبة المسرح لأن دوره,الذي أدّاه بأتقان وجدارة في خدمة الاحتلال, قد إنتهى وإن موسم السياسة المسرحي في عراق اليوم يمرّ في مرحلة مراجعة وتوزيع أدوار خصوصا بعد زيارة المجوسي أحمدي نجاد وإجتماعه بعبد العزيزاللاحكيم الممثل الرسمي الوحيد للمصالح الايرانية في العراق المحتل. وبالتأكيد فان لقاء الرئيس الايراني نجاد بعبد العزيزاللاحكيم والمؤتمرالصحفي الذي عقده الاثنان كان بمثابة رصاصة الرحمة على الفتى مقتدى وتياره الذي ينخره فيروس التشتت والتشرذم منذ فترة طويلة. وواضح حتى للعميان إن جمهورية الملالي إيران, باعتبارها شريك لأمريكا في إحتلال العراق, فضّلت التخلّص من معمّم مشاغب حاد المزاج وقليل الخبرة في العمالة, والاحتفاظ بعبد العزيزاللاحكيم لأنه ورقتها الرابحة وأكثرأبنائهاإخلاصا وتفانيا. كما أن الحكيم, فضلاعن كون حكومة بغداد العميلة تستند على عمامته, لا يتردّد لحظة واحدة عن بيع ثلاثة أرباع العراق في المزاد العلني من أجل جارة الشر إيران. وبغض النظرعن المبررات والمسببات الكثيرة التي طرحها مقتدى الصدر حول إعتزاله العمل السياسي, وهو هنا يعترف بانه كان رجل سياسة و ليس رجل دين, ستيقى الجرائم البشعة التي إرتكبها أتباعه سواءا بأوامرمباشرة منه أم لا, راسخة في أذهان وقلوب ملايين العراقيين. خصوصا وإن الكثير من الرعاء والجهلة وأصحاب السوابق, والذين يشكّلون العمود الفقري لما يُسمى بجيش المهدي, كانوا يمارسون القتل والخطف والتعذيب والسرقات باسمه وخلف رايته. وساهموا في تمزيق لحمة الشعب العراقي وبذر سموم الفرقة والعداء والاحتراب بين أبنائه, بعد أن كان هذا الشعب, قبل الاحتلال الأمريكي - الصفوي مثالا رائعا للتآخي والانسجام والتكاتف. سيطوي النسيان مقتدى الصدر ويصبح في خبر كان بعد أن رفع الراية البيضاء أمام خصومه من نفس الطائفة, وإنسحب الى ركن مظلم تاركا خلفه جيشا من الرعاع والغوغاء وأصحاب العقول المتحجّرة. لكنّ صرخات الآلاف من الضحايا الأبرياء, ممن قتلوا على الهوية, ولعناتهم سوف تلاحقه الى دهاليز قم المظلمة. وسيصعب على "سماحة" مقتدى الصدر, بعد هروبه المخزي والذي يسمّيه إحتجاجا على ماآلت اليه الأوضاع في العراق, إفراغ ذمّته أمام الله كما يقول. [email protected]