يبدو الإعلان للوهلة الأولى كأي إعلان يثير الشفقة لدى القاريء، ويحثه للتبرع من أجل فقراء "إسرائيل" تحت عنوان: "أطعموا أطفال إسرائيل البؤساء الجائعين". إلا أن الصورة التي اُستخدمت على الإعلان ليست لطفل إسرائيلي جائع, بل لطفلة فلسطينية تذرف الدموع حزنا على مقتل عائلتها في الحرب الإسرائيلية على غزة.قامت مؤسسة مئير بانيم الإسرائيلية والمعنية بإغاثة الفقراء في إسرائيل باستخدام الصورة في إعلان الكتروني نشرته على عدة مواقع، من بينها موقع المؤسسة ذاته. لكنها التزمت الصمت وغيّرت الصورة بعد أن انتشرت أخبارها عبر مواقع مدونين فلسطينيين. طفلة وحنفية ما يجعل القضية أكثر حساسية كون هذه الصورة قد اُلتقطت خلال جنازة خمسة من أعضاء عائلتها قُتلوا جميعا، على أيدي القوات الإسرائيلية خلال الحرب على قطاع غزة عام 2009. المصور الفلسطيني فادي عدوان كان من بين الحضور والتقط صورة الفتاة التي رآها تجهش باكية خلال الجنازة: "التقطت هذه الصورة في الرابع من يناير في العام 2009 في بيت لاهيا شمال قطاع غزة. أخذت هذه الصورة أثناء توديع الطفلة لأقربائها. كانت الطفلة واقفة بجانب حنفية للمياه فالتقطت الصورة وحاولت الربط بين دموعها الجارية وقطرات الماء المتساقطة من الحنفية". ومؤسسة مئير بانيم هي مؤسسة إسرائيلية تنشط في أكثر من عدد من الدول الأوربية إضافة للولايات المتحدة وإسرائيل، وتهدف لمد يد العون للفقراء الإسرائيليين، وتوفير الوجبات اليومية والمعونة في إيجاد السكن والعمل للفقراء والمحاجين. تجارة في رد فعل على القضية قالت شلوميت باركان نائبة مدير المؤسسة في إسرائيل إن الفرع الأمريكي للمؤسسة في بروكلين نيويوك، هو المسئول عن نشر هذه الصورة. وحسب باركان فإن زملائها في أمريكا قاموا بشراء الصورة مع مجموعة أخرى من صور الفقراء من مصدر آخر. "توضيحنا للقضية هو أن الفرع الأمريكي للمؤسسة قام بشراء ملف من الصور لاستعمالها في الإعلانات. ونحن كمؤسسة لا يمكننا أن نصور الأطفال المحتاجين ونستعمل صورهم لجمع التبرعات. إحدى الصور كانت صورة طفلة تذرف الدموع دون ذكر المعلومات عنها. وبمجرد أن علمنا أن الصورة كانت لطفلة فلسطينية قمنا بإزالتها". لكن الإعلان الذي نشره الفرع الأمريكي للمؤسسة لم يقتصر على مواقع أمريكية، بل استعملته أيضا مواقع إسرائيلية من بينها موقع صحيفة هآرتس الإسرائيلية. والتي قامت هي أيضا بإزالة الإعلان بمجرد انتشار خبر الطفلة الفلسطينية. وشددت باركان في حديث مع إذاعتنا على أن المؤسسة الإسرائيلية معنية بإطعام وإغاثة فقراء إسرائيل عربا ويهودا على السواء. لكنها لم تفصح عن اسم المصدر التي تدعي المؤسسة أنها اشترت الصورة منه. من جهته نفى المصور الفلسطيني ومالك حقوق النشر لهذه الصورة بيعها بهدف التجارة، وقال أنه غالبا ما يبيع صورة معينّة للنشر مرة واحدة وليس لغرض بيعها للمستهلكين. وأضاف بأنه حتى ولو كانت المؤسسة قد اشترتها من مصدر آخر فإن العنوان الخاص والمعلومات المرفقة بكل صورة تشتريها تكون واضحة وتشرح بالتفصيل محتوى ومكان الصورة. شبكة عنكبوتية يعتقد عدوان أنه من الأرجح أن الصورة وقعت في أيدي الجمعية الإسرائيلية بعد أن نشرت في مواقع أخبار دولية عديدة. حيث عمل عدوان العام الماضي خلال الحرب على غزة كمصور حر لصالح وكالة الأنباء الأمريكية أسوشيتد برس، ولصالح وكالات أخرى، وكانت هذه إحدى الصور التي انتشرت عبر النترنت على مواقع وكالات الأنباء وصحف أجنبية. ولم تصل أخبار الصورة لمصورها حتى اتصل به مراسل لإذاعة أجنبية ليسأله إذا كان هو بالفعل مالك هذه الصورة. لم يتصل المصور بالمؤسسة المعنية لطلب الاعتذار، لكنه يخطط في المستقبل بأن يطالب بحقوقه عن طريق جمعيات أخرى قائلا: "سوف أتحدث لجمعيات تهتم بحماية الحقوق الملكية الفكرية وحقوق النشر. تقرير عبير صراص – إذاعة هولندا العالمية