أزمة ديون الجمعيات الرياضية محور جلسة عمل بوزارة الشباب والرياضة    ريال مدريد يضم ألفارو كاريراس: ثاني أغلى مدافع في تاريخ النادي    رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة: "توقعاتنا ايجابية للموسم السياحي رغم كل الصعوبات"    فولفو للسيارات تتكبّد خسارة بمليار يورو بسبب الرسوم الجمركية    شرط طهران لاستئناف مفاوضات البرنامج النووي    ترامب يمنح روسيا مهلة 50 يوما لإنهاء الحرب ويرسل شحنة أسلحة لأوكرانيا عبر الناتو    حملة تطهير في منطقة باب بحر: 14 مخالفة صحية وحجز عشرات الكراسي والطاولات    شراء العقارات من الجالية بالخارج    مهرجان سوسة الدولي:"مقام العشاق"في الإفتتاح" والرشيدية في الإختتام    تاريخ الخيانات السياسية (15)نهاية ملوك إفريقية    9 أوت موعد انطلاق البطولة... والديون تهدد مستقبل بعض الأندية الرياضية    عاجل/ وزارة التعليم العالي تحذّر من بلاغات كاذبة حول التوجيه الجامعي..    القطاع السياحي ينتعش: تونس تتوقع موسمًا سياحيًا واعدًا يتجاوز أرقام 2024    وزير التربية: خطة وطنية لتأهيل البنية التحتية التربوية وتعميم التعليم العصري    للناجحين في البكالوريا: هكذا تكتشفون صيغتكم الإجمالية عبر الإرساليات القصيرة    ديوان الحبوب يؤكد عدم تسجيل أضرار في الحبوب المجمّعة جراء الأمطار الأخيرة    مباراة ودية: النادي الصفاقسي يفوز على نجم المتلوي 4-1    مدنين: إخماد حريق اندلع بسوق الملابس المستعملة بمدينة مدنين دون تسجيل أضرار بشرية    لقاء تونسي - جنوب إفريقي لدعم التعاون الصحّي والابتكار في إفريقيا    وزير الداخلية : "الوضع الأمني مستقر.. والدولة تخوض حربا ضد أباطرة المخدرات    لحظة مذهلة في مكة: تعامد الشمس على الكعبة وتحديد دقيق للقبلة    شركة نقل تونس: استئناف الجولان على الخط الحديدي تونس-حلق الوادي-المرسى على المسلكين    منوبة: وفاة زوجين وطفلهما في انقلاب شاحنة خضر    أسبوع الأبواب المفتوحة : وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية تصغي للتونسيين المقيمين بالخارج المهتمين بالاستثمار في الفلاحة    عاجل/ حجز كميات هامة من اللحوم والمواد الغذائية الفاسدة بهذه الولاية    القصرين: تقدّم موسم حصاد الحبوب بالجهة بنسبة 76 بالمائة    وفاة مقدم البرامج والمنتج الفرنسي الشهير تييري أرديسون عن 76 عاماً    عملية تغيير مسار المعدة تُنهي حياة مؤثّرة شهيرة على "تيك توك".. #خبر_عاجل    من الكاف إلى دبي: توأم التحدي بيسان وبيلسان يسطع نجمهما في تحدي القراءة العربي!    قبل حفلتها في قرطاج : لطيفة العرفاوي توجه رسالة لجمهورها    عاطف بن حسين يعلن عن مسرحية سياسية ساخرة بعنوان "الديكتاتور" تروي أحداث "العشرية السوداء"    طبيب خاصّ في تونس يتقاضى أكثر من طبيب عمومي في فرنسا    حرب على التهريب: حجز بضائع بأكثر من 115 مليار في 6 أشهر فقط!    موسم الصولد الصيفي على الأبواب...والتخفيضات تصل إلى 60    ب360 مليون؟ أجر نجوى كرم في قرطاج يصدم الفنانين و إدارة المهرجان توضح !    7 عادات صباحية بسيطة... تغيّر حياتك من أول أسبوع!    تحسّ بحاجة تصعقك كي الضو في يدك ولا ساقك؟ هاو التفسير الطبّي    تسوق في السخانة؟ ما تخرجش قبل ما تقرا هالكلام!    أيام قرطاج المسرحية: متى يعلن عن موعد الدورة الجديدة ؟    الدورة 30 من مهرجان الياسمين برادس من 20 جويلية إلى 15 أوت 2025    الدورة السادسة لمهرجان الفل والياسمين من 13 الى 16 أوت المقبل بمدينة الحمامات    تونس تشارك في بطولة افريقيا للكاراتي ب 10 عناصر (المدير الفني الوطني)    وزير الداخلية السوري يكشف السبب الرئيسي وراء أحداث السويداء    وزير التربية: قبول الحاصلين على معدل 14 من 20 فما فوق لدخول الإعداديات النموذجية    عاجل/ فاجعة جديدة في شاطئ سليمان..وهذه التفاصيل..    استشهاد صحفيين اثنين في قصف للاحتلال الصهيوني على قطاع غزة..#خبر_عاجل    سينر يطيح بألكاراز ويحرز لقب بطولة ويمبلدون للتنس    جيش الإحتلال يحذّر نتنياهو من "خطة رفح"    تسجيل إضطراب وانقطاع في توزيع مياه الشرب بالمناطق العليا من سيدي بوزيد وضواحيها الإثنين    الحماية المدنية : 137 تدخلا لإطفاء الحرائق في الأربع والعشرين ساعة الأخيرة    قفصة: بلدية السند تتحصّل على جائزة أنظف بلدية لسنة 2025 على المستوى الوطني    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المركز 71 عالميا    يشمل قرابة مليون تونسي .. مقترح قانون لتسوية الوضعية العقارية للأحياء الشعبية العشوائية    طقس اليوم: الحرارة تصل الى 46 درجة مع ظهور الشهيلي ٍ    لقطة طريفة.. ترامب يكسر البروتوكول على منصة تتويج تشيلسي بلقب كأس العالم للأندية    أعلام من بلادي: عزيزة عثمانة .. أميرة الورع والخير    تاريخ الخيانات السياسية (14): القصر لساكنه..    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيس الطحين في فلسطين : توفيق أبو شومر
نشر في الفجر نيوز يوم 08 - 04 - 2010


بقلم / توفيق أبو شومر الفجرنيوز
أشرتُ ذات يوم إلى منزلة كيس الطحين في فلسطين،وقلتُ إن له منزلةٌ في أسرنا وأيَّ منزلة، وشبهته آنذاك ببودرة (الجبس) أو الجص ، فهو قادر على تكوين طبقة لاصقة على الأفواه تمنع صراخها وألمها، وهو في الحقيقة قادر على إسكات الفقر والألم مدة تتراوح بين أيام ، أو أسبوع بحسب عدد أفراد الأسرة.
وكيس الطحين له قدسية كبيرة في الأسرة الفلسطينية، وقد وصف تلك المنزلة أحد معارفي فقال:
لا أنام إلا بعد أن أشاهد برميل الطحين الذي يتسع لمائة كيلو من الدقيق مملوءا عن آخره، فأولادي من أكبر مستهلكي الدقيق في العالم، فهم لا يحسون بالشبع إلا بعد أن يملؤوا بطونهم بالأرغفة وبخاصة عندما تكون ساخنة !
فالخبز يعوّضهم عن أشياء أخرى لا أستطيع شراءها كل يوم، فهو طعامٌ تعويضي قادرٌ على إسكات الأمعاء الفارغة !
حاولت أن أبحث عن دراسات حول هذا الموضوع الطريف لأعرف آثار كيس الطحين على الأسرة الفلسطينية، أو منزلته بين أنواع الطعام ، وهل يحظى بالترتيب الأول بين أنواع الطعام ؟ كما حاولت أن أبحث أيضا عن علاقة الاستهلاك المفرط للخبز، وبين الأمراض المتنوعة ، فلم أعثر في المكتبات أو في المواقع الإلكترونية على ما يُشفي غليلي !
وما أزال أبحث عن علاقة هذا الكيس البديع المحبب بمرض السمنة الآخذ في التفشي بين الفلسطسينيين بسرعة البرق، لأعزز نظريتي بأن لكيس الطحين آعراضا صحية خطيرة، ولا سيما إذا كان الكيسُ مقرونا بالسجن والحصار وانعدام الرياضات ومراكز الترفيه، كما أن أكياس الدقيق توزع بالمجان على أكثر من نصف السكان، وهو ربما الأرخص سعرا في كل بقاع الأرض، وإذا أضفنا إلى ما سبق حالة البطالة التي يعاني منها آلاف الموظفين في قطاع غزة ، فهم يستهلكون، ولا يمارسون رياضة العمل، وهي أبسط أنواع الرياضات ، فإننا نشعر بفداحة الأمر!
ومن يسر في شوارع غزة هذه الأيام، يرَ ظاهرة السمنة بوضوح بين صغار السن، وبخاصة النساء، على الرغم من أن معظم دول العالم أُعلنت رسميا بأن السمنة هي المرض الأكثر خطورة في عالم اليوم ، لما لها من آثار جانبية على الصحة العامة واستهلاك الدواء، وكثرة انتشار الأمراض مما يعيق خطط التنمية في كل الدول.
كما أن كثيرين من الفلسطينيين ما يزالون يحيون العصور الغابرة ، عندما كانت السمنة دلالة على العيش الرغيد وسعة ذات اليد، بسبب كثرة المجاعات ولم تكن مرضا خطيرا من الأمراض ، فهم ما يزالون متمسكين باستخدام كلمة (ناصح) للشخص السمين، وهي كلمة محببة جدا، فهي تعني الصحة والقوة والسلامة ويكون معناها أيضا، أن الناصح شخص عاقل (حكيم) !
لن أخوض فيما اعتاد عليه ( الناصحون) وهم يبررون نصاحتهم، بأن للآمر علاقة بالاحتلال وضيق ذات اليد والفقر والعوز، وقلة مصادر الدخل، فما أزال أعتبر السمنة مرضا خطيرا جدا على بنية المجتمعات، وبخاصة المجتمع الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال .
وما أزال أذكر بأن الفيلسوف فردريك نيتشة الذي توفي في أول أعوام القرن العشرين، قد ربط بين غذاء الشعوب وطريقة تفكيرها، وهذا أمرٌ ممتعٌ وفريد فقال:
" إن للآطعمة آثارا على العقول، فالديانة البوذية مثلا، وليدة الأرز، فزراعة الأرز والإشراف عليه وجنيه عبادة أرضية تتم في الحقول والمستنقعات الواسعة، وهذه الزراعة هي المسؤولة عن نشر الديانة البوذية في الهند التي غيَّرت العبادة من السماء إلى الأرض ، فالبوذية ليست دينا سماويا !
كما أن زراعة الأرز وجنيه تحتاج إلى رياضة وصبر وجلد، وهذا ما دفع البوذيين إلى استخدام رياضات اليوغا المعروفة.
أما سبب ظهور الفلسفة الميتافيزيقية في ألمانيا عند كبار الفلاسفة الألمان أمثال كانت وهدغر وهيغل وغيرهم، فيعود عند نيتشه أيضا إلى مشروب البيره الكحولي، فإفراط الألمان في شرب الجعة يجعلهم يعيشون في خيالاتهم وأوهامهم فيبتدعون عوالم أخرى جديدة"
أورد نيتشه هذا التحليل في إطار ساخر ، غير أن أحدا من العلماء لم يكمل ما بدأه الفيلسوف الكبير نيتشه، فلو أضافوا إلى نظرية نيتشة الجبن والبطاطا الفرنسية وجعلوهما مسببا رئيسا لحب الفرنسيين الرقص، وولعهم بالفنون والآداب مثلا، كما أن استهلاك الإنجليز والأمريكيين للحوم الحمراء يفسر السبب وراء الحروب وتكوين الجيوش والإمبراطوريات، إلى أن نصل إلى (كيس الطحين) في فلسطين.
فماذا يمكننا أن ننسب إلى كيس الطحين المقدس في فلسطين ؟
هل ننسب له الصبر الفلسطيني القياسي على الآلام وقوة الاحتمال، أم ننسب له الخلافات الأسرية والقبلية والحزبية؟
أم أنه السبب في الانقسام الفلسطيني الراهن؟ أم أنه سبب رئيس من أسباب التفكك الأسري؟

لقد أعلنت دولُ العالم، وعلى رأسها أمريكا بأن السمنة هي أخطر الأمراض، لأنها تقتل أضعاف ما يقتله كل أنواع السرطانات المظلومة ! وأضعاف ما تقتله الأوبئة العالمية المنتشرة في كل العالم .
قال لي أحدهم، وهو صادقٌ:
إن عملية إعداد الخبز، أهم بكثير من كل واجبات زوجتي ، حتى واجباتها نحوي وهي أصعب واجباتها المنزلية، فهي تقضي ثلثي وقتها في إعداد الخبز، فما تخبزه في يومين أكثر من مائة رغيف كبير ، يكفى لحفلة من الحفلات الكبرى! وواصل باسما :
" إن ما أجمعه من بقايا الأرغفة من أيدي أطفالي الثمانية عندما يغفون فوق فراش نومهم ،وهم يقضمونه كأنه مخدر، يكفي لوجبة طعام لعائلة" !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.