أندرياس كايزر (نقله من الفرنسية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي) تتجه الحكومة السويسرية حثيثا إلى اعتماد سياسة تهدف إلى تسريع طرد طالبي اللجوء الذين رُفضت مطالبهم، وفي مقدمتهم الرعايا النيجيريين. لكن "المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين" تنبه إلى أن المسألة شائكة ومعقدة، وتحذّر من مخاطر انتهاك دولة القانون في حالة تسريع عمليات الطرد الإجباري. هذه القضية طفت على السطح بعد التصريح الذي أدلى به ألارد دي – بوا ريموند، المدير الجديد للمكتب الفدرالي للهجرة إلى الصحيفة الأسبوعية "Am Sonntag" الصادرة بالألمانية في زيورخ، والذي جاء فيه: "هؤلاء الأشخاص لم يأتوا إلى سويسرا بحثا عن اللجوء، بل من أجل الربح والتجارة"، في إشارة إلى طالبي اللجوء النيجيريين. وأضاف المسؤول الفدرالي في تصريحاته المثيرة: "يمارس العدد الأكبر منهم أنشطة تدخل ضمن تصنيف الجريمة الصغرى، أو الإتجار في المخدرات. هذه حقيقة لا يمكن ان ننكرها". ولمواجهة ذلك، يفكّر المكتب الفدرالي للهجرة بتشكيل مجموعة عمل تضم في نفس الوقت ممثلين عن الحكومة الفدرالية وعن الكانتونات، مهمّتها اختصار الفترة التي يتطلبها البت في مطالب اللجوء، وطرد النيجيريين الذين رفضت مطالبهم بأسرع ما يمكن إلى خارج البلاد. بعد الوعيد.. التنفيذ فتح تصريح المسؤول الحكومي الباب لأنصار حزب الشعب (يمين شعبوي)، الذين يطالبون منذ فترة طويلة بتشديد الإجراءات العقابية والقوانين ضد طالبي اللجوء المتهمين بارتكاب جرائم. وفي اليوم الموالي (الإثنيْن 12 أبريل 2010) قال هانس فيهر، النائب البرلماني عن حزب الشعب: "على الحكومة الآن الإنتقال من الخطاب إلى الممارسة. وعلينا سحب رخص الإقامة المؤقتة الممنوحة لهم، وتحديد هوياتهم الحقيقية. لقد حان الوقت للتحرّك". وردا على هذا الإندفاع، يعتقد بيات ماينر، أمين عام المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين (Osar) أن الأمر ليس بهذه البساطة، مذكّرا بأن "المدراء السابقين للمكتب الفدرالي للهجرة قد فشلوا في معالجة هذه المشكلة"، ومشيرا إلى أن "المسؤولين في البلدان الأخرى يواجهون نفس المعضلة، وإذا ما توصّل السيد دي – بوا ريموند إلى تحقيق ما فشل فيه الآخرون، فسوف يكون الإقبال على وصفته كبيرا جدا". من جهته، يرى أندي تشوبرلين، النائب عن الحزب الاشتراكي أن تشديد الإجراءات "في بعض الحالات مهم ومبرر، لكن لا يجب ان نغفل أننا بصدد حالات فردية يجب أن تدرس بعناية، وهذا يتطلب بعض الوقت". مسار قضائي طويل حول هذا المسار بالذات يحاول مدير الكتب الفدرالي للهجرة تركيز جهوده، ويقول: "إنه أمر واقع، بعض النيجيريين يستثمرون السذاجة السويسرية، ويستغلون نقاط الضعف في القواعد المنظمة لملف اللجوء. بالنسبة لي الأمر واضح جدا: سويسرا بلد لجوء جذّاب بالنسبة للأشخاص الذين يسيئون استخدام حق اللجوء. تمنحهم أنظمتنا وقتا كافية لينخرطوا في أنشطة غير قانونية". هذا الأمر يشاطره أيضا بيات ماينرالذي يضيف: "الأشخاص الذين لا يوجد سبب لمنحهم الحماية، ثم إضافة إلى ذلك يمارسون أنشطة إجرامية، لابد أن يغادروا التراب السويسري في أسرع وقت ممكن". لأن مثل هذه الحالات، يضيف مدير المنظمة المدافعة عن حقوق اللاجئين: "إذا ما تم التسامح معها، تضر كثيرا بقضية اللاجئين". لكن من الضروري، بالنسبة لممثل هذه المنظمة غير الحكومية "أن تظل القواعد المعمول بها في مجال اللجوء متطابقة ومقتضيات دولة القانون. ولا بد أن يمنح طالب اللجوء الفرصة لعرض ملفه على القضاء في حالة الرفض بما يسمح بتصحيح الوضع في حالة حصول خلل من السلطات المعنية". ولوضع الأمور في نصابها بالنسبة لحالة النيجيريين، يؤكد بيات ماينر، على أن "هناك أسباب حقيقية لمغادرة نيجيريا بحثا عن ملجأ جديد"، ويذّكر في هذا السياق ب "أوضاع حقوق الإنسان المتردية، وانتشار ظاهرة الفقر في بلد يبلغ عدد سكانه 150 مليون نسمة، ويتشكل شعبه من أكثر من 400 مجموعة إثنية"، كما أن التعذيب، والإضطهاد، والنزاعات المسلحة تُعد - حسب تقارير المنظمات الحقوقية - جزءً من الحياة اليومية في نيجيريا. رغم كل ذلك، لم يحصل على اللجوء في سويسرا في عام 2009، سوى نيجيري واحد، مقابل ستة أفراد منحوا إقامة مؤقتة، و1800 شخص رفضت مطالبهم. قضايا مفتعلة تطرح قضية اللاجئين النيجيريين مشكلة أولى تتمثل في أن أغلبية طالبي اللجوء القادمين من هذا البلد قد قصوا على مسامع المسؤولين نفس الروايات والأحداث، وهي قصص قصيرة تفتقد المصداقية"، ولا تعكس هوياتهم الحقيقية. وإلى هذا السبب، يعزو بيات ماينر"رفض طلباتهم، وهذا الإنطباع نجده أيضا لدى ممثلي الجمعيات الإنسانية الذين حضروا جلسات الإستنطاق". ولكن لماذا يفضّل طالب اللجوء النيجيري عدم رواية الوقائع كما هي؟ لا تجد الجمعيات الإنسانية الناشطة في هذا المجال تفسيرا مُقنعا لهذه الظاهرة، "ولا نستطيع الإكتفاء بمجرد تخمينات"، يضيف ماينر. ربما يكونوا قد قطعوا على أنفسهم عهدا لجهة دينية ما، أو أن يكون السبب مجرد تقديرات وتخمينات منهم، أو "ربما يشعر هؤلاء بالخوف، لأسباب قد لا نعرفها. ربما يتخيّلون أنه إذا ما تحدثوا، فسيحدث أمر سيئ. قد يكون هذا السبب أو ذاك وراء اختيارهم للصمت". كذلك تُرفض مطالب النيجيريين لعدم امتلاكهم وثائق رسمية تثبت هوياتهم، وهو ما يطرح مشكلة حتى في حالة اتخاذ السلطات المعنية قرار الرفض. فالبلد الذي بالإمكان أن يُعاد إليه اللاجئ يشترط إمكانية إثبات هوية ذلك الشخص، وبالتالي تحديد موطنه الاصلي بشكل قاطع. أندرياس كايزر - swissinfo.ch (نقله من الفرنسية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)