اعداد: يسرية سلامة الفجرنيوز تأليف: إبراهيم بن حبيب الكروان السعدي الناشر: دار جرير للنشر والتوزيع0 الطبعة الثانية، 2009. عدد الصفحات : 398 . المقاس: 17.5 × 25 سم . ظهر ضمن توالى الاهتمام بالأزمة المالية فى الاقتصاد المعاصر-كتاب (قراءة في الأزمة المالية المعاصرة). بدأ الكاتب في مقدمته بالتمهيد لنشأة المصارف, وبطاقات الائتمان ومنح القروض، ثم من خلال تحليله لبعض القضايا السياسية, عرض وصفًا مفصلاً لتاريخ الأزمة وأسباب نشأتها, وعوامل تفاقمها, وأثر مردودها على الأعمال المصرفية فى بعض دول الخليج العربي, و بعض دول القارة الإفريقية, برغم ما تمتلكه من الثروات ثم تنطلق صفحات الكتاب لتسرد أقوالاً لبعض العقلاء من أهل الحضارة يعترفون فيها بعيوب هذا النظام, وبالخلل البين في قواعده التركيبية، مطالبين بإحلال نظام جديد يتلاءم مع واقع الحياة البشرية, ويراعي الأخلاق, ويحقق عملية التوازن بين فئات المجتمع والمؤسسات الدولية. وبالكتاب رصد لبعض الأخبار اليومية المنشورة فى الصحف العالمية, في المجال الاقتصادي والسياسي والاجتماعي به أيضا عرض لرأي المفكر المصري سيد قطب, من خلال حديثه عن دور اليهود في إفساد أوروبا, إذ قال: ( فعندما كانت الثورة الصناعية تدق أبوابها, وكان اليهود يقدرون لأنفسهم فيها أرباحًا طائلة عن طريق الإقراض بالربا، ومنذ مولدها واحتياجها إلى المال لتمويل الصناعة الناشئة سقطت فريسة في يد اليهود, وما تزال حتى هذه اللحظة في أيديهم). ثم أوضح الكاتب مدى تأثير القروض في الحياة الاجتماعية للأفراد في ظل النظام الرأسمالي, الذي امتد بأذرعه المختلفة إلى كافة أرجاء العالم, وخاصة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار النظام الاشتراكي، مع عرض لتردي الأوضاع الاقتصادية في المملكة المتحدة بسبب الأزمة المالية, إضافة إلى رؤية للإمبراطورية الأمريكية ومحنة قضايا التسليف والإفلاس، بظهور أزمة الرهن العقاري وتداعياتها السلبية. ثم عقد مقارنة لأزمة الائتمان في بعض دول الخليج العربي، باسطًا الحلول والمقترحات التي تحد من هذا الداء العضال ويوضح الكتاب أن المستهلكين هم أشد فئات المجتمع تضرراً, وطرح بعض أسباب تفاقم أزمة الاقتصاد العالمية، وهي الحروب التي شنت من أجل السيطرة على الاقتصاد, وما صاحبها من عمليات تمويل باهظة، والفساد بمختلف طرقه, وأزمة الائتمان العقاري وهي أخطر العوامل وأبرزها. كما أورد دراسات وإحصاءات تشير إلى أن الأموال التي تنفقها الولاياتالمتحدة في اليوم الواحد على الحرب في العراق, يمكن أن تشتري منازلا لحوالي 6500 أسرة, أو تحقق تأمينا طبيا ل 423529 طفلاً, أو تزود 1.27 مليون منزلاً بطاقة كهربائية متجددة، فالحرب تتكلف 720 مليون دولار أمريكي في اليوم أي 500000 ألف دولار في الدقيقة، وقدرت عام (2006) التكلفة الكلية لحرب العراق بأكثر من 2.2 تريليون دولار بخلاف الفائدة المستحقة على الديون. ولما سبق دلالة على حدوث بعض النتائج العكسية للأداء السياسي الذي يعتمد على الرأي الأحادي، فكانت النتيجة الحتمية المترتبة على الإنفاق العسكري المجحف في حرب العراق, تفجر الأزمة الاقتصادية المعاصرة وظهور الكساد والركود بالولاياتالمتحدة, والذي أصبح وباءً انتقل إلى بعض بلدان العالم, و أدى بدوره إلى تفاقم مشكلة البطالة. ويطرح إبراهيم السعدي تساؤلاً في كتابه يقول فيه: كيف يراد للاقتصاد العالمي أن يكون على نهج قويم, يكتب له به النجاح, ويحقق الاستقرار الدائم في مناحي الحياة المختلفة للشعوب, ومرض الفساد المالي ضارب الجذور, متغلغل في الأعماق, في مختلف التكتلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فى العالم؟ ويرصد الكتاب معدل سرقات المصارف والتي ارتفعت مع انهيار الاقتصاد الأسباني بسبب الأزمة, فقد حدثت 165 عملية سطو مسلح في الثلث الأول من عام 2009. كما كشف تقريرًا عن تنامي عمليات الاحتيال المالي في منطقة الخليج بالتزامن مع الأزمة وما قبلها, فبلغت حسب الإحصاءات في الإمارات وخصوصًا دبي 57%، ثم قطر بنسبة 16%، فالبحرين وعمان 9% لكل منهما، أما السعودية والكويت فتأتيان في ذيل القائمة ب 6% و3% على التوالي، في نفس السياق كشفت دراسة عالمية أن قيمة خسائر الجرائم المالية وعمليات الاحتيال في الإمارات تقدر ب 1.5 بليون درهم (400 مليون دولار) خلال سنة 2008م، بخلاف الخسائر الناجمة عن قضايا الفساد المكتشفة أخيرًا في مؤسسات شبه حكومية، طالت موظفين كبار و وزراء في قطاع المال والعقار، مثل شركة "نخيل" و"ديار" و"بنك دبي الإسلامي" مشيرًا إلى الأسباب الرئيسة لارتكاب جريمة الاحتيال، وهى الطمع والرغبة في الحياة المترفة، تليها الالتزامات المالية، وضغوط أعباء المعيشة، وعددًا من الدوافع الأخرى. وعن الحلول المقترحة، يرى الكاتب أنه ينبغي أن يشترك في صياغة الحلول مفكرون دينيون وسياسيون واقتصاديون واجتماعيون عالميون. ثم أنشد بشعر معبر يقول: يا عامرا لخراب الدهر مجتهدا بالله هل لخراب الدهر عمران ويا حريصًا على الأموال يجمعها أقصر فإن سرور المال أحزان لا تحسبن سرورًا دائماً أبدًا من سره زمن ساءته أزمان كل الذنوب فإن الله يغفرها إن شيع المرء إخلاص وإيمان وبعد أن قرأت كتاب المؤلف, اكتشفت أنها ليست أزمة حقيقية, بل هى في جوهرها أزمة أخلاقية, تجافي القيم الفطرية والأديان السماوية، هى أزمة استشراء الفساد وأسجل إعجابي الشديد بالكتاب، وأسلوبه الشيق البسيط، وأمانته العلمية في التوثيق للصديق صاحب الفكر المستنير الأستاذ إبراهيم بن حبيب الكروان السعدي كل التقدير على هذا الكتاب الثري