النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    التشكيلات المحتملة للدربي المنتظر اليوم    تعرفش شكون أكثر لاعب سجل حضوره في دربي الترجي والإفريقي؟    سحب وأمطار بالشمال وانخفاض طفيف في الحرارة    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    تركيا: 6 قتلى في حريق بمستودع للعطور والسلطات تحقق    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    الأحد: أمطار رعدية والحرارة في انخفاض    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    زيادة في ميزانية رئاسة الحكومة    وزارة الصحة: 1638 فحص أسنان: 731 حالة تحتاج متابعة و123 تلميذ تعالجوا فورياً    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    منتدى تونس لتطوير الطب الصيني الإفريقي يومي 21 و22 نوفمبر 2025    إعداد منير الزوابي .. غيابات بالجملة والبدائل جاهزة    الجولة 12 لبطولة النخب لكرة اليد :سبورتينغ المكنين وجمعية الحمامات ابرز مستفيدين    تونس تحتضن ندوة دولية حول التغيرات المناخية والانتقال الطاقي في أكتوبر 2026    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    رئيس الجمهورية يكلّف المهندس علي بن حمودة بتشكيل فريق لإيجاد حلول عاجلة في قابس    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025: فضية لجميلة بولكباش في سباق 800 متر سباحة حرة    ربع التوانسة بعد الأربعين مهدّدين بتآكل غضروف الركبة!    تونس - الصين: 39 طالبا وطالبة يحصلون على "منحة السفير" في معهد كونفوشيوس بجامعة قرطاج    الرابطة الثانية – الجولة 8 (الدفعة الثانية): النتائج والترتيب    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    لمرضى السكري: عشبة إذا شربتها صباحًا ستخفض السكر في دمّك    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    حريق في مستودع للعطور بتركيا يخلف 6 قتلى و5 مصابين    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    العلم يكشف سر في المقرونة : قداش لازمك تحط ملح ؟    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    عاجل/ محاولة اغتيال سفيرة إسرائيل بالمكسيك: ايران ترد على اتهامها..    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    بايدن يوجه انتقادا حادا لترامب وحاشيته: "لا ملوك في الديمقراطية"    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    أمطار بهذه المناطق خلال الليلة المقبلة    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    مفزع/ نسبة الرضاعة الطبيعية في تونس أقل من 18 بالمائة..!    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    عاجل: حدث نادر فالسماء القمر يلتقي بزحل ونبتون قدام عينيك..هذا الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المياه العربية – نهر النيل:هبه عياد
نشر في الفجر نيوز يوم 26 - 05 - 2010

منذ أن انعقد المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897م في مدينة بازل السويسرية، تطرق ذلك المؤتمر إلى كيفية تأمين مياه الدولة اليهودية التي ستقام على أرض فلسطين، فمؤسس الحركة الصهيونية وحكيمها تيودور هرتزل بدأ مفاوضات في سنة 1903م مع الحكومة البريطانية ومع المندوب السامي في مصر اللورد كرومر في عهد الملكة فيكتوريا ووزير خارجيتها اللورد آرثر بلفور صاحب الوعد المشؤوم، من أجل توطين يهود العالم في شبه سيناء، توطئة للاستيلاء على فلسطين واستغلال مياه سيناء الجوفية ومن بعدها مياه نهر النيل بالأساس، حيث وافقت حكومة الاستعمار البريطانية على ذلك شريطة تنفيذها بسرية تامة.
وبذلك وضع زعماء الحركة الصهيونية قضية المياه في المقام الأول حينما رفعوا شعار "من نهر الفرات إلى نهر النيل أرضك يا إسرائيل"، ومنذ قيامها كرست إسرائيل هذا المفهوم بسرقتها لمياه الدول العربية "الأردن، سوريا، لبنان، فلسطين، ومصر". إسرائيل وحرب المياه
وتأتي التدخلات الإسرائيلية في إفريقيا في سياق استهداف أمن مصر والسودان والدول العربية الأخرى، وتشكل تهديدا خطيرا لحاضر ومستقبل مصر بوصفها الدولة العربية الأقوى، حيث تشكل بثقلها وموقعها تهديدا استراتيجيا لوجود الدولة العبرية. وتابعت "لوفيجارو" أن هذا التحرك هو الأول من نوعه منذ 25 عاما، وهذه الزيارة تعتبر بمثابة التمهيد لحرب المياه في الشرق الأوسط التي تبدأ في قلب القارة الإفريقية، مشيرة إلى أن ليبرمان مارس ضغوطا على إثيوبيا لبناء سدود على نهر النيل. تجدر الإشارة هنا إلى أن ليبرمان كان قد دعا في وقت سابق إلى تدمير السد العالي وإغراق الشعب المصري في مياه النيل.
ترى ماذا عملت مصر لتفادي خطر هؤلاء العنصريين لحماية مصر؟ صحيفة "ديلي نايشن" الكينية قالت إن ليبرمان وقع مع الرئيس الكيني اتفاقية لإدارة مصادر المياه والري والبناء، تعهدت إسرائيل بموجبها بمواصلة دعمها لكينيا في مختلف مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتوفير التدريب اللازم للكينيين في المجالات المختلفة وخاصة الزراعية والأمن وتكنولوجيا المياه.
صحيفة "جيما تايمز" الإثيوبية ذكرت أن مصر تشعر بالخطر من إسرائيل، وأن زيارة ليبرمان يمكن أن تؤدي إلى زيادة المشاكل المتعلقة بدول حوض النيل، حيث إن إسرائيل يمكن أن تساعد الدول الإفريقية على الاستفادة من مياه النيل، وأن تساعدها في إنشاء مشروعات مقابل إعطاء إسرائيل نسبة من مياه النيل، وهذا سيؤثر على نسبة مصر من المياه، "إسرائيل في الفترة الأخيرة قامت بالمشاركة إلى جانب وزارة الزراعة الإثيوبية والوكالة الأمريكية للتنمية في تأسيس مركز بوتا جيرا لزراعة البساتين المميزة المتخصص في تكثير الفواكه والخضار الاستوائية" في إثيوبيا.
خبير الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام الدكتور عماد جاد وصف زيارة ليبرمان بالتطور الخطير، وقال إن ليبرمان يسعى إلى إثارة القلاقل حول مصر والسودان وتحريض دول حوض النيل على مصر.
النيل والمنظمات اليهودية
ما بين 16 و21/ 8/2009، وبترتيب من إحدى أكبر المنظمات اليهودية الأمريكية، "منظمة مشروع التبادل" التابعة للجنة اليهودية الأمريكية، زار وفد من دول حوض النيل مكون من وزير الصناعة والتجارة الرواندي، ومدير المعهد العالمي للتنمية البيولوجية العلمية في رواندا، ومدير منظمة اكس بليس كاريتوش في رواندا، ونائب وزير الزراعة الأوغندي، إسرائيل، وعقد هؤلاء المسؤولون لقاءات مع وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي، وعلماء وقيادات في قطاعات الزراعة والتكنولوجيا، المدير التنفيذي لمعهد التبادل في واشنطن صرح أنه مع زيادة الاعتراف بتنوع وتقدم إفريقيا في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فمن المهم أيضا التعرف على انخراط إسرائيل المتواصل والنشط في القارة الإفريقية وتوسيعه.
زيارة وفدي رواندا وأوغندا إلى إسرائيل جاءت بعد اجتماع دول حوض النيل في الإسكندرية، حيث شهد الاجتماع خلافا كبيرا بين دول المنبع ودول المصب، من أجل إجراء تعديلات جوهرية على اتفاقية تقسيم مياه النيل، وخاصة المتمثلة في شروط الموافقة المسبقة لمصر والسودان على أي تعديل للاتفاقية والأمن المائي والحقوق التاريخية في مياه النيل، وذلك بشأن توزيع حصص مياه النيل وإقامة دول المنبع مشروعات زراعية وصناعية وسدود بمساعدة إسرائيل تؤثر بشكل كبير على حقوق مصر والسودان، وكذلك جرت محادثات في شهر حزيران 2009م حول ذلك في كينشاسا عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، إلا أنها فشلت حيث تمسكت دول الحوض بموقفها الرافض لاتفاقيتي 1929 و1959م، بحجة أنها لم تراعي احتياجات دول المنبع وتعطي لمصر الحصة الأكبر في مياه النيل، وأصرت هذه الدول على إعادة تقسيم حصص المياه بين دول الحوض ودول المصب بشكل أكثر عدلا.
وعن دلالات وتداعيات زيارة وفدي أوغندا ورواندا أكد سفير مصر السابق في إسرائيل محمد بسيوني، أنها تمثل تهديدا خطيرا على مصر، حيث تشهد علاقات مصر بدول حوض النيل توترا، وخاصة بعد إعلان الدولتين رفضهما لمطالب مصر، وأشار بسيوني إلى أن إسرائيل تحاول الضغط على أريتريا لتغيير مسار نهر النيل بدلا من اتجاهه في مساره الطبيعي إلى السودان ومصر من خلال إنشاء نهر جديد، وكذلك تقليص حصة مصر من مياه النيل. وأضاف بسيوني أن وزارتي الخارجية والري يدرسان ملف دول الحوض من جديد بتدخل من رئيس الجمهورية لأن الأمر دخل مرحلة خطرة.
بدوره ألمح الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إلى أن زيارات دول المنبع إلى إسرائيل في هذا التوقيت لها أهداف خطيرة قد تضر بمصالح مصر معهم، لأن إسرائيل من جانبها تحاول توطيد علاقتها بدول المنبع لاستغلال ذلك في توصيل الماء إليها.
وفي نفس السياق أكدت مصادر مسؤولة في وزارة الري المصرية أن مصر تراقب بشدة ما تقوم به إسرائيل في دول حوض النيل، مشيرا إلى أن القاهرة تقوم بتنفيذ العديد من المشروعات المشتركة مع هذه الدول في إطار الحفاظ على المصالح المشتركة، وأضاف أن وزارتي الري والخارجية تتابعان العلاقات الإسرائيلية مع دول حوض النيل، وخاصة بعد فشل مباحثات وزير الري المصري مع نظيرة الكيني، وهذا أكبر دليل على نجاح إسرائيل في توتير العلاقة بين مصر ودول حوض النيل.
قضية أمن قومي
تعد مياه نهر النيل مسالة حياة أو موت بالنسبة لمصر والسودان "سكان وادي النيل" على مدى العصور، لأن معظم الدول المتشاطئة في الحوض، ما عدا السودان ومصر، تملك أكثر من حاجتها من المياه، لكثرة البحيرات العذبة والأنهار ولكثرة هطول الأمطار فيها، بينما يعتمد السودان بنسبة 15 بالمئة ومصر بنسبة تتراوح ما بين 95 بالمئة و97 بالمئة على مياه نهر النيل.
ومياه النيل تعتبر بمثابة خط أحمر لأمن مصر والسودان المائي لا يمكن لمصري أو سوداني أن يسمح لأحد مهما كان تجاوزه، وقديما وتحديدا في القرن التاسع عشر وضعت حكومة محمد علي باشا خطة طوارئ للتدخل العسكري ضد أي دولة يمكن أن تشكل خطرا على تدفق مياه النيل على مصر، كما طلب الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات بوضع خطة طوارئ عام 1979م عندما أعلنت إثيوبيا عن نيتها بإقامة سد لري 90 ألف هكتار في حوض النيل الأزرق وهدد بتدمير هذا السد، وعقد اجتماع طارئ لقيادة هيئة الأركان لبحث هذه المسألة،أما الرئيس المصري الحالي حسني مبارك فصرح أمام اللجنة الوزارية للري والموارد المائية أن قطرة المياه بالنسبة لنا أغلى من البترول، لأنها ثروة مصر الحقيقية في الماضي والحاضر والمستقبل.
وفي هذا الإطار قال الدكتور عبد الباسط زريق خبير الشؤون الإفريقية إن قضية مياه النيل تعتبر قضية أمن قومي لمصر، ومصر تقوم بإحباط جميع المحاولات التي تهدف إلى النيْل من حصتها في هذه المياه..
عضو البرلمان المصري وعضو برلمان عموم إفريقيا السيد مصطفى الجبوري قال: إن إسرائيل تعبث بأمن واستقرار منطقة حوض النيل، وتسعى لخلق توترات وتناحرات بين دول المنطقة، وإن هدفها النهائي هو أن تصل المياه إلى أراضيها مستفيدة من التناقضات التي تزرعها بين دول الحوض...
هل ترفع نجمة داوود على القارة السوداء؟
هذا سؤال وجيه يتردد منذ فترة، فأفريقيا هذه القارة التي كانت تعتبر إلى وقت قريب منطقة نفوذ عربية بامتياز، تنازلت الأنظمة العربية عن دورها التاريخي فيها فاسحة المجال إلى إسرائيل لتسرح وتمرح كيفما أرادت مقدمة خبراتها العسكرية والأمنية وغيرها، وقد تكون قد بنت في بعض دولها مثل إثيوبيا واريتريا قواعد عسكرية سرية، على غرار قواعدها في جمهورية جورجيا في القوقاز، كي تستخدمها متى شاءت كرأس حربة مسمومة تغرسها في خاصرة الدول العربية وخاصة مصر والسودان.
فحينما فشلت إسرائيل في التفاهم مع مصر بخصوص حصولها على مياه نهر النيل، لجأت إلى الأساليب الملتوية في محاولات التدخل في دول مصب النيل، للي ذراع مصر ولإجبارها على الرضوخ لمطالبها..
فمصر تعلم وتعي تماما خطورة التحريض الإسرائيلي المتواصل والمستمر لدول حوض النيل، وهذه المساعدات المالية السخية والتقنية الحديثة التي ستستخدم في إنشاء سدود ومشاريع عملاقة على النيل، تهدف بالأساس إلى تقليل كمية المياه التي تصل إلى مصر لتخنقها.
في هذا السياق أيضا تتواصل الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية على مصر، من أجل تنازلها وقبولها ببعض التعديلات على اتفاقية دول الحوض الموقعة عام 1929م بين الحكومة المصرية وحكومات دول المنبع، والتي تعطي لمصر حق النقض الفيتو ضد إنشاء أي دولة من دول المنبع مشروعات جديدة على نهر النيل أو أي من أفرعه.
تقول بعض المصادر إن الضغوط التي يمارسها قطبا الرحى أمريكا وإسرائيل تهدف إلى إثارة الرأي العام العالمي ضد مصر، بالإضافة إلى دول المنبع لإجبارها على تعديل الاتفاقية، فإسرائيل تتسلح بحجة واهية تتمثل فيما تدعي بكمية المياه الكبيرة التي تهدرها مصر في الصحراء، وهذه الضغوط المبرمجة تهدف في المقام الأول لإجبار مصر على الرضوخ والموافقة على نقل مياه النيل إلى إسرائيل، وآخر ما تفكر وتعمل عليه إسرائيل هو مساعدة الدول الإفريقية في استغلال المياه في مجال التنمية.
تقول بعض المصادر إن أمريكا وإسرائيل تحاول وضع مصر أمام خيارين أحلاهما مر: الأول: أن توافق مصر على تزويد إسرائيل بحاجتها من مياه النيل، والثاني: - إذا رفضت مصر الخيار الأول- إنشاء سدود عملاقة في إثيوبيا، وتخفيف المياه المتدفقة إلى السودان ومصر إلى أدنى درجة، وهنا تكمن الطامة الكبرى حيث يعني ذلك نقصا شديدا في مياه السد العالي وبحيرة ناصر، وما يعنيه ذلك من الانعكاس السلبي الكبير على توفير مياه الشرب والزراعة وتوليد الطاقة الكهربائية.
وزير الطاقة المصري صرح بأن إسرائيل لن تحصل على قطرة ماء واحدة من مياه النيل، وفي تعليقه على وجود مخطط أمريكي إسرائيلي لتدويل نهر النيل واستيعاب مياهه في أثيوبيا، وممارسة الضغط على مصر من أجل تزويد إسرائيل بالمياه، قال: إن الهدف من ذلك الوقيعة بين مصر ودول المنبع. فبحسب الاتفاقيات مع دول حوض النيل والتي تنص على عدم جواز إمداد أي دولة خارج حوض النيل بالمياه، لا تستطيع مصر تزويد إسرائيل بالماء.
النيل وتمزيق السودان
يجب أن نعي مدى خطورة المؤامرة على وحدة السودان أرضا وشعبا، ومدى التدخل الأجنبي "أمريكا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، وكينيا"، وخصوصا الدور التخريبي المميز لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وتحديدا في إقليم دارفور ومنطقة الجنوب، حيث اتضحت معالم مخطط تآمري إسرائيلي دولي لتقسيم السودان، وما يشكله ذلك من خطر حقيقي على أمن واستقرار ومستقبل دول المنطقة وخصوصا جمهورية مصر العربية.
هل يكون تمزيق السودان لدويلات عديدة بداية السيطرة الكاملة لإسرائيل على مياه نهر النيل؟ فمنذ اندلاع أزمة دارفور والتي أصبحت تشكل تهديدا حقيقيا لاستقرار السودان، ومدخلا قويا للتدخلات الخارجية، كانت هناك العديد من المؤشرات الواضحة على وجود دور استخباراتي إسرائيلي يعمل على توسيع الأزمة وتكريسها، حيث عملت إسرائيل على توفير كل ما يلزم من التمويل والدعم في العديد من المجالات، واستغلت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الاختلافات في إيقاد نار الفتنة الإثنية والقبلية، لتحويل مجرى هذه الاختلافات إلى أزمة سياسية مركبة ومعقدة ذات طبيعة إثنية، تعمل على إضعاف السودان وتمزيقه من الداخل وصولا إلى تفكيكه وتحويله إلى دويلات صغيرة متصارعة..
وفي حديث لوزير الأمن الداخلي الإسرائيلي "أفي ديختر" قال إن صانعي القرار في إسرائيل كانوا قد وضعوا خطة للتدخل في إقليم دارفور، وأردف قائلا: كنا سنواجه مصاعب في الوصول إلى دارفور لممارسة "أدوارنا المتعددة" بعيدا عن الدعم الأمريكي والأوروبي، وتدخلنا في دارفور أمر حتمي حتى لا يجد السودان الوقت لتركيز جهوده باتجاه تعظيم قدراته لصالح القوة العربية، حيث إن السودان بموارده المتعددة كان بإمكانه أن يصبح دولة إقليمية قوية، إلاّ أن الأزمات الداخلية التي يواجهها حالت دون ذلك. وقال: إن رئيسة الوزراء الإسرائيلية سابقاً جولدا مائير ذكرت أن إسرائيل مضطرة لاستخدام وسائل أخرى لتقويض الأوضاع من الداخل بالسودان، نظرًا لوجود الفجوات والثغرات في البنية الاجتماعية والسكانية للسودان.
أفريقيا.. سوق للأسلحة الإسرائيلية
إسرائيل ومنذ زمن أصبحت موردا رئيسي للأسلحة والأجهزة العسكرية والعتاد الحربي وتكنولوجيا الحرب المتطورة، وأجهزة التشويش، وبالعديد من الخبراء العسكريين، ورجال المخابرات، ومجموعات أمنية خاصة لتدريب الوحدات الخاصة في بعض الدول الإفريقية، والجماعات المتمردة لكي تكون نقطة الانطلاق للاعتداء على السودان ومصر والتجسس عليهما، وتعتبر إسرائيل مصدرا أساسيا للصواريخ وطائرات الاستكشاف والقنابل المحظورة الاستعمال.
فإسرائيل قدمت للمتمردين في جنوب السودان دعما عسكريا وماليا يقدر بمليارات الدولارات، ومعلومات هامة بواسطة الأقمار الصناعية عن تحركات الجيش السوداني، حيث قتل عام 1988 خمسة ضباط إسرائيليين في معارك داخل جنوب السودان، كذلك كانت إسرائيل هي من نقلت المعارك من جنوب السودان إلى شماله.
فها هو أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في كلية التربية بجامعة المنصورة وخبير الشؤون السودانية الدكتور زكي البحيري يؤكد، أن إسرائيل تدعم الخلاف السوداني وتضع عينها على مياه النيل.
وكشفت ورقة قدمها الدكتور معتصم أبو القاسم عن الدور اليهودي في دارفور، في مؤتمر نظمه مركز دراسات المجتمع والرصد للدراسات الإستراتيجية، عن تورط منظمات أجنبية وسودانية في أنشطة استخباراتية بإقليم دارفور لمصلحة إسرائيل، والدور الذي لعبته الوكالة اليهودية الأمريكية العالمية، التي دخلت إلى الإقليم عن طريق لجنة الإنقاذ الدولية واجهة النشاط اليهودي، وعرض مقدم الورقة صورا فوتوغرافية ووثائق تثبت قيام تلك المنظمات بأعمال مخابراتية في دارفور لمصلحة إسرائيل ودول أجنبية أخرى، كاشفا عن مخطط صهيوني من ثلاثة محاور لزعزعة الأمن بدارفور: الأول، نشر معلومات مضخمة عن الأوضاع بإقليم دارفور. والثاني، خطة عسكرية شاملة. والثالث، خطة سياسية تعتمد على تحريك البرلمانيين، استطاعت إصدار عشرين قرارا من الأمم المتحدة.
وأشار الدكتور البحيري إلى أن اللوبي الصهيوني وراء صناعة تحالف إنقاذ دارفور، وإلى ما تم الكشف عنه من تورط الإسرائيلي داني ياتوم في تهريب أسلحة إلى دارفور، مستشهدا بما ورد على لسان حاييم كوش رئيس جماعة اليهود الزنوج من أن تشاد تحولت إلى مركز إسرائيلي تحرص تل أبيب على الوجود فيه، فإسرائيل تدخلت لإنقاذ نظام إدريس ديبي حين أوشك على السقوط بعد أن حوصر في قصره لعدة أيام في شباط 2008، كما أشارت إلى ذلك وكالة الأنباء الفرنسية في حينه..
هذا هو الوجه الحقيقي لإسرائيل الدولة المغتصبة للحقوق العربية، والتي تحتل أرض فلسطين وترتكب المجازر بحق شعبها وتغتصب القدس وتعتدي على لبنان وسوريا، والتي ما زالت ومنذ تأسيسها تبطش بالأمة العربية وتتلاعب بأمنها ومصيرها خدمة لأهداف أسيادها في واشنطن، ولكن للأسف الكثير منا ما زال يضع رأسه في الرمال ويراهن على تغيير النمر لجلده وعلى اندماج هذه الدولة المعتدية في المحيط العربي.
فهل المطلوب الآن موقف مصري وعربي قوي وحازم؟.. هل المطلوب رد حاسم ومباشر على غرار الرد الروسي في القوقاز والمقاومة في لبنان؟ حيث سيشكل هذا الموقف وهذا الرد رسالة قوية ورادعة للمتآمرين ولمن خلفهم، مفادها بأن العرب أقوياء إلى حد يستطيعون منع أية مؤامرة على أمنهم الوطني والقومي، أم أن المطلوب مزيد من الاستجداء والتخاذل والانبطاح والتفريط والزحف على البطون؟!!.
فهاهو المؤرخ الإسرائيلي أوري ميلشتاين في حوار مطول لإذاعة أورشليم الجديدة، يقول: إن إسرائيل لن تصمد في مواجهة مصر إذا اندلعت حرب جديدة، خاصة أن الحرب المقبلة لن تدور في الميادين العسكرية فقط، بل قد تلجأ مصر لقصف العمق الإسرائيلي بالصواريخ المتطورة، بما يهدد بإصابات بالغة في صفوف المدنيين، قد تؤدى إلى انهيار إسرائيل، مشيراً إلى أن ثقافة الشارع الإسرائيلي تقوم على الصراخ والبكاء، ولا يتحمل الإسرائيليون مواجهة مقاتلين يتحلون بالعناد والشراسة أثناء القتال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.