وسط مظاهر الفرحة الغامرة أحتفلت الجامعة الاسلامية في روتردام هذا الأسبوع بالاعتراف الرسمي من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في هولندا ببرنامجها الاكاديمي لمنح درجة البكالريوس والماجستير في فرع العناية الروحية. في فلسفة تأسيسها تسعى الجامعة الاسلامية في روتردام إلى أن تلعب دور الجسر بين العالم الاسلامي والغرب. للقيام بهذه المهمة تركز الجامعة على المسلمين في هولندا وأوربا وتعميق معرفتهم بالاسلام والحضارة الاسلامية لمجموعات تضع رجلها وتقف في محيط الحضارة الغربية. بهذا لا يكون التواصل بين وتعميق التعارف بين مجموعات المهاجرين المسلمين والمواطنين الهولنديين والاوربيين مهما فقط ولكنه ضرورة يجب أخذها في عين الاعتبار للوصول الى مجتمع متناغم.
► كلكم لآدم
لخص هذه الفلسفة أحمد أوكندوس مدير الجامعة في كلمته الافتتاحية التي القاها باللغة الهولندية وبلهجة خطابية لا تعرفها هذه اللغة مما اضفي عليها طابعا خاصا مثل خصوصية هذه الجامعة. مضيفا أن ما يطلق عليه الناس صراع الحضارات أمر لا وجود له ، هناك صراع الجهل. والجهل بالاخر يولد عدم الثقة وهو ما تسعى الجامعة لتجنبه في سعيها لتعميق المعرفة بالاسلام وبقيم التسامح والمساواة بين البشر التي لخصها مستشهدا بحديث النبي محمد: كلكم لادم وآدم من تراب. ولكن الناظر والمتابع للنقاش الذي يدور حول الاسلام في اوربا وهولندا يدرك مدى صعوبة الحصول على الاعتراف وصعوبة المهمة التي تضطلع بها الجامعة الاسلامية. خاصة في خضم الحساسية السياسية المتحفزة تجاه الاسلام باوجهها المختلفة، من منع بناء المآذن في سويسرا الى منع البرقع في فرنسا الى هولندا وصعود نجم السياسي اليميني الشعبوي خيرت فيلدرز وحزب الحرية التابع له.
► باقون هنا
ولكن الامين العام للجامعة تورال كوش لا يعير اهتماما لمثل هذه الاشياء، معربا عن حماسه وعزم الجامعة علي القيام بمهمتها التي قطعتها على نفسها. يقول تورال كوش في حديث له لاذاعة هولندا العالمية:
" نعمل ما في وسعنا لتقديم مساهمة فعالة وبناءة لهذا المجتمع، ولا نسمح لاحد أن يقف في طريق هذه المهمة. سنظل ايجابيين . نحن مسلمون هولنديون وننتمي لهذا البلد وسوف لن نغادره. قدرنا مربوط بهولندا . جاء آباؤنا منذ نصف قرن بغرض البقاء لفترة مؤقتة ثم العودة مرة أخرى. الان وصلنا لنتيجة مفادها أن العودة غير ممكنة، لاننا تربينا هنا واطفالنا سيبقون هنا وهذه الجامعة هي مساهمتنا في المجتمع الهولندي"
► صعوبات وبالرغم من وجود أحساس عالق بأن الخلفيات السياسية ربما تكون قد ساهمت في تأخير الاعتراف ببرامج الجامعة الدراسية ، كما عبر عن ذلك الدكتور يونس سعداوي الاستاذ بالجامعة، الا أن التاريخ يقول أن نشوء مؤسسات أكاديمية على اساس ديني محفوف دائما بالمصاعب. هذا ما عبر عنه عضو مجلس الامناء بالجامعة يان بيترز:
" قبل مائة عام واجهت الجامعة الكاثوليكية في نايميخن نفس الصعوبات حيث اتهمت بأنها ستتسبب في عزلة الكاثوليك ولم تحصل على دعم حكومي الا بعد مضي ربع قرن من إنشائها. كما أن الدعم كان مخصصا فقط للدراسات غير الثيولوجية"
► اللغة العربية
قال عميد الجامعة الكاثوليكية حينها انها مؤسسة أكاديمية الغرض منها جعل الكاثوليك أكثر نضجا. والجامعة الاسلامية في روتردام تحاول تتبع ذات الخطي بالدعوة لتعزيز العلاقات مع المؤسسات الاكاديمية الهولندية وإشراك الاكاديميين من غير المسلمين في انشطتها. وبما أن الجامعة الكاثوليكية في نايميخن قد تحولت الى مؤسسة أكاديمية تفتح ذراعيها لجميع الطلاب بمختلف دياناتهم وخلفياتهم ، فإن الجامعة الاسلامية في روتردام تطمح لذات الوضعية وذات الانفتاح باستعدادها لقبول طلاب غير مسلمين ، كما أكد ذلك السكرتير العام تورال كوش في حديثه لاذاعتنا. أمر يبدو سهلا من الناحية النظرية ولكن في الواقع العملى فإن معظم الطلاب من اصول اسلامية من المولودين هنا في هولندا يعانون من ضعف المعرفة باللغة العربية التي تشكل اللغة المستخدمة لتدريس العلوم الشرعية، أما العلوم الانسانية فيتم تدريسها باللغة الهولندية. أما الوجه الاخر من العملة فيرينا ايضا المعاناة التي يلاقيها الطلاب القادمين من بلدان مثل المغرب في تلقي الدرس باللغة الهولندية ، نسبة لفترة اقامتهم القصيرة نسبيا في هولندا ، وذات المشكل يواجهه الطلاب من اصول تركية.
أما عن المعايير الاكاديمية التي تفرضها هولندا علي المؤسسات التعليمية فيرى الدكتور يونس بأنها معقولة رغم التشدد الذي ربما يكون نابعا من حساسيات سياسية، حسب رأيه. أما عضو مجلس الامناء فيرى أن هذه الصرامة مردها للمكانة المتقدمة التي تحتلها هولندا بين دول العالم اذا تعلق الامر بشروط البحث العلمي. إبراهيم حمودة– إذاعة هولندا العالمية