أسدل الستار على انتخابات عمادة المحامين التونسيين لدورة 2010\ 2013 في ساعة متأخرة من مساء يوم الأحد20جوان 2010 حيث فاز بكرسي العمادة الأستاذ عبد الرزاق كيلاني على العميد بشير الصيد في الدورة الثانية حيث كان التنافس على أشده . وما يمكن الوقوف عنده لكل ملاحظ ومتتبع لشأن قطاع المحاماة وخاصة في الدورة الأخيرة هو حجم القوى والأطراف التي عمدت الى استعمال كل الأساليب للحيلولة دون فوز البشير الصيد . وسقط القناع وانكشفت طبيعة التحالفات الانتهازية والوصولية بين كل من الاسلاميين بكل تلويناتهم الاخوانية والتجمع الدستوري الديمقراطي من جهة وفلول بعض الأطراف اليسارية الذين نزلوا بكل ثقلهم من جهة أخرى مستعملين أسلوب السب والقذف والشتم كعادتهم غير مبالين ولا محافظين على أبسط أخلاق المهنة ولا شرفها . ومما يدل على الحقد الدفين لهذا التحالف الثلاثي الانتهازي والغير مبدئي مواصلة حملته المسعورة السياسوية والانتخابوية منتهكا كل أساليب الدعاية والتنافس الديمقراطي النزيه . فلم يكن همهم هو شواغل المحامين ولا مطالبهم ولا اصلاح المهنة التي استعملوها كحصان طروادة و كشعارات للمناورة الرخيصة بل كان همهم الوحيد هو العمل على اسقاط العميد بشير الصيد ولو على حساب المبادئ والقيم والأخلاق. وحتى لا نتجنى على أحد في التحالف القائم بين الدساترة والظلاميين فها هو شاهد يشهد من أهلها وهو السيد المختار اليحياوي وفي مقال بعنوان :المحامون التونسيون: الخط التاريخي وأوهام التبعية والسراب الذي يكشف فيه عن بروز تيار داخل صفوف الاسلاميين يميل الى المناورة الرخيصة والتحالف مع حزب السلطة فيقول :«و إذا كان تقدم أنصار النظام بمرشح صريح في إنتمائه للحزب الحاكم أمر طبيعي و لا يثير اي إشكالية تذكر فإن تقديم التيار المنتسب للإسلاميين لمرشح آخر عن الحزب الحاكم و التحالف مع أنصاره و الدعوة لحملته يبدو غريبا و يطرح أكثر من سؤال » ويواصل كلامه في موضع آخر وفي نفس المقال «و لا بد من الإشارة هنا إلى أن لافتة الإسلاميين داخل قطاع المحاماة لا تعكس التوجه العام للتيار الإسلامي في تونس و لا منهج التعامل السياسي الغالب عند الإسلاميين التونسيين مع أصدقائهم كما مع خصومهم وإنما يهيمن عليها خط معين يركز على المناورة المكيافيلية القائمة على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة » لكن نضيف الى ما قاله السيد المختار اليحياوي فنؤكد على أن حركة الاخوان المسلمين هي كل لا تتجزأ مهما كانت الخلافات الشكلية بين هذا الطرف أو ذاك وأن الاخوان هم تكتيكيا متفقون على المنهج العام كحركة رجعية عبر التاريخ . وهكذا عودونا بممارساتهم البرغماتية وبصراعهم صلب الأنظمة العربية الرجعية . وغير بعيد عن هذه التحالفات الغير مبدئية نجد بعض من فلول اليسار تدخل غمار الحملة الانتخابية غير عابئة بالتناقض الرئيسي بينها كحركة مدنية وبين حركة الاخوان المسلمين كحركة دينية رجعية سلفية . وهاهم البعض من مناضلي اليسار الذين نحترمهم يسقطون فيما خطط له ومارسه عن وعي الاخوان من تشويه وسب وشتم فعوض أن يختلفوا مع منافسهم في البرامج والأسلوب فهاهم يكيلون له التهم جزافا فعمت بصيرتهم على النظر بعيدا وباتوا غير معنيين سوى باستهداف المناضل والرمزالتاريخي بشير الصيد . وهذا في تقديرنا خطأ سياسي فادح يحسب ضدهم مهما كانت الدوافع والمبررات . ولسنا في حاجة للتأكيد على رمزية العميد بشير الصيد فأفعاله شاهد على ذلك فهو باختصار أثبت جدارته ونجاحه فيما فشل فيه غيره . فقد أثبت نجاحه في الأسلوب النقابي الاحتجاجي كما أثبت نجاعته في الأسلوب الديبلوملسي التفاوضي من أجل تحقيق مكاسب تاريخية للقطاع .وقليلون هم الذين يقدمون الاضافة في العمل النقابي والسياسي من أمثال العميد البشير الصيد . فسواء اختلفنا أو اتفقنا معه فالرجل يستحق منا كل الاحترام والتقدير على كل المجهودات والتضحيات التي قام بها في سبيل الحفاظ على استقلالية المحاماة . ومما يؤكد حفاظه على استقلالية القطاع هو قراره بعدم تزكية الرئيس الحالي فالمؤسسة الوحيدة في البلاد التي لم تقم بالتزكية ولم تقدم برقيات الولاء والتأييد هي مؤسسة العمادة . وها هو النظام الحاكم يقوم بمحاسبته على طريقته بحيث لم يغفر له موقفه الرافض للتزكية فيغض النظرعن التحالفات الانتهازية التي ينسجها الاخوان مع التجمع الدستوري الديمقراطي ويدخل أنصاره في الخطة التي رسمها الاخوان عن وعي متحالفين مع فلول اليسار اللامبدئي غايتهم هي اسقاط العميد السابق لاغير . وهكذا سقط القناع عن الجميع . مقالة بتاريخ :22 جوان 2010