بعد الإعلان عن نتائج دورة التدارك لامتحان الباكالوريا، سيتفرغ الناجحون من الدورتين (الرئيسية والتدارك) إلى ملف التوجيه الجامعي، وهو ملف لا يقل أهمية عن امتحان الباكالوريا في حد ذاته، باعتبار أن مستقبل الطالب قد يتحدد من خلال الشعبة التي سيوجه إليها. قبل سنوات كان اختيار الشعب يتم على أساس إمكانات الطالب الجديد في المواد الدراسية، وعلى أساس الميل الذاتي لهذا الاختصاص أو ذاك، لكن اليوم تغيرت المعادلة وأصبح الطالب الجديد يبحث عن الشعبة التي تضمن له الحصول على شغل بعد التخرج، حتى وإن كانت دون إمكاناته الدراسية ولا تستجيب إلى ميولاته الذاتية. والمسألة مفهومة، لماذا تغيرت المعادلة؟ إنها بطالة أصحاب الشهائد العليا التي أصبحت ملفا لا يمكن التغاضي عنه وهي بطالة تمس الخريجين من أغلب الشعب بما في ذلك العلمية والتقنية التي كانت تصنف دائما أن شعب سوق الشغل مفتوحة أمامها. في مسح أجراه المعهد الوطني للإحصاء قبل نحو سنتين جاء ما يلي "... تشير الإحصائيات المتعلقة بحاملي الشهادات العليا إلى عدد العاطلين عن العمل من هذه الفئة يقدر بنحو 88 ألفا و900 عاطل (مقابل 59 ألف و 200 عاطل سنة 2005 و73 ألف و700 عاطل سنة 2006) ومن بين هؤلاء المسجلين خلال سنة 2007 نجد في الصدارة 34 ألف تقني سام و18 ألفا و700 مجاز في العلوم الاقتصادية والتصرف و15 ألفا و600 في العلوم الإنسانية ونحو 6 آلاف و100 لهم شهادات عليا أخرى، (أطباء، صيادلة، مهندسون، أصحاب شهائد ماجيستير أو دكتوراه). وحسب المسح ذاته فإن نحو 7300 من هؤلاء العاطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا تخرجوا سنة 1999 و3 آلاف منهم تخرجوا سنة 2000. هذه الأرقام والإحصاءات تشير إلى أن البطالة لدى أصحاب الشهائد العليا تمس كافة الشعب بما في ذلك تلك الشعب التي يعتقد أنها أكثر تشغيلية (التقنيين الساميين... الخ). وهذه المسألة تدعو فعلا إلى التفكير لإيجاد حلول لها.. ونعتقد أن القطاع الخاص يتحمل في هذا الصدد مسؤولية كبرى في تحديد الاختصاصات التي يحتاجها والتي على أساسها يتم تكوين الطلبة. ويؤكد عديد الجامعيين و المختصين في هذا الصدد أنه على القطاع الخاص أن يحدد حاجياته من التقنيين والاختصاصات المطلوبة لتكوينهم في الجامعة التونسية، نعتقد أن موضوع الشعب الجامعية والبحث في اختصاصات أخرى هو موضوع التشغيل في حد ذاته. تونس: صحيفة الوطن 16 جويلية 2010 المصدر بريد الفجرنيوز