الاحتفال الكبير جدا والذي شهده الجنوب اللبناني الصامد وخاصة عاصمته بنت جبيل هو احتفال يستحقه الجنوب بعد تلك التضحيات الكبيرة التي قدمها الجنوب ، ومعه لبنان كاملا والذي وقف بشموخ واباء في وجه الطغيان الصهيوني ، لبنان الصغير والذي ظهر وكأنه اكبر من كثير من الدول العربية بذلك التلاحم بين ابناء لبنان الواحد ، متمثلا في احتضان ابناء لبنان جميعهم لابناء الجنوب فاتحين لهم القلوب قبل البيوت بعد ان دكت قوات الغدر الصهيوني بيوت الامنين والمقاومين على حد سواء ، وقدم الشعب اللبناني صورة مشرقة من التعاون بين ابناء الوطن الواحد والذي اذهل العالم والصهيونية نفسها ، وكانوا يعولون على الانفصام الطائفي المقيت الذي خططته الصهيونية ونفذته ادواتها في ارض لبنان الحر الواحد الواعد فخابوا وذابوا وانقهروا مدحورين . وكنت مع احتفال الجنوبيين فرحا بهذا التضامن العربي الذي ظهر واضحا في تجديد البنية التحتية للجنوب ، ومعه تجديد الكثير من المباني التي بناها ابناء الجنوب لبنة اثر لبنة وحجرا فوق حجر ، لتاتي بعد ذلك الة الصهيونية فتدمرها وتقتل فيها اطفالا ونساء وشيوخا هم اهلنا واحبتنا ، ان كانوا في الجنوب اللبناني او في شماله او وسطه ، فلا شيء يفرقنا عن هذا الشعب الذي قدم الكثير من الضحايا وكأنه شريكا كاملا في القضية الفلسطينية وذيولها . ومع ذلك الاحتفال تذكرت ايضا العراق الجريح الصامد المكابر والذي اغتيل وقتل رجاله امام عيوننا صبرا ومازال شيوخه تتصيدهم آلة الاستئصال الصهيوني وادواتها على ابواب المساجد ، ومازالت الانتهاكات في السجون تنال من شرفاء العراق نساء ورجالا ، ومازالت محاكم الاحتلال تتسابق في اصدار احكام الاعدام بخيرة رجال العراق وشبابها ، ومازال العراق والذي يعتبر من اغنى البلدان في العالم بنفطه لاتعرف بيوته الكهرباء ، ويتعرض هذه الايام الى ايام مريرة من الشواء المنظم في درجات حرارة غير مسبوقة لايجد لها ابناء العراق من نسمة برد واحدة تخفف عنهم لهيب الحر وبلواه الا ان يرفعوا ايديهم الى الباري عز وجل سائلينه الخلاص من جحيم الاحتلال واعوانه بكل الوانهم واشكالهم والذين كانوا ومازالوا عارا على العراق وشعبه ، ونقطا سوداء جرباء على ارض العراق تحتاج الى ازالة وتطهير . تذكرت .. وانا فرح بما ناله الجنوب .. تذكرت عاصمة الصمود والاباء والنخوة العربية والاسلامية مدينة الفلوجة والتي خاضت حربين كبيرتين ضد اعتى واقوى قوى العالم ، وتذكرتها وهي عامرة بشعبها ورجالها ومآذنها الشامخة ، ثم تذكرتها .. وانى لي ان انسى منظرها وهي محطمة مهشمة خالية من أي حركة بشرية فيها الا لبقية جسد ، او لجريح يتلوى تحت الانقاض ، او لصوت استغاثة لانفاس متقطعة شابها انقطاع الامل من أي نجدة عربية او اسلامية . نعم .. لقد خاضت الفلوجة حربين كبيرتين ضد اعدى اعداء امتنا ودمرت البلدة مرتين ، وسجلت معها مقاييس الاشعاع اعلى نسب للاشعاع في تاريخ الحروب ، وسجلت ارحام نسائها اعلى نسب لتشويه الاجنة والاطفال مضاعفة عمن هم في هيروشيما وناغازاكي ، ومع ذلك فان كل هذا التدمير وهذا الاذي فان النخوة العربية والتي سارعت الى لبنان ، لم تسارع ايضا الى الفلوجة وتركت ارحام نساء العراق تدعو الله عليهم ولا مجيب من البشر ، وتركت مآذن الفلوجة المحطمة والملقاة على الارض شاهدا على خسة ونذالة اصحاب الايدي الذين تمتعوا بانهم اصحاب وجهين ، وجها كريما في بنت جبيل ووجها حقيرا في الفلوجة . فشكرا لكل المتبرعين والذين جادت ميزانيات بلدانهم من اجل اعمار الجنوب اللبناني ، ولابارك الله في كل من نسي الفلوجة واراملها وشهدائها ومآذنها وايتامها ، واني ارفع يداي الى الله مع كل ضحايا الفلوجة والعراق من الفاو جنوبا الى جبل زاخو شمالا ان يهدي قومي الذين ركبهم النفاق وسيرهم الجهل وصاروا يمشون بعين واحدة كالدجال وقانا الله شره. هذا هو حال المتبرعين العرب ، اما حال الاعلام العربي فوالله لااعرف لمن اشكوه وقد استسلم رواده فباعوا انفسهم في سوق النخاسة مقابل دراهم معدودة ، واصبح مجرد نشر مقال عن العراق جريمة من الجرائم ، في ظل اعلام عربي اقليمي لايهتم الا باخبار العرايا والساقطين ، او بالخبر المدفوع الثمن ، في نفس الوقت الذي نرى في العالم من يقدم نفسه وروحه الى المخاطر من اجلنا ومن اجل قضايانا ، ولااجد افضل من ان اقول حسبنا الله ونعم الوكيل. تحرير العراق وفلسطين والجولان والاراضي العربية والاسلامية واجب ديني ووطني وانساني د.محمد رحال السويد.01/08/2010