سجلت الخارجية الأمريكية تراجعا كبيرا في العمليات الإرهابية وانحسار نشاط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في الجزائر، وثمّنت الجهود الأمنية الكبيرة التي تقوم بها قوات الأمن والجيش الجزائري لشل نشاط المجموعات الإرهابية، وكذا نجاح الجزائر في تشكيل محور لملاحقة القاعدة في منطقة الساحل وإدانة وتجريم دفع الفدية للإرهابيين.قدر تقرير أصدرته وزارة الخارجية حول الوضع الأمني في الجزائر، أن عدد عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذين قضت عليهم قوات الأمن والجيش بلغ 1300 إرهابي منذ إعلان التنظيم عن ارتباطه بقاعدة أسامة بن لادن نهاية .2006 وأشار التقرير إلى أن العناصر التي مازالت تنشط في صفوف الجماعات الإرهابية في الجزائر هي الأكثر تشددا وتطرفا، وتصر هذه العناصر على مواصلة العمل الإرهابي ورفض الاستسلام والاستفادة من تدابير سياسة المصالحة الوطنية التي شرعت السلطات في العمل بها منذ سبتمبر .2005 ولم يشر التقرير إلى المعطيات التي اعتمد عليها في تقديراته بهذا الشأن. وأشاد التقرير الأمريكي بقدرة مصالح الأمن الجزائرية على تحييد عدد من عناصر القاعدة سواء بالقضاء عليهم أو بإقناعهم بالعدول عن العمل الإرهاب وتسليمهم أنفسهم، أو بتفكيك شبكات الدعم والإسناد وشل نشاط شبكات التجنيد، واعتماد الوسائل التكنولوجية الجديدة في كشف الإرهابيين وإحباط مخططاتهم. ويشدّد التقرير على أن أجهزة الأمن الجزائرية مطالبة بالتكيّف المستمر مع تكتيكات القاعدة في المغرب الإسلامي والتي لم تعد تهديدا محليا بقدر ما تحولت إلى تهديد إقليمي. كما سجل التقرير ما يصفه ''النجاحات الكبيرة'' التي حققتها الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب، عبر المجهود الأمني الداخلي وزيادة عدد قوات الدرك والشرطة بتوظيف 100 ألف عنصر جديد لتأمين الحدود وأمن المطارات والمنشآت الحيوية ودعم التواجد الأمني في المدن الكبرى، وكذا الجهد الإقليمي؛ حيث نجحت الجزائر في تشكيل محور يضم النيجر تشاد وليبيا ومالي وموريتانيا وبوركينافاسو لملاحقة القاعدة في منطقة الساحل، واستضافت سلسلة اجتماعات في أفريل ومارس الماضيين، أفضت إلى الاتفاق على استراتيجية موحدة وتشكيل قيادة عسكرية موحدة مقرها تمنراست لمحاربة الإرهاب في الساحل. كما أشاد التقدير بنجاح الجزائر في تدويل قضية دفع الفدية للإرهابيين وإدانتها بلائحة أممية. تراجع العمليات الإرهابية في السنتين الأخيرتين يؤكد تقرير الخارجية الأمريكية أن عدد العمليات الإرهابية في الجزائر شهدت تراجعا كبيرا خلال العامين الماضيين مقارنة مع السنوات التي سبقت، خاصة فيما يتعلق بالهجمات الانتحارية التي تراجعت حدتها منذ مارس 2008، رغم محاولة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي شن هجمات، وتنفيذ عدد من العمليات الإرهابية الاستعراضية باستخدام الكمائن والمتفجرات واستهداف الرعايا الأجانب بهدف تعطيل الأعمال والنشاط التجاري وتثبيط الاستثمارات الأجنبية. ويقدر التقرير أن هذا التراجع له علاقة بالمراجعات الفكرية ونداءات التوبة التي أصدرها عدد من قاعدة المجموعات الإرهابية السابقين وعلى رأسهم حسان حطاب وعماري صايفي وبعض قادة القاعدة التائبين حديثا، إضافة إلى تجنّد السكان، خاصة في القرى والأرياف ومنطقة القبائل ضد المجموعات الإرهابية. ويشير ذات التقرير إلى أن المجموعات المسلحة جنحت إلى ممارسة عمليات السطو على سائقي السيارات في الحواجز المزيفة والسطو المسلح وخطف المواطنين الجزائريين السياح الغربيين في منطقة الساحل في مالي وموريتانيا والمطالبة بالفدية لتمويل عملياتها ك'' تكتيك بدائي''، ويؤكد نفس المصدر أن قاعدة المغرب الإسلامي تعاني من ضائقة مالية، وتموّل نفسها من الابتزاز والتهريب في جنوبالجزائر وشمال مالي. وهو ما يفسر زيادة نشاطاتها في هذه المنطقة. وفي سياق آخر يشير تقرير الخارجية الأمريكية إلى القلق المتزايد من نجاح القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في استخدام الدعاية عبر شبكة الأنترنت وسرعة إصدارها بيانات تبني العمليات الإرهابية لدفع وسائل الإعلام إلى استغلالها. وأوضح في هذا السياق أن القاعدة عمدت إلى زيادة استخدام الدعاية لتجنيد الشباب لإلحاقهم بالتنظيمات المسلحة في العراق، لكنها تحولهم إلى صفوفها في الجزائر. كما لاحظ التقرير أن القاعدة حاولت التركيز على تطوير أشرطة الفيديو والتسجيلات التي تصدرها باستعمال تقنيات أفضل لجذب مزيد من الشباب وتجنيدهم على غرار سلسلة ''جحيم المرتدين'' و''ظلال السيوف'' التي تصور فيها العمليات الإرهابية التي نفذتها ضد الجيش والأمن. ويتضمن تقرير وزارة الخارجية الأمريكي عرضا مفصلا عن نشاط الجماعات المسلحة وتنظيم القاعدة في العراق وأفغانستان والصومال واليمن، كما يتعرّض للوضع في عدد من الدول التي تنشط فيها القاعدة والتنظيمات المرتبطة بها. المصدرالخبر: الجزائر: عثمان لحياني