هل أتاكم حديث اللغة العربية الإلكترونية؟ لن أبرئ نفسي... لأنني ممن اضطرتهم الظروف لاستخدمها حيث أن هاتفي الجوال لا يحتوي على تقنية كتابة اللغة العربية، أتحايل وأكتب رسائلي بتلك اللغة الجديدة التي أصبحت دارجة وشائعة بين الشباب على الإنترنت في الدردشة، والمنتديات، و(الفيس بوك)، وأحيانًا أستخدمها على الإنترنت كنوع من أنواع المحاكاة في هذا العالم الافتراضي, حتى لاينغلق على ذاته وأجد نفسي خارج الدائرة ولا أستطيع الاختراق. إلا أنني اكتفيت الآن بالعلم بهذه اللغة الإلكترونية الجديدة التي هي خليط من أرقام وحروف اللغة (اللاتينية) الإنجليزية لتُقرأ باللغة العربية، وأستطيع إنشاء جدول كامل لكل رقم كيف يُقرأ لتفك به شفرة أي رسالة (الجيل القديم هو المخاطب الآن)، فرقم (2) يُقرأ همزة على نبرة أو القاف بالعامية، (3) دلالة حرف العين، و(7) للحرف حاء، أما (7') فهو لحرف الخاء. والآن ينتابني شعور بالغيرة العارمة على لغتي التي تعني لي الكثير، فهي لغة القرآن الكريم، والتي تُقام بها الشعائر الإسلامية، "لغة الضاد"، مفضلة ومكرمة، وهي لغة أساسية أيضًا لدي العديد من الكنائس في الوطن العربي كما كتبت بها العديد من الأعمال الفكرية والدينية اليهودية في العصور الوسطى، لغة السياسة والأدب، اللغة العربية الفصحى التي صدّرت حروفها إلى بلاد الأناضول وفارس وآسيا الوسطى فهل هذا التراجع الفكري والثقافي للشباب مع مجافاة اللغة العربية الفصحى هو ما يسمى بالحراك الاجتماعي؟ أم هو الاستلاب؟ ما سر تفضيل العامية المنطوقة على حساب اللغة الأصيلة؟ هل السبب تراجع الإقبال على القراءة، أم ضعف حركة التأليف والترجمة والنشر، أم نظام التعليم؟ لن أقول غزو ثقافي..فهل سنظل نلقى اللوم بشدة على من استغلوا ضعفنا؟ ولا نلوم تقصيرنا ولا نحاسب أنفسنا؟!. فكثيرًا ما تستفزني الأخطاء الإملائية، حيث وصل الاضمحلال إلى درجة الجهل بالكتابة، ففكرت كأضعف الإيمان في إنشاء (جروب لإحياء اللغة العربية) يضم أساتذة في اللغة العربية وآخرون يريدون التعلم - وأنا منهم- فوجدت إقبالاً لا بأس به اعتبرته بارقة أمل في التغيير. الشعب الفرنسي لا يتحدث الإنجليزية على الإطلاق رغم اتقانهم لها، لدرجة أن الامريكيين يعتبرونها إهانة لهم في بعض الأحيان، ويفتخرون جدًا بلغتهم الفرنسية، معتقدين أن العالم كله يجب أن يتعلم كيف يتحدث الفرنسية. ونحن العرب لسنا أقل شأنًا من الفرنسيين أو من أي من شعوب العالم، فإذا كان للشعوب أن تفتخر بلغاتهم، فالأجدر بالعرب أن يعتزوا ويفتخروا باللغة العربية، وأن يعملوا جاهدين على إحيائها وتطويرها وحمايتها من الاندثار.