الذين عرفوا ويعرفون "حليمة " يؤكدون أنها لم تعد على عادتها القديمة .. هي اليوم مرأة معاصرة تتخاطب بكل اللغات وتجيد التعاطي مع كل الوضعيات وفي كل مجال تنتزع لنفسها موقعا ... إنه " حليمة " عصر المعارف والتكنولوجيا والانترنيت المخترقة لكل الزوايا المظلمة ... " حليمة " تؤكد اليوم أنها قادرة على تحقيق ذاتها ... بل إنها كثيرا ما تتهم المتحمسين للدفاع عنها بأنهم يُعانون من عقدة الوصاية عليها ومن نظرة دونية للمرأة. " حليمة " هذه ليست لها مشكلة اليوم مع أي " ذكر" فمن لم تهذبه ثقافته ضبطه القانون ، ومن لم يضبطه هذا ولا ذاك ضبطته مصاعب الحياة ومتطلبات العيش. المشكلة اليوم مع " حليم " إنه مازال يردد نشيده القديم ويلوي رأسه على وسادة يقول إنها محشوة بقصاصات من تصريحات وكتابات وفتاوى أعداء المرأة ... مازال " حليم " تتملكه من حين لآخر نوبة ذكورية فينتفض من مضجعه ليشتغل على خطاب دخاني يتمازج فيه السباب والسخرية والعويل!.. يقولُ سامعوه من العامة : نحن لم نقدر على تعدد البنين فما بالنا بتعدد الزيجات (لا يُقال الزوجات) وقال أحد العابثين يُجادلون في رجم الزناة وهذه الأمة يزنى بها من كل موضع وهم لا يفكرون في ما يكفي من الراجمات... وسُئل أحدُ المعطلين عن موقفه من قطع يد السارق فقال ساخرا : لا نية لي في الرقة فأخشى قطع يدي ولا ثروة عندي أخشى عليها الرقة... لماذا لا يُخشى امتدادُ أيادي الإستعمار والإمبريالية والشركات الإحتكارية والرأس مال المتوحش إلى الثروات الوطنية تسرق أرزاق الشعوب وأحلامها .. ألا تحتاج تلك الأيادي أن تقطع بمشاريع وطنية في الإقتصاد والثقافة والسياسة؟... ثم انفرط هذا المُعدم في ضحك قائلا: أناسٌ لا يؤمنون بالملكية الفردية ويستميتون في الدفاع عن المساواة بين الذكور والإناث في الميراث!. " حليمة " تقود سيارتها الفاخرة الفارهة أو الشعبية وتستمع إلى أنواع من الموسيقى تنظر في مرآة سيارتها تتأمل أنوثتها وتسوي شعرها أو غطاءه تأخذها نشوة طافحة .. تهز عينيها تقرأ لافتات بألوان ومقاسات مختلفة توحي كل جملها التقليدية بأن " حليم " مازال على فراشه القديم ... ثم لا تلبث أن تأخذها شفقة على شارع تجرجر فيه أرجل مُثقلة بهموم الحياة ومقتضيات العيش حيث لا يتساءل الناسُ إن كان الذي يتعامل معهم ويقضي حوائجهم " ذكرا " أم " أنثى " وإن كان الذي يحل مشاكلهم ويحقق أمانيهم " رجلا " أم " امرأة". مازال "حليم" يلوي رأسه على وسادته ويمارس فحولة خطابية ضد "خصوم " يقول شهودُ وعي إنهم غادروا الظلمة مذ طلوع الشمس وإنهم الآن يتجولون في المدائن والحدائق يمارسون كل أنشطة الحياة الضرورية والتحسينية ويتقنون لغة العصر يمارسون الرياضة ويتعاطون الفنون ويُحاورون " حليمة " إن كانت مستعدة لتحمل مسؤولية نصف "تفاحة المعصية".. أظن أن معصية آدم لم تكن إلا " الحريّة" . صحيفة الوطن التونسية 13/08/2010 المصدربريد الفجرنيوز