طرح ناشطون مصريون أمس اسم رئيس الاستخبارات الوزير عمر سليمان مرشحاً «انتقالياً» للرئاسة في الانتخابات المتوقعة في خريف العام المقبل، وعلّقوا ملصقات تحمل صورته في شوارع القاهرة تحت عنوان «البديل الحقيقي».وجاء طرح اسم الوزير سليمان بعد أسابيع قليلة من انطلاق حملة دشّنها نشطاء مجهولون لدعم ترشح أمين السياسات في الحزب الوطني نجل الرئيس جمال مبارك في انتخابات الرئاسة العام المقبل. وثمة حملات أخرى تدعم ترشح الدكتور محمد البرادعي والناشط الحزبي المعارض أيمن نور. وقال مراقبون في القاهرة إن الأمر يبدو سباقاً بين ناشطين سياسيين لطرح مرشح قوي يستطيع منافسة المرشح الذي سيطرحه الحزب الوطني، علماً أن الأسماء التي طُرحت يصعب لها أن تتمكن من الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة في ظل القيود الدستورية الحالية، باستثناء جمال مبارك إذا قرر الرئيس حسني مبارك عدم خوض المنافسة. ووضعت التعديلات التي أُدخلت على المادة 76 من الدستور المصري عام 2005 قيوداً شديدة على ترشيح المستقلين، أهمها أن «يكون المرشح عضواً في الهيئة العليا لأحد الأحزاب لمدة لا تقل عن سنة كاملة»، إضافة إلى أن يمتلك هذا الحزب مقعداً برلمانياً واحداً على الأقل. وتُعطي هذه الشروط أهمية فائقة لنتيجة الانتخابات البرلمانية المقرر لها نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. ولوحظ في عدد من شوارع القاهرة انتشار لافتات وملصقات حملت توقيع «الحملة الشعبية لدعم عمر سليمان رئيساً للجمهورية». وقال بيان حمل توقيع الحملة تحت عنوان «عمر سليمان... البديل الحقيقي»: «تمر مصر الآن بمرحلة فارقة في تاريخها، قد يعقبها انطلاق ركب التقدم والتطور في البلاد لتصعد مصر إلى مصاف الدول المتقدمة... أو قد تنجرف إلى نفق مظلم يكرّس تخلفها وتأخرها ويزيد من حدة التوترات الاقتصادية والاجتماعية بها، بما ينذر بكارثة داخلية على المدى القريب مع وجود منافذ محتملة لتوتر داخلي قد ينفجر في أي لحظة نتيجة لأوضاع اقتصادية سيئة يعيشها قطاع واسع غير منظم مدنياً أو سياسياً من المصريين». وأضاف البيان: «ونحن إذ ننظر لتلك المرحلة من تاريخنا بقلق بالغ، وما يشوبها من حالة حراك سياسي سلمي محمود - يطالب بمزيد من الحريات والديموقراطية - ويواجه على الجانب الآخر بمحاولات منهجية ومستمرة من قبل جمال مبارك وأعوانه من رجال الأعمال وأتباعهم من أجل السيطرة على حكم مصر ومقدراتها في المستقبل القريب، واستعادة مساحة الحريات، والتي نجحت في انتزاعها حال الحراك السياسي من خلال نشطائها الفاعلين في السنوات الأخيرة، بهدف تأمين وصول نجل الرئيس إلى السلطة». وتابع: «وإزاء ما تردد أخيراً عن الحالة الصحية للرئيس مبارك، ومع قرب حلول الاستحقاق الرئاسي في 2011، في ظل معارضة مقيّدة ومكبلة، وفي ظل تصاعد الحملة المدعومة أمنياً والتي يقودها أنصار جمال مبارك من أجل تصعيده بديلاً رئاسياً في لحظة فارقة، فإننا نرى أن السبيل الوحيد لمواجهة مشروع التوريث، هو جناح داخل النظام يحمل أحد رجاله القدرة على طرح نفسه كبديل إصلاحي انتقالي في الداخل، وكحامي الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط». واعتبر البيان أن سليمان هو «الشخص المناسب لهذه المرحلة»، قائلاً إن «السيد اللواء عمر سليمان كان بسجله الوطني النظيف، ودوره الكبير الذي لعبه على مستوى علاقة مصر بقضايا خارجية مهمة وحساسة بمثابة بديل حقيقي مطروح بقوة من قبل أطراف عدة باستمرار، ويحظى بقبول داخلي من قبل المعارضة، وبعض الأجنحة العاقلة من داخل النظام، وبقبول على المستوى الخارجي لما يملكه من سمعة حسنة، وسجل مشرف، ودور بارز لعبه على مستوى السياسة الخارجية». ودعا البيان من سمّاهم «المعارضة الحكيمة» إلى دعم حملة ترشح عمر سليمان، ورأى أن السبيل الوحيد لإجراء تحوّل ديموقراطي حقيقي في مصر «هو أن يتولى مسؤولية الحكم في مصر لفترة انتقالية اللواء عمر سليمان، يتم فيها إجراء إصلاحات داخلية سريعة، تكفل إطلاق الحريات كافة، وإطلاق حرية العمل الحزبي والسياسي المدني، وإجراء إصلاحات دستورية وتشريعية بما يكفل وجود تداول سلمي آمن للسلطة، وأن تتم تلك الإصلاحات في ظل ما يشبه مصالحة وطنية بين النظام الحاكم وأطياف المعارضة المصرية بعيداً من الحنجورية والثورية التي فشلت في انتزاع أي إصلاحات سياسية حقيقية، وحفاظاً على الاستقرار الداخلي وتحقيقاً للتحول الديموقراطي الذي سبقتنا إليه دول أخرى من خلال تجارب تحول ديموقراطي مماثلة ما زال يحفظ نجاحها التاريخ في سجلاته». وبدأت قبل شهر «حرب ملصقات» دعائية لمرشحين محتملين على مقعد رئاسة الجمهورية تجوب شوارع المحروسة، فمنها ما يدعو لجمال مبارك تحت شعار «جمال لكل المصريين»، وأخرى تتبناها قوى رافضة ل «التوريث» تحت شعار «مصر كبيرة عليك». وكان مجلس الشعب (البرلمان) وافق في أواخر أيار (مايو) عام 2005 على تعديل المادة 76 من الدستور المصري الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية بعد موافقة 405 من الأعضاء على المشروع، وامتنع عن التصويت ثلاثة أعضاء، ورفض التعديل 34 عضواً وغاب عن الجلسة 12 نائباً. ونص التعديل على أن «ينتخب رئيس الجمهورية من طريق الاقتراع السري العام المباشر، ويلزم لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية بالنسبة للمستقلين أن يؤيد المتقدم للترشح 250 عضواً على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات، على ألا يقل عدد المؤيدين عن خمسة وستين من أعضاء مجلس الشعب وخمسة وعشرين من أعضاء مجلس الشورى، وعشرة أعضاء من كل مجلس شعبي محلي للمحافظة من أربع عشرة محافظة على الأقل». أما بالنسبة إلى الأحزاب السياسية التي مضى على تأسيسها خمسة أعوام متصلة على الأقل قبل إعلان فتح باب الترشح، واستمرت طوال هذه المدة في ممارسة نشاطها مع حصولها على مقعد برلماني واحد في آخر انتخابات، فيحق لها «أن ترشح لرئاسة الجمهورية أحد أعضاء هيئتها العليا وفق نظامها الأساسي متى مضى على عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة على الأقل».