تونس رشيد خشانة:تدرس الجزائر شراء 150 مروحية من إيطاليا لتجديد أسطول طائراتها العامودية التي تستخدمها القوات البرية وقوات الدرك والدفاع المدني ومؤسسة النفط الوطنية، فيما تُجري في الوقت نفسه اتصالات مماثلة مع روسيا لدرس تزويد القوات المسلحة بمروحيات هجومية من فئة "مي 28" المطورة. وأكدت مصادر جزائرية ل أن الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف سيقوم بزيارة للجزائر في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل تلبية لدعوة من نظيره عبد العزيز بوتفليقة. وأوضحت المصادر أن الرئاسة الروسية قد تكون وافقت على تلبية الدعوة التي نقلها إليها وزير الطاقة الروسي سيرغي شماتكو بعد عودته إلى موسكو من زيارة رأس خلالها الجانب الروسي في اجتماعات الدورة الرابعة للجنة المشتركة للتعاون الإٌقتصادي والعلمي، التي استضافتها الجزائر في مطلع تموز (يوليو) الماضي. وتوقع مراقبون أن يكون ملفا التعاون في المجالين العسكري والطاقي في مقدم المسائل التي سيدرسها ميدفيديف مع القيادة الجزائرية. وتُعتبر روسياوالجزائر من كبار منتجي النفط والغاز وتأتيان في مقدم مزودي أوروبا الغربية بالغاز الطبيعي. وكثيرا ما نسقتا مواقفهما للدفاع عن مصالحهما التجارية في مواجهة الزبائن الأوروبيين. وكان شماتكو أكد في تصريحات أدلى بها في الجزائر أن البلدين "يمتلكان إرادة سياسية قوية لتوسيع التعاون في مختلف المجالات". خيبة من الولاياتالمتحدة وتأتي روسيا على رأس مزودي الجزائر بالسلاح والعتاد. ولاحظ مراقبون أن التقارب الروسي الجزائري أتى بعد أشهر من استغناء الجزائر عن 50 في المئة من صفقة شراء أسلحة أميركية. وكان مصدر في وزارة الدفاع الجزائرية كشف في وقت سابق من العام الجاري أن الجزائر "صرفت النظر عن أكثر من 50 في المئة من طلبيات أسلحة تقدمت بها قبل سنوات للولايات المتحدة، وقررت الكف عن جهود اقتناء ستة نظم أسلحة أميركية بعد مماطلة الأميركيين طيلة عدة سنوات". وكشفت صحيفة "الخبر" الجزائرية واسعة الإطلاع حينها أن وزارة الدفاع تتجه للاعتماد على صفقة سلاح روسي جديدة، تكون بديلا من صفقة الأسلحة المعطلة منذ 2007 مع الولاياتالمتحدة. وكشفت مصادر مطلعة ل أن الأمر يتعلق بتزويد القوات البرية الجزائرية بمروحيات هجومية من روسيا، بعد تقدم المفاوضات بشأن اقتناء طائرات مروحية من فئة مي 28 المطورة والتفاوض بشأن طائرة نقل عامودية وطائرة الكي 52. وأشارت إلى أن موسكووالجزائر في سبيلهما للإتفاق على صفقة الأسلحة الجديدة بعد تأخر حصول الجزائر على نظم أميركية أهمها صواريخ جو أرض دقيقة التوجيه وقنابل ذكية خارقة للتحصينات لاستخدامها في الحرب على الجماعات المسلحة. وستشمل الصفقة أيضاً أجهزة تنصت وأنظمة إلكترونية لإدارة العمليات الجوية ونظم تحذير للطائرات العامودية من الصواريخ. وفي هذا الإطار يولي العسكريون الجزائريون أهمية كبيرة لاقتناء أجهزة كشف العبوات الناسفة المدفونة تحت الأرض التي تتسبب في أكثر من نصف خسائر الجيش في العمليات العسكرية ضد العناصر المسلحة. وأوضحت مصادر على صلة بالملف أن مماطلة الأميركيين في الرد على طلبات الأسلحة الحديثة تسببت في تأخير خطط وزارة الدفاع الجزائرية لاقتناء عدد من نظم الأسلحة المتطورة التي تساهم في محاربة الإرهاب. وشرحت المصادر ل أنه على رغم بعض التقدم الذي حققته مفاوضات شراء أسلحة أميركية متطورة في سنة 2009، فإن الاتفاق حول تزويد الجزائر بمعدات قتالية ونظم تسليح تفوق قيمتها 2 مليار دولار، كان دائما يخضع للمعايير التي تتبعها الولاياتالمتحدة والمتعلقة بالرقابة على الأسلحة ذات التكنولوجيا العالية. ولذلك اتجه الجزائريون إلى إيطاليا للحصول على مروحيات قتالية متطورة في حال لم تُكلل المفاوضات مع روسيا بنتائج إيجابية. الزيارة الثانية وستكون زيارة ميدفيديف الثانية لرئيس روسي إلى الجزائر بعد زيارة الرئيس السابق فلاديمير بوتين في 2006. ومن مظاهر العلاقات العسكرية المتينة بين الجانبين تسلم الجزائر في أواخر آذار (مارس) الماضي تجهيزات وأسلحة متطورة لتكثيف حربها على الجماعات المرتبطة ب"القاعدة"، بما فيها قاذفات ودبابات وأنظمة روسية مضادة للطائرات. وأعلنت وكالة الأنباء الروسية "انترفاكس" آنذاك أن موسكو ستشرع في تسليم الجزائر 38 نظاماً مضاداً للطائرات من نوع "بانتسير أس 1" خلال الفترة ما بين 2010 و2011، في إطار تكملة العقد الذي تم التوصل إليه بين الدولتين خلال زيارة الرئيس الروسي السابق بوتين للجزائر في 2006. ووقّعت الحكومتان خلال تلك الزيارة على صفقة بقيمة إجمالية قدرها 6.3 بلايين دولار مخصصة لشراء الأسلحة. وخُصص من هذه الصفقة 3.5 بلايين دولار لاقتناء الطائرات الحربية. وفي المقابل، وافقت روسيا على مسح الديون الجزائرية المتراكمة منذ عهد الاتحاد السوفياتي. وعلى رغم اندلاع أزمة بين الجانبين عُرفت بأزمة "الأسلحة الفاسدة" عندما أعادت الجزائر سرباً من الطائرات المقاتلة لموسكو بسبب "أخطاء تقنية"، استعادت العلاقات عافيتها سريعا وتوصل الجانبان إلى حل وفاقي.