في التفقير المادي والتدجين الاداري بغطاء قانوني مراد رقية ان لمن المكاسب المميزة للقاءات الحميمية التي تنتظم عفويا ودوريا بمشرب الأساتذة برغم حرص الادارة على الغائها لتعدد قاعات الأساتذة ضمن أوقات الفراغ بين ساعات التدريس والتي يخصصها الزملاء بعد مداومة الوزارة على الترفيع في أجورهم الى مستويات قياسية يحسدنا عليها القاصي والداني ،هذه اللقاءات المخصصة لتناول "اللمج" أو السندويشات ذات الدينار الواحد،واحتساء أكواب القهوة والشاي وتجاذب أطراف الحديث في الشأن العام،وخاصة في الشأن الجامعي البائس المتردي المهتريء في سنة الخمسينية؟؟؟ ولعل من حسن حظي أن التقيت ضمن كوكبة من الزملاء بزميل لنا أعتبر وجوده شخصيا ضمن بناية كلية الآداب والعلوم الانسانية بسوسة،وضمن قسم الفرنسية تحديدا فخرا لنا معشر الجامعيين المضحوك على ذقنهم ،المنتهكة حقوقهم بامتياز،قبل أن يكون فخرا لوزارة التعليم العالي،سلطة الاشراف الاداري؟؟؟الزميل الذي بلغ سن الرابعة والخمسين له من الأقدمية30 سنة موزعة بين التعليم الثانوي تدريسا وارشادا على مدى16 سنة،وبين التعليم العالي على مدى14 سنة كمتعاقد أولا ،ثم كمساعد منتدب،ليصبح بعد هذه السنين الطويلة لشغفه بالأدب الفرنسي ،وبعد انجازه أطروحة حول أديب فرنسي هو جورج بطاي الزميل والذي كنت أسمع به عن بعد من خلال تعدد أنشطته هو عضو باتحاد الكتاب التونسيين،مؤلف لثلاثين عملا أدبيا تتراوح بين القصة والرواية والشعر والترجمة في اللغتين اللتين يتقنهما بامتياز وتفوق قياسيين،تعاون مع عديد المؤسسات الاعلامية والصحفية،كانت له تجربة ضمن التعاون الفني، الرجل باختصار كامل ودون مبالغة يعتبر موسوعة أدبية وعلمية متنقلة يتهافت الجميع زملاء وطلبة على النهل من معينها المتدفق لكن الغريب العجيب،وبعد كل هذه الخصال والمواصفات وهذه المسيرة المتفردة التي كان من المفترض بحكم تخرج الزميل من دار المعلمين العليا ذات التكوين المتميز تكوينا وتأطيرا منذ السنة الثالثة،وبعد هذا العطاءكتابة وانتاجا عوض أن تكرّمه وزارة التعليم العالي وتعتبره مرجعا في اختصاصه،أو مستشارا علميا لمؤسسة بحثية،أو مسؤولا عن مجلة أدبية تصدر عن الكلية،فلقد عاملته بالعكس تماما من خلال اعتباره في ظل احداث "سلك المكوّنين" الجامعيين المحدث مؤخرا وبسبب انتدابه كمساعد مؤخرا مشمولا بدروس التكوين.....وأي تكوين؟؟؟ هذا السلك الأمني الأكاديمي الذي أحدث مؤخرا،وبرغم تأثره في المنطلق بالتفقد البيداغوجي للتعليم الثانوي،يراد له أن يجمع بين خطة المتفقد و"المؤهل"أو المدجّن الاداري في زمن سيطر عليه التدجين وانفلونزا الطيور،لكن الغريب العجيب في الأمر،أن الزميل ذي المواصفات المذكورة لا يشرف على تأطيره زميل في الاخنصاص(كما جرت العادة في الثانوي والأساسي)أي أستاذ متمرس قد يكون مبرزا في الاختصاص،ولكن أستاذ في الحضارة العربية ويا للعجب،ففي أي مستوى يمكن لهذاالأستاذ برغم تقدمه في الرتبة أن يكونه ،والرجل له خبرة 30 سنة في الاختصاص تدريسا وارشادا وتعاونا فنيا بين التعليم الثانوي والتعليم العالي،والأدهى والأمر أن زملاء الزميل المبدع ذي الثلاثين مؤلفا،عضو اتحاد الكتاب،يستفيد معه من تأطير وتأهيل ذات الأستاذ يتوزعون بين اختصاصات عدة مثل الحقوق والطب والموسيقى والفنون والاقتصاد.....،فنحن حقا محظوظون في التعليم العالي عن المرحلتين السابقتين لأننا قفزنا فوق الاختصاصات تعجيلا باقامة اقتصاد المعرفة ومجتمع المعلومات؟؟؟ وقد رفض الزميل المصاب حاليا بأزمة نفسية ولوثة لا توصف الخضوع لهذا التأهيل أو "التدجين"الاداري المغلف قانونيا لا علميا،وبعث برسالة الى أحد أركان سلطة الاشراف الاداري،أجابه المسؤول بكل بساطة وشفافية "تهتز لها الجبال"ب''أننا تعترف لك بالخبرة والقدرة،ويمكن لهذه الخبرة أن تفيد الزملاء الآخرين من خلال اللقاءات والنقاشات لانصهار الاختصاصات،فما هو رأي متابع الشبكة في كل ذلك؟؟؟ ويعتزم الزميل المستاء والمحبط في هذه السن ،وبعد كل هذه المسيرة،والذي أصبح مثل غيره من عديد الزملاء الطامحين في الارتقاء تكوينا وانتاجا على الأقل في غياب الفارق المادي الذي تقلص أو انعدم تقريبا يندم على اليوم الذي اتخذ فيه قرار الالتحاق بالتعليم العالي ذي الوضعية المتصاعدة حراجة تفقيرا ماديا وتهميشا علميا ومجتمعيا،رفع أمره الى عديد الدوائر بدءا بالهيكل النقابي وهي الجامعة العامة (المضروب على يدها حاليا)والى الرأي العام التونسي من خلال عديد الصحف النقابية والمستقلة،وحتى الى المحكمة الادارية،مع الاعلان عن استعداده باستكمال السنوات الست الباقية في خطة مساعد غير مثبت؟؟؟ فهل يستحق مبدعونا وجامعيونا كل هذا الانتهاك والتجني والتطاول على المقام بعد اسداء كل هذه الخدمات المتراكمة تحصيلا للفقر المتجذر والتدجين المفروض ،هذه هي جامعة الخمسينية يا سادة ،فليرحمنا ويرحمكم الله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟