حذر سياسي وناشط حقوقي موريتاني من خطورة المواجهات الجارية حاليا بين السلطات الأمنية وجماعات السلفية الجهادية على الأمن العام، وأشار إلى أن تصاعدها يحمل في طياته أهدافا سياسية وأمنية داخلية وخارجية. وانتقد الناشط الحقوقي الموريتاني محمد ولد باباه في تصريحات خاصة ل"قدس برس" ما أسماه بعدم دقة المعلومات الصادرة عن السلطات الرسمية بشأن المواجهات التي جرت الخميس (17/4) بجوار القصر الرئاسي بالعاصمة نواكشوط، وقال إن "التصعيد الجاري حاليا في المواجهات بين أجهزة الأمن الرسمية والجماعات السلفية، هو تصعيد غير مسبوق، لم يتوقعه أحد بهذا الشكل، حيث أن الناس يعيشون في حالة قلق دائم وأوضاعهم الأمنية مزرية، لا سيما أن القصة الرسمية التي روتها السلطات الرسمية حول مواجهات يوم أمس لم تكن دقيقة، فقد تحدثت عن أنها أطلقت النار على سيارة مجهولة، في حين أن الرواية الحقيقية هو أن سيارة كانت تقل مجموعة من السلفيين كانوا يتعقبون مواطنين فرنسيين لما خرجا من القصر رموهما بالنار فأصابوهما في العمق، وهو ما رد عليه الحرس الرئاسي بشكل عشوائي، وأصبح يطلق النار على كل سيارة تمر بالقرب من القصر الرئاسي". وأشار ولد باباه إلى أن الأوضاع الأمنية تزداد سوءا بسبب فشل الأجهزة الأمنية في القضاء على أنشطة الجماعات السلفية، وقال: "لقد كنت حذرت من هذه المواجهات سابقا، لكنني لم أكن أتوقعها بهذه الحدة، فالمواطن أصبح رهينة لهذه الجماعة، ولم يعد يهنأ له بال لأنه لم يعرف لهذه الحالة من الفلتان الأمني مثيلا لا سيما وأن السلطات الأمنية غير قادرة حتى الآن للسيطرة على الواقع، مما يعني أن هذه الجماعات مدعومة ماديا وعسكريا وأن تواطؤا ما يجري معها من جهات محلية داخل الإدارة الموريتانية، فلا يوجد أي تفسير لهروب أحد المتهمين بقتل الرهائن الفرنسيين من قصر العدالة إلا أنه ت عبير عن تواطؤ"، على حد تعبيره. وحذر الناشط الحقوقي الموريتاني من أن تصاعد المواجهات العسكرية بين السلفيين والقوات الأمنية الرسمية يمثل تهديدا مباشرا للمسار الديمقراطي في موريتانيا، وقال: "الأكيد أن المسار الديمقراطي مهدد في صورته وكينونته، لكن المسؤول عنه ليس فقط الجماعات السلفية، ذلك أن الجميع هنا يطرح تساؤلات كبرى: هل هناك جهات داخل النظام تريد إفشال النظام الحالي والتعجيل بنهايته من أجل عودتها إلى الحكم؟". وأكد ولد باباه أن خطر القواعد العسكرية الأجنبية يطل على موريتانيا، لكنه أشار إلى أن المشكل الأعمق داخلي بالدرجة الأولى، وقال "توجد مخاوف من تزايد مبررات تأسيس قواعد عسكرية في موريتانيا لمحاربة الإرهاب التي كانت السلطات تتمنع للسماح بها، لكن هناك ما هو أعمق من هذه المخاوف، ويتعلق الأمر بوجود جهات تريد أن تفشل التجربة الحالية وخصوصا الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله وجماعته من أجل دفعه إلى الاستقالة أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة"، على حد تعبيره. وكان فرنسي واحد على الأقل قد أصيب مساء أمس الخميس في حادث إطلاق نار من قبل مجهولين قرب منطقة القصر الرئاسي بنواكشوط. وتضاربت الأنباء حول مصدر إطلاق الرصاص، عما إذا كان من جماعات سلفية أو من الحرس الرئاسي الذي حاول توقيف شابين فرنسيين كانا يمران بالقرب من ثكنة عسكرية قريبة من القصر الرئاسي، قيل أنهما قد يكونان متعاونين أمنيين يتواجدان في نواكشوط للتعاون مع القوات الموريتانية في تعقب قاتلي السياح الفرنسيين.