سؤال كيف يمكن أن تصف لنا الأجواء في تونس اليوم في ضوء هذه الانتفاضة ضد البطالة ؟ إنه تعبير عن اليأس المتواصل منذ سنوات والذي يتفاقم اليوم، وربما سيستمر في السنوات القليلة المقبلة.كان يأمل الشباب أنه بعد نجاحه في التعليم العالي، سيتمتع بفرص عمل سواء في القطاع العام أو الخاص. لكنه وجد نفسه عاطلاً عن العمل لفترات طويلة تفوق عدة أشهر وفي بعض الأحيان عدة سنوات.
س أين هو الخلل في الاقتصاد التونسي الذي أوصل الشباب إلى هذه المرحلة؟
الخلل موجود في عدة نواحي : الأولى هي أن عدد المتخرجين من الجامعات التونسية كبير جداً يتراوح ما بين 70 إلى 80 ألفاً، بينما لا يقدر الاقتصاد على استيعاب أكثر من 20 إلى 30 ألفاً من حملة الشهادات العليا.
س في الدول العربية أيضاً، لا تقدر الحكومات على استيعاب جميع خريجي الجامعات في سوق العمل. لكن هناك ما يُسمى بالقطاع الخاص الذي يساعد الحكومة على تبني أصحاب الشهادات العليا. ما هي مشكلة القطاع الخاص في تونس ؟
القطاع الخاص ناشط نسبياً في تونس، ولكنه لا يستطيع استيعاب إلا 4 إلى 5 بالمائة من الخريجين في أقصى الحالات. فالاقتصاد الخاص هو أقل قدرة على استيعاب الشباب الطالع. أما القطاع العام فيستمر في التقلص منذ عشرين عاماً تقريباً في إطار السياسة الليبرالية الجديدة التي اتخذتها تونس منذ عام 1986.
س بعيداً عن الشق الاقتصادي، هل يمكن أن تكون هذه الانتفاضة مبنية فقط على أساس الاحتجاج على البطالة، أم أن لها أهدافاً سياسية غير معلنة ؟
الإشكالية الأولى تتمثل بالنقص المتواجد الآن عند الشباب التونسي، لكن الخطاب الرسمي يتجاهل الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة وما يتعرض له الشباب في حياته اليومية. وثمة فئة مقربة من السلطة في تونس تتمتع بكل الامتيازات دون سواها من الشعب. ومعنى ذلك أن هذا احتقار للشباب والشعب التونسي بشكل عام. س ما هي الآلية التي ستعمد إليها الحكومة التونسية لاحتواء هذا الغضب ؟
الخطوة الأولى تقضي بتهدئة الأجواء وإعطاء إمكانية التعبير للشباب. لكن الحكومة التونسية والحكومات عامة غير قادرة على حل مشكلة كهذه في أمد قصير أو حتى متوسط.
س ماذا عن التعديل الوزاري الذي أجراه الرئيس التونسي ؟
الحكومة في تونس لها طابع تنفيذي بحت، وليس لها أي سلطة سياسية. فإذا ما استبدل الوزير بوزيرٍ آخر، فهذا ليس له أي أهمية سياسية. السياسة ليست مهنة أعضاء الحكومة ولا يحق لهم في نظري هامش التصرف السياسي. أما البرنامج الحكومي فتقرره رئاسة الدولة.
بالتالي، فإن التبديل الوزاري ليس له أي أهمية في حل المشاكل التي تواجه الآن الشباب والشعب التونسي بصفة أوسع. فرانس 24