الاتحاد الجزائري يصدر بيانا رسميا بشأن مباراة نهضة بركان    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    الألعاب الأولمبية في باريس: برنامج ترويجي للسياحة بمناسبة المشاركة التونسية    المهدية .. للمُطالبة بتفعيل أمر إحداث محكمة استئناف ..المُحامون يُضربون عن العمل ويُقرّرون يوم غضب    فازا ب «الدربي وال«سكوديتو» انتر بطل مبكّرا وإنزاغي يتخطى مورينيو    بنزرت .. شملت مندوبية السياحة والبلديات ..استعدادات كبيرة للموسم السياحي الصيفي    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    جندوبة...المندوب الجهوي للسياحة طبرقة عين دراهم.. لدينا برنامج لمزيد استقطاب السائح الجزائري    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    نابل: السيطرة على حريق بشاحنة محملة بأطنان من مواد التنظيف    رمادة: حجز كميات من السجائر المهربة إثر كمين    توزر.. يوم مفتوح احتفاء باليوم العالمي للكتاب    الليلة: أمطار متفرقة والحرارة تتراجع إلى 8 درجات    حنان قداس.. قرار منع التداول الإعلامي في قضية التآمر مازال ساريا    التضامن.. الإحتفاظ بشخص من أجل " خيانة مؤتمن "    أي تداعيات لاستقالة المبعوث الأممي على المشهد الليبي ؟    عاجل/ منها الFCR وتذاكر منخفضة السعر: قرارات تخص عودة التونسيين بالخارج    عاجل/ أحداث عنف بالعامرة وجبناينة: هذا ما تقرّر في حق المتورطين    النادي الصفاقسي : تربّص تحضيري بالحمامات استعدادا للقاء الترجّي الرياضي    إكتشاف مُرعب.. بكتيريا جديدة قادرة على محو البشرية جمعاء!    عاجل/ إنتشال 7 جثث من شواطئ مختلفة في قابس    عاجل/ تلميذ يعتدي على زميلته بآلة حادة داخل القسم    ليبيا: ضبط 4 أشخاص حاولوا التسلل إلى تونس    ازدحام و حركية كبيرة بمعبر ذهيبة-وازن الحدودي    يراكم السموم ويؤثر على القلب: تحذيرات من الباراسيتامول    طبرقة: فلاحو المنطقة السقوية طبرقة يوجهون نداء استغاثة    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 8 أشخاص في حادثي مرور    عاجل/ أمطار رعدية خلال الساعات القادمة بهذه المناطق    عاجل : الإفراج عن لاعب الاتحاد الرياضي المنستيري لكرة القدم عامر بلغيث    هيئة الانتخابات:" التحديد الرسمي لموعد الانتخابات الرئاسية يكون بصدور امر لدعوة الناخبين"    طلاق بالتراضي بين النادي الصفاقسي واللاعب الايفواري ستيفان قانالي    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    جربة: إحتراق ''حافلة'' تابعة لجمعية لينا بن مهنّى    الجامعة تنجح في تأهيل لاعبة مزدوجة الجنسية لتقمص زي المنتخب الوطني لكرة اليد    عاجل : مبروك كرشيد يخرج بهذا التصريح بعد مغادرته تونس    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    ردا على الاشاعات : حمدي المدب يقود رحلة الترجي إلى جنوب إفريقيا    تونس : 94 سائحًا أمريكيًّا وبريطانيًّا يصلون الى ميناء سوسة اليوم    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    المرصد التونسي للمناخ يكشف تفاصيل التقلّبات الجوّية    صور : وزير الدفاع الايطالي يصل إلى تونس    نابل: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه    وزير الدفاع الايطالي في تونس    جرايات في حدود 950 مليون دينار تُصرف شهريا.. مدير الضمان الإجتماعي يوضح    بسبب فضيحة جنسية: استقالة هذا الاعلامي المشهور..!!    لأول مرة: التكنولوجيا التونسية تفتتح جناحا بمعرض "هانوفر" الدولي بألمانيا    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس..    جمعية منتجي بيض الاستهلاك تحذّر من بيض مهرّب قد يحمل انفلونزا الطيور    عاجل : وفيات في سقوط طائرتي هليكوبتر للبحرية الماليزية    حادثة سقوط السور في القيروان: هذا ما قرره القضاء في حق المقاول والمهندس    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    باجة: انطلاق الاستعدادات لموسم الحصاد وسط توقعات بإنتاج متوسط نتيجة تضرّر 35 بالمائة من مساحات الحبوب بالجهة    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة الخامسة    وزارة الدفاع الوطني تعرض أحدث إصداراتها في مجال التراث العسكري بمعرض تونس الدولي للكتاب    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبذة عن المرحوم الشيخ محمد صالح النيفر علم جهاد ومنارة فقه
نشر في الفجر نيوز يوم 05 - 03 - 2008

نبذة عن المرحوم الشيخ محمد صالح النيفر علم جهاد ومنارة فقه : مع تعليق لابنته الاستاذة :أروى النيفر
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم,,,
قال الله تعالى ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر)
{الأحزاب:23}
تفسير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
قال الإمام ابن كثير مفسرا لهذه الآية
لما ذكر عز وجل عن المنافقين أنهم نقضوا العهد الذي كانوا عاهدوا الله عليه لا يولون الأدبار، وصف المؤمنين بأنهم استمروا على العهد والميثاق صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه قال بعضهم: أجله. وقال البخاري: عهده وهو يرجع إلى الأول, ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا أي وما غيروا عهد الله ولا نقضوه ولا بدلوه.
إلى أن قال:
وقال البخاري أيضاً: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثني أبي عن ثمامة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: نرى هذه الآية نزلت في أنس بن النضر رضي الله عنه من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله الآية، انفرد به البخاري من هذا الوجه، ولكن له شواهد من طرق أخر. قال الإمام أحمد: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال: قال أنس: عمي أنس بن النضر رضي الله عنه سميت به لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر فشق عليه، وقال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غيبت عنه، لئن أراني الله تعالى مشهداً فيما بعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرين الله عز وجل ما أصنع. قال فهاب أن يقول غيرها، فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فاستقبل سعد بن معاذ رضي الله عنه، فقال له أنس رضي الله عنه: يا أبا عمرو أين واهاً لريح الجنة إني أجده دون أحد قال: فقاتلهم حتى قتل رضي الله عنه، قال: فوجد في جسده بضع وثمانين بين ضربة وطعنة ورمية، فقالت أخته عمتي الربيع ابنة النضر فما عرفت أخي إلا ببنانه، قال: فنزلت هذه الآية: مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا قال: فكانوا يرون أنها نزلت فيه، وفي أصحابه رضي الله عنهم. ورواه مسلم والترمذي والنسائي من حديث سليمان بن المغيرة به. ورواه النسائي أيضاً وابن جرير من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه به نحوه. انتهى.
وفي التحرير والتنوير لابن عاشور:
مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا {الأحزاب:23} أعقب الثناء على جميع المؤمنين الخلص على ثباتهم ويقينهم واستعدادهم للقاء العدو الكثير يومئذ وعزمهم على بذل أنفسهم ولم يقدر لهم لقاؤه كما يأتي في قوله وكفى الله المؤمنين القتال بالثناء على فريق منهم كانوا وفوا بما عاهدوا الله عليه وفاء بالعمل والنية، ليحصل بالثناء عليهم بذلك ثناء على إخوانهم الذين لم يتمكنوا من لقاء العدو يومئذ ليعلم أن صدق أولئك يؤذن بصدق هؤلاء لأن المؤمنين يد واحدة.
إلى أن قال:
وأيا ما كان وقت نزول الآية فإن المراد منها: رجال من المؤمنين ثبتوا في وجه العدو يوم أحد وهم: عثمان بن عفان، وأنس بن النضر، وطلحة بن عبيد الله، وحمزة، وسعيد بن زيد، ومصعب بن عمير. فأما أنس بن النضر وحمزة ومصعب بن عمير فقد استشهدوا يوم أحد، وأما طلحة فقد قطعت يده يومئذ وهو يدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما بقيتهم فقد قاتلوا ونجوا. وسياق الآية وموقعها يقتضيان أنها نزلت بعد وقعة الخندق. وذكر القرطبي رواية البيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله حين انصرف من أحد مر على مصعب بن عمير وهو مقتول على طريقه فوقف ودعا له ثم تلا من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه الآية.
ومعنى صدقوا ما عاهدوا الله عليه أنهم حققوا ما عاهدوا عليه فإن العهد وعد وهو إخبار بأنه يفعل شيئا في المستقبل فإذا فعله فقد صدق. انتهى
والله أعلم
تحت هذا الركن سأضع بإذن الله رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه حسب رأيي في العصر الحديث في تونس تعريفا ومساهة في رفع المظلمة عنهم
الشيخ محمد صالح النيفر علم جهاد ومنارة فقه

في الثلاثين من شعبان من عام 1414 رحل عنا احد اكبر اعلام الجهاد الاسلامي في تونس ضد المحتل الفرنسي واصدق رموز مكافحة الكفر البورقيبي البواح والظلم الصراح والاب الروحي للحركة الاسلامية التونسية المعاصرة وراعي مؤسسيها وحاضن فكرها واعرق اعلامي اسلامي بعد المرحوم الثعالبي في التاريخ التونسي الحديث : الشيخ الكبير والفارس الذي لم يترجل سيدي محمد صالح النيفر عليه رحمة الله تعالى.

* ولد الشيخ المرحوم عام 1903 ميلادية وعمل مدرسا بجامع الزيتونة المعمور اول معلم اسلامي في الدنيا بعد الثلاث التي لا تشد الرحال الا اليها .

* خاض الجهاد ضد المحتل الفرنسي ضمن الوف مؤلفة من المجاهدين من جامع الزيتونة الذين طمر بورقيبه عملهم من خلال تزويره للتاريخ الحديث لتونس .

* اسس جمعية الشبان المسلمين في خطوة تعكس ما كان عليه الفقه الزيتوني من معرفة بالواقع ووعي بالالتحام بتحدياته وفق منطقه المؤسس على العمل الجمعياتي والاعلامي والشعبي.

* واجه بورقيبه وجهالوجه امام اعيان تونس الذين جمعهم المقبور يستطلع رايهم في بعض ملامح النظام الجديد وفرنسا تهيئه لخلافتها على ارض الزيتونة فلما جاء دور المرحوم النيفر ليدلي برايه قال دون تعلثم ولا تلجلج يحدوه امله في الله وثقته في دينه العظيم غير هياب لاعيان سحرهم دجل بورقيبه او قتلهم الجبن الهالع " لا ارى نظاما يصلح لبلادنا غير النظام الاسلامي " فرد المقبور " انا لا اراهن على جواد خاسر " وكان ذلك شهورا قبل تسلم بورقيبه مقاليد الحكم في البلاد من عام 1956 .

* واصل جهاده ضد الكفر البورقيبي البواح وظلمه الصراح وله فيه وهو الفقيه الراسخ الف برهان وبرهان من الكتاب والسنة وبما يتطلبه العصر من تحول وسائل الجهاد والدعوة فكانت عينه علىسلاح العصر الفعال السلطة الاولى سلطة الاعلام فاسس صحبة المرحوم عبد القادر سلامه مجلة اسلامية سماها " المعرفة " في بداية الستينات والهجمة البورقيبيه ضد كل رموز الاسلام وشرائعه وشعائره ومؤسساته تذكرك بما يجري في هذه الايام في تونس وما بالعهد من قدم كما تقول العرب فلا سلم جامع الزيتونة ولا " السفساري " وهو اللباس التقليدي النسوي التونسي ولا الاحباس ولا الاوقاف بل ولا حتى محمد عليه السلام ذاته ولا كتابه .

* وفي اول امتحان لمجلة " المعرفة " الفتية عن مسالة اعتماد الرؤية ام الحساب في اثبات دخول الاشهر القمرية انحازت الى مسالة الرؤية فرد بورقيبه وازلامه بالاغلاق والمصادرة وباعتقال الشيخ المرحوم .

* ولما استفرغ الشيخ وزميله المرحوم بن سلامه كل جهوده من اجل اطلاق سراح لسانه أي " المعرفة " وظل مهددا مجددا بالسجن والتنكيل كماحدث في تلك الايام العصيبة في تاريخ تونس الحديث مع المعارضين من زواتنه ويوسفيين وغيرهم رحل الى الجزائر في ما يشبه النفي القسري لعله يساهم من هناك في الانتصار لدين عظيم تنتهك معالمه يوما بعد يوم على يد دعي شقي مغرور وهذا بدوره ملمح اخر من شخصية الشيخ المرحوم ينبئك بان اصالته الاسلامية لم تقف حائلا دون معاصرته الاسلامية كذلك اذ انه اختار الهجرة طلبا للحرية السانحة بممارسة الجهاد الاعلامي وغيره انتصارا لقضايا الحق والعدل والحرية .

* وظل كذلك في محنة النفي القسري ولسانه " المعرفة " مجبوبا دون وجه حق حتى عام 1972 حيث عاد الى تونس وبدا مرحلة جديدة من الجهاد الاسلامي بوسائله العصرية المناسبة وذلك من خلال واجهتين :

1 حيث احتضن شابين مملوءين عزما وهمة على تاسيس صحوة دينية في بلاد اقفرت من الاقبال على الله ومات فيها الامل فتصحرت مساجدها وفعل فيها التغريب البورقيبي فعل الساحر في المسحور فظلت الاعناق مشرئبة نحو الغرب الفاتن وهما الشيخان راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو فكان بحكم تجربته وسنه وعلمه يوجه ويرشد ويصحح ثم تطورت المشاورات خاصة بعد حادثة احد مساجد سوسه عام 1973 على شكل الطريقة التبليغية والتي اسفرت عن تدخل الشرطة بقسوة وعنف وفرقت المجموعة التي تعد حوالي 70 نفرا واعتقال قادتها واستجوابهم الثلاثي الغنوشي ومورو واحميده النيفر... تطورت العملية اذن الى لقاء ضم 40 نفرا اغلبهم من الطلبة اسفر تقويمهم على ان الطريقة التبليغية لا تجدي مع نظام شمولي في كفره وانتهاكه لكرامة الانسان فكانت اللبنة التاسيسية الاولى تنظيميا وفكريا وسياسيا للحركة الاسلامية التونسية المعاصرة تحت الارشاد الروحي والتوجيه الابوي من الشيخين المرحومين محمد الصالح النيفر وعبد القادر سلامه وبانتخاب الشيخ راشد الغنوشي اميرا للمجموعة الصغيرة وتعيين نائب له وظل الامر كذلك حتى محطة 1979 ثم محطتي ماي وجوان 1981 حيث ظهر الشيخ المرحوم محمد الصالح النيفر في الهيئة التاسيسية للحركة وعلى منبر الاعلان عن الحركة في المؤتمر الصحفي في مكتب الشيخ عبد الفتاح مورو بعمامته البيضاء الجميلة وزيه العلمي التقليدي الزيتوني التونسي كانه اسد هصور يؤازر شبابا يافعين عقدوا العزم على اعادة الاعتبار للزيتونة فحصل الوصل المطلوب بين تونس الزيتونة وتونس الحركة الاسلامية الحديثة . ثم ظل الشيخ المرحوم المرشد الروحي للحركة الجديدة والصحوة الحديثة حتى وافاه الاجل وناداه ربه اليه .

2 وعاود مرة اخرى ضمن مرحلته الجهادية الجديدة المفعمة بروح الشباب الاسلامي المعاصر الحالم باسلمة الحداثة اصدار لسانه " المعرفة " الذي ظل ملجما عقدا كاملا من الزمن بعد ان اخرسه الصلف البورقيبي فكانت المعرفة بحق باعثة الصحوة الاسلامية في مطلع السبعينات حتى عاودتها المحن مع موقفها الاسلامي الاصيل من وحدة جربه بين تونس وليبيا انتصارا لوحدة الشعبين المسلمين ولما لم يكن بورقيبه المتفرنس حتى النخاع يومها متحمسا لوحدة عربية ولا اسلامية ولا حتى تونسية حيث فجر المفهوم العائلي والقبلي لصالح المواطنة المرتهنة للدولة المركزية ... اغلق المجلة مرة اخرى واعتقل الشيخ المرحوم . وكان ذلك عام 1974 .

* كما نال الشيخ المرحوم نصيبه من الاعتقال والتعذيب رغم كبر سنه اما علو قدره فامر لا يكفر بورقيبه وازلامه بشئ كفرهم به ومن ذلك اعتقاله صحبة بعض اخوانه وتلاميذه يومي الخامس والسادس من شهر ديسمبر من عام 1979 .

* مما يؤثر عن الشيخ المرحوم فيما يرويه عنه انجب تلاميذه الشيخ راشد الغنوشي الذي لا يكاد ينفض عن مجلس حتى يذكره بخير ويثني عليه بما هو اهله ويعلمنا من ادبه وحلمه وفقهه ... انه كان مثالا للاخوة الكريمة حتى مع تلاميذه ففي حادثتي اعتقاله والتحقيق معه مثلا بمناسبة رفض السطلة لموقف لسانه " المعرفة " من مسالة الرؤية ومسالة الوحدة كان الشيخ المرحوم لا يعلم الموضوع ولا ما كتب عنه اصلا فلما ووجه من لدن الزبانية بالمقال اعترف وتحمل المسؤولية عنه كاملة وكانه هو الذي فكر وكتب وقال لهم تماما كما واجه بورقيبه عام 1956 وهو في عز طغيانه " كل ما يكتبه الغنوشي واحميده النيفر والجورشي وهم الثلاثي الذين تداولوا على رئاسة التحرير اتحمل مسؤوليته بالكامل " فسقط في ايدي الزبانية وكانوا في الحقيقة يهدفون الى دق اسفين اثم في علاقة الشيخ المرحوم باعتباره زيتونيا كبيرا وبين الشباب الاسلامي المعاصر. ولما افرج عنه وهم الشباب بمقابلته ظنوا انه سيعاتبهم او ان يطلب منهم اعلامه على الاقل في المستقبل بكل ما يسطرونه حتى يستعد لمواجهة التحقيق البوليسي ففوجئوا اذ استقبلهم ببشاشة الاب الحنون وحلم الوالد الكريم وشفقة المعلم المخلص ولم يشر اليهم لا تلميحا ولا تصريحا بما يفيد انه غاضب .

* ومما يرويه الشيخ راشد كذلك في هذا الصدد انه كان وهو يتلو البيان التاسيسي للحركة ويرد على اسئلة الصحفيين يوم السادس من جوان من عام 1981 يشعر بارتعاشة في يديه لفرط الرهبة من حضور الشيخ المعلم والمربي الكبير ذي الثقافة الزيتونية التي قد يبدو للوهلة الاولى ان الشيخ لا يسمح بحداثة اسلامية تتبنى الديمقراطية وتولي المراة لسائر السلطات والولايات والاعتراف بالاحزاب الشيوعية وسائر مظاهر التجديد في الحركة الاسلامية التونسية المعاصرة مما هو معروف غير ان الامر مغاير تماما فالمرحوم جمع حقا بين كل مناقب الجهاد الاسلامي المعاصرة أي بين النص والمقصد والواقع .

* وشاء الله تعالى ان يتطور الامر في تاريخ تونس الحديث بعد الانقلاب الاسود المشؤوم في نوفمبر عام 1987 في اتجاه مزيد من التضييق على مساحات الحرية والتدين وبعد حوالي خمس سنوت من حرب ضروس على كل مظاهر التدين وفق خطة تجفيف منابع التدين. مات الشيخ المرحوم محمد الصالح النيفر كمدا بعد ان فرضت عليه رقابة بوليسية مشددة في بيته وبعد ان فارقه تلاميذه بعضهم الى السجن وبعضهم الى النفي القسري الذي ذاق هو نفسه مرارة علقمه وبعضهم الى الموت البطئ او الى الموت المعجل وكانه يختار الرفيق الاعلى سبحانه بعد ما اكفهرت بلاد في وجهه الكريم كان في يوما ما فارسها المغوار بين عرصات العلم في الزيتونة او في ردهات الاعلام الاسلامي الاصيل او في وغى الجهاد ضد المحتل الفرنسي ثم ضد وكيله المحلي ثم تبعه اخوه المرحوم بن سلامه وبالاخوه وسائر من معهم .

فالى روح ابي صحوتنا الاسلامية وراعي حركتنا ومرشدنا الاول المرحوم سيدي محمد الصالح النيفر الف سلام من الله وسلام والى ارواح كل مشايخنا ومؤدبينا اجمعين نقول علمتمونا الا ننحني للاعاصير والا نجزع امام الاساطيل والا نتهاوى تحت اقدام الجبابرة والطغاة معتصمين بحبل الله القويم املين دوما في وعده الحق مجاهدين على درب كرامة الانسان وتحريره من كل العبوديات مهما استحكمت بقوة السحر او بقوة النار ... فقروا عيونا فنحن بفضل الله على الدرب حتى نلقاكم ونلقى الله تعالى والموعد كما علمتمونا على ضفاف الحوض والجائزة شربة ماء زلال من اكرم مخلوق واحنى يد وابتسامة من ازهر ثغر على صاحبه افضل الصلاة والسلام .
قر عينا ياسيدي فتلاميذك نجباء وتونس في بؤبؤ العين نذود عنها ما دامت فينا عين تطرف وقلب يخفق .
منقول من مدونة : تونس المستقبل :
http://tunesienzukunft.maktoobblog.com/
تعليق واحد
في 28,شباط,2008 - 03:41 مساءً, أروى النيفر كتبها ...
بسم الله الرحمان الرحيم
أشكر للأخ الفاضل مشاعره النبيلة تجاه أبي رحمه الله الذي قدره فأحسن تقديره.
ولكن إحقاقا للحق ورفعا للالتباس أريد أن أصحح بعض الوقائع التي ذكرها الأخ فيما يتعلق ببعض الجوانب.
* هجرته إلى الجزائر لم تكن نفيا قسريا كما ذكر وإنما كانت من تلقاء نفسه نتيجة التضييق على حريته.
* أما اعتقاله فكان على مرتين الأولى للتحقيق والمساءلة لم تدم إلا ساعات والثانية دامت من الغروب إلى منتصف النهار الموالي لم يتعرض أثناءها لأي نوع من أنواع الإهانة والتعذيب سواء لفظيا أم جسديا.
* كذلك ينبغي مراجعة التواريخ.
ولمزيد التأكد أحيل الأخ الكريم على الكتاب الذي ألفته عن أبي في طبعتين
- الأولى بعنوان "الشيخ محمد الصالح النيفر: حياته وآثاره" صدرت عن دار لبنان 2005.
-الثانية في أربعة أجزاء:
* 1- حياة مقاومة
* 2- رؤى ومواقف
* 3- محاضرات وأدبيات
* 4- الأسرة الإسلامية
وأجدد شكري من جديد للأخ على ما أبداه من اهتمام بوالدي. والسلام
منقول من مدونة : تونس المستقبل :
http://tunesienzukunft.maktoobblog.com/


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.