ما زال هول الصدمة يتتابع في أروقة منظومة الحكم المصري بجناحيها الحزبي والحكومي ، خرجت الجماهير المصرية في تظاهرات مطالبة بحقوقها في حياة حرة كريمة ، وخرج معها ما تبقى للنظام من بقية عقل وصدق ، بيان وزارة الداخلية كما عهدناه كاذب ويتحرى الكذب ، وتصريحات كهنة المعبد بقايا التيارات التنظيمية المندثرة تقلل وتهون من شأن الحدث "صرح على الدين هلال بأن المتظاهرين 30 ألف من 80 مليون" وصحف الحكومة وفرق الموالاة تهاجم المتظاهرين وحقوقهم المشروعة وتغرد بعيداً عن السرب حين استدعت الأرقام والإحصاءات والإنجازات المكذوبة والوهمية عن النمو الاقتصادي والاستثمار وخطط التنمية التي يصب عائدها في حسابات المغامرين الجدد من رجالات المال وبعض جنرالات الإعلام والأمن ، بالفعل ودون مبالغة مصر على أبواب الانفجار ،الكل يشعر ويلمس هذا باستثناء التقارير المفبركة التي ترفع للقيادة السياسية تأكيداً لما قاله الرئيس التونسي المخلوع حين تحدث في الوقت الضائع بحسرة وآسى وتراجع : لقد تمت مغالطتي ! الشعب يعاني مناخاً معيشياً وحقوقياً وسياسياً يدفعه دفعاً للانفجار بعد حالات الانتحار ، الشعب المصري يعاني أكثر من معاناة الشعب التونسي "متوسط الدخل السنوي للفرد في مصر 800 دولار وفي تونس 3000 دولار" ومع ذلك يراهن النظام على استيعابه للأحزاب الكرتونية وعلى ذراعه الأمني فضلاً عن الدعم الدولي ، النظام لن يستجيب لمطالب الشعب لأن العناد هو النمط السائد ، النظام يفكر بطريقة القرون الوسطى ويعتبر أن التجاوب مع المطالب ضعف وتراجع لأنه نسى أو تناسى انه أجير عند الجماهير وليس مالك لهم ولمصائرهم ، الشعارات التي أعلنت لم تقتصر على المطالب المعيشية والعدالة الاجتماعية بل انتقلت لمربعات السياسة والحكم حين طالبت برحيل النظام وبعض رموزه بالأسماء ، فهل وصلت هذه الصيحات لعقل وقلب النظام أم أنه مازال معزولاً تفترسه التقارير والأكاذيب ، رهان النظام على غير الشعب رهان فاشل وخاسر ، وعليه مراجعة تصريحات الرئيس أوباما حين قال : لقد كانت إرادة الشعب أقوى من قبضة الديكتاتور ، وما قاله ساركوزي مصالحنا مع الشعوب ، الكل بات يدرك أن عجلة التغيير بدأت في الدوران وبطريقة جديدة ونوعية حين تحركت الجماهير بعفوية بعيداً عن الحسابات المعقدة لرجال السياسة وصفقات الأحزاب وإرهاب الأمن ، الناس تتحرك بمنطق أنهم لا يملكون ما يخاف عليه وهذا منطلق خطير للغاية ، عجلة التغيير تحركت ، ربما لم تكن بالسرعة المعبرة عن أشواق المصريين وحاجاتهم لكن تأثيرها سيكون أقوى وأكبر من مثيلاتها ، عجلة التغيير بهذا الشكل الجماهيري العفوي ستتحول لا محالة إلى كرة الثلج ، لن تمنعها التقارير ولا التصريحات ولا التهديدات ، الوضع جد خطير وله تداعيات محلية وإقليمية ودولية تناسب حجم مصر الكبيرة القديرة ، وهذا ما يشعر أمريكا وإسرائيل بالقلق لذا جاءت التصريحات الدولية خجولة ممسكة بالعصا من المنتصف ، النظام لن يتجاوب وسيزداد التواجد الأمني بالشوارع ما يزيد مشاعر الاحتقان والاستفزاز والجماهير بدأت ولن تتوقف وربما يصل الوضع لطريق يحتاج إزاحة بعض الأطراف وبالتأكيد ليس الشعب .... حفظك الله يا مصر ..... كاتب مصري