تونس:شهدت العاصمة التونسية الجمعة صدامات بين قوات مكافحة الشغب ومتظاهرين معارضين للحكومة الانتقالية برئاسة محمد الغنوشي وذلك رغم الاعلان مساء الخميس عن تعديل وزاري واسع على امل تهدئة الشارع.وفي ساعات قليلة بين العصر والمساء عادت المواجهات بين المتظاهرين والشرطة التي كانت تطاردهم وتعتقل البعض منهم في ساحة الحكومة بالقصبة وشارع الحبيب بورقيبة الرئيسي بالعاصمة، بعد ان كان بدا المشهد في العاصمة هادئا صباح الجمعة وحتى الساعات الاولى من بعد الظهر. غير ان الوضع تدهور فجاة بعد الظهر مع عملية اخلاء عنيف من قبل شرطة مكافحة الشغب لساحة الحكومة في القصبة في اليوم السادس من اعتصام مئات المحتجين فيها ضد الحكومة الانتقالية ليل نهار. وردت الشرطة على وابل من الحجارة، باطلاق كثيف للغاز المسيل للدموع ثم تقدمت مجموعة كبيرة منها نحو ساحة الحكومة. واكتفى الجنود المنتشرون بمتابعة ما يجري. وقال مجدي عمامي الطبيب التابع لجهاز الاسعاف الطبي الطارىء "شاهدت خمسة جرحى على الاقل والعديد من الاشخاص ينزفون. اثنان اصيبا بحجارة واصيب ثالث بقنبلة مسيلة للدموع في راسه اطلقت عليه من قرب". وفي حين كان بعض المتظاهرين في الصباح يتشاورون بشان مستقبل تحركهم، يبدو ان المتشددين بينهم كانوا مقرين العزم على الاطاحة برئيس الوزراء محمد الغنوشي. وقال الطالب في كلية المهندسين في تونس خالد صالحي 22 عاما ان "اغلب المتظاهرين يريدون الاستمرار حتى رحيل الغنوشي". واوضح ان "الحكومة برمتها يجب ان تسقط بما في ذلك الغنوشي"، معتبرا التعديل الحكومي الاخير "حيلة لكسب الوقت". وبعد اخلاء ساحة الحكومة بالقصبة فككت الشرطة العسكرية على الفور الخيام التي كان يستخدمها في الليالي الماضية المحتجون لقضاء الليل في المكان. وفي بداية مساء الجمعة نشطت فرق النظافة البلدية في تنظيف الساحة. وقال احد المارة وهو يشاهد جنودا يرفسون ما تبقى من "قافلة التحرير"، "السيناريو يتكرر، النظام نفسه والممارسات نفسها". ووضع الجنود حواجز حول الساحة على ما يبدو لمنع المتظاهرين من العودة اليها. وبعد الاخلاء العنيف لساحة الحكومة اتجهت مجموعة من المتظاهرين الى شارع الحبيب بورقيبة الذي كان استعاد صورته المعتادة صباح الجمعة للمرة الاولى منذ ايام. وسريعا ما اقفلت المقاهي والمتاجر ابوابها وخلا الشارع من الحركة. وشهد الشارع الذي كانت تحلق فوقه باستمرار مروحية، اطلاقا كثيفا للقنابل المسيلة للدموع. وطاردت الشرطة حتى المساء المتظاهرين في الشوارع الفرعية. واعتقل العديد من المتظاهرين من قبل الشرطة التي تعرض عناصرها لهجمات. وقال الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) ان رئيس الوزراء قبل مبدا لقاء وفد عن المتظاهرين في ساحة الحكومة، دون تحديد موعد لذلك. وكان الغنوشي، بعد ثلاثة ايام من المشاورات المكثفة، استجاب بشكل كبير للضغط اليومي لالاف المتظاهرين واعلن الخميس تركيبة جديدة للحكومة الانتقالية التي شهدت تعديلا واسعا، بموافقة مسبقة من المركزية النقابية القوية في تونس. واعفى الغنوشي خمسة من سبعة وزراء في آخر حكومة في عهد بن علي، من مهامهم بينهم بالخصوص وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية. وتم تعويضهم بتكنوقراط او شخصيات مستقلة غير معروفين كثيرا لدى الراي العام. وقال المولدي الجندوبي القيادي النقابي صباح الجمعة لوكالة فرانس برس "لدينا حكومة واعتقد ان الموقف الافضل هو اعادة اطلاق الاقتصاد والعودة الى العمل".