الجزائر:يعتقد الكثير من الجزائريين أن بلادهم بحاجة الى وجوه جديدة على رأس السلطة لإعادة الأمل وتوفير فرص العمل لكن يجب أن يكون التغيير سلسا لأنهم لا يستطيعون مواجهة المزيد من الاضطرابات بعد سنوات من الصراع مع المتشددين الاسلاميين الذي أودى بحياة 200 الف شخص.وتابع الجزائريون بانبهار الانتفاضتين في مصر وتونس وتقول جماعات معارضة انها ستتحدى الحظر الذي تفرضه الشرطة وتنظم مسيرة احتجاجية في العاصمة يوم السبت مستلهمة هاتين الانتفاضتين الشعبيتين. لكن حتى الان لا توجد إلا مؤشرات قليلة على أن الاحتجاج المزمع -الذي ينظمه ائتلاف من جماعات المجتمع المدني وبعض أعضاء النقابات العمالية والاحزاب السياسية الصغيرة- خلب ألباب الناس في الشوارع. وقالت عائشة شيخون (48 عاما) وهي موظفة بمكتب بريد في وسط الجزائر "التغيير نعم. الفوضى لا." وتابعت قائلة لرويترز "يجب الا ننسى سنوات الدم والدموع في التسعينات حين كان المئات يقتلون ويذبحون يوميا." وغرقت الجزائر في الفوضى عام 1992 بعد أن ألغت الحكومة انتخابات تشريعية كان من المرجح أن يفوز بها حزب اسلامي أصولي. وتشير تقديرات مستقلة الى أن 200 الف شخص قتلوا في أعمال العنف التي تلت هذا. وعندما قفز عدد القتلى في ذروة الصراع كان الجزائريون يقولون "لا توجد أكفان كافية." وفي الاعوام القليلة الماضية تراجعت أعمال العنف غير أن متمردين مرتبطين بتنظيم القاعدة يقومون بعمليات متفرقة لاطلاق الرصاص أو نصب أكمنة أو عمليات خطف خارج البلدات الكبيرة. وأتاحت العودة النسبية للأمن فرصة للجزائريين للتفكير للمرة الاولى منذ سنوات في مستوى معيشتهم ويشعر كثيرون بعدم الرضا. وهم غاضبون بسبب ارتفاع نسبة البطالة ورداءة المساكن وغلاء الاسعار والفساد. ويتساءلون لماذا لم يشعروا بمزيد من الاستفادة من عائدات النفط والغاز التي تقدر بمليارات الدولارات التي تنفقها الحكومة على مشاريع عامة. ويحاول الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة منع تفجر الاحتجاجات الحاشدة فوعد الاسبوع الماضي بالسماح بمزيد من الحريات الديمقراطية ورفع حالة الطواريء المعلنة منذ 19 عاما وتوفير المزيد من فرص العمل. ويقول منظمو الاحتجاجات المزمع اقامتها يوم السبت ان هذا لا يكفي وان بوتفليقة يجب أن يتنحى. وأشاروا الى أنهم سيتجاهلون حظرا رسميا للاحتجاج. وقال رشيد ملاوي الذي يرأس نقابة مستقلة للموظفين الحكوميين وأحد منظمي الاحتجاج لرويترز "سنخرج في المسيرة لان من حقنا التظاهر سلميا وعلى الحكومة حمايتنا." ولم تنجح مسيرة محظورة في 22 يناير كانون الثاني نظمها حزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية بسبب الوجود الكثيف لشرطة مكافحة الشغب المزودة بالهراوات والدروع الى جانب قلة الاهتمام من المواطنين. وفي المكان الذي كان يفترض أن تبدأ منه المسيرة لم يحضر الا بضعة محتجين في حين مارس الناس من حولهم حياتهم بطريقة طبيعية. وشهدت الجزائر أعمال شغب على مدى عدة ايام في يناير كانون الثاني بسبب ارتفاع أسعار السكر وزيت الطهي. وأسفرت أعمال الشغب عن مقتل اثنين واصابة المئات. وقد يعرض المزيد من الاحتجاجات الاستقرار السياسي في الجزائر للخطر. والجزائر من كبار موردي الغاز لاوروبا. وقال مقران ايت العربي المحامي المعروف والنشط بمجال حقوق الانسان لصحيفة الوطن انه يجب الا ينسى الناس أنه لا توجد أسرة جزائرية واحدة لم تعش في حزن خلال الاعوام العشرين الماضية. وتابع أنه يجب أن يبذل الجزائريون كل ما في وسعهم لتسهيل التغيير السلمي وتجنب اراقة الدماء. وفي مؤشر قوي على الموقف في الشارع من الاحتجاج المزمع يقول اسلاميون جزائريون بارزون انهم لن يشاركوا. وقال الشيخ عبد الفتاح زراوي رجل الدين الذي ينتمي للتيار السلفي والذي له الكثير من الاتباع في الجزائر "نحن ضد هذه المسيرة لان المنظمين أقلية صغيرة لا تمثل شعب الجزائر." لكنه اعترف ايضا بالحاجة الى تغيير محدود. وقال "لا بأس ببوتفليقة لكن يجب أن ترحل الحكومة لانها فشلت في توفير فرص عمل وحل مشكلات الشباب الجزائري." وقال الشيخ الهاشمي سحنوني أحد مؤسسي حزب الجبهة الاسلامية للانقاذ المنحل انه لن يشارك في المسيرة لانها لن تحل أزمة الجزائر. وقال سحنوني لرويترز "يجب أن يتجنب الشباب المواجهة فلا فائدة منها. يجب أن يجري الشباب حوارا مع بوتفليقة ويجب أن ينصت للشباب ويعالج مشاكلهم." من الامين شيخي