▪أشدّد على تعاطفي مع السائحين المختطفين... ▪..هذه الظواهر تستمد جذورها من الشعور بالضيم والاحتقان، الذي يسكن قلب كل عربي ومسلم... ▪النهج الأمني الذي اختاره الحكم في صراعه مع الإسلاميين خلف أضرارا جسيمة على بنية المجتمع... ▪ تحصين مجتمعاتنا ضد آفة الإرهاب يمر عبر إطلاق الحريات... ▪ بعد مصطلحات الراديكالية والتشدّد ها نحن نتحدث عن المعارضة "المزعجة" ! ! ! ▪ نجيب الشابي تخلى عن الأمانة العامة وهو في أوج عطائه... ▪...أننا حزب لا يتوق إلى الإجماع... ▪الدستور الذي من المفروض أن يكون ضامنا للاستقرار هو في تونس عنوان لللااستقرار، ▪ ...اخترنا أن تكون جريدة الموقف معبرة عن نبض المجتمع... حوار الطاهر العبيدي [email protected] مية الجريبي أول امرأة تونسية تتولى قيادة حزب تونسي معارض، لتخلف الأستاذ نجيب الشابي الذي استقال طواعية، وتتولى هي الأمانة العام للحزب الديمقراطي التقدمي المعترف به قانونيا، والذي بات يستقطب الأضواء، من خلال تمدّده في الجهات وانخراط الشباب فيه والتحاق بعض الوجوه به من تيارات أخرى، وإحداثه لنوع من الحراك السياسي داخل البلاد وخارجها، عبر مبادرة ترشيح أمينه العام السابق السيد نحيب الشابي للانتخابات الرئاسية التونسية المقررة لسنة 2009، وما يحوم حولها من الجدل، خصوصا بعد التعديل الدستوري، بالإضافة إلى أن هذا الحزب يملك منبرا إعلاميا، وهي جريدة الموقف الأسبوعية التي تنتهج خطا إعلاميا منفتحا على العديد من الحساسيات السياسية والقوى الوطنية، وتحظى بإشعاع ومصداقية لدى الكثير من القرّاء حسب ما تشهد به مبيعاتها، ما جعلها عرضة للمضايقات، وقد منعت أخيرا من التوزيع طيلة أربع أعداد متتالية، مما خلق حولها نوعا من التضامن الإعلامي الوطني والدولي، لكل هذه القضايا الساخنة، استضفنا الأستاذة مية الجريبي، التي لم تتلكأ مشكورة في الرد بكل طلاقة على أسئلة الحقائق. بداية ما هو تعليقك على حادثة اختطاف السائحين النمساوين من التراب التونسي، من طرف مجموعة تدعي انتسابها إلى تنظيم القاعدة، وتداعيات هذه الواقعة سياسيا؟ شكرا جزيلا على الاستضافة، طبعا لا يمكن للمرء إلا أن يستنكر هذه العملية وشخصيا أؤكد رفضي ورفض الحزب الديمقراطي التقدمي لاستخدام العنف وسيلة لتحقيق أغراض سياسية. من ناحية أخرى أسجل التمشّي الذي انتهجه المختطفون والمتمثل في تحذير السياح الأوروبيين من زيارة تونس، مما يشكل تهديدا لقوت آلاف العائلات التونسية، ومحاولة لضرب الاقتصاد وإرباك القطاع السياحي وهو أمر نرفضه، وأشدد أخيرا على تعاطفي مع السائحين المختطفين وأسرتيهما وعلى مطالبتي بإطلاقهما بدون شروط. قبل عملية الاختطاف هذه كانت تونس قد شهدت عملية مسلحة بمدينة سليمان في شهر كانون الثاني، فماذا تعني لك هذه الإحداث المتتالية، في بلد كثيرا ما تفاخر بالهدوء والأمن، وأنه بمنأى عن الإرهاب ورائدا في محاربة هذه الظاهرة؟ ظاهرة الإرهاب والعنف المسلح ظاهرة متشعبة، عناصرها متداخلة وجذورها ضاربة في عمق العلاقات الدولية والظروف المحلية، وحتى لا نغوص في تفاصيل مختلف الظواهر متعددة التعبيرات والأهداف والدوافع، أتوقف عند سؤالكم المتعلق بما أصبح يعرف بقضية سليمان وأسوق في شأنها ملا حظتين اثنتين: الأولى متعلقة بتعامل السلطة مع هذه القضية في كل مراحلها، حيث انطلق هذا التعامل بتعتيم إعلامي شديد، ينكر على التونسيين وعلى الفاعلين السياسيين حق الاطلاع على ما يدور ببلدهم، وأردف بحملات مداهمة واعتقالات واسعة وبانتهاكات صارخة لأبسط حقوق الإنسان، وبعودة تبعث على كثير من الانشغال لظاهرة التعذيب بينت مرة أخرى أن السلطة لا تتوخى إلا المنهج الأمني بل الأمنوي ل"معالجة" القضايا الوطنية، ويجدر التوقف عند المحاكمة التي افتقدت لأبسط شروط المحاكمة العادلة، وانتهكت فيها حقوق الدفاع والمتهمين على حد السواء، وصدر عنها حكما بالإعدام لا زلنا، وعدد من الأحزاب والجمعيات نطالب بالتراجع عنه، حفاظا على حياة الشاب المعني، ودرءا لكل احتقان من شأنه أن يزيد الوضع تعقيدا. الملاحظة الثانية أود من خلالها التأكيد على أن تحصين مجتمعاتنا ضد آفة الإرهاب يمر عبر إطلاق الحريات وفتح المجال للتطارح الثقافي والفكري المتنوع والثري بتنوعه، وعبر فسح المجال أمام مختلف مكونات المجتمع المدني، لتأطير الشباب باستقلالية، حتى يكون عنصرا فعالا في حركية إبداعية فاعلة و مثمرة في اتجاه محيطه الوطني والقومي، أساسها العمل المدني السلمي، وأساسها الحرية والمواطنة والكرامة، والتأكيد كذلك على أن مواجهة الإرهاب تمر أيضا عبر معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية التي تشغل بال شبابنا، والتأكيد أخيرا على أن هذه الظواهر تستمد جذورها من هذا الشعور بالضيم والاحتقان، الذي يسكن قلب كل عربي ومسلم نتيجة الاحتلال و امتهان الكرامة العربية والإسلامية، و بالتالي فإنه لا يمكن الحديث عن مواجهة الإرهاب وطنيا ودوليا بدون إرساء علاقات دولية مبنية على الندّية و العدل. مية الجريبي أول امرأة تونسية تكون على رأس حزب سياسي معارض وهو الحزب الديمقراطي التقدمي المعترف به قانونيا، والذي يعتبر من الأحزاب المزعجة للنظام التونسي، فكيف استطعت الاضطلاع بهذه المهمة، في ظل مناخ سياسي تونسي منعوت من قبل العديد من فصائل المعارضة، والنشطاء الحقوقيين بالانغلاق والعسكرة الأمنية؟ أرصد مصطلحا جديدا لتصنيف المعارضة، فبعد مصطلحات الراديكالية والتشدّد ها نحن نتحدث عن المعارضة "المزعجة" ! ! ! من ناحيتي أفضل الحديث عن معارضة مستقلة واعية بالمسؤوليات المنوطة بعهدتها وماضية قدما في تعهد المهام التي يتطلبها الواقع و تستلزمها المرحلة، أما عن أدائي لمهمة قيادة الحزب في هذه المرحلة الهامّة، فإن ذلك لا يخرج عن سياق أي مسئول سياسي كلف بهده المهمة في هذا الظرف بالذات رجلا كان أو امرأة، هدفي وهدف القيادة المنبثقة عن المؤتمر هو بناء قوّة سياسية بديلة تساهم في تعبئة الطاقات من أجل توسيع المشاركة الشعبية، وتحقيق الحرية والكرامة للشعب التونسي بمداخلها المتعددة سياسية كانت أو اجتماعية أو حضارية، شخصيا أجتهد في أداء مهامي بأسلوب إدارة يرتكز على القيادة الجماعية، وعلى التشاركية والإنصات لمختلف الأصوات إن كانت داخل الحزب أو خارجه، ورغم الظروف الصعبة التي نعمل فيها، أعتقد أننا قطعنا خطوات هامة في رسم ملامح حزب عصري برنامجه تحكمه الآليات الديمقراطية وتحدد تدخلاته المهام والأهداف السياسية. الأستاذ نجيب الشابي الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي، الذي قدم استقالته لتخلفيه أنت، يقدم ترشحة للانتخابات الرئاسية االتونسية لسنة 2009، وسط جدل خافت وآخر علني، بين مؤيد ومعارض حتى داخل صفوف حزبكم، البعض يعتبره مرشح فصيل حزبي وليس مرشح إجماع، وآخرون يرون هذه الخطوة إضفاء شرعية على انتخابات فاقدة للشرعية سلفا، وغيرهم يعتبر هذه المبادرة تفتيتا لإجماع حركة 18 أكتوبر، فكيف تقيمين أنت هذا الترشح كمواطنة أولا وكسياسية ثانيا؟ لا يمكنني تقييم الترشح إلا كسياسية تقدّر أهمية المحطة الانتخابية القادمة، وتعي حجم التحديات التي تطرحها، ودقة الرهانات التي تمثلها بالنسبة لمختلف الأطراف. وعلي التأكيد أننا حزب لا يتوق إلى الإجماع، بل يفتخر أن قراراته تتخذ بالحسم الديمقراطي، بعد النقاشات المستفيضة والعميقة والشفافة، نعم نجيب الشابي تخلى عن الأمانة العامة من تلقاء نفسه، وليس تحت أي ضغط، من أي نوع كان، تخلى عن هذه المهمة وهو في أوج عطائه، ليفسح المجال أمام التداول على المسؤوليات، وقد أثبتت التجربة صحة هذا التمشي وأهمية التداول في ضخّ دماء جديدة في شرايين المؤسسات ، أما في خصوص الانتخابات، فبعد نقاشات مستفيضة قررت اللجنة المركزية وهي أعلى سلطة بين مؤتمرين ترشيح الأخ الشابي للرئاسية القادمة، وقد حكم هذا مرتكزات لا يمكن في رأيي للفاعل السياسي أن يتغاضى عنها و هي: - إن الانتخابات في كل أصقاع العالم هي محطة هامة تسلط فيها الأضواء على الأوضاع السائدة في البلد المعني، ومن المفروض أن تكون مناسبة للمساءلة، مناسبة لتقديم البرامج البديلة، مناسبة للتنافس على الأفضل. - إن تحقيق المواطنة يفترض توفير مشاركة دنيا للمواطن في الحياة العامة، وأنه بدون حق الاختيار لا يمكن الحديث عن مواطنة ولا عن مشاركة، وبدون مشاركة لا يمكن الحديث عن حياة سياسية. - إن دور المعارضة لا يقف عند التشخيص والاحتجاج بل يفترض التقدم في تقديم البدائل و ممارسة الحقوق والدفاع عنها، لكل ذلك فقد اخترنا أن تكون معركتنا مجسدة وميدانية، نتوجّه من خلالها إلى الشعب ببرنامج وفريق ورمزية تربط بين ما يعانيه المواطنون من مصاعب في حياتهم اليومية، وبين ما تحتاجه البلاد من إصلاحات اقتصادية واجتماعية وثقافية، وتأكيد علاقة كل ذلك بالإصلاح السياسي وبالتداول السلمي على الحكم. ترشيح نجيب الشابي هو حامل لعدة رسائل، منها أن للمعارضة بدائل مغايرة لخيارات الحكومة، وأنها عازمة على القيام بدورها في تفعيل الحياة السياسية والاعتماد على ذاتها، وعلى دعم المواطنين للتقدم نحو أهدافها في تحقيق الانتقال الديمقراطي، وتمكين الشعب التونسي من حياة أفضل. هذا هو خيارنا وتمشينا وقد عرضناه قبل الإعلان عنه على حلفائنا في حركة 18 أكتوبر، وكذلك على أصدقائنا في حركة التجديد، وعلى عدد من الشخصيات الوطنية المستقلة، وقد وقفنا على نقاط التقاء، وعاينا أيضا اختلافا في المقاربات، ولكن ذلك لا يفسد للود قضية، لكل أجنداته وخياراته يمضي في ممارستها في ما يعتقد أنه يقدم بالبلاد وسنواصل المشاورات عاقدين العزم على تفعيل الالتقاء و تنسيب الاختلاف، دون أن يعيقنا ذلك عن التقدم في تكريس خياراتنا، حيث أن عامل الوقت يكتسي أهمية بالغة، ولا يقدم البلاد والعباد في شيء أن لا تكون إضافتنا إلا نقاشا، المطلوب هو بلورة التمشيات بعد النقاش الضروري، ثم بعد ذلك المضي نحو تجسيدها عمليا، وهو المسلك الذي اتبعناه. ولا يفوتني أن أنوه هنا أن نجيب الشابي هو مرشح الشراكة التي انبنت بين الحزب الديمقراطي، وعدد من الشخصيات المستقلة التي أطلقت النداء من أجل بديل ديمقراطي، والذي تحمل لواءه هيئة متابعة مكونة من المناضلين خميس الشماري، والعياشي الهمامي، وسامية عبو. الرئيس زين العابدين في خطاب يوم 20 مارس 2008 بمناسبة عيد الاستقلال أجرى تعديلا على الدستور يسمح لرئساء الأحزاب بالترشح للانتخابات الرئاسية شرط أن يكونوا مباشرين منذ عامين من يوم تقديم الترشحات مما يقطع الطريق أمام الأستاذ نجيب الشابي المستقيل من أمانة الحزب ويجعلك أنت المؤهلة اداريا فكيف ستواجهون هذا العائق القانوني، وهل ستواصلون الحملة الانتخابية بشكل رمزي ام ماذا بالضبط انتم فاعلون؟ سوف لن نواصل الحملة بشكل رمزي، بل بشكل فعلي ومطرد وبشكل يبرز جوهر القضايا التي يطرحها هذا المشروع، وبشكل يدافع عن حق التونسيين في الاختيار الحقيقي لا المغشوش، قرار التنقيح هذا (الثالث من نوعه في ثلاث دورات انتخابية)، يؤكد مشروعية مطالبنا في منظومة انتخابية عصرية متوافقة مع المعايير الدولية، ومتيحة لتعددية حقيقية. هذا التنقيح يبين مرة أخرى أن الدستور الذي من المفروض أن يكون ضامنا للاستقرار هو في تونس عنوان لللااستقرار، هذا المشروع، كما في المرات السابقة، قدّ على المقاس لتمكين البعض من الدخول في معترك "انتخابي" يمسك الحكم بكل خيوطه وخيط أيضا لإقصاء البعض مما يعتبر مزعجا و معكرا لصفو مهزلة انتخابية من مصلحة الحكم أن تمر دون ممانعة تذكر، فهل يمكن الحديث عن "دعم للتعددية" وعن اختيار حقيقي حين يكون المرشح لدورة رئاسية خامسة حكما وخصما في ذات الآن، فيترشح ويعيّن من "ينافسه"؟ هل يمكن الحديث عن انتخابات تعددية حين ينتهك حق الأحزاب في اختيار مرشحيها، ويتدخل في قراراتها السيادية، فيعلن أن نجيب الشابي الذي رشحه حزبه بعد نقاش مستفيض وثري، وفي إطار شراكة مع مجموعة البديل الديمقراطي، يعلن أن لا حق له في الترشح ويقرّر في مكان حركة التجديد أن لا مرشح لها إلا السيد أحمد إبراهيم، وتقصى أطراف أخرى دون أي وجه حق؟؟ قطعا لا يمكن الحديث عن انتخابات أصلا حين ينتهك حق الترشح. على هذا الأساس فنحن لا نقبل بهذا المشروع (الذي يكرس نهج الاحتكار والتسلط، الذي طالما اعتمدته السلطة ونتمسك بترشيحنا للأستاذ نجيب الشابي، وقد قرّرنا إطلاق حملة وطنية سياسية وإعلامية من أجل تعبئة الرأي العام ضد هذا الزيف الذي يحاك ضده وسنتقدم بمشروع بديل، يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الظرف التونسي، ويقرّ بضرورة اعتماد شروط موضوعية للتقدم للانتخابات الرئاسية، على أساس ضمان جدية الانتخابات، وعلى أساس ضمان حق الترشح لا على أساس الإقصاء و الاحتكار. حزبكم بات من أهم الأحزاب المعارضة الذي يضم نخب تونسية، فهل يعود هذا إلى فراغ في الساحة، أم هو نوعا من الحنكة السياسية، بمعنى الانحناء عند مرور العاصفة، أم فرار بعض الطاقات من أحزاب محظورة والانصهار في حزبكم، أم هو حزب فتح الأبواب أمام الغاضبين سياسيا الذين لم يجدوا فضاءات أخرى أمامهم يستثمرون فيها جهودهم سوى حزبكم؟ ما هذا التصنيف الذي يفسر إشعاع الحزب وتناميه سلبيا؟؟ نعم، والحمد لله، حزبنا يحظى باحترام في الداخل والخارج، وقد تنامى تنظيميا واتسعت قاعدته الشبابية والنسائية في الفترة الأخيرة وقد أصبح رقما يصعب تجاهله في أي عملية سياسية، جاء ذلك نتيجة مثابرته في الدفاع عن حق التونسيين في الكرامة والحرية، ورفضه لأي شكل من أشكال المقايضة، حزبنا رفض دور الديكور ورفض أن يكون رجع الصدى لخيارات الحكم ونحا منهج تبني القضايا العادلة، والوقوف إلى جانب المضطهدين مهما كان الثمن الذي يدفعه، حزبنا جسد إيمانه بأن الحقوق لا تهدى بل ٌيناضل من أجلها، وجسّد إيمانه بأن التدرّج هو سنة الحياة، وأن الصبر والمثابرة و مراكمة المكاسب لا بدّ وأن تأتي أكلها. جريدة الموقف الناطقة باسم حزبكم، والتي تصدر من داخل تونس تتسم هذه الأسبوعية بالجرأة والانفتاح، وأصبحت تقريبا وعاء لمختلف الأقلام، فكيف حافظت على الاستمرارية والصدور في نفس المواعيد، رغم الحرمان من الدعم والإشهار، في واقع سياسي متهم بالمراقبة الأمنية والتضييق على الصحافة والصحفيين؟ منذ انطلاقها سنة 1984 أردنا من جريدة الموقف أن تكون مجالا تمارس فيه الحرية وتجسّد فيه الديمقراطية، لذلك انفتحنا على كل الأقلام واخترنا ألا تكون لسان حال الحزب، بل لسان حال كل الديمقراطيين والتوّاقين للحرية، و اخترنا أن تكون جريدة معبرة عن نبض المجتمع وتعهدة لقضاياه. الموقف مرت بصعوبات جمّة فصودرت مرات وتوقفت مرات، ولكنها صمدت وعاودت في كل مرة الصدور منتقلة من شكل مجلة أسبوعية، إلى مجلة شهرية إلى جريدة أسبوعية (شكلها الحالي). الموقف محرومة من الإشهار والتمويل العمومي بتعلة أننا حزب غير برلماني (و هي تعلة لم تعد تقنع حتى من استنبطها والدليل على ذلك مشروع التنقيح الأخير)، ومع ذلك فقد تمكنت من تحقيق توازنها المالي بفضل قرائها، ومبيعاتها وبفضل حسن إدارتها، وكذلك بفضل تضحيات أعضاء هيئة تحريرها، الذين وضعوا المهنية والكلمة الحرة قبل أي اعتبار مادي، وهي اليوم تشكل ظاهرة إعلامية حقيقية في المشهد الإعلامي التونسي، ومرجعا وملاذا لكثير من المناضلين و الديمقراطيين، وهو ما لا يمكن أن ترضاه الحكومة وتقرّ به، فانطلقت مجددا في محاصرة الجريدة والتضييق عليها بمنع توزيعها، وترهيب بائعيها وجمعها من الأسواق، هذا التضييق وهذا الإمعان في إسكات الأصوات الحرة لن يثني الجريدة عن مواصلة المشوار، ولن يزيد مناضلي الحزب إلا إصرارا على المنهج الذي اختاروه. وجود جريدة بهذا الشكل المعارض، ألا يعتبر علامة على حرية الصحافة، على عكس ما يقال وينشر أن هامش حرية التعبير في تونس معدوما؟ وجود صحيفة بهذا الصنف هو علامة على أن نبض هذا المجتمع قد يخفت ولكنه أبدا لن يموت، وجودها دليل على أن المثابرة لا بد وأن تؤتي ثمارها، ودليل آخر على أن دعم الديمقراطيين والقراء الأفاضل هو المنهل الذي يجب أن ننهل منه دائما لمواصلة المسيرة، رغم كل الصعوبات. العفو التشريعي العام أضحى مطلبا وطنيا، من وجهة نظركم كيف يمكن تفعيل هذا المسعى، وما هي مساهمة حزبكم في هذا المجال؟ تجربة العقدين الماضيين كانت جد أليمة و أثارها صعبة التحمل على كل المستويات. النهج الأمني الذي اختاره الحكم في صراعه مع الإسلاميين خلف أضرارا جسيمة على بنية المجتمع، فاستشرى الخوف وغابت الثقة في العمل العمومي، وأصبحت المعارضة والمشاركة المستقلة رديف الخطر الذي يجب تلافيه بكل الوسائل، و مطالبتنا بالعفو التشريعي العام تستجيب لحاجة إنسانية ملحة، ول المصدر: بريد الفجرنيوز مع الشكر الجزيل لمرسل الحوار