أكد أمير يعقوب محمد الأمير أحد السودانيين الثلاثة المفرج عنهم من معتقل غوانتانامو الاميركي وعادوا الى السودان يوم الجمعة الماضي، انه لا ينتمي الى تنظيم القاعدة، ولم ير بن لادن في حياته، رغم وجوده في باكستان، لعدة سنوات قبل اعتقاله وترحيله الى المعسكر الاميركي، بكوبا. لكن الامير أقر، في حوار اجرته معه «الشرق الاوسط»، في منزله بام درمان، بانه يميل الى تنظيم «عسكر طيبة» في منهجه للدعوة والارشاد. وقال انه ذهب الى باكستان للاستفادة من نهجهم الدعوي عن قرب دون ان يكون واحدا منهم، بعد ان استهوته طريقتهم. واعتقلت القوات الاميركية الامير في عام 2002، ضمن مجموعة من منسوبي تنظيم «معسكر طيبة»، الذي تضعه واشنطن في قائمة التنظيمات الارهابية المتطرفة. وأوضح الامير انه سئل مرارا عما اذا كان احد عناصر هذا التنظيم، وقال انه أكد لهم نه غير منظم معهم. واكد المعتقل السوداني الذي افرج عنه الجمعة الماضي، ان اعتقاله كان خطأ، ولم توجه له أي تهمة طوال فترة وجوده في السجن الاميركي منذ 2002. واشار الى ان المحققين الاميركيين، حاولوا مرارا معرفة ما اذا كان مرتبطا بزعيم القاعدة اسامة بن لادن، أو يعرف مكان وجوده، وقال انه كان ينفي دائما أي علاقة بالقاعدة، او بن لادن وانه لا يعرف اين يختبئ. واوضح الأمير، 38 عاما، انه لم يتعرض الى التعذيب في سجن غوانتانامو، ولكن المحققيين ضغطوا عليه من اجل الحصول على اعترافات بجرائم لم يرتكبها. وبدا المنزل الذي يقيم فيه الامير متواضعا بحي «الامراء» الشعبي في قلب مدينة ام درمان، حيث تحيط به اسرته، التي تلقت عودته بغبطة واضحة. ولم يحدد السوداني العائد حتى الآن ملامح خططه لمستقبله، وقال انه في فترة تفكير مستمر في هذا الأمر. وفي ما يلي نص الحوار: هل كنت تعلم اليوم المحدد لمغادرتك المعتقل؟ لدي معلومات من المحامي المخصص لي منذ اشهر بان هناك مفاوضات تجري بين وفد سوداني وآخر اميركي للافراج عن كل المعتقلين في المعسكر، ولكن رسميا عرفت قبل يومين فقط من الافراج عنا. ما هو التعهد الذي وقعت عليه قبل خروجك من المعتقل؟ رفضت التوقيع على أي ورقة قدمت لي من قبل الاميركيين الى يومنا هذا.. واذا خيروني بين التوقيع أو البقاء في المعتقل.. افضل البقاء في المعتقل. ما هو نوع التعهد الذي عرض عليك، وما هي صيغته؟ تقول صيغته «اقر بان لا اعمل ضد الولاياتالمتحدة، وان اميركا لها الحق في اعادتي الى المعتقل في حال ثبت لها انني امارس اعمالا ضدها».. ولكن فضلت ان اعود الى المعتقل بدلا من ان اوقع على مثل هذا التعهد؟ هل هذا يفسر بانك على استعداد للعمل ضدها في المستقبل؟ انا في الاصل لم ارتكب شيئا ضد الولاياتالمتحدة، في السابق، وقد ألقوا القبض علي بدون اي سبب وجيه في باكستان. هناك حديث عن صفقة تمت بين الحكومة السودانية والاميركيين اسفرت عن الافراج عنكم؟ لا أعرف شيئا عن هذه الصفقة، ولكن قبل خروجي تلى علي احد المسؤولين في المعتقل، كلام بان حكومة والولاياتالمتحدة قررت ترحيلك الى بلدك في اقرب فرصة ممكنة، كما ان المحامي ابلغني ان هناك جملة شروط للافراج عني، من بينها عدم السماح لي بالسفر خارج السودان، وعدم القيام باي عمل ضد الولاياتالمتحدة او المشاركة في اي نشاط ارهابي، وشرط غريب وهو الا تعرضني بلادي للإهانة. ما هي التهم التي وجهت اليك طوال فترة الاعتقال؟ لم توجه لي أية تهمة رسمية، ولكنهم كانوا يسألونني عن علاقتي بتنظيم «عسكر طيبة»، وهو التنظيم الذي القي القبض علي حين كنت في كنفهم في باكستان؟ هل أنت فعلا تنتمي الى هذا التنظيم؟ لا.. لا علاقة لي بهم كتنظيم، ولكن اعتقد ان هناك شكا من جانبهم بانني اعمل لصالح هذا التنظيم الذي يعتبرونه ضمن قائمة طويلة من التنظيمات الارهابية. اذن لماذا انت تتردد على اشخاص من هذا التنظيم؟ هذه الجماعة لها افكار في الدعوة استهوتني منذ وقت بعيد وانا في السودان، وظللت أتابع نشاطهم في الدعوة ونشر تعاليم الدين؟ يفهم من هذا انك سافرت الى باكستان خصيصا للقاء بهم؟ نعم هم سبب سفري الى باكستان.. اعجابي بطريقتهم في الدعوة والارشاد جعلتني اتوجه الى باكستان لمعرفة الكثير من علوم الدعوة بقربهم؟ اذن انت معهم؟ لا انا معجب بطريقتهم في الدعوة، وعليك ان تعلم ان هذا المركز معترف به من قبل الحكومة الباكستانية ومسجل لديها رسميا وهو يناصر الحكومة الباكستانية في قضية كشمير ضد الهند. هل كانوا يسألونك عن وجود صلة لك بتنظيم القاعدة؟ نعم مرات كثيرة، وكانوا يركزون على صلتي باعمال يعتقدون انها إرهابية وقعت، وتنسب الى تنظيمات من العالم الاسلامي ويرون انها ارهابية. وهل لديك علاقات بتنظيم القاعدة؟ اطلاقا ليست لدي علاقات به، انا استهوتني طريقة «عسكر طيبة» في الدعوة فذهبت الى هناك للاستفادة منه عن قرب دون ان اكون واحدا منه، وقد سألوني كثيرا عن زعيم القاعدة اسامة بن لادن، وكنت ارد بالحقيقة وهي انني لا أعرف مكانه ولم أره قط . هل اتهموك بواقعة محددة؟ كثيرة لا اذكرها، ولكن كلها لا علاقة لي بها، وكان كثيرا ما يصر المحقق بانني شاركت في واقعة محددة بشكل غريب، وكنت اقول له في كل مرة: انت لا تعرف نفسي اكثر مني، ولا يمكن ان أسمح لك بان تلصق بي ما لم تقترفه يداي. وماذا يكون رد فعل المحقق الاميركي؟ ما عليه إلا ان يسكت وينتهي التحقيق، ليعود مرة اخرى بذات الاتهامات او يضيف اتهامات اخرى. يفهم بان من يحقق معك هو شخص واحد فقط؟ لا.. يستمر معك الشخص الواحد لوقت ليأتي محقق آخر، هم كثيرون هؤلاء. هناك حديث كثير عن تعذيب المعتقلين في غوانتانامو، هل تعرضت الى تعذيب؟ لا.. انا شخصيا لا، لم اتعرض للتعذيب أو الضرب، ولكن هناك حالات تعذيب في المعتقل حتى الموت، حالات معروفة سجلت في السنوات الأولى للاعتقال في هذا المعسكر، وهناك من قاموا برشه بالغاز حتى اغمي عليه. هناك حديث عن منع الصلاة في المعتقل؟ كانوا يمنعون الصلاة جهرا، ولكن بعد الاحتجاجات التي تمثلت في الاضراب عن الطعام وغيرها من اساليب الاحتجاج من قبل السجناء صاروا لا يتعرضون لنا في صلاتنا؟ الى أي مدى يسمح للمعتقل ان يمارس القراءة؟ يمكن للسجين ان يقرأ الكتب التي توفر له. من الذي يوفرها.. وهل يسمح بدخول كتب من الخارج؟ هم الذين يوفرون الكتب حسب اختيارهم، كنا نقرأ القرآن في الغالب، وبعض الكتب التي تقدم لنا من الجانب الاميركي، غير ان اغلب الكتب لا تصلح للقراءة، لان القصد منها التوجيه للسير على الطريق الاميركي. تحثت تقارير عن حرمان السجناء من الاكل، ما صحة تلك التقارير؟ في الفترة الاولى، كانوا يقدمون لنا وجبة صغيرة لا تشبع عصفور، وكنا نسميها في المعتقل ب«وجبة العصفور»، ولكن بعد احتجاجات وصدامات مع السجناء والمسؤولين، جرى «تعديل الوجبة، وصارت غنية». هل تلتقون فيما بينكم.. واين؟ هناك اقسام يسمح لنزلائها باللقاءات من وقت لاخر، وهناك في المقابل اقسام لا خيار لسجنائها سوى الزنزانة. أين كنت انت من بين هذا الاقسام؟ في البدء كنت في الاقسام المعزولة، ولكن في الفترة الاخيرة وحتى لحظة خروجي من المعسكر كنت في المعسكر الرابع (برافو)، حيث يسمح لك بالتحدث مع جارك، وقد تراه أحيانا. كيف هي صحتك؟ اشعر بانني بخير وعافية وصحة جيدة؟ لا يبدو عليك الاعياء والتعب مقارنة بالاخرين المفرج عنهم، هل لأنك كنت من سكان القسم الرابع؟ فقط لانني لم ابتل باصابات أو امراض طوال فترة اعتقالي، ولم ادخل في اضراب عن الطعام كما حدث لزميلي سامي الحاج، الذي دخل في إضراب عن الطعام وهذا ما أثر على صحته كثيرا. أين كنت تعمل قبل الذهاب الى باكستان في العام 2002؟ كنت اعمل في مكان تجاري في ام درمان. ما هي ملابسات اعتقالك وانت في كنف مركز عسكر طيبة؟ اعتقلوني حين كنت برفقة مجموعة من منسوبي المركز.. أفرجوا عن الباكستانيين.. اما نحن السودانيين وغيرنا فتم تسليمنا الى الحكومة الاميركية. ما هي نوع التحقيقات التي اجريت معك في الخرطوم بعد وصولك؟ لم تجر معي أي تحقيقات. في المطار كانت عناصر جهاز الامن في استقبالي ضمن بقية قطاعات الشعب السوداني واسرتي، وقام احد المكلفين من جهاز الامن بتوصيلي الى منزلنا في حي الامراء في الثالثة صباحا، وودعني ولم يعد حتى الان. ألم يقل لك اي شيء وهو يودعك خارج منزلكم؟ هم فقط نصحوني انا والاخرين معي بان نساعد في اطلاق سراح باقي المعتقلين، وذلك بما نقول من كلام، لأجهزة الاعلام أو الجهات الاخرى اي ألا نقول بما لا يساعد في الافراج عنهم. هل تتوقع ان يعودوا للتحقيق معك؟ لا اتوقع ذلك، لانهم استقبلوني ونصحوني ثم غادروا. هل ستعود الى باكستان في المستقبل؟ أنا الان في السودان بين اهلي وعشيرتي؟ ما هي خططك للمستقبل؟ حتى الان لم افكر في الامر، احتاج الى فترة تفكير غير محددة.