فجَّرت تصريحات عدد من رجال الدين المسيحيين في بريطانيا الداعية إلى تحويل كافة سكان البلاد، وبخاصة المسلمين، إلى المسيحية الإنجيلية، موجة جدل داخل كنيسة إنجلترا. وبينما أيد بعض قيادات الكنيسة تلك الدعوة، اعتبرها آخرون، وعلى رأسهم ستيفن لوي الأسقف السابق ل "هولم" بمدينة مانشستر، خطرا يهدد الحريات والعلاقات السوية بين مختلف أطياف المجتمع البريطاني. واعتبر لوي أن دعوة مايكل نظير علي أسقف مقاطعة روشستر جنوبي شرق البلاد، بتنصير المسلمين "لا تظهر وعيا بالحاجة لوجود علاقات طيبة بين أتباع الديانات المختلفة، والدعوة إلى تنصير أتباع الديانات الأخرى لا تضيف شيئا لمجتمعنا الذي يتعلم فيه المسيحيون واليهود والمسلمون والهندوس والسيخ احترام عقيدة الآخرين والعيش سويا في تناغم"، بحسب ما نشرته صحيفة "تيليجراف" البريطانية اليوم الإثنين. وكان نظير علي قد اتهم باقي قادة الكنيسة البريطانية بعدم بذل ما يلزم من جهد لتنصير مسلمي بريطانيا؛ لخوفهم من التعرض لانتقادات. وفي نفس الاتجاه تعهد بول إيدي عضو المجلس الكنسي للكنيسة الإنجيليكانية، بمواصلة حملته الرامية إلى دفع كنيسة إنجلترا للعمل بشكل علني على تنصير المسلمين في البلاد، وتحويلهم تحديدا إلى الطائفة المسيحية الإنجيليكانية. "نقوم بواجبنا" وردا على اتهامات نظير علي، قال متحدث باسم كنيسة إنجلترا: "نحن نقوم بتنفيذ واجبنا في التأكد من وجود بعثات للكنيسة في كافة مناطق بريطانيا، بما فيها الأماكن ذات الكثافة العالية من السكان المسلمين". غير أنه أكد أن "هذا التواجد محكوم بتوصيات المادة التاسعة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والتي تنص على احترام حرية الاعتقاد". وقلل المتحدث من احتمال أن يتم طرح مسألة تنصير مسلمي بريطانيا في الاجتماع العام للمجلس الكنسي المقرر في يوليو المقبل بمقر الكنيسة في مدينة "يورك". واستبعد أن يتم "اختطاف" أجندة الاجتماع من قبل هؤلاء الذين "يجعلون من أولوياتهم نشر الخوف من الإسلام"، خاصة أن بنود الأجندة "لم يتم تأكيدها بعد". وتأتي تلك الدعوة البريطانية لتحويل المسلمين إلى المسيحية الإنجيلية بعد أيام من إطلاق بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر دعوة إلى ضم كل البشر إلى المسيحية، واصفا هذا الأمر ب"الواجب والحق الثابت، وتعبير عن الحرية الدينية". ونقل الموقع الإلكتروني لإذاعة الفاتيكان عن البابا قوله خلال لقاء مع المجلس الأعلى للأعمال البابوية الرسولية، السبت 17-5-2008: "إن الدعوة إلى تلمذة كل الأمم المنقولة عن يسوع في الإنجيل لا تزال تشكل مهمة إلزامية بالنسبة للكنيسة وبالنسبة إلى كل مؤمن بالمسيح". وأضاف: "هذا التعهد الرسولي هو واجب وحق ثابت وتعبير عن الحرية الدينية بأبعادها الأخلاقية والاجتماعية والسياسية". وكان الفاتيكان قد حذر من تراجع الهوية المسيحية في أوروبا بعد نشره إحصاءات تظهر تجاوز عدد المسلمين لعدد الكاثوليك على مستوى العالم وذلك لأول مرة، وأرجع ذلك لزيادة معدل المواليد عند المسلمين.