لعلّ ما يقلق اليوم في المغرب هو التضييق على حرية الصحافة والتعبير، في ظل قضاء غير مؤهل لتوفير اي نوع من الحماية للصحافيين يعتبر عدد من المحامين المغاربة ان المغرب سجل تراجعا كبيرا في مجال حرية الإعلام، وذلك امام تنامي وتيرة التضييق ضد الجسم الصحافي والعاملين في القطاع. افاد مصطفى الرميد، المحامي بهيئة المحامين، وذلك خلال لقاء نظمته هيئة ونقابة الصحافيين المغاربة حول موضوع حماية الصحافيين والصحافيات، أن هناك عقوبات ضد الصحافيين يراد من ورائها تكميم أفواه رجال الإعلام. وقد اشار الى الحكم القضائي الابتدائي الصادر ضد يومية المساء (اليومية الأوسع انتشارا في المغرب ) القاضي بتغريم الجريدة مبلغ 420 ألف دولار. الغرض من وراء هذه الغرامة هو تحميل الصحيفة ما لا طاقة لها عليه. مصطفى الناوي، المحامي بهيئة المحامين، يرى أن المضايقات التي يتعرّض لها الصحفيين بالمغرب قد ارتفعت وتيرتها في الآونة الأخيرة. " القضاء المغربي يظل في الوقت الراهن غير مؤهل لتوفير أي حماية للصحافيين" قالها الناوي متسائلا " ما معنى أن تصدر أحكام بالمنع من الكتابة من طرف القضاء". وقد وصف النامي في لقاء إعلامي عقدته نقابة الصحافيين المغاربة وهيئة المحامين بالدارالبيضاء نهاية الأسبوع الماضي، الحكم الصادر ضد الصحفي المغربي علي لمرابط القاضي بمنعه من الكتابة لمدة 10 سنوات ب “المسخرة”. واكمل أن القضاء المغربي غير مؤهل لتوفير أي حماية للصحافيات أو الصحافيين المغاربة، واصفاً مجال الإعلام ب“ الدقيق جدا “. ودعا إلى ضرورة إعمال نظام قضائي متخصص في معالجة قضايا النشر والإعلام، على غرار القضاء التجاري أو الإدراي أو القضاء المدني، مضيفا أنه على الإعلاميين المغاربة العمل لإنشاء تنظيم مهني للتحكيم يكمن دوره في التأديب، من مهامه وضع مدونة للأخلاقيات لمواجهة صور التسيب لبعض المنابر الإعلامية. ويقول المحامي محمد الناصري، إن العديد من المنظمات الدولية في مجال حرية التعبير وحقوق الإنسان ومجموعة من الدول في العالم، سلطت الضوء على التجربة المغربية في مجال الإعلام، نظرا للخطوات الكبيرة التي قطعتها في مجال حرية التعبير، لكنه عاد ليستطرد بالقول “ العديد من هذه المكتسبات تم التراجع عنها في الآونة الاخيرة، إذ تم إصدار مجموعة من الأحكام في حق مجموعة من المنابر الصحافية والصحافيين “ ويعتبر أن "القضاء المغربي في وضعه الحالي لا يجسد إرادة المواطنين والحقوقيين والإعلاميين كقضاء مستقل ونزيه" وتابع " بالرغم من وجود بعض الإيجابيات في قانون الصحافة المغربي، كغياب الرقابة المسبقة، إلا ان حركية المشهد الإعلامي خلقت نوعا من التصادم". ودعا الناصري إلى ضرورة إنشاء قضاء خاص بقضايا الصحافة والنشر. من جهته، عبر يونس مجاهد، نقيب الصحافيين المغاربة، عن قلقه إزاء الاعتداءات التي مورست في الآونة الأخيرة ضد الصحافيين المغاربة. " تم رصد العديد من حالات الاعتداء الجسدي على الصحافيين في العديد من المواقع، كان آخرها في مدينة الدارالبيضاء". وأكمل ان الضرورة تستدعي وجوب اعتماد تدابير وإجراءات تنظيمية كفيلة بضمان أفضل الشروط التي تمكن الصحفي من أداء مهنته استنادا للنصوص القانونية الوطنية والدولية. وتابع "الهجمة التي تمارس ضد الصحافيين من طرف الأمن والسلطة المحلية والمنتخبين، وما حصل من تطور في المهنة، يدعو إلى ضرورة إعادة النظر في كل القوانين المرتبطة بمهنة الصحافة وحق ممارستها. فالصحفي لا يذهب فقط لتغطية المهرجانات، بل دوره يكمن في الذهاب إلى حيث توجد المشاكل ونقلها بمصداقية". ودعا مجاهد إلى ضرورة التنصيص على معاقبة أي نوع من أنواع الاعتداء على الصحافيين واعتباره بمثابة اعتداء على موظف أثناء تأدية وظيفته. "أصبحنا مستهدفين" كانت النقابة الوطنية للصحافة قد عبرت في التقرير الأخير الذي قدمته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، في بداية شهر مايو 2008 هذا التقرير، عن قلقها إزاء التوجه العام الذي ساد ممارسة حرية الصحافة في المغرب على مختلف الأصعدة، سواء تعلق الأمر بالصحافة المكتوبة أو القطاع السمعي البصري أو الصحافة الإلكترونية. اعتبرت أن السلطة مازالت تتعامل مع مجال الصحافة والإعلام كأداة أساسية في تمرير مخططاتها السياسية، وإستراتجيتها في المجتمع، تارة عن طريق التحكم في عدد من الصحف وفي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وتارة أخرى في التضييق على حرية التعبير. وأشارت أن السلطة استعملت عدة أدوات، حيث كانت تتخذ قرارات سياسية لقمع حرية الصحافة، أو لافتعال توترات في الحقل السياسي، وتمررها عبر أحكام قضائية. في تقريرها اعتبرت أن السلطة حاولت استعمال عدة مبررات سياسية ودينية وأخلاقية لتمرير هذه الإجراءات. فهناك تركيز على كل ما يمس المؤسسة الملكية، وشخص الملك في بعض الحالات، كما هناك ما سمي بالمس بالأخلاق وبالدين الإسلامي، بل وما قدم كتبريرات لموضوع أخلاقيات المهنة. الهدف الأساسي من هذه الممارسات ليس سوى " استهداف لحرية الصحافة بسبب تناول بعض الصحف لموضوعات معينة، قد نجد مقالات تتضمن وقائع وتعليقات مماثلة لها في صحف معينة بصيغة أخرى... وتصفية الحسابات معها والانتقام منها أو افتعال نزاعات حولها، بل وأحيانا إثارة ضجة مقصودة". وقد اعتبرت ان قضية أخلاقيات المهنة هي شأن يهم المهنيين وينبغي أن يعالجوه بأنفسهم، ولا يمكن قبول أي تدخل، خاصة من طرف الأجهزة الرسمية. وأكدت النقابة على أن إشكالية القطاع السمعي البصري، تعتبر ذات أهمية بالغة في ممارسة حرية الإعلام في المغرب، وبالتالي "لا يمكن أن نحصر هذه الحرية في الصحافة المكتوبة". وقد رصدت في تقريرها مجموعة من مظاهر التراجع في مجال حرية الصحافة، من أخطرها: - اللجوء إلى المنع من ممارسة المهنة في حق الصحافيين - إصدار مقادير مالية مبالغ فيها للتعويض عن الضرر في قضايا القذف - اعتقال الصحافيين في الحراسة النظرية والحبس الاحتياطي وإصدار أحكام بالسجن في حقهم - منع الجرائد والمجلات وإتلاف منشورات خارج نطاق القانون - مطالبة أصحاب المطابع بمراقبة مضمون ما يطبعون من منشورات، مما يهدد بعودة الرقابة المسبقة. وشدد نقيب الصحافيين المغاربة أن الإعلاميين المغاربة مطالبين بالتضامن فيما بينهم لمواجهة هذه الضغوطات. "لا بد من التضامن المهني بين الصحافيين لأننا أصبحنا مستهدفين".