صفاقس: الإتحاد الجهوي للصناعة والتجارة يحمّل الإتحاد الجهوي للشغل مسؤولية ما قد يترتب عن أي إضراب غير قانوني (بيان)    توقيع برنامج تعاون ثنائي بين وزارة الشؤون الثقافية ووزارة الثقافة الرومانية    تفاصيل صادمة في قضية اعتداء أربع فتيات على تلميذة أمام معهد بسيدي حسين    العاب التضامن الاسلامي (الرياض 2025): اسراء بالطيب تهدي تونس الميدالية الذهبية الثانية    وديّة تونس وموريتانيا: تعادل 1-1 في رادس استعدادًا لكأسي العرب وإفريقيا    أخبار النادي الصفاقسي .. مطالبة بصافرة أجنبية لمباراة سوسة وبشة يَتمادى    عاجل/ عميد المحامين يدعو مجلس الهيئة للانعقاد بصفة طارئة..    في ذكرى وفاة عبد القادر بن الحاج عامر الخبو    أولا وأخيرا .. على أكل الحشيش نعيش    بنزرت: يوم إعلامي حول السّجل الوطني للمؤسسات    من المجاهدين الأفغان إلى الجولاني ... «الجهاديون»... خدم للإمبريالية!    تستوعب 10 آلاف جندي: غزّة... قاعدة أمريكية ؟    في بيت الرواية بمدينة الثقافة .. .جلسة أدبية حول «تعالق الشعر بالسرد»    نبض الصحافة العربية والدولية ... إطلاق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزّة    المهدية: مواد خطيرة وحملة وطنية لمنع استعمالها: طلاء الأظافر الاصطناعية و«الكيراتين» مسرطنة    أنس بن سعيد تتألّق في "ذو فويس" وتعيد للأغنية التونسية بريقها    استماعات بخصوص مشروع قانون المالية    قبلي: عملية بيضاء لرفع جاهزية فرق الحماية المدنية في مجابهة حوادث المرور    الليلة: سحب قليلة والحرارة بين 10 درجات و15 درجة    العجز التجاري لتونس يبلغ 18,435.8 مليون دينار مع موفى أكتوبر 2025    وزير الدفاع يلتقي قائد القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا    عاجل/ الزهروني: "دقبونة" و"ولد العيارية" و"العروسي" في قبضة الامن    الرئيس الجزائري يوافق على طلب نظيره الألماني بالعفو عن الكاتب بوعلام صنصال    مشروع السدّ يتحرّك: مفاوضات جديدة لإنهاء ملف انتزاع الأراضي بجندوبة!    عاجل/ صدور أحكام سجنية في قضية هجوم أكودة الارهابي    مدير المركز الوطني لنقل الدم: هدفنا بلوغ 290 ألف تبرّع سنوي لتلبية حاجيات البلاد من الدم ومشتقاته دون ضغوط    سليانة: انطلاق مهرجان "نظرة ما" في دورتها الثانية    مجلس الجهات والأقاليم ينتدب في هذه الخطط الإدارية..#خبر_عاجل    كاس افريقيا للامم لكرة اليد - المنتخب التونسي في المستوى الاول    عاجل: 8 سنين حبس لفتاة تروّج في المخدّرات قدّام مدرسة في الجبل الأحمر!    انقلاب سيارة في جسر بنزرت..#خبر_عاجل    النائب على زغدود حول مشروع قانون المالية: اعددنا حزمة من التعديلات وهذه تخوفاتنا    عاجل/ انشاء هيكل جديد لتنظيم قطاع القهوة في تونس    نواب ينتقدون مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026: "استنساخ للسابقة واعتماد مفرط على الجباية"    الترجي الرياضي: توغاي يعود إلى تونس.. ورحة بأيام ل"بن سعيد"    محاولة سطو ثانية على لاعب تشلسي... واللاعب وأطفاله ينجون بأعجوبة    عاجل/ بشرى سارة لأصحاب هذه الشهائد: 1292 انتداب جديد..    انطلاق معرض الموبيليا بمركز المعارض بالشرقية الجمعة 14 نوفمبر 2025    تعاون ثقافي جديد بين المملكة المتحدة وتونس في شنني    "ضعي روحك على يدك وامشي" فيلم وثائقي للمخرجة زبيدة فارسي يفتتح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس    تونس تشارك في بطولة العالم للكاراتي بمصر من 27 الى 30 نوفمبر بخمسة عناصر    ليوما الفجر.. قمر التربيع الأخير ضوي السما!...شوفوا حكايتوا    تحطم طائرة شحن تركية يودي بحياة 20 جندياً...شنيا الحكاية؟    معهد باستور بتونس العاصمة ينظم يوما علميا تحسيسيا حول مرض السكري يوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    تحب تسهّل معاملاتك مع الديوانة؟ شوف الحل    عاجل/ هذا ما كشفته وثائق سرية حول اتفاق غزة..    اسباب ''الشرقة'' المتكررة..حاجات ماكش باش تتوقعها    خطير: تقارير تكشف عن آثار جانبية لهذا العصير..يضر النساء    عاجل: زبير بية يعلن استقالته رسميًا من رئاسة النجم الساحلي    بش تغيّر العمليات الديوانية: شنوّا هي منظومة ''سندة2''    تحذير عاجل: الولايات المتحدة تسحب حليب أطفال بعد رصد بكتيريا خطيرة في المنتج    تقديرا لإسهاماته في تطوير البحث العلمي العربي : تكريم المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي في الإمارات بحضور كوكبة من أهل الفكر والثقافة    الشرع يجيب على سؤال: ماذا تقول لمن يتساءل عن كيفية رفع العقوبات عنك وأنت قاتلت ضد أمريكا؟    المهد الوطني للرصد الجوي: ظهور ضباب محليا كثيف صباح غد الأربعاء    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف العمل من اجل التغيير في الخطاب الاسلامي:بين ثقافة الانبطاح و ثقافة الاصلاح


بسم الله الرحمان الرّحيم
كيف العمل من اجل التغيير في الخطاب الاسلامي
بين ثقافة الانبطاح و ثقافة الاصلاح
كيف المحافظة على الحياة في ضلّ الهوية العربية الاسلامية ونعمة الحريات الشخصية
الحكمة تقتضي ترك عقلية تبسيط الأمور و استعجال النتائج و الاستخفاف بالآخر
لا تنمية اقتصادية و اجتماعية و ثقافية بدون ضمان الحقوقّ في الشغل وااتفكير والتعبيروالتنظّم

(الجزء الاوّل)
"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداءا فألّف بين قلوبكم" (آل عمران 103)
"قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله" (سورة يوسف 108)
باريس في 6 جوان 2008
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس

الحوارمبدأ أساسي في التعامل مع الآخر : بداية وقبل كلّ شيء انه من الضروري التأكيد على مبدأ انتهاج الحوار الذي يتطلب الحوار أولاً وقبل كل شيء الاعتراف بالآخر المخالف، واحترام حقه في تبني رأي أو موقف مختلف، والإسلام يقرّر الاختلاف بوصفه حقيقة إنسانية طبيعية، ويتعامل معها على هذا الأساس، وفي ضوء القرآن الكريم نتلمس احترام الإسلام لحرية الاختيار اذ قال تعالى في سورة البقرة : "لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغي" (البقرة - 256)، وأنه لا يضيق بتنوّع الانتماء العقدي فما بالك بالمنتميين الى هوية واحدة و لغة واحدة ووطن واحد.
وإذا كان التنوّع من طبيعة البشر فإن الحوار هو الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى الوفاق، والتفاهم، والتعاون، ذلك أن البديل عن الحوار أو التعايش فهو الحرب ، ولأن خيار الحرب بلا شك سيتحول في حال اعتماده لحسم الخلاف إلى كارثة على المختلفين؛ فمن هنا جاءت أهمية الحوار بوصفه بديلاً عن الخيارين الآخرين.
و ها نحن على مشارف مرحلة جديدة و نأمل طيّ صفحة الماضي بحلوها و مرّها فمطلوب أن تبنى هذه المرحلة على الصفاء والوضوح بعد المحاسبة و تطهير الصف من الدخلاء والتكفيريين والمتآمرين؟
القول بأنّ هذا الموضوع ليس وقته قد يكون صحيحاً في التسعينات، ولكن ليس الأمر كذلك الآن. فأنا الآن من واجبنا أن نتحدث إلى حدّ ما بدون حرج عن الماضي لأنه أصبح في جانب منه ماضيا مهما حاول الاستئصاليون أن يبقوه حاضرا، وفي جانب آخر لقناعتنا بإنهاء الاحتكار وضرورة الانفتاح الكامل على اخواننا أولا ثم على أهلنا وشعبنا ومجتمعنا.
إنّنا جميعا أبناء هذا الشعب التونسي المسلم الأبي، وإنّ القضايا التي قمنا من أجلها هي قضايا الجميع، ويهم الجميع أن يعرفوا هل أحسنا أم أسأنا أين أصبنا وأين أخطأنا وفي العموم فقد كان اجتهاد البعض منّا وفي كل الاحوال فهم مأجورون؟… لقد آن الأوان أن نحمل جميعا قضيتنا بما في ذلك من يخالفوننا الرأي وأن نكون معهم شركاء في حمل هذه القضايا.
إننا الآن على مشارف مرحلة جديدة وطيّ مرحلة. ولا ينبغي أن تكون المرحلة الجديدة على شاكلة مراحل سابقة، هذا من ناحية، كما أنه ليس من العقل أن تبنى مرحلة جديدة إلاّ على الصفاء والوضوح ولكن بعد المحاسبة وخاصة والأمريتعلّق بالعمل الدعوي والمشروع الإسلامي، الذي كل شأنه مطلوب أن يبنى على الحق والصفاء والوضوح.
ومن الحكمة والفقه الحسن وعي وإدراك اللحظة التاريخية وعظم المسؤولية الملقاة علينا قبل غيرنا لأننا أصحاب رسالة واصحاب قضية وعلينا بالاحتساب الى الله العلي القدير والصبر والمصابرة والمرابطة. وصدق الله العظيم اذ قال في سورة آل عمران: "يا ايها الذين آمنوا اصبروا و صابروا و رابطوا و اتقوا الله لعلّكم تفلحون" (آل عمران - 200)
وقد كان الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلم على غاية في هذا الأمر. فنحن كنّا ولازنا دعاة لدين الله، هذه حقيقتنا، وهذا هو لب عملنا. ونحن في ذلك على نهج المرسلين من قبلنا، بهم مقتدون وعلى آثارهم سائرون ولكن لسنا قضاة ندخل من نشاء الجنة وندخل من نشاء النارمن اجل مخلفته لنا في التفكير أو في الاعتقاد.
الخطاب الاسلامي بين التنظير والتنزيل : يعكف الأستاذ راشد الغنوشي منذ ما يزيد على ثلاثة عقود على دراسة جدلية الفكر والواقع السياسي المعاصر في الساحة الفكرية، العربية منها والإسلامية والعالمية، وبعد كل تأمل فكري معمق، يخرج للساحة بعصارة تأملاته وقد صدر له عديد من الكتب والدراسات، ومنذ سنوات بدأ بإصدار سلسلة مقاربات في الفكر السياسي المعاصر صدر منها جزءان الأول "مقاربات في العلمانية والمجتمع المدني" والجزء الثاني "الحركة الإسلامية ومسألة التغيير". وهو كتاب صادر عن "المركز المغاربي للبحوث والترجمة" وهو مطبوع في بيروت عن طريق المؤسسة الإسلامية للطباعة والصحافة والنشر
* مسيرة الصحوة الإسلامية: يرى الغنوشي أن هذا القرن يحمل بشائر عظيمة لدعوة الإسلام حيث يقول: "آمل أن لا ينتهي القرن إلا وقد أرسى الإسلام نواة صلبة لعالم إسلامي جديد" ويستدرك قائلاً: "وهذا لايعني بحال أن تيار الصحوة الإسلامية بلا عيوب ولا مشاكل ولا عقبات فالصحوة لم تحرِّر من أمة الإسلام إلا القليل من الطاقات"، ثم تحدث عن العقبات التي تواجهها الحركة الإسلامية معتبرا "الجهل بالإسلام أعظمها" وتحدث عن مظاهر ذلك الجهل بالإسلام وهو "ربطه بالتعصب والتطرف والرجعية والإرهاب والعدوان على حريات الأفراد والشعوب".
أما التحدي الثاني الذي يواجه الصحوة الإسلامية فهو الاستبداد السياسي الذي يرزح تحته العالم الإسلامي. وقد دعا المؤلف مفكري الإسلام وعلماءه إلى "تأصيل مباديء الحرية والشورى والديمقراطية بكل أبعادها في أرض الإسلام". كما دعا إلى "التعاون مع كل القوى المناهضة". للاستبداد والمدافعة عن حقوق الإنسان والديمقراطية من كل ملة داخل العالم الإسلامي وخارجه، فالاستبداد شر كله وليس هناك نعمة بعد الهداية أفضل من الحرية".
التحدي الثالث للصحوة الإسلامية هو "إقامة نماذج إسلامية للحكم، ونماذج إسلامية اجتماعية ثقافية تبشر بعدالة الإسلام".
أما التحدي الرابع فيتمثل في العداء الغربي للإسلام وأمته، ولئن ذكر أن عدداً من الغربيين انجذب نحو الإسلام فإنه يؤكد أن الغالبية لاتزال تجهله وبالتالي تناصبه العداء، وعرج على دور الحركة الصهيونية التي انبثت بسمومها وتغلغلت منذ أكثر من قرنين في أعماق النسيج الغربي في آدابه وكنائسه، فضلاً عن إخطبوطها الإعلامي والاقتصادي وتغلغلها في مراكز القرار السياسي والإداري وحتى العسكري. ويدعو إلى إيجاد استراتيجية تهدف إلى فك الارتباط بين الإخطبوط الصهيوني والحضارة الغربية.
* الحركة الإسلامية بين الواقع والآفاق: تحدث الاستاذ الغنوشي عن سمات النشاط الإسلامي فقال عنه: إنه ذو طابع إصلاحي متمثلاً في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل العلماء لتقويم الخلل في الدولة الإسلامية" وبما أنه يضع الواقع الراهن في معظم أنحاء العالم الإسلامي على المشرحة فإنه يخلص إلى أن الدولة ابتعدت قليلاً أو كثيراً عن الإسلام وأصبحت علمانية قهرية تمثل إرادة خارجية ومنذ ذلك (التحول) اتخذ الإصلاح شكلاً جديداً.
ثم تطرق الاستاذ الغنوشي إلى أهداف الحركة الإسلامية من كدحها الدؤوب قائلاً: "هدف الحركة الإسلامية استعادة الشرعية الإسلامية المفقودة فكانت انطلاقة حركة الإخوان المسلمين بقيادة الشهيد حسن البنا بعد ثلاث سنوات من سقوط الخلافة وذلك أسلوب جديد يختلف عن طرق الإصلاح القديمة" حيث بدأت الدعوات لأسلمة "الثقافة والفكر والاقتصاد والفن والتربية والقضاء والسياسة بعد انتشار الوعي بأن الإسلام لم يعد دستور الدولة".
وفي معرض سرده للتجربة الإسلامية الحديثة في مجال الاقتصاد والبنوك أكد الغنوشي أن تجربة البنوك الإسلامية وغيرها من المشاريع الاقتصادية والتنموية الإسلامية "طريقة للتحرر الاقتصادي" ودعا الشباب الإسلامي للتوجه للميدان الاستثماري والتجاري وتأسيس الشركات والتعاونيات باعتبار ذلك من ميادين الجهاد الإسلامي المعاصر.
واستعرض الغنوشي إنجازات الحركة الإسلامية في المجال الثقافي رغم وسائلها المحدودة فقد كان إنجازها معتبراً "لقد استطاعت أن تهمش العلمانية على امتداد العالم الإسلامي رغم أن العلمانية في الحكم والإسلام في المعارضة"، مستشهداً بنتائج الانتخابات النزيهة وموقف الحكم من المشاركة الإسلامية، والنشاط الثقافي الإسلامي، "لا يوجد اليوم منافس للكتاب الإسلامي ولا للأحزاب الإسلامية ولا للمجلات الإسلامية ولا للمشاريع والبنوك الإسلامية، وغدت معظم اتحادات الطلاب بأيدي الإسلاميين.. حتى لم يبق للعلمانية من مصدر للشرعية غير العنف والقهر والدعم الخارجي" مقابل ذلك بين فشل العلمانية في تحقيق وعودها كالازدهار الاقتصادي وتحرير فلسطين وتوحيد الأمة، و بعودة الإسلام للحكم .
* حيرة الحركة الإسلامية بين الدولة والمجتمع: واستعرض الاستاذ الغنوشي علاقة الإسلام بالدولة، فلم يفرق بين الإصلاح الاجتماعي والقيادة السياسية والتي أفضت إلى قيام دولة مترامية الأطراف في الدولة الاسلامية، كما رسم صورة تاريخية لردة السياسة عن الدين أو ما أسماه بالانقلاب الذي "كان الخطوة الكبرى على طريق انفصال السياسة عن الدين" وانتقل في العرض للعصر الحديث فقال وبعد "فتن قاسية أوشكت أن تطيح بالكيان الإسلامي جملة اضطر العلماء للتنازل عن السلطة لصالح أصحاب الشوكة والقوة .
و كانت المعادلة أو الصفقة التاريخية: السياسة للحكام ولهم الطاعة ما خضعوا لأحكام الشريعة، وللعلماء ضبط أحكام الشريعة والقضاء والتعليم والإشراف على الأوقاف" غير أن تشريح الغنوشي للتاريخ السياسي لأمتنا يكشف عن عمق الزيغ الذي حصل بعد ذلك سيما بعد وقوع الأمة فريسة للاستعمار حيث قامت حكومات اتخذت من الدين وعلمائه مجرد أدوات تستخدم عند الحاجة ملحقة بالأجهزة الأمنية للدولة، "وبناء على هذا انقسم المعنيون بأمر الدين إلى جهتين إحداهما آثرت السلامة الشخصية وانخرطت في الواقع بمساوئه وأخرى اتجهت للمعارضة لتنتهي إلى جماعة سياسية معارضة".
ويرد على من يظنون أن قيام أحزاب إسلامية يقسم الأمة قائلاً: لقد كان مثل هذا الكلام ذا معنى لما كانت الأنظمة القائمة مستندة للشريعة وكان العلماء قائمين على تفسير نصوصها والقضاء بأحكامها مطلقة أيديهم في الإصلاح الاجتماعي، أما وقد انهار ذلك البناء جملة فالقياس عليه مع وجود الفارق مُوقع في الوهم والزلل وتضليل الأمة عن مواجهة أعظم أسباب البلاء في حياتها وأشد العقبات في طريق نهضتها.
* قصور الحركة الإسلامية: وحتى لاتعد دراسة الحركة الإسلامية في بيئتها ونشأتها والعوامل المحيطة بها وإنجازاتها من قبيل مدح الذات والنرجسية المفرطة تطرق إلى مظاهر القصور في الحركة الإسلامية اذ يرى أن الإسلاميين ظلوا بعيدين عن التأثير على القوى العاملة. ويرجع ذلك إلى عدم وعي الإسلاميين بمشكلات القوى العاملة ذات الطبيعة الاجتماعية والسياسية في حين نظروا إليه من النواحي العقائدية والأخلاقية فقط،وكذلك الحال في التعامل مع القطاع النسائي.
ويرى أن "الطرح الاجتماعي الفلسفي لقضية المرأة ينتهي إلى أن قضية المرأة ليست مجرد قضية تبرج وعري واختلاط فحسب بل إنها قضية اغتراب وظلم وإستبداد، إنها قضية إنسان سلبه الانحطاط إنسانيته وفي الضفة الأخرى (الغرب) تم استبدال مواقع الاستبداد وأخذت المؤسسة مكان الرجل.
* الحركة الإسلامية والعلاقة مع الحاكم: وعن العلاقة بين الحركة وأنظمة الحكم يقول "فالعلاقة تتراوح بين الاعتراف المتبادل والصريح والضمني" ويعود إلى علاقة الحركة الإسلامية مع الأنظمة الانقلابية فيقول: "إن المشكل لايتمثل في رفض الحركة الإسلامية الاعتراف والتعايش مع الدولة أو القبول بالمشاركة الجزئية فيها وإنما المشكل يتمثل في من يقنع هذا الغول المدعوم بأحدث تقنيات القمع والإخضاع، والمؤيد من قبل قوى الهيمنة المعادية لأمتنا وحضارتنا وكل الحضارات الأخرى، من يقنع هذا التنين بالتواضع والاعتراف بالشعب والآخر، من يروض هذا الوحش دون كفاح ناصب"؟!.
* اختلاف الحركات الإسلامية: ويذكّر الغنوشي في كتابه بأن الاختلاف من طبيعة الفطرة التي فُطر الناس عليها سائقاً الأدلة من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة يخلص للقول بأن "أمتنا لم تفشل في شيء كما فشلت في إدارة الاختلاف وإفراغ المبدأ الإسلامي العظيم "الشورى" من مضامينه". ويرجع كل ذلك إلى الثقافات القطرية حيث "نشأت الحركة الإسلامية في إطار الكيانات الشاذة الخانقة" والتي أطلق عليها صفة "الأصنام البالية" وأعرب في كتابه عن خشيته من تهديد الثقافة القطرية للمشروع الإسلامي.
* الحركة الإسلامية واستخدام القوة: أسهب المؤلف في تحليل جدوى استخدام القوة من عدمه، مستبعداً تحقيق النتائج التي يهدف إليها من يراهن على ذلك قائلاً: "إذا كانت الأمور بمآلاتها وكانت مقاصد الشريعة قد وجهت المسلم أن يهتدي بقاعدة جلب المصالح ودرء المفاسد لاسيما عند سكوت نصوص الشريعة أو عدم قطعيتها فما ترجحت مصلحته كان خيراً وما ترجحت مفسدته كان شراً" ثم تحدث عن الكوارث التي حاقت بالحركة الإسلامية نتيجة التسرع في اتخاذ قرار استخدام القوة.
وأشار إلى أن الانتفاضات الشعبية التي شهدتها فرنسا أو الصين أو إيران أو ما حدث من انتفاضات في أوروبا الشرقية كُتب لها النجاح بعد أن توفر لها زخم جماهيري، أما انتفاضات الحركات السياسية والأحزاب فإنها غالباً ما تؤدي إلى كوارث.
إن هذا النوع من اسلوب التغيير الثوري هو الأجدر بالدراسة بسبب أنه أكثر ما عمّت به البلوى. ويشيد الاستاذ الغنوشي بتيار الوسطية الإسلامية الذي يرفض الانسياق وراء العواطف والاندفاعات ويعتصم برد أحد بني آدم في قوله تعالى من سورة المائدة : "لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين" (المائدة - 28) فالوسطية الإسلامية تصر على الالتزام الكامل بأساليب الجهاد السلمي؛ أى بجهاد الكلمة و هو الاسلوب الذي حرض عليه الله تعلى في سورة الفرقان اذ قال: "وجاهدهم به جهادا كبيرا" (الفرقان - 52).
* مقومات الحركة الإسلامية: يحدد الاستاذ الغنوشي في كتابه مقومات الحركة الإسلامية بداية بالشمولية "فالإسلام كلٌّ مترابط: العقيدة والشريعة والعبادة وبالتالي لا مجال للتفريق بين الدين والسياسة والدين والدولة". ثمّ يثنّي بالوطنية: حيث "لاتناقض بين العالمية والوطنية إذ الوطنية منطلق العالمية فعناية المسلم بإصلاح وطنه واجب ديني". ويثلّث بالسلفية: ويعني بها استمداد الإسلام من أصوله دون تعصب فالأصل هو ما ورد في الكتاب والسنة وعصر الخلفاء. و لا يغفل البعد الإيماني و الشعبي و ضرورة الأخذ بالأسباب مع الاعتقاد بأن هذه الأسباب لاتؤدي إلى نتائجها إلا بإذن الله. ويأكّد أن الحركة الإسلامية ليست حركة فئوية معينة ولاطريقة صوفية تحصر أعمالها في مجموعة المريدين، فهي ضمير الأمة المتحرك وأعماقها الثائرة.
* استراتيجية الحركة الإسلامية: يحدد الاستاذ الغنوشي مباديء أساسية يتوجب على الحركة الإسلامية تحديد موقفها بوضوح منها وهي بداية بتحديد موقفنا من التراث.. ما هو ملزم منه وما هو غير ملزم. و كذلك موقفنا من الغرب ما يأخذ منه وما يترك؟ ثمّ يحدد نظرته للواقع.. علاقة الحركة مع تشكيلاته و مكوّناته ثم يتحوّل الى أدوات التغيير التي تستخدمها الحركة؟ وهل نعتبر الشعب فيصلاً في اختيار الحاكم ونعيد له حقه كخليفة لله في الأرض؟
الدعوة إلى الإسلام من خلال حاجات الناس وهمومهم بالتربية المتكاملة على المستوى الفكري بتنمية الروح النقدية وتوخي الموضوعية
و عن العالمية في الحركة الإسلامية فهي تحقيقً لمبدأ التوحيد وهو أساس العقائد الإسلامية فضلاً عن أن العالمية هي روح العصرمع الاعتماد على التخطيط والكم مبدأ أساسي في التخطيط، وكثيراً ما تهمل طريقة القياس الكمي وتلغى برفع شعار "المهم الكيف لا الكم"، مستدلا بقوله تعالى في سورة الرعد: "وكل شيء عنده بمقدار" (الرعد - 8). ويختم بحثه بالقول: "إن التحدي الحقيقي هو كيف يرى الناس الإسلام مجسداً في نظريات وتطبيقات، في الاقتصاد والسياسة والفن، ويعبر حمَلَة الإسلام عن مشروعهم لا بالدفاع والردود على الأطروحات السائدة فقط وإنما بتقديم البدائل".
لو علمنا الغيب لإخترنا الواقع : في وجود السلطة المطلقة والهيمنة الأمنية، وفي غياب الحريّة الملتزمة وعدم المساءلة، يقع للأخيار ما يجب أن يصيب به الفجّار. إن من إخواننا المشتغلين بالجانب السياسي من يرى أنه كان من الخطأ أننا خضنا معركة فرض الحرية في 1990-1991 لوحدنا فاستفرد بنا النظام ، وكأنه كانت هناك إمكانية لغيرذلك. أما غيرنا فهم الآن من معارضة الموالاة وهؤلاء لا يعوّل عليهم في شيء و قد رأينا كيف فعل معنا الاستاذ احمد المستيري و حزبه سنة 1980وكذلك سنة 1989. أما الذين هم الآن من المعارضة الاستئصالية، من الحزب الشيوعي وما شاكله فلا شك لا ايضاً.
لم يبق إذن من هذه المعارضة سوى مكونات 18 أكتوبر التي تتمثل أساساً بحزب الاستاذ احمد نجيب الشابي وحزب حمة الهمامي وحزب الدكتور منصف المرزوقي وحزب الدكتور مصطفى بن جعفر.
أما حزب المرزوقي فهو تأسس في المهجر وليس له وجود على الساحة في تلك الفترة وكذلك حزب بن جعفر الذي هو على خط الاستاذ احمد المستيري الذي انسحب من الحياة السياسية بعد هزيمته في انتخابات 1989 نتيجة حساباته المغلوطة وهي شجاعة قلّ نظيرها في الاحزاب السياسية.
وسيكتب التاريخ للسيدين مواعدة والشماري أنهما أول من لغما أرضية التعددية القانونية، وعرّيا زيف المسار التعددي أخلاقيا وسياسيا الأول بامضائه سنة 1996 بيان مشترك مع حركة النهضة المحظورة أما الثاني فكان باعتماده غطاء إيديولوجي الذي وضعه تحت شعار "ديمقراطية بدون أصولية".
أما الاستاذ احمد نجيب الشابي فقد بادر بخلط الأوراق بتطبيعه للعلاقة مع حركة النهضة ببقية الأطراف، وإعادة أد ماجها سياسيا كرقم فاعل في الحراك السياسي الوطني ولم يترك الاستاذ نجيب الشابي الدكتور المرزوقي ومن قبله الدكتور بن جعفر وحمة الهمامي و المتمسكين بأطروحة الفصل بين الإنساني و السياسي في ملف الإسلاميين، سوى هامش صغير للمناورة على اللازمة السياسية ، والحقيقة المفزعة للسلطة، التي تقول باستحالة الانفتاح من دون الإسلاميين مستقبلا. والاهم من كل ذلك دخول البلاد ديناميكية صحوة الضمير وطنيا، فقد تحرر بعض رجال النخبة الوطنية نفسيا، من جدلية الرعب والطاعة والطمع التي كانت سائدة يومها في أوساط المعارضة.
إنشقاقات في الحزب الديمقراطي التقدمي التونسي([1]) : هذا و ذكرت مصادر صحفية أن خلافات تشق صفوف الحزب الديمقراطي التقدمي بسبب تضارب تصريحات قيادي مختلف الأجنحة المكونة لهذا الحزب الصغير المتواجد على ساحة أحزاب المعارضة الثمانية في تونس.
ونقل المصدرعن مصادر داخل الحزب أن من بين العوامل التي ساهمت في إبقاء الاختلاف قائما داخل المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي تعمد جريدة "الموقف" لسان الحزب عدم نشر التوضيح الذي وافاها به السيد محمد القوماني حول مشاركته في مؤتمر الدوحة خاصة وأن هذا التوضيح قد نشر في أكثر من صحيفة تونسية.
وأوردت المجلة تصريحات المجموعة المساندة للسيد القوماني –أحد قيادي الحزب- أن في تجاهل نشر التوضيح دليلا على عدم الإيمان بحرية الرأي والتعبير وبحق المواطن في الإعلام.
وقد شهدت الخلافات داخل الحزب تصاعدا بين الخط الذي تقوده الأمينة العامة للحزب مية الجريبي والخط الذي يقوده محمد القوماني و فتحي التوزري على خلفية مشاركة القوماني في منتدى الدوحة حول الديمقراطية والتنمية وقد تبرأ الحزب من هذه المشاركة، وهو ما رفضه السيد القوماني في بيان مضاد أعلن فيه أن مشاركته تمت بعلم قيادة الحزب التي وافقت على ذلك باعتبارها ليست أول مشاركه للحزب في هذا المنتدى حيث شهدت مشاركة نجيب الشابي في دورة سابقة لم يقع الترويج لها إعلاميا باعتبارها شكلا من أشكال التطبيع مع إسرائيل.
كما شهدت الخلافات بين أعضاء المكتب السياسي للحزب تصاعدا على خلفية عدة قضايا داخلية وخارجية وسبل التعامل معها بشكل واقعي أو بالمزايدة أو الاستقواء بالخارج.
وقد أصدر 22 من أعضاء الحزب و 6 من المكتب السياسي يوم 12 ماي 2008 بيانا ناشدوا فيه كافة أعضاء المكتب السياسي التعقل ومراعاة أرضية الوفاق والتنوع والاختلاف التي تأسس عليها الحزب مؤكدين أن هذه الخلافات تعمق التصدع الذي يعيشه الحزب وتوشك أن تقذف به في أتون المزايدات المؤدية إلى انهياره.
والبيان الموقع من طرف فتحي التوزري وجيلاني العبدلي ومحمد الحامدي وعبد العزيز التميمي وهشام بوعتور والحبيب بوعجيلة بعد اشتداد الخلاف بين أكثر من جناح بعضها معتدل يدعو إلى التعقل والتعامل بواقعية ومرونة مع الأحداث وآخر يدعو إلى المزايدة والتصعيد في العلاقة مع السلطة ومع الأحداث في الخارج .
كما يأتي هذا الموقف في أعقاب تراشق بالتهم بين أجنحة هذا الحزب الصغير في تشكيلة الأحزاب المعارضة والذي يتمتع بإشعاع نسبي على الساحة السياسية، وهو يضم في صفوفه فسيفساء من الاتجاهات الإيديولوجية المتناقضة بين القومية واليسارية والإسلامية .
ويشير المراقبون إلى أن هذه التصدعات التي ظهرت للعلن بعد أن كانت على بعض المواقع الالكترونية تكشف مدى الصراع الذي يخوضه الجناحان المتصارعان حيث لازال نجيب الشابي محتفظا بإدارة جريدة "الموقف" الناطقة باسم الحزب الذي يحاول توظيف أعمدتها لمهاجمة رموز الجناح المعتدل والتصعيد مع السلطة بكل وسائل مستعملا إياها كرهينة أو مثل الدروع البشرية حسب اتهامات الجناح المعتدل له داخل الحزب.
ويعيب الجناح المعتدل على الشابي تفرده بالرأي وإقصاءه الكفاءات الحزبية طيلة العشريتين الماضيتين بعد سلسلة من العمليات التطهيرية قام بها بمساندة جماعات يسارية وأخرى قريبة من الاتجاه الإسلامي حاولت السيطرة على مفاصل الحزب دون جدوى.
ويطالب المعتدلون بتعديل اتجاه الحزب في سبيل ضمان المشاركة في الحياة السياسية الوطنية وانتهاز فرصة الإصلاحات السياسية الوطنية المعلنة لضمان مشاركة ايجابية للحزب في الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة لعام 2009 بما يضمن المشاركة الفعالة في الاستحقاق القادم ويفتح باب دخول الحزب إلى قبة البرلمان إسوة بباقي أحزاب المعارضة الأخرى. و هنا لا يسعنا الا التسائل لمن ستكون الغلبة للمتصارعين التي لا تحفى على احد يد النظام كعادته في تأجيج الصراع من باب فرّق تسد.
حزب العمال الشيوعي التونسي : وأما حزب حمة الهمامي فقد كان في التسعينات مع جماعة الاستئصاليين الذين صنعوا وهيؤوا مع السلطة خطة تجفيف ينابيع التدين، ولم يتطور الى موقفه الحالي منا إلا بعد ما طاله بعض ما صنعه لنا بيديه ، وهو تحول لم يتحول فيه عن الكيد لنا ، بل ان كيده تغيّر في الشكل كما صرح به حزبه في مقال بعنوان ملاحظات حول المؤتمر الثامن ل''حركة النهضة''
وعليه فلا يمكن التعويل على الغير في شيء وانما علينا بالعمل بالقاعدة القائلة: " على قدر كسائي أمدّ رجلي " ولقد سبق أن قال تعالى في كتابه العزيز مخاطبا رسوله الكريم في سورة آل عمران :" لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر." (آل عمران 169).
إن الشدائد تعين على تقدير مقاييس الرجال أكثر مما تعين عليه مناسبات النصر والظفر.. والعبرة بمعدن الإنسان وصفاء وطنيته مهما كانت درجة التجويع والتهميش والمهانة ومعاذير التعذيب الأكثر بشاعة من سجن أبو غريب. فمن يصبر للشدائد والنوازل والجائعات ويغالبهم ولا يستسلم لهم، خليق بأن يصل النصر في اعماله وحقيق أن يبلغ ما يريد مهما أثخنوا النافذين في النفس والجسد الجراح . و صدق الله العظيم اذ قال:" قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي و من اهتدى " (طه – 135 )
في الأخير، فلن الوطنية كنز لا يفنى بالإنفاق، وذخيرة لا يضرب لها بالإملاق، وحلة لا تخلق جدتها، ولذة لا تصرم مدتها. وبكل صدق ومحبة وإحترام أطلب من الله ان يجعل في ساعد وفكر كل وطني مخلص، من أحفاد يوغورطة وأبناء عقبة بن نافع، يقدس الحريات ويعشق الحق من المجتمع الأمني والسلطة الرابعة وسلك القضاء، لأعداء تونس نقم ولمن سالمونا السلام.
حقّ العودة و فكّ الاشتباك : الاستاذ فاضل البلدي رئيس مجلس الشورى الاسبق يقول من الدّاخل: " يؤرقني أن يستمرّ التشابك بين الإسلاميين والنظام، ويزعجني أن يتواصل إهدار الوقت والمال والجهد والطاقات في هذه المعركة أو الخصومة دون أن يكون هناك مستفيد.
بل هناك ضرر لحق المجتمع والوطن وحرم البلاد من الاستفادة الإيجابية من آلاف الطاقات : (مربون وأطباء ومهندسون وجامعيون وعمال وإطارات...) وأشاع مناخ الخوف والحقد والعطالة والتوجس والريبة. "
أما الاستاذ بن عيسى الدمني رئيس المكتب السياسي الاسبق لحركة النهضة والذي جمّد وضعيته التنظيمية آنذاك في 7مارس 1991 وقد جاء في بيانهم آنذاك: (لقد تبيّن لنا ... تورّط بعض الشباب المنتسب لحركة النهضة في حادث الاعتداء الاليمعلى مقر لجنة التنسيق الحزبي بباب سويقة و ذلك بموافقة من بعض قيادييها ..
نعتبر هذه التصرفات غير مسؤولة ... و تأسيسا على ما ذكر فاننا نعلن تجميد عضويتنا وتشاطنا داخل حركة النهضة) (الامضاء عبد الفتاح مورو- فاضل البلدي – بن عيسى الدمني ). مع العلم انهم لم يستقيلوا من الحركة مثل ما فعل غيرهم ولقد كنت من اوّل من ساندهم من المهجر وندّدت بالعنف من حيث كان مأتاه ولا زلت مصرّا على موقفي هذا و قد اثبتت الايام صحّة موقفي و اياهم.
نحن نأمن و ندعو على الدوام الى المصالحة والمصارحة وفكّ الاشتباك بين الجميع والحوار وبالحوار فقط يمكننا ان نتخطى الصعاب مهما كبرت وشعارنا "يسعى بذمتهم ادناهم وهم يدا على من سواهم".
و صدق الله العظيم اذ قال في سورة آل عمران: "ولتكن منكم أمّة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" (آل عمران 104) و قال تعالى "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (النحل:97). وللحديث بقية في الجزء الثاني و الله هو الهادي إلى سواء السبيل لا رب غيره و لا معبود سواه
باريس في 6 جوان 2008
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس

[1] - (المصدر: موقع "إيلاف" (بريطانيا) بتاريخ 23 ماي 2008)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.